الجهل وما يقود إليه،
السلام عليكم ؛ بداية يا سيدي أحب أن أشكركم على هذا الموقع.
وأقدم اعتذاري عن الجرأة التي سأكتب بها إليكم ولذلك أفضل ألا تنشر هذه المشكلة..
أنا فتاة ابلغ من العمر 17 عاما، بدأت مشكلتي وأنا في بداية مرحلة البلوغ وسن المراهقة، فقد كنت أعاني من هرش في منطقة الفرج وبما أن علاقتي بأمي ليست عميقة لدرجة كافية تشجعني على أن أصارحها بما أعاني منه فقد تكتمت الأمر واكتفيت بأن أهتم بالنظافة الشخصية، ولكن للأسف لم تحل المشكلة.. فظللت أعاني من الهرش حتى إني كنت أجد جروحا في أماكن الهرش، وبما أن هذا كان يؤلمني فقد حاولت أن أمتنع عن الهرش وأكتفي بأن أمرر يدي على تلك الأماكن.. وأدى الأمر في مرة من المرات إلى إدخال جزء من إصبعي في فتحة الفرج.. وهنا أصابتني موجة من الذعر والهلع.. فأين غشاء البكارة الذي أسمعهم يتحدثون عنه؟؟ ومن الذي أذهب عذريتي وأنا لم يمسسني أي شاب؟؟
أدخلت إصبعي مرة أخرى بحذر و لم أجد شيئا.. وتملك مني اليأس والإحباط والإحساس بالظلم و القهر.. وعلمت إني لن أستطيع الزواج أبدا، وإن تزوجت فسوف يكون يوم زفافي هو يوم مقتلي.. وأدى الأمر إلى تحولي إلى إنسانة منغلقة يائسة ومستهترة.. وظللت أتخيل دوما فضيحة يوم الزفاف، وعندما أسمع عن مشكلة حدثت لأي فتاة بسبب غشاء البكارة كانت تصيبني حالة من البكاء الشديد لا يدري بها أحد.
وظل الأمر يؤرقني لفترة طويلة وظل الشيطان يوسوس لي بأني مادمت لن أتزوج فما المانع أن أستمتع الآن؟؟ و هي ( خربانة خربانة) كما يقولون.
وقد قاومت الوسوسة كثيرا.. ولكنه تملك مني ذات يوم.. و بما إني من عائلة صارمة بكل ما تحمل الكلمة من معاني، وبما إني لا أريد أن يفتضح أمري فقد قررت أن أمتع نفسي بنفسي.
فاستعضت عن الرجل بشيء أدخله في فرجي ظنا مني أن المتعة تأتي هكذا.. ولجهلي التام بالجنس وما يتعلق به فقد كنت صغيرة في الصف الثالث الإعدادي.. وجاءت اللحظة المشئومة.. فأدخلت جزء صغير من (الشيء) في فرجي، و لكني أفقت بعد لحظة وأدركت خطئي فأسرعت بإخراجه.. ولكن بعد فوات الأوان.. فقد فوجئت بالدماء تسيل مني.. وظللت أنظر إليها بذهول تام.. بل أستطيع القول بأني أصبت بحالة شلل للحظات.
فلقد كنت عذراء وأنا من أطحت بمستقبلي بنفسي لاستسلامي لوساوس الشيطان للحظات قصيرة.. وأصبح الهم همين.. وبدلا من الشعور بأن أحدا قد ظلمني أصبحت أنا أتحمل مسؤولية ظلم نفسي لنفسي.
وإني أتساءل.. هل انتهى كل شيء هكذا؟؟ هل سأعامل معاملة الفتيات الساقطات وأنا لم يمسني شاب؟ ألا يوجد أي دليل على أني شريفة؟ وهل الفتيات اللاتي يمارسن الرذيلة ولكن بحرص وحذر لعلمهم بالجنس وأموره يستحققن معاملة الفتيات الشريفات لحفاظهن على عذريتهن وأنا لجهلي لا أستحقها؟
أنا أكتب إليك وأنا أعلم انه ليست لديك أي حلول لمشكلتي.. ولكني أكتب إليك علك تخفف عني بأن أبوح بسري لأحد.. وأن تساعدني في أن أسامح والدي الذي حرمني من كل مظاهر الحياة التي يتمتع بها كل من هم في سني وحرمني حتى من أي صديقة تشغل بعض وقتي فلا ينفرد بي الشيطان.. وكيف أسامح أمي التي تركتني للجهل والشيطان يفعلان بي ما يشاءان؟؟
بل يا سيدي المصيبة هي إني لا أستطيع أن أسامح نفسي.. فأنا أكره نفسي وأحتقرها لأنها استسلمت للشيطان.. حتى في صلواتي.. أنظر للأرض خجلا من الله ولا أستطيع أن أطلب منه حتى المغفرة والرحمة ظنا مني إني لا أستحقها.
