بسم الله الرحمن الرحيم
لا أدري من أين أبدأ لكن سأبدأ من عام 1424هـ في شهر رجب بالتحديد وفى يوم جمعة ذهبت أنا وولديَّ إلي صلاة الجمعة، وفى أثناء الصلاة أتتني رعشة وخوف شديدين، كدت أن أسقط على الأرض، وكنت متخوفا من جموع المصلين التي خلفي أن يروني أسقط! والحمد لله....... انتهت على خير..
لكن من بعد هذه الحالة وأنا في تعب شديد من خوف ورعشة في الجسم كله، وأصبحت لا أستطيع الصلاة في الصفوف الأولى وأحاول ما أمكن أن أصلي في الخلف وقريبا من الباب حتى لو حصل شيء من دوخة ورعشة وتعب شديد وخوف أستطيع الخروج بسرعة دون أن يراني أحد..
وفى آخر رمضان 1424هـ ذهبت إلى استشاري باطني وأخبرته بما حصل ووصف لي دواء السيروكسات...واستخدمته لمدة ستة أشهر حبة يوميا وبصراحة ارتحت بعده كثيرا، مع العلم أنه ما زالت تأتيني بعض الحالات ولكن أخف قليلا من قبل وأصبحت أتجرأ وأترك الصف الأخير في المسجد إلى صف أو صفين تقريبا ولكن بصعوبة بسيطة...
أصبت بالسكر منذ ثلاثة أشهر ولست أدري هل لهذا المرض علاقة بهذه الحالة أم لا ؟؟؟
قبل شهر رمضان الحالي 1425هـ بدأت تأيني الرعشة والدوخة بشكل أكبر لكن مسيطر عليه، وذهبت لنفس الدكتور وقال لي سنعيد لك الدواء، ولكن نوع آخر غير السيروكسات ولكن شبيه له اسمه لوسترال وقال أنه أخف من السيروكسات وأفضل وفعلا بدأت أستعمله نص حبة يوميا.
الأعراض التي أشعر بها:
1- رعشة في جسمي كله وأظن أنها داخلية.
2- دوخة أشعر بها حول عينيي وأكاد أسقط على الأرض حتى أنني أتمسك بشيء ما..
3- أشعر بالرعشة والدوخة عندما أكون عند الحلاق مثلا أو الدكتور يعني عندما يكون التركيز علي تقريبا.
4- السفر هذا شيء مستحيل تقريبا بالنسبة لي حتى أن لي فترة طويلة عن السفر حتى قبل هذه الحالة.
5- التفكير بأنني هل أنا في هذا المكان أم أنني في البيت، أقول الله يستر وأصل للبيت بسرعة، وأميل للجلوس في البيت أكثر مع محاولات للخروج والجلوس في تجمعات ما أمكن رغم الصعوبة...
ألاحظ أنه عندما أركز على التفكير في شيء ما أتعب وتأتيني الرعشة والدوخة وأحاول بسرعة أن أشتت تفكيري وأرتاح قليلا.. هذه معاناتي يا دكتور شخصتها على حسب ما قرأت لك في أحد الردود على أحد الأخوة بأنه الوسواس القهري. ولا أعلم هل هو صحيح أم لا ؟
أرجو مساعدتي وحل مشكلتي حيث أن حالتي أصبحت تعيقني في تصريف شئون حياتي فضلا عن التعب والتوتر والإرهاق الذي أشعر به...
جزاك الله عني ألف خير
23/10/2004
وقد أرسلنا لصاحب هذه الرسالة نطلب مزيدا من المعلومات عنه:
السلام عليكم
الأخ العزيز، أرجو من فضلك أن ترسل لنا معلومات أكثر عنك كإنسان كم عمرك وماذا تعمل وما مستواك الدراسي، وكذلك أين تعيش؟؟؟
الحالة غالبا ليست وسواس قهري وإنما شكل من أشكال الرهاب المصحوب بنوبات الهلع، ولا يستطيع طبيب الأمراض الباطنية علاجها حتى وإن كان كلا العقارين اللذين وصفهما صحيحا، لأن الأمر يحتاج إلى علاج معرفي سلوكي لدى طبيب أو معالج نفسي
نحن في انتظار ردك بالتفاصيل، إذا أردت تشريحا أدق لحالتك ونصيحة أصح
ولا تنسانا من دعائك في رمضان
والسلام عليكم
1/11/2004
وكان رده علينا كما يلي :
جزاكم الله خير
أخي أنا عمري 37 سنة وأعمل بوظيفة حكومية بمرتبة جيدة ودخل جيد والحمد لله، ومستواي الدراسي الكفاءة المتوسطة وأسكن في السعودية وحياتي مستقرة ولله الحمد
قبل فترة من الزمن حصلت مشكلة مع شخص وصلت إلى المضاربة وعندها خفت خوفا شديدا ولكن حصل هذا الخوف بعد هذه الحادثة ب3سنوات تقريبا، ما أدري إذا كان لهذه المشكلة علاقة بالموضوع.
