السلام عليكم
أدعو الله أن ييسر لكم أموركم ويفرج همومكم نفسي أرد لكم جزءا من فضلكم علينا، أكاد أستقيل من عملي من أول يوم، أنا أميل للعزلة غالبا وليس دائما، وذلك لتجنب الشخصيات الاستفزازية المتسلطة -المعارضة بشدة- الفضولية حتى يستريح دماغي من الأفكار المزعجة وضميري من التأنيب المستمر لأني لو تكلمت سأكون صيدا سهلا للاستفزازيين
أحيانا أكون مستعدة تماما للجدال كما لو أني في معسكر آخذ الأمور بهزار واستهتار وهزل فتمشي أموري بكل بساطة بعكس ما أتوقع -أكون مجهزة ردود الأفعال مسبقا يقولون عني : جدية...جامدة... مزاجية.....، تعبت كثيرا
بيئة العمل : موظفات كثيرات -فوق طاقة القسم- في غرفة واحدة- عشوائي لا يسمح بالاستقلالية أشبه بصالون نسائي قهوة ولغو ونوم حاولت أن أكون مستقلة قدر ما أستطيع حتى تكون علاقتي بهم رسمية لأني لا أثق بأحد -حذرة- أتحاشى التجمعات العشوائية لأني غير مستعدة للمواجهة ولا أحب أن أجرح أحد كوني سريعة الحساسية
هل هذه بيئة عمل؟ هزل ضحك صوت عالي رئيس القسم لا يمكن أن يدخل فجأة لأنه مجتمع محافظ لا أستطيع الشكوى لأن هذا هو الوضع العادي في الأقسام الأخرى منذ 8 سنوات وأنا حديثة العهد بالوظيفة بماذا توصيني اذا التحقت بوظيفة أخرى؟؟ وكثرة أسئلة الموظفين عني من أول أسبوع؟؟؟ هل كنت مخطئة عندما كنت مستقلة 85% ؟، لم أتناول الفطور معهم لأني أصلا لا أشعر بالأمان أو الراحة لا أشارك في أحاديثهم المملة؟
تاريخ: عشت طفولتي مع جدي و جدتي 4 سنوات ثم انتقلت إلى جدتي وجدي لأبي سنة ريثما تنتهي أمي من دراستها بعدها عشت مع أهلي وكنت وحيدة لا أخوة لدي فترة 9 سنوات لكني لم أكن مدللة ..... والآن لي أخوة صغار 15-13-9 يشكلون حزبا لا أزال وحيدة الأخت الوسطى متسلطة صعبة المراس للجميع لأن أبي كان يدللها
أتمنى أن تفيدوني لحل المشكلة.
وشكرا لكم.
8/9/2019
رد المستشار
الأخت العزيزة أهلا وسهلا بك، وشكرا على ثقتك وعلى إطرائك، لا فضل لنا على أحد وإنما الفضل كله لله، والشكر والحمد له وحده.
يبدو أنك تكتبين لنا من مكان عملك فمن الواضح أنك كنت تصفين لنا ما يدور حولك أثناء الكتابة، حتى انتقل إلينا الشعور بأنك جالسة في أحد الأسواق، وهذه هي بيئة العمل في كثير من المصالح الحكومية في عالمنا العربي مع الأسف، وليس ما تصفينه غريبا على المواطن العربي فهو إما عمل في مكان كالذي تصفينه أو اضطرَّ إلى إنهاء مصلحة ما في أحد مؤسساتنا الحكومية... فشعر أنه في السوق! اللهم لا اعتراض.
