أفكر بالانتحار
موضوعي أني أفكر بالانتحار دائما لا يمكنني أن أجزم ما هو السبب تماما. ولكن كان الرادع الديني غير موجود لأنني تحولت من ديانتي إلى الإلحاد منذ مدة. وكوني غير راض عن مستوى معيشتي لأنني إنسان طموح لأقصى درجة وغيور جدا جدا من الناجحين مع العلم أنني لا أؤذي أحد ولا أظلم أبدا بالرغم من غيرتي الشديدة .
وأؤمن بشدة أن حظي سيء جدا ودائما ما كانت الظروف تجبرني على قرارات أثرت على نوعية حياتي انحدارا. ودائما ما كنت مقتنع بفكرة الانتحار كوني أؤمن بأن الإنسان يصبح عدما بعد الموت لذلك ما الجدوى من الحياة إن لم تكن حياة ناجحة بأعلى المقاييس أليس في الموت راحة من مشاكل الحياة؟
للتوضيح أنا لا أشكو من الاكتئاب وأعيش لحضات سعيدة أحيانا. وسريع البهجة وأحب الخروج مع الأصدقاء وأحب مشاهدة الأفلام ولي ثلاثة أولاد وزوجة أحبهم جدا. محبوب ممن حولي والجميع يشيد بأخلاقي علاقاتي مع ممن حولي من الأهل والأقارب ومن زملاء العمل ممتازة. الانتحار أصبح بالنسبة لي فكرة منطقية بمقاييس الربح والخسارة وليس بسبب شيء معين. أنا مستعد أن أضحي بمبهجات الحياة مقابل أن أتخلص من مشاكلها حتى لو تساوى كلاهما. فوقف الخسارة مكسب.
وأخيرا نقطة مهمة :
انتقلت أنا وزوجتي لبلد آخر كونها حصلت على عقد عمل جيد وبالمقابل أنا أتفرغ للدراسة والجلوس مع الأولاد. هذا الوضع لم يعجبني وأصبحت أغار من زوجتي جدا مع أنني أحبها وعلاقتنا ممتازة وأتمنى لها مزيد من النجاح وليس بيننا أي خلاف من أي نوع وهي تحاول تعويضي دائما بشتى الطرق لأنها تشعر بتضحيتي من أجل العائلة وتركي عملي والسفر معها.
لكن من داخلي أتمنى لو أنني أنا الذي أعمل ولا أتقبل فكرة أن تعمل زوجتي وأنا أجلس للدراسة والأولاد وهذا زاد من ارتباكي وعدم فهمي لعواطفي وماذا أريد بالضبط وهروبا من كل هذا اعتقد أنني على بعد بضع خطوات من التنفيذ. خطوات بالمعنى الحرفي فكل ما يلزمني هو المشي لخزانة الأدوية وتناول أحد الأدوية الذي قرأت عنه مسبقا . ٢٠ حبة ستفي بالغرض بآلام بسيطة وسيختفي كل شيء.
ليس لدي رغبة في العلاج
كوني أرى الفكرة منطقية وليست مشكلة بل وأرى أن على أغلب البشر تنفذها ولكنهم أغبى من أن يتغلبوا على غرائزهم (أعتذر للوصف)
أو كونهم مخدوعين بفكرة الأديان والحياة الأبدية والجنة وما إلى ذلك (مع احترامي لجميع المعتقدات) ولكن يجب أن أعبر عن أفكاري بصراحة
وإن كانت الإجابة تنطوي على نصائح دينية فأفضل اختصار الوقت عليكم ونصحي بطريقة انتحار أقل ألما كونني مقتنع تماما بالإلحاد.
وما دفعني إلى طلب النصح والاستشارة هو أني أشفق على زوجتي بعد موتي وأتمنى لها الأفضل وأعرف أن كل دقيقة أعيشها هي تضحية من أجلها فقط
ولا مانع لدي أن يقنعني شخص بالمنطق بجدوى الحياة.