وبالنسبة للعلاج الذي وصفة لي الدكتور الأخير بدأت اشعر ببعض الارتياح ملحوظ ولله الحمد..
منتظر ردكم الكريم
والسلام عليكم
1/11/2004
رد المستشار
الأخ العزيز
أهلا وسهلا بك على مجانين، وشكرا جزيلا على ثقتك، رغم أنك أرسلت لنا من خلال بريد المشاركات وليس من بوابة استشارات مجانين، إلا أننا نجد في إفادتك وما أضفته عليها بعدما راسلناكَ نجد فيها نقطتان جديرتان بالنقاش،
وأطمئنك بدايةً إلى أن حالتك ستتحسن على العقار الجديد، لأنه اختيارٌ صحيحُ من استشاري باطني ثقفته شركات الدواء جيدا كما سأبينً لك، ولكن العلاج العقاري في حالتك غالبا ما يحتاج إلى علاج سلوكي معرفي لدعمه ولجعل الشفاء التام أمرًا ممكنا.
فأما النقطة الأولى فتتعرضُ بمنظومة الأعراض التي عانيت منها وبالكيفية التي فسرتها بها، كيف يرى الطبيب النفسي تلك المنظومة؟
فما وصفته بقولك: (وفى أثناء الصلاة أتتني رعشة وخوف شديدين، كدت أن أسقط على الأرض، وكنت متخوفا من جموع المصلين التي خلفي أن يروني أسقط!) يسميه الطبيب النفسي نوبة هلع Panic Attack وعنها وعن علاقتها بالقلق الرهابي وغيره من أنواع القلق
اقرأ ما يلي من روابط من على مجانين:
نوبات الهلع وضربات القلب
نوبات الهلع : الشعور بالموت و....
نوبات الهلع : عرضٌ أم تشخيص !؟!
من نوبات الهلع إلى رهاب الساحة
نوبات الهلع : في شخصية موسوسة
نوبات الهلع: برنامج علاجي
أنا قلق وأفكر في الموت
وأما عواقب تلك النوبة كما نراها جرت عليك، وكما تظهر في كلماتك: (لكن من بعد هذه الحالة وأنا في تعب شديد من خوف ورعشة في الجسم كله، وأصبحت لا أستطيع الصلاة في الصفوف الأولى وأحاول ما أمكن أن أصلي في الخلف وقريبا من الباب حتى لو حصل شيء من دوخة ورعشة وتعب شديد وخوف أستطيع الخروج بسرعة دون أن يراني أحد..)
فهذا هو القلق التوجسي Anticipatory Anxiety الذي كثيرا ما يلي حدوث نوبة الهلع ويغذيه تكرارها إن تكررت
لكن هناك أيضًا سلوكك التجنبي Avoidance Behavior الذي جعل توصيف حالتك النفسي يأخذُ شكل الرهاب المختلط، فقد أصبحت مدفوعا بخوفك تتراجع عن الصفوف الأولى في المسجد، وكأني أسمع عبارات واحد من مرضاي المصريين بالحرف والله، إلا أن حالته كانت قد تطورت إلى الخوف أصلا من دخول المسجد وكاد يخاف من الخروج من بيته ولولا حاجته للعمل ما طلاب العلاج، وأطمئنك إلى أنه الآن بعد أن وفقنا الله في علاجه لا يتأخر عن اللحاق بالصف الأول وفي انتظار أن يؤم الناس إن شاء الله، لكنه تدرج من الصف الأخير إلى الذي يتقدمه أثناء العلاج المعرفي السلوكي، وكان في نفس الوقت يتناول أحد عقاقير الماسا ، وهي المجموعة التي ينتمي إليها كلا العقَّارين الذين وصفهما لك طبيبك الباطني.
ولعل في الروابط التالية من على موقعنا مجانين ما يفيدك في تفهم أعمق لكل ما ورد في إفادتك من أعراض وتفسيرات، فقط قم بنقر ما يلي من عناوين:
خلطة الرهاب المختلط مع الاكتئاب !
رهاب الدم : أم خلطة الرهاب؟
خلطة القلق والاكتئاب ومسرح الجن !
الرهاب الاجتماعي وليست الرعشة متابعة
اختلال الإنية وخلطة القلق والاكتئاب
الحياء الشرعي ، والرهاب المرضي !
أفيدوني عن الرهاب
الرهاب الاجتماعي: خبرة المرض والتعافي
احمرار الوجه والهروب من الرهاب
الرهاب الاجتماعي : آخر مرة
احمرار الوجه بين الخجل والرهاب
الرهاب الاجتماعي : الاسترخاء ثم المواجهة
المعدة والقولون : والرهاب والظنون
مشاركة في الرهاب: عالجت نفسي بنفسي!
