السلام عليكم
دكتور وائل أولا أحب أن أوصل بالغ شكري لأسرة مجانين وإسلام أون لاين وحقيقي جزاكم الله خيرا أنكم كشفتم عن حل لهذه الأزمة بموقعكم المتميز أنا لا أريد أن أطيل ولكن للأسف مشكلتي مركبه أنا حياتي وليست حياتي هي المشكلة قائمة على أب متسلط باختصار قسوته وأفعاله أصابتني بالاكتئاب والعزلة وأنا بالذات دونا عن أخوتي نظرا لطبيعتي المتمردة على الظلم نلت أكبر جزء منه والحمد لله أن خلق لي هذه الطبيعة لأني بسبها تغلبت على اكتئابي وعزلتي ولكن بعد أن نالت منى الابتلاءات وسخرية الناس ما نالت ولكنى كنت مصرا على أن اخترق انطوائي وعزلتي والحمد لله.
المشكلة ليست في ولكني مرتبط بإنسانة على وشك الخطوبة بها هذه الإنسانة لها نفس حياتي أبوها عصبي ولكنه غير متسلط عاده ما يؤذيها جسديا وأمها تبالغ في حب أخيها الوحيد وتدليله مما أشعرها بالاكتئاب والوحدة ولها كل معالم الاكتئاب التي أشرتم لها عصبيه جدا جدا أفكارها متداخلة وموقنة بصحتها (الناس كلهم بيكرهونى، ليس لها أصحاب كلهم لهم مصلحة معايا محدش بيحبنى)
مشاكلها الأسرية لا حد لها تترك البيت وتخرج للشارع في أي شجار مع أهلها وهم يعاملونها على أنها قليلة الأدب وعاقة مما يشعرها بالذنب لأنها إلى حد ما متدينة أنا أحبها جدا لأنها عانت ما عانيت لكن ليس عندها قوه الإرادة لتعترف أنها مكتئبة وعرضت عليها مرارا الذهاب لدكتور وترفض مع العلم بأني يصعب على عرض هذا الأمر على أهلها لأنهم لن يفهموني ينالني نصيب من اللوم والتقريع وأني سلبي حينما تتعب وأقول لها معلش أو أقرأ قرآن علشان تهدأ،
وهي سريعة الملل بطريقه غريبة لدرجه أنها عادة ما تقول لي إن مش حاسه بحاجة ناحيتك ونسيب بعض وترجع تانى وتنهار لا اعرف بالضبط في بعض الأحيان تعاملني باشمئزاز غريب وشجار من غير سبب وفى بعض الأحيان بمنتهى الحب وأنها ملهاش غيري في الدنيا صبرت لأني أطمع حينما نتزوج أن أكون معها بالحنان والعلاج لأنه في الوقت الحالي صعب بقى على زواجنا سنتين لظروف مادية المشكلة أني أوشكت على الانهيار من معاملتها لي وأصبحت أحس بتراجع في شخصي وفى ثقتي في نفسي لأنها دائما تحملني الذنب وبدأت فعلا أخاف منها وأتراجع في أي كلمة أحس أنها ستنرفزها أحاول أن أكون مع الله ولكن أحس بالاكتئاب يتسلل أنا فعلا أحبها ولذلك يجب أن اصبر حتى نتزوج ولكنى خائف على شخصيتي من الاهتزاز نظرا للخضوع مع العلم أني شخصيتي عكس الخضوع.
ما أريده فقط هو كيف أتعامل معها حتى يتم ربنا زواجنا هل أبتعد عنها لأعاقبها؟
على فكرة واجهتها كثيرا وبصعب عليها ولكن هي أسرع مخلوق ينسى في العالم هل أهددها بأني سأتركها إذا لم تحاول أن تساعدني في علاجها على الأقل باعترافها بخطئها نحوي هل أظل أتودد إليها إلى أن أنتهي تماما هل اتركها فعلا مع أنها لن يفهمها أحد سواي باعترافها في أوقات نادرة طبعا الطبيب النفسي مستحيل، هل أعاملها بفترات بعيده مع صعوبة ذلك لأنها تصعب عليا لما تكون مكتئبة
ماذا أفعل بالله عليك دعوت كثيرا فادع لي وأجبني باستفاضة ولو احتجت أي استفسارات أنا تحت أمرك
وأكرر جزاكم الله خيرا.