والمشكلة مازالت تؤرق نومي إلى الآن وتفقدني شهيتي للطعام وللحياة وحتى تمنعني من المذاكرة لأني أعلم نهايتي المؤلمة التي تقترب كل يوم.. ولا أعلم حل لها..
وألف شكر لكم، والسلام عليكم جميعا.
31/08/2003
رد المستشار
الأخت السائلة العزيزة؛
أهلا بك وشكرًا على ثقتك في موقعناونحن على عكس رأيك لا نرى ما يمنع من نشر مشكلتك عل في ذلك ما يفيد الناس.
فمن البنات من سيتعلمن ويتخلصن من الجهل الذي أدى بك إلى هذه المعاناة الطويلة، ومن الأمهات من سيتعلمن كيف أن عليهن الاقتراب من بناتهن ومناقشة كل الأمور معهن، وطبقًا لروايتك فإننا سنتناول الأمر معك نقطةً نقطةً، ونناقشه بهدوء ونسأل الله أن ينعم عليك بالخلاص القريب.
فأول ما تتحدثين عنه هو ما نسميه في الطب بالحكة الفرجية Pruritus Vulvae، وهو أحد الأعراض أو الشكاوى التي تتعددُ أسبابها ما بين العدوى أو الطفيليات أو التهابات الجلد الناتجة عن حساسية لمادةٍ معينة ربما في الملابس الداخلية، وأحيانا ما يعجزُ الأطباء عن إيجاد سببٍ وأحيانا تكونُ الأسباب نفسية وتصنف الحالة تحت الاضطرابات النفسية جسدية الشكل Somatoform Disorders، وما أشرت إليه في إفادتك من أن اهتمامك بالنظافة الشخصية لم يفدك ربما يشيرُ إلى استبعاد احتمال العدوى والطفيليات، ولعل استمرار الحكة أو الرغبة في الهرش لفترةٍ طويلة رغم تغيير نوعية الملابس مثلا يجعلنا أيضًا نستبعد احتمال الحساسية لمادةٍ معينة، لكننا لا نستطيع ببساطة أن نرجع الأمرَ إلى أسبابٍ نفسية لأننا لا نستطيع تشخيص اضطراب نفسي (حتى ولو كان جسديَ الشكل) من مجرد استبعاد الأسباب العضوية.
المهم أننا بعيدًا عن محاولة استكشاف الأسباب سننتقل إلى ما هو أهم، لأن عدم ملاحظة أحدٍ من أهلك خاصةً أمك لما تفعلينه من هرش في تلك المنطقة الحساسة من جسدك يعني لنا أحد احتمالين الأول: هو أن تكونَ الأسرة من الغفلة وعدم الاهتمام إلى حد أنهم لا يلاحظون ما تفعله بنتهم، والاحتمال الثاني: وهو الأقرب للصحة هو أنك لم تكوني تقومين بذلك الفعل في حضور أحد من العائلة، وهذا ما يجعلنا ولا أخفيك سرًّا في شك من أمرك إلى حد ما لأن حالات الحكة الفرجية كثيرًا ما ترغم صاحبتها على القيام بفعل الهرش في حضور الآخرين (المقربين على الأقل ولنقصرهم على أمك) لكن هذا لم يحدث فلم تلحظ الأم أو لم تضطري أنت لفعل ذلك أمامها.