الاكتئاب والقلق: الأعراض الجسدية
وفيما يتعلق بما عددته من عبارات بعد قولك: (الأعراض التي أشعر بها:) فمنه تشير الأعراض الثلاثة الأول إلى أعراض القلق الجسدية والمعرفية مصطبغة بصبغة الرهاب الذي يتأرجح بين الاجتماعي ورهاب الساحة كما يظهر من عبارة رقم 4، وكذلك عبارة رقم 5 وإن كان الفصل يعتمد على رأي الطبيب النفسي الذي تناقشه ويناقشك وجها لوجه، فنحن لا نعطي أكثر من انطباعات مبدئية، وأما الحادثة التي حصلت منذ سنوات ثلاثة فلا نظن لها علاقة بالأمر وكذلك إصابتك الحديثة بالسكري لا علاقة له أيضًا بالأمر وهذا حد علمنا، والعلم عند الله أولا وأخيرا.
ونصل إلى النقطة الثانية التي تجدر مناقشتها هنا، وهي نقطة تثقيف الأطباء الباطنيين وغيرهم من الأطباء من قبل شركات الدواء غالبا لكي يصفوا لمرضاهم العقاقير النفسية، ما هي أسباب ذلك وما هي نتائجه؟؟، وقبل ذلك أودُّ أن أؤكد لك أن الغالبية العظمى من الأطباء من غير ذوي التخصص النفسي في بلادنا بما ذلك أساتذة الجامعات، ووالله كلهم بلا استثناء، لم يتعلموا أي شيء عن الطب النفسي خلال سنوات دراستهم كطلبة في كليات الطب المختلفة على مستوى الوطن العربي، ولا كأطباء يعملون في المستشفيات، ومعلوماتهم عن الطب النفسي لا تختلف كثيرا عن معلومات مرضاهم إلا فيما يتعلق بما تفضلت شركات الدواء بإخبارهم به وهو أبعد ما يكونُ عن الكلام العلمي المحايد.
الرهاب والاكتئاب.. والطبيب يوم الحساب!
فأما الأسباب فكثيرة في الحقيقة ولكنني سأجملها فيما يلي :
1- تصل نسبة ذوي المنشأ النفسي للأعراض الجسدية من مرضى أي عيادة خارجية لطبيب باطني إلى ما يزيد في معظم الدراسات عن ثلاثة أرباع المرضى، ونفس الكلام صحيح علميا في عيادة المتخصص في أمراض القلب وفي أمراض الصدر وحتى عيادات الجراحين الخارجية، وبغض النظر عن أسباب ذلك التي تجدها في الروابط التالية لو أردت من باب الطب النفسي شبهات وردود:
العلاج النفسي مجرد جلسات كلام
الأمراض النفسية أعراضها نفسية بحتة ولا تأخذُ شكلاً عضويًا
الأدوية النفسية هي مجرد مسكنات ومنومات
كيف لعقار مادي محسوس أنْ يعالج معاناة نفسية غير محسوسة؟
الأمراض النفسية لا شفاء منها
الطبيب النفسي سيدخلك في الدوامة فاحذرْ منه
لا فائدة من علاج المرض النفسي دون حل للمشكلات الحياتية
فإنني أتساءل ماذا كنت تفعل لو كنت مكان ذلك الطبيب؟ هل كنت ستنصح مرضاك بعرض أنفسهم على طبيب نفسي؟ وتتحمل تبعات التهمة التي تلقيها في وجه من غالبا سينكرها وقد يذمُّ فيك وفي تشخيصك وربما في أدبك المهني مع الأسف؟ أم كنت ستكتفي بأن تقول لهم لا تكثروا من حمل الهموم وخذوها ببساطة وإياكم من العصبية؟؟ ثم يعودون إليك بنفس أعراضهم، أو غالبا بأسوأ منها، أو يتركونك لغيرك، ألن تصبح فريسة سهلة لمن سيقدم لك الفهم والعقار اللازم للإصلاح بصورة مبسطة؟ هذا تفضلت به شركات الدواء ولم تفلح غيرها فيه مع الأسف، وجاء ما بذلته متحيزا لمنتجاتها بالطبع!