لكن هذه ليست هي المشكلة، فالمشكلة هي أنك تشعرين بالعجز عن التكيف مع بيئة العمل الذي التحقت به، فبينما تحسبين أنت لكل خطوة حسابها ولكل كلمة مع الآخرين حسابها، وتحيطين نفسك بسياجٍ يقيك ما تتحسبين من شرور الآخرين، يعيش الآخرون بحرية ولا يحسبون حسابا لكل ما تخافين منه أنت، وهم يحاولون التواصل معك ويلاحقونك بأسئلة لا تنتهي فأنت الموظفة الجديدة، ولا تطيقين أنت ذلك وترينه فوق ما يحتمل حتى أنك تسأليننا النصح فيما لو التحقت بوظيفة أخرى كيف تتصرفين؟
وأنا بادئ ذي بدء لا أنصح بأن تتركي عملك هذا إلا إن كانت أمامك فرصة عمل أفضل، ولكن لا تتركي عملك هذا لأن الموظفين الموجودين فيه لا تروق لك تصرفاتهم لسبب بسيط هو : أنك لن تجدي الموظفين في مكان آخر مختلفين عنهم.
واضحٌ جدا يا عزيزتي أن ما تصفينه بالاستقلالية 85% ، إنما نتج في حالتك لا عن نمو كامل واختيار مبني على مقدمات وعدم احتياج للآخرين، وإنما نتج عن ما أستطيع وصفه بالنضج القسري قبل الأوان فهذا هو ما حدث معك ربما بسبب ظروف دراسة أمك، فقد بدأت حياتك معها وأنت بنت الخامسة من العمر ويبدو أنها كانت تعمل وأنها أجلت الحمل والإنجاب أيضًا ربما بسبب متطلبات العمل، ولكنك غالبا عشت مع أم لم تتدرج مشاعرها معك منذ المهد وحتى سنوات الطفولة الأولى فالمتوسطة فالمراهقة، وأظن أيضًا أن لفارق السن الكبير بينك وبين أشقائك دورا في ما اتسمت به شخصيتك، وفي معاناتك الحالية المتمثلة في إحساسك بأنهم يشكلون حزبا.
شيء ما يا عزيزتي ربما شاب علاقتاك بالأشخاص ذوي الدلالة في سنوات طفولتك الأولى وجعلك مضطرةً للنضج المبكر أو ما تسمينه أنت بالاستقلالية، بحيث لم يكن تعبيرك عن مشاعرك الطفولية مسموحا به لسببٍ أو لآخر، وهكذا أصبحت تجدين نفسك بعيدةً عن الآخرين لأنك لم تتعلمي التعبير بحرية عن مشاعرك تجاه الآخر، وهنا تكمن المشكلة التي تصفينها أنت بالحساسية الزائدة والحرص على عدم جرح الآخرين، وكذلك أصبحت ميالة إلى الابتعاد عن الأشخاص الذين تصفينهم بالمتسلطين الاستفزازيين الفضوليين، لماذا؟ لأن من السهل استفزازك جدا، ولأنك ترين نفسك فريسة سهلة للاستفزازيين فمن هم هؤلاء الاستفزازيون؟
وهل هم استفزازيون مع الجميع أم معك وحدك؟
وهل هناك آخرون غير استفزازيين بالنسبة لك؟
هل فكرت بهذا الشكل من قبل؟
وما معنى أنك لا تثقين بأحد؟
ولماذا تتحاشين التجمعات التي تصفينها بالعشوائية؟ هل ترين أن وقوف ثلاثة أو أربعة من بني البشر يقابل بعضهم بعضا في مكان العمل هو تجمع عشوائي ؟؟ ما لم يتم التخطيط له مسبقا ؟
ثم لماذا إذا كنت -كما تقولين في إفادتك-(أحيانا أكون مستعدة تماما للجدال كما لو أني في معسكر آخذ الأمور بهزار واستهتار وهزل فتمشي أموري بكل بساطة بعكس ما أتوقع)، لماذا لا تكونين دائما هكذا؟ لماذا تلجئين إلى تجهيز ردود الأفعال مسبقا كما تصفين فتكون النتيجة أن توصفي بأنك: (جدية...جامدة... مزاجية.....،).