23/8/2003
رد المستشار
الأخ السائل أهلا وسهلاً بك على موقعنا ونشكرك على ثقتك في صفحتنا ونأسف لتأخرنا عليك فقد كان لظروف الضغط الذي فاق توقعاتنا على خدمة الاستشارات النفسية، ونعدك أن نكونَ معك دائمًا.
الحقيقة أن ما يستنتجُ من إفادتك هو أنك بعدما عشت ضحيةً لتصرفات والدك وقسوته عليك في طفولتك، أصبحت على ما يبدو تريد مواصلة الحياة كضحية مرةً أخرى، ولكن هذه المرة أنت الذي تختار أن تكون الضحية، وسوف نناقش معك كيف توصلنا إلى هذا الاستنتاج خطوةً بخطوة في السطور التالية:
تظهر السطور الأولى من إفادتك معاناتك التي طالت بك وأدت بك إلى الاكتئاب والعزلة ولم تذكر لنا تفاصيلها، لكنك والحمد لله استطعت التغلب عليها، ولكننا هنا يجبُ أن نلفت انتباهك إلى أن الاكتئاب مرضٌ معاود أي أنه يعاود أصحابه من فترةٍ لأخرى خلال حياتهم، لا أقصد من ذلك أن أقول لك أنك مصابٌ بمرضٍ مزمنٍ وأنك ستكتئب بالتأكيد ولو بعد حين لأن الأمر حين يتعلق بحالةٍ بعينها يصبح الكلام عن المآل المرضي رجما بالغيب،
وأما الكلام عن المآل المرضي المتوقع لاضطرابٍ نفسي ما فهو كلامٌ مبني على الملاحظات المستمدة من دراسات المتابعة لمرضى الاكتئاب على سبيل المثال خلال فترات طويلةٍ من حياتهم، ومن الممكن لمن تعامل مع مرضه بنفس الشكل الذي يستنتجُ من كلماتك عن نفسك (الحمد لله أن خلق لي هذه الطبيعة لأني بسبها تغلبت على اكتئابي وعزلتي ولكن بعد أن نالت منى الابتلاءات وسخرية الناس ما نالت ولكنى كنت مصرا على أن اخترق انطوائي وعزلتي والحمد لله)
فأنت هنا لم تشر إلى علاج وإنما أشرت إلى قوة طبيعتك وتمرد ذاتك، من الممكن هنا أن نقول أنك تعتبرُ نفسك انتصرت على الاكتئاب، وهذا صحيحٌ إذا كنت قد غيرت مفاهيمك وطريقة تفكيرك التي تؤدي بك إلى الاكتئاب، أي إذا كنت قد فعلت ما يفعله المعالج بالعلاج السلوكي المعرفي حين يعلم مريضه كيف يكتشفُ الأفكار السلبية عن ذاته وعن حياته وكيف أنها تؤثر على أفكاره الأخرى ومفاهيمه وسلوكياته وتؤدي به إلى الاكتئاب، فهل هذا هو ما فعلت؟
أسألك هذا السؤال لأقول لك أن أقدر أنواع علاج الاكتئاب على تجنيب متلقيها الوقوع في الاكتئاب مرةً أخرى هيَ طريقة العلاج المعرفي، والذي لم تشر إلى أنك تلقيته. الواضح هو أنك خرجت من اكتئابك وأنت تحمل فكرةً أو توجها نحو الحياة رمزت إليه بقولك مدافع عن حقوق المكتئبين، ورغم أننا في حاجةٍ كأطباء نفسيين وكمرضى إلى من يدافع عن حقوق المكتئبين، أقول رغم ذلك فإننا لا نوافقك على طريقة تنفيذك لهذه الفكرة، فمن الممكن أن تدافع عن حقوق المكتئبين من خلال أنشطة كثيرةٍ في المجتمع فمثلاً يمكن أن تدافع عن تلك الحقوق من خلال المساعدة في تعديل المفاهيم الخاطئة عند الناس مثل أن:
الاكتئاب لا يصيبُ الأطفال، أو أن الاكتئاب دليلٌ على ضعف الإيمان، أو أن العلاج بالصدمات الكهربية مضرٌ أو أنه يسببُ الإدمان، ومن الممكن أن تدافع عن حقوق المكتئبين من خلال تعريف الناس بعلاماته وأعراضه وبأنه من الممكن أن يعالج دونَ اشتراط حل المشكلات الحياتية، لكنك يا أخي الكريم تكونُ مخطئا في حق نفسك وحق أولادك إذا كنت (كمكتئبٍ قهر اكتئابه وانتصر عليه) ستدافع عن حقوق المكتئبين باختيارك زوجةً تعاني من الاكتئاب!!
