نظرات غريبة
السلام عليكم أولا أشكركم على سعة صدركم لاستشاراتنا نحن المجانين و أرجو أن يجعل الله هذا في ميزان حسناتكم.
أنا شاب من المغرب في 31 من العمر أكتب لكم هذه الرسالة وأنا في غاية الحيرة واليأس. قصتي بدأت في سنة 2006 وكان عمري حينها 18 سنة، عندها بدأت ألاحظ وأنا أمشي في الطريق أن بعض الناس من غير معارفي يمعنون النظر إلي وكأنهم يعرفونني، يجب أن أشير إلى أنني شخص عادي في هيئته وملبسه وتصرفاته ولا يبدو علي شيء يسترعي الانتباه وهذا حسب رأي عائلتي وأصدقائي عندما سألتهم،
المهم حاولت أن لا أفكر كثيرا في هذه المسألة واعتقدت أنها مسألة طبيعية بحكم أنني كنت أقيم في مدينتي منذ الطفولة وأن هناك من قد يعرفني دون أن أعرفه، وساعدني تركيزي على دراستي حيث كنت أمني النفس بالالتحاق بمدرسة للمهندسين في العاصمة وظننت أني سأتخلص من هذه النظرات بعد تغيير المدينة. لكن ولشدة دهشتي لم يتغير الحال واستمرت ملاحظاتي لنظرات أناس غرباء لي سواء من داخل المؤسسة التعليمية أو خارجها في الشارع العام، نظرات لم يكن لها أي مبرر في نظري.
عند ذلك قررت البحث عن تفسير، في البداية كانت فرضياتي معقولة وظننت أن هناك ما ينشر عني في وسائل الإعلام في بلدي لذلك تابعت الصحف والقنوات الإخبارية وبحثت عن اسمي في الإنترنت واستمريت على هذا لأكثر من سنة إلى أن دب في نفسي اليأس، وقررت أخيرا مصارحة أبي بما أعيشه، لكنه هون من الأمر واعتبره مجرد وساوس ونصحني بقراءة القرآن والأذكار.
لكن ما كنت أختبره كأن شيئا آخر تماما وقد بدأ يؤثر على حياتي ودراستي وتراجع مستواي الدراسي فأعدت سنتين، وكنت كلما ذهبت إلى مدينة جديدة لاحقتني نظرات بعض المارة في الشوارع، واستغربت أشد الاستغراب عندما استقبلت مدرستنا فوجا من الطلبة المبتعثين من الخارج فكان من بينهم من يمعن النظر لي وأنا الذي اعتقدت أن السفر إلى الخارج قد ينهي المسألة.
المهم بعد كل هذا بدأت تفسيراتي تأخذ طابعا غريبا غير منطقي وغير مألوف، فاعتقدت مرة أن هناك منظمة تنشر تفاصيل حياتي في أحلام الناس مما حول حياتي إلى جحيم لا وجود للخصوصية فيه، لكن وكأن هذه المعاناة لا تكفي، راودتني فكرة أن الناس تسمع أفكاري الداخلية فصارت عملية التفكير عذابا لا يطاق خصوصا أنه بدأت تتسلط علي أفكار أنا نفسي لا أريدها كأفكار عنصرية وأخرى جنسية، فبدأت أنعزل عن الناس حتى عن عائلتي خجلا من أن يسمعوا تلك الأفكار، لكني في الحياة العملية تمكنت بقدرة قادر من التخرج وأنا أعمل حاليا مهندسا في القطاع العام، رغم أن حياتي الاجتماعية غير موجودة بتاتا، أعتذر دائما عن حضور أي تجمع بشري، وبدأت دائرة أصدقائي تضيق شيئا فشيئا.
في النهاية أخبرت أبي وأمي وأخي بحالتي خصوصا بعد سؤالهم عن سبب انعزالي، عند ذلك قرروا أن يذهبوا بي إلى طبيب نفسي الذي وصف حالتي على أنها اكتئاب حاد ووسواس قهري، وبدأت أتناول أدوية رانوزيب 10ملغ، ريسبيريدون 1ملغ وأنافرانيل 75ملغ، وصراحة بدأت الأصوات القهرية بالتناقص وانتظم نومي، لكن المشكل الرئيسي لم يحل واستمريت ألاحظ نظرات بعض الناس لي في الطريق.
وأنا الآن أناشدكم أن تجيبوني عن سبب هذه النظرات الغريبة خصوصا أن طبيبي اعتبر الأمر عاديا وأن هذه الأوهام تأتي مع الاكتئاب، لكني أعلم أنني لا أتوهم وأحس أن عائلتي وأصدقائي يخفون عني شيئا ربما خوفا علي من حقيقة صادمة لي.
أعتذر على الإطالة
وشكرا جزيلا لكم.
27/10/2019
رد المستشار
الأخ الفاضل "طه جليل" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك ومتابعتك خدمة استشارات مجانين بالموقع.
هذه الأفكار هي أفكار زورانية Paranoid Ideas من نوع وهامات الإشارة Reference Delusions ووهامات بث أو إذاعة الأفكار Thought Broadcasting Delusions ... وهذه هي نفس الأعراض التي استفسرت بشأنها سابقا وأجابك د. محمد عبد الحكيم.
عليك أن تستمر وتنتظم على العلاج الموصوف لك ومن المؤكد أنك ستجد تحسنا أكثر مع الوقت فكما تحسنت الهلاوس السمعية ستتحسن الأفكار الوهامية لكن الصبر مهم، كما يمكنك أن تطلب من طبيبك المعالج إرشادك إلى من يقدم لك بعض جلسات العلاج السلوكي المعرفي التي تساعدك على فهم أعمق لطبيعة اضطرابك.
ومرة أخرى أهلا وسهلا بك دائما على موقع مجانين فتابعنا بالتطورات.