المهم أننا قد نعتبرُ الحالة كانت أخف من حيث شدتها إلى الحد الذي كان يمكنك من إخفائها عن الآخرين، وهذا ما قد يستنتجُ من قولك (حتى إني كنت أجد جروحا في أماكن الهرش، وبما أن هذا كان يؤلمني فقد حاولت أن أمتنع عن الهرش وأكتفي بأن أمرر يدي على تلك الأماكن) إلا أننا هنا نفاجأ بأن الشك يساورنا مرةً أخرى، فكيف للحكة الفرجية التي تؤدي من فرط شدتها إلى إحداث الجروح أن تستبدل هكذا ببساطة إلى مجرد تمرير اليدين على الفرج؟ ثم كيف يؤدي بك ذلك إلى إدخال الإصبع في فتحة المهبل؟ لماذا لا تقولين لنا منذ بداية الرسالة أنك كنت تمارسين الاسترجاز؟
لأن هذا هو ما كان يحدث لكنك لا تريدين الاعتراف ربما أمام نفسك ولا أمامنا بذلك، مع أن الاسترجاز فعلٌ تلجأ له كثيراتٌ من المراهقات ولا تحتاج الواحدة منهن إلى تقديم كل ما قدمته أنت لتبريره، فوجود الرغبة الجنسية لديك ومحاولة إفراغها من خلال الاسترجاز ليس أمرًا مستغربًا ولا عاد حتى يوصف بالقبح في أيامنا هذه، ويمكنك أن تراجعي إجابتنا السابقة بعنوان:
غشاء البكارة والاسترجاز البريء
الاعتداءُ على الوسادة، والسحاق والاسترجاز!
إذن فسوف نتعامل مع المشكلة على أنها استرجازٌ قمت به دون وعي كافٍ بتشريح الأعضاء الجنسية الخارجية وبمكان ومسافة غشاء البكارة من فتحة المهبل، وأدى ذلك الاسترجاز إلى فض البكارة، فقد رغبت دونَ الحاجة لوساوس الشيطان (فالجنس غريزة والرغبة الجنسية موجودةٌ في نفوسنا، وقد يساعد الشيطان فعلاً في إيقاعك في مثل ذلك الفخ لكن ليس الأمر كله راجعا إلى الشيطان).
0إن من المهم أن نعترف أمام نفوسنا بمسئوليتها عما هيَ مسئولةٌ عنه، لأن هذا هو أول طريق العلاج السليم، كانت لديك رغبةٌ جنسيةٌ مثلك مثل أي فتاة، وأخطأت في حق نفسك لأنك تهورت بشكل أو بآخر فضيعت بكارتك، ولكن هذا ليس نهاية العالم وليس قطعًا للأمل في الله عز وجل، وأما ما لم توضحيه لنا في إفادتك فهو ما فعلته بعد أن حدثَ ما حدث؟ هل استمر اعتبارك للأمور بأنها خربانة خربانة، بمعنى آخر هل تماديت في ممارسة الاسترجاز باستخدام (الشيء) الذي أشرت إليه؟؟
وأنا هنا أود أن أقيم وضع غشاء البكارة الآن، لأن نزول بعض الدم من الغشاء لا يعني أنه فض بالكامل، (فالغشاءُ يتكون من طبقتين من الجلد الرقيق بينهما رخو غني بالأوعية الدموية) وقد يكون مجرد تمزق بسيط هو الذي أدى إلى كل الرعب الذي تعيشين فيه، بينما الغشاء ما يزال موجودا.
وهنا أنصحك بأن تزوري طبيبة أو طبيب النساء والتوليد لكي يقيم حالة الغشاء، وأما ما بعد ذلك فهو أن إجراء عملية الرتق للغشاء (أو الترقيع) أمر اختلف الفقهاء بشأنه هذا من ناحية كما يمكنك أن تجدي بعض الفتاوى الشيعية بجوازه تحت عنوان ترقيع غشاء البكارة، وصحيحٌ أن الطبيب يقسم عند بدء حياته العملية على عدم القيام بأي عمل فيه غش وخداع ـ لكنه يقسم في الوقت نفسه بأن يعمل جهده لدفع الأذى عن مرضاه والحفاظ على حياتهم وصحتهم البدنية والنفسية.
وفي هذا الموقف يلجأ أطباء أمراض النساء إلى عدد من التصرفات تختلف من طبيب لآخر حسب مقدار تدينه، والتزامه، وماديته، ورغبته في مساعدة مرضاه، وأما المتشددون من الفقهاء الذين حرموا عملية الرتق فإن بعضهم رأى رأيا جميلاً فيما يتعلق بما يجبُ أن يقال للزوج الذي يأخذ زوجته إلى طبيب النساء لأن كمية الدم لم تكن كافيةً في نظره أو لأن زوجته لم تنزف أصلا ورأوا أنه مما يستوجبُ الستر من جانب الطبيب تلك الحالة التي يشك الزوج أن زوجته لم تكن عذراء، ويجد الطبيب تمزقا قديما في غشاء البكارة فلا ينبغي للطبيب أن يبلغ الزوج عن هذا التمزق القديم الذي لاحظه، بل ينبغي أن يرجح جانب الستر.