قد تكونين مبدئيا بحاجة إلى برنامج علاج سلوكي معرفي للتدريب على مهارة توكيد الذات والتعبير الحر عن المشاعر، ويصبح بإمكانك أن تبيني للآخرين حدود التعامل معك، بحيث لا تكونين بعيدةً ووحيدة وعاجزة عن الاندماج بهذا الشكل، ويشير مفهوم توكيد الذات إلى خاصية تبين أنها تميز الأشخاص الناجحين، من وجهتي نظر الصحة النفسية والفاعلية في العلاقات الاجتماعية، وبعد أن كان توكيد الذات ينظر إليه كصفة شخصية عامة تتكون لدى الشخص كما تتكون صفات مثل الانبساط أو الانطواء وتبقى ثابتة أو مقاومة للتغيير، أصبحت النظرة النفسية الأحدث لتوكيد الذات هي أنها قدرة يمكن تطويرها وتغييرها من خلال التدريب، "باختصار فإن التوكيدية تتضمن كثيرًا من التلقائية، والحرية في التعبير عن المشاعر الإيجابية والسلبية معًا، وهي بعبارة أخرى تساعدنا على تحقيق أكبر قدر ممكن من الفاعلية والنجاح عندما ندخل في علاقات اجتماعية مع الآخرين، أو على أحسن تقدير تساعدنا على ألا نكون ضحايا لمواقف خاطئة من صنع الآخرين، ودوافعهم في مثل هذه المواقف".
ومن المهم أن يتعلم الشخص كيف يعبر بحرية عن آرائه وعن مشاعره تجاه نفسه وتجاه الآخرين، كيف يستطيع فرض نفسه على المواقف بدلاً من السماح للمواقف أو للآخرين بفرض أنفسهم أو آرائهم عليه، فيكون مستعدًا لمواجهة الآراء والتوجهات السلبية التي قد يقابلها لدى الآخرين، ولعل ممارسة الهوايات والفنون تفيد في هذه العملية، فهذا هو مفهوم تأكيد الذات، ويستطيع أي اختصاصي نفسي أو طبيبٍ نفسي متخصص أن يعطيك بعض التدريبات على توكيد الذات فتتعلمين من خلالها كيف تتصرفين عندما يجرح أحد مشاعرك بسلوكه بدلاً من الصمت،
وهذا البرنامج إذا وفقك الله ووفق معالجك إلى تطبيقه واجتيازه سيفيدك كثيرا، وتذكري أن ديننا الحنيف يحثنا على التواصل مع الآخرين فعن أبي ذر رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (تبسمك في وجه أخيك صدقة، وأمرك بالمعروف صدقة، ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وإماطتك الحجر والشوك والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة) أخرجه الترمذي، والعمل بما يرد في هذا الحديث يعني أن أسمى مراتب التوكيدية مطلوب من المسلم، فهل تستطيعين تمثل ما في هذا الحديث الشريف.
معنى كلامي أن السياج الذي تفرضينه حولك ليس صحيا، وما تسمينه أنت استقلالية قد يكون عجزا عن تبادل المشاعر مع الآخرين، فلا تستسلمي إذن لخوفك من التواصل وحاولي أن تتخلصي منه من خلال العلاج النفسي المعرفي السلوكي الذي أظنه متاحا في معظم دول الخليج.
ومن المفيد أن تقرئي ما تجدينه تحت العناوين التالية :
فتور في المشاعر أم نقص في توكيد الذات؟
كثرةُ البكاء أم نقص التوكيدية ؟
ملف تأكيد الذات
ثم أن هناك ما يلفت النظر ويستدعي التساؤل في أول إفادتك : ماذا تقصدين بالأفكار المزعجة؟ وعلى أي شيء يؤنبك ضميرك؟ هل يمكنُ أن ينتج كل هذا عن مجرد التعامل مع الآخرين حتى ولو كانوا كما تصفينهم استفزازيين؟
إن من الواضح أن معلومات كثيرةً تنقصنا أو أنك خانك التعبير، فأرجو أن توضحي لنا المقصود وأن تجيبي على تساؤلاتنا في متابعتك معنا، والتي نراها ضرورية من أجل فهم أعمق وبالتالي إفادة أكبر لك.
ويتبع>>>>>: ضحك وهزل واستهتار.. بيئة العمل في بلادنا مشاركة