ودمتم بود
9/7/2019
رد المستشار
شكراً على استعمالك الموقع. الحديث عن الانتحار يتطلب دوماً الحديث مع طبيب نفساني لفحص الحالة العقلية للمراجع مهما كانت ثقافته وحجته. لا يقبل الطب النفساني هذه الأيام بأن الحديث عن الانتحار أحياناً مجرد محاولة من المراجع لجذب أنظار الآخرين واهتمامهم.
الأفكار الانتحارية مصدرها الطاقم العقلي للإنسان، والأخير بحد ذاته يتأثر بما يلي:
١- وجود عملية ذهانية.
٢- وجود حالة وجدانية غير طبيعية.
٣- وجود صفات شخصية غير طبيعية.
بعبارة أخرى يمكن القول بأن التفكير بالانتحار دوماً سببه اضطراب نفساني.
تتحدث عن ظروف بيئية دفعتك إلى دور جديد في الحياة لا يتلاءم مع خلفيتك الثقافية والحضارية. أصبحت رب البيت المسؤول عن رعاية الأطفال في الوقت الذي تتوجه زوجتك إلى العمل لكسب الرزق. انعكاس الأدوار ضرورة أحيانا، ولكنه أيضاً يؤدي إلى فترة زمنية من عدم التأقلم ويتم استعمال مصطلح اضطراب التأقلم Adjustment Disorder. هذا الاضطراب يصاحبه مشاكل سلوكية أو أفكار اكتئابية وأحياناً أعراض اكتئابية لا تختلف عن اضطراب الاكتئاب الجسيم. ما أنت تعاني منه من التفكير بالانتحار هذه الأيام يتم حصره في اضطراب التأقلم وليس اضطراب التأقلم الاكتئابي.
اضطراب التأقلم لا يختلف أحيانا عن الحداد Grief والذي هو بحد ذاته اضطراب تكيف في معظم الحالات. حداد الإنسان على تغيير دوره ووظيفته في الحياة بسبب عوامل بيئية كثيرة الملاحظة، وفي الكثير من المراجعين تنتهي مرحلة التأقلم ويتوقف الشعور بالألم العاطفي خلال ١٢ أسبوعا في الكثير ولكن عملية الشفاء قد يطول أمرها إلى ٦ أشهر في أقلية ومن النادر جداً لا يحصل التأقلم ويرفض الإنسان دوره الجديد ويتمرد عليه. رغم أن الانتحار ليس بغير المعروف في فترة الحداد، ولكنه نادر جداً مع اضطراب التأقلم.
يمكن أيضاً النظر إلى الانتحار بأنه عملية للتخلص من الألم الذي يشعر به الإنسان. هذا الألم قد يكون جسدي بسبب مرض عضال وفي بعض بلاد العالم يتم مساعدة المريض على الانتحار. لكن لا أحد يقدم النصيحة أو يساعد المريض، الذي يشعر بألم عاطفي بسبب حالته العقلية أو النفسانية، على الانتحار بل العكس مهمة الخدمات الصحية هو علاجه وضمان سلامته وسلامة الآخرين.
الدخول في نقاش حول معنى الحياة هو نقاش فلسفي ووجودي يحصل وجه لوجه أحيانا بين المراجع ومعالجه وحصره ضمن الصراعات الوجودية التي يحاول الإنسان حسمها طوال عمره.
في حالتك هذه الأزمات كالآتي:
١- شعورك بالعزلة العاطفية بعد فراقك للعمل وتغيير دورك في الحياة.
٢- تغيير دورك لم يعطك الحرية التي يسعى إليها الإنسان ولكنك في نفس الوقت تشعر بالمسؤولية تجاه زوجتك وأطفال.
٣- البحث عن معنى للوجود والحياة لايقتصر عليك وإنما في ذهن كل إنسان.
٤- نهاية الحياة أزمة تلاحق كل إنسان في مرحلة ما من حياته وتلاحقك الآن بسب اضطراب التأقلم.
ابحث عن أهداف جديدة في الحياة وتطوير نفسك وتضع جانبا أزمة نهاية الحياة، ومن الأفضل أن تراجع طبيبا نفسانيا.
وفقك الله.