ولا يكون الطبيب في عدم إخباره عن التمزق مخالفا لأخلاقيات الطب ولا مخالفا لليمين القانونية التي أقسمها، وذلك أن التمزق القديم في البكارة لا يستلزم الخطيئة فكثيرا ما تزول البكارة بأسباب غير الخطيئة ولا شك أن إخبار الطبيب بالتمزق إضرار بمن لا يجوز الإضرار به والإضرار قبيح في الشرع فلا يجوز منه إلا ما أجازه الشارع كالحدود، لأن مجرد الحدس والشك مظنة للخطأ والغلط وما كان كذلك فلا يستباح به تأليم المسلم وإضراره بلا خلاف، ألا ترى أن الشارع دفع الحدود بالشبهات، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ادرؤوا الحدود بالشبهات ادفعوا القتل عن المسلمين ما استطعتم" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال عمر رضي الله عنه: لأن أخطئ في الحد بالشبهات أحب إلي من أن أقيمها بالشبهات، وفي هذه الحالة تكون الفتنة نائمة لا ينبغي إيقاظها، عن ابن الهزال عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا هزال لو سترته بثوبك كان خيرا لك قال شعبة قال يحيى فذكرت هذا الحديث بمجلس فيه يزيد بن نعيم بن هزال فقال يزيد هذا الحديث حق وهو حديث جدي.
وقد ذكرت لك هذه الفتوى الأخيرة عن الشيخ عز الدين التميمي، لأبين لك سماحة الإسلام، وكيف أنك لو كانت رؤيتك للدم قد دفعتك إلى عدم تكرار إدخال الشيء في مهبلك فإن الأمور قد تكونُ أفضل كثيرًا مما تتخيلين، وأما ما أخافه فهو أن تكوني استمرأت الأمر واعتبرتها خربانة خربانة فهنا ستكونُ الأمور أسوأ، وأنا فيما يتعلق بتحميلك الوزر كله مرةً على والدك ومرةً على والدتك فإنني لا أعفيهما ولكنني أريدك أن تعملي من أجل إصلاح المشكلة وبناء غدٍ أفضل لا أن تشغلي نفسك بإلقاء اللوم على الآخرين.
وأما إرجاع الأمر للجهل ولعدم الوعي سواءً من جانبك أو جانب والدتك فأنا معك فيه وإن لم يكن ذلك مفيدًا الآن، وأما الشيطان فصحيحٌ أنه عدو للمسلم في أمر دينه ودنياه كله، لكنه ليس دائمًا بالسذاجة التي نظنها، وهو الآن يزينُ لك ما لا تدركين أن له دورًا فيه، فهو في رأيي يدفعك إلى ما تعانين منه الآن مما يتضح في قولك (فأنا أكره نفسي وأحتقرها لأنها استسلمت للشيطان.. حتى في صلواتي.. أنظر للأرض خجلا من الله ولا أستطيع أن أطلب منه حتى المغفرة والرحمة ظنا مني إني لا أستحقها).
فليس هناك ما يسمح لمن تصلي وتدعو الله سبحانه وتعالى بأن تحتقر نفسها، ومهما كان الجرم الذي ارتكبته أصلا فكيف لا تطلبين الرحمة والمغفرة من الله؟ ممن تطلبينهما إذن؟!!،
وكيف لا تسألينه المغفرة والرحمة سبحانه وتعالى وهو الغفور الرحيم؟ ما أحسه في السطور الأخيرة من إفادتك إذن هو اكتئاب، وهذا الاكتئاب لابد أن تطلبي العلاج منه لكي لا تزيدَ الأمور سوءًا، وتفقدي قدرتك حتى على الشعور بالاطمئنان والثقة في رحمة الله عز وجل بك، وأما ما تعانين منه أصلاً وما تعتبرينه سبب كل ما أنت فيه من مشكلات وهي مشكلة غشاء البكارة فاعلمي أنك إذا عالجت اكتئابك ستتمكنين من التفكير بطريقةٍ سليمة وسيكونُ لديك الأمل، ومن يدري لعل الأمر أهون ألف مرةٍ مما تتصورين ولعل رحمة الله تأتيك من حيث لا تدرين،
وفقك الله وغفر لك إسرافك في حق نفسك وتابعينا بأخبارك.
ويتبع ....: الاسترجاز بالشيء وغشاء البكارة م