دعني أنبهك أولاً إلى أن منطق الحب يختلف تماما عن منطق الزواج، فنحن نحبُّ ولا إرادة لنا في اختيار من نحب وأحيلك هنا إلى مقالنا على موقع مجانين بعنوان : الحب في الجامعة بين الحلم والواقع، ولكننا حين نتزوج فإننا نختار من نتزوج ليس فقط على أساس الحب ولكن على أساسٍ معايير عديدة منها الاجتماعي والثقافي والطبي والاقتصادي والديني إلى أخره، فالزواج ليس لعبةً أبدا، وأحيلك هنا إلى عدة إجاباتٍ سابقةٍ على صفحتنا استشارات مجانين : "اختيار شريك الحياة...هل من ضابط؟" السن المناسب للزواج لأقول لك بعد ذلك أنك باختيارك هذه الفتاة التي تحبها كزوجة تكونُ مصرًا على تحميل نفسك ما لا تطيق!
فرغم أننا لا نستطيع تشخيص حالة هذه الفتاة من خلال ما ذكرته أنت لنا في إفادتك إلا أننا نستطيع أولاً: أن نقول أن أمرها غالبًا أكثر من اكتئاب ولعله يتعلقُ بتركيبة الشخصية نفسها، وثانيا: أنه حتى لو كان اكتئابًا فقط -أي قابلاً للعلاج- فإننا لا ننصحك بزواج مكتئبةٍ لكي لا تنجبا ذريةً أكثر عرضةً للاكتئاب منكما وهذا أبسط الأضرار!
يا أخي العزيز إن الدفاع عن حقوق المكتئبين يجب أن يكونَ دفاعًا في اتجاهِ تخليصهم من اكتئابهم وتقليص أعدادهم قدر الإمكان، وأما اتخاذك دور الضحية بهذا الشكل فهو اتجاهٌ معاكس لأنك بذلك تزيد أعدادهم ولو واحدًا هو أنت على أقل تقدير، إن فتاةً تتسم بعدم الثبات الانفعالي والاندفاع السلوكي واختلال محتوى وأسلوب التفكير، أيا كانت أسباب ذلك كله وأيا كانت مبرراته، وهذا أبسط ما يستشف من وصفك لها (عصبيه جدا جدا أفكارها متداخلة وموقنة بصحتها "الناس كلهم بيكرهونى، ليس لها أصحاب كلهم لهم مصلحة معايا محدش بيحبنى" مشاكلها الأسرية لا حد لها تترك البيت وتخرج للشارع في أي شجار مع أهلها وهم يعاملونها على أنها قليلة الأدب وعاقة مما يشعرها بالذنب لأنها إلى حد ما متدينة)
هذه الفتاة ستمثل عامل ضغطٍ مستمرٍ عليك وبؤرة صراع دائمة الثورة في حياتك خاصةً وأنت تقول منذ الآن (ولكنى خائف على شخصيتي من الاهتزاز نظرا للخضوع مع العلم أني شخصيتي عكس الخضوع)، ونحن لا نستطيع أن نقول لك أن من الخطأ أن تحبها لأنك لا ذنب لك في ذلك، لكننا نستطيع القول بأن من الخطأ أن تختارها زوجة وإذا افترضنا أنك أبيت إلا الزواج بمن اختارها قلبك، رغم أنها لا تحمل مشاعر ثابتةٍ نحوك، فإن عليك أولاً أن تحملها على الاعتراف باضطرابها النفسي، وأن تتأكد من رغبتها في العلاج وأن تبدأا رحلة العلاج الآن، وثانيا فإن عليك أن تستعد لمواجهة عديدٍ من التحديات، فهيَ -وربما أنت- ستحتاجان إلى الدعم النفسي المتواصل بعد الزواج (وذلك إن لم تبدأاه قبل الزواج)،
وأما فيما يتعلق بتكاليف العلاج فإن من الممكن أن تطلبا العلاج من خلال المؤسسات الطبية الخيرية المنتشرة في بلادك وفي معظمها الآن أطباءُ نفسيون، أرجو أن أكونَ قد وفقت في إيضاح الأمر لك، وأن يهديك الله سبحانه إلى الاختيار الصحيح،
وتابعنا بأخبارك.
ويتبع : ........ مدافع عن حقوق المكتئبين م