2- وأسألك أيضًا كيف كنت ستفكرُ لو كنت صاحب شركة دواء تنتجُ عقَّارًا من العقاقير النفسية، وقد عرفت من الدراسات أن معظم من سيفيدهم عقَّارك الذي تود بيعه؟؟ إنما يقصدون غير الخبير بالمرض وبالعقار؟ عليك أن تقوم بتحفيز وتعليم من يقصده هؤلاء المرضى وكثيرٌ منهم سيرحبونَ، بمعلومات مبسطة تقدم لهم فقط لتحملهم على كتابة عقار الشركة المتفضلة بالشرح والاستضافة (الخمسة نجوم وسبعة أحيانا والله)، وفي عواصم الدنيا السياحية، وليس ما يحدثُ فقط رشوةً وإنما أيضًا تشكيل وعي
كما بينما على مقالات مجانين المتنوعة في :
الطب والأطباء والدواء مهزلة
الطب والأطباء والدواء مهزلة مشاركة
ولنقل أن ما سبق كان بعض الأسباب، ولكن ترى ماذا ترتب على ذلك؟؟ إنه أيضًا كثير بعضه رآه الأطباء النفسيون وبعضه ما يزال لا نعرفه، ولنذكر الآن بعض ما يحضرني منها:
-1- قُدِّمَ العلاج منقوصا لبعض المرضى، أحيانا بناء على اختيار صائب للعقَّار كما حدث معك وإن لم يكن الأرخص، وأحيانا مع أخطاء قد تكونُ فادحة على المستوى النفسي، المهم أنه تم الاكتفاء بالعلاج العقاري الذي تعلمه الطبيب الباطني، ولم تجرَّ للمريض برامج العلاج السلوكي المعرفي، ولا حتى تعلم ربما عن كيفية حدوث أعراضه، فكانت النتيجة أن التحسن الذي طرأ كان جزئيا، أو محدودا بوقت ما مثلما حدث معك.
-2- باعت الشركات مبيعات لم تكن تحلم بها، من خلال هذا الطريق، ويحضرني مثلا أن يستهدف طبيب الذكورة من تلك الشركات وتقدم له أغلى عقاقير الاكتئاب ثمنا على أنها الحل السحري للعنة نفسية المنشأ لأنها تخفف الاكتئاب والقلق، كما أنها تؤخر القذف إلى آخر ذلك من أشياء يراها البعض فوائدَ لعلاج القذف المبتسر (اللاإرادي) Premature Ejaculation، مع أن عقاقير أرخص بمراحل يمكنها فعل ذلك، وعلما بأن العلاج النفسي لتلك الحالات لا يكونُ عقاريا فقط في أي مكان من العالم غير الثالث، فهناك العلاج المعرفي والتدريبات السلوكية
المهم كان أن تبيع الشركات ولاحظ أن ما حدث معك حدث في بلدٍ عربي تحدثُ فيه مراقبة دقيقة لما يصرف من الأدوية النفسية، ولكن عقاقير الشركات القوية تحصل على التصريح ببيعها ولو في السوبر ماركت لأنهم يعرفون الطريقة التي يصلون بها لذلك، خاصة وأنها عقاقير لا تسببُ النعاس! غالبا ولا تسببُ الإدمان إلى آخر ذلك، فقط تخيل ما حدث في البلدان الأخرى العربية والإسلامية؟؟ والتي تعيش سوق الدواء فيها حالة نسميها "سداح مداح"، مع الأسف، ولا تسألني أين حقوق المريض المسلم؟ يا أخي
-3- ساءت سمعةُ بعض العقاقير النفسية عند الجمهور رغم أنها لو وصفت ممن يعرف خفاياها وما تفيد فيه لكان أحقَّ بحسن السمعة، إلا أن ذلك العامل تسببَ فقط في الموقف المعادي للطب النفسي والأدوية النفسية، حتى أنني لاحظت أن المرضى يقبلون تناول العلاج النفسي إذا كتبه طبيب باطني، بينما هم يشترطون على الطبيب النفسي أن يعالجهم بلا عقاقير إن أمكن، لأن عقاقيره مشبوهة ومتهمة بأنها مضرة، وهذا مع الأسف لم يؤثر في المبيعات، لأن مجهود شركات الدعاية منقطع النظير خاصة في بلادنا، لأن معظم الأطباء لا يدركون بوضوح أبعاد الفخ المنصوب.
وأكتفي بهذا القدر من الطرح لهذا الموضوع الشائك والأجدر بأن يكتب في مقالٍ أسأل الله أن يعينني على جعله قريب الظهور على مجانين، وذلك كي أعود إليك ناصحا، بأن تتطهر وتتوضأ متهيئا للقاء ربك لقاء السائل المستخير، ثم اعقد العزم على زيارة الطبيب النفسي أو المعالج المعرفي السلوكي (والأفضل كليهما أو من يجمع بين المهارتين من الأطباء النفسيين)، وقل له أن العقَّار الأخير يشعرك بالتحسن وأنك لا تفضل تغييره، وإنما فقط تطلب متابعة تناولك له طبيا، ووضع خريطة وبرنامج للعلاج المعرفي السلوكي يناسب حالتك وظروفك وتابعنا بالتطورات.