مجرد فراغ عاطفي ؟ أم تعلق مثلي ؟
هل هو مجرد فراغ عاطفي م1
السلام عليكم، كنت قد كتبت استشارة من قبل وتم الرد من د وائل على الإيميل وقال أن أرد على هذا الرابط لكنه لا يفتح.
جزاك الله خيرا دكتور على الرد
سأكتب لحضرتك بعض التفاصيل لعلها تساعد في تحديد المشكلة إن كان وسواس التعلق أم لا
خاصة أني عرضت الأمر على أكثر من طبيب نفسي من قبل لكنه غير متخصص في هذه الأمور فلن أعاود الذهاب في هذه الفترة
منذ الصغر وأنا أشعر بعاطفة جياشة، أنام بجانب والدي وأحتضنه بشدة دائما وأضع يدي تحت رأسه وهو نائم وأقبل يده.
ظل الأمر على هذا حتى بداية المرحلة الإعداية فلم أعد أنام بجانبه وتركت معهدي الذي كنت فيه لست سنوات لأدخل معهد الإعدادي مع أصدقاء جدد.
وكنت مرة أقبل يد والدي في الشارع فضحك وقال لا تفعل في الشارع فشعرت بجفوة شديدة في هذا الوقت.
أخي الكبير لم يكن يحبنا ولم تكن علاقة جيدة وكان يحب أصدقاءه فقط وظلت العلاقة شبه منقطعة بسبب أنه كان يرانا صغارا.
مارست الأمر نفسه مع أخي الصغير كما فعل معي الكبير فابتعدت عن أخي وصاحبت أصدقائي ولم أعد أتكلم مع أخي وكانت بداية التعلق مع شاب أكبر مني بسنتين تقريبا.
كان لي أصدقاء سوء يمارسون الشذوذ من صغرهم قبل البلوغ ويشاهدون الإباحية لكني بفضل الله لم أمارس هذا الفعل ولو مرة واحدة وقد نشئت في بيئة ملتزمة متدينة ولم أكن أحب أن توضع نقطة سوداء بسبب هذا الفعل.
والدي عنده وسواس قهري في النظافة ورثه عن والده ولكن الحمد لله هذا الوسواس ليس عندي.
والدي كان يحبني ويأخذني في كل مشاويره لكنه كان يقول عني عندي كسوف وإحراج
وبالفعل كنت خجولا جدا إذا كلمني أحد يحمر وجهي وأتكلم كلمتين فقط ولا أتكلم مع الناس إلا الأقرباء
تقريبا كدا كان رهاب اجتماعي
كان لي أصدقاء في كل المراحل إلا أن شخصيتي كانت ضعيفة لا أستطيع أن أعبر عن رأيي رغم مميزاتي ولله الحمد.
خلصني الله من هذه المشكلة في بداية الالتزام ودخول الجامعة وتغيرت حياتي بفضل الله أصبحت شخصية متكلمة وأصلي إماما وأخطب الجمعة وغير ذلك وتفوقت وتخرجت بترتيب الثاني من الجامعة ولم يبقى من هذه المشكلة (الرهاب) إلا جزء طبيعي أثناء التكلم أمام جمهور مثلا.
بالفعل في كل الفترات هذه كان هناك تعلق عاطفي ومعاناة وأحيانا بكاء وشيء محزن للغاية لا أحبه ولا يناسبني مع اختلاف الشخص فقط
نقدر نقول 5 أشخاص
أصعبها أولها استمرت لسنوات
كانت في مرحلة الثانوية وكان لدي فراغ قاتل جدا لا أفعل شيئا ولا أذاكر ولا لعب
فقط أمام الكميوتر لساعات وأيام وأفكر فيه بالساعات
حضرتك بتقول الزواج هو الحل
إن شاء الله أنوي ذلك بالفعل لكني ما زلت غير جاهز من نواحي عدة.
نعم لا أمارس هوايات حركية لعدم وجود وقت لمثل ذلك
لكني أخرج مع أصحابي ومثل ذلك
هل هو فعلا وسواس أم ماذا ؟ أريد التخلص من هذا الأمور الطفولية.
أريد حياة جدية فهذا لا يناسبني ... بالطبع الأمة تحتاج جيلا ليس بهش.
18/11/2019
رد المستشار
حياك الله صديقنا "محمد"، وأعتذر عن التشغيل الحاصل من المرض والانشغال معا.
أولا اترك أمر الأمة جانبا، ولا تضع على عاتقك مسؤوليتها في أكبر مما قد يتحمله شخص واحد. والمؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف، والضعف يأتي من تحميل النفس ما لا تطيقه حتى تبتئس وتشعر الضغط، أو بكلمات أخرى يذهب المؤمن ليفضّ نزاعات "الأمة" ولم ينته من نزاعاته النفسية الدفينة !!
بالنسبة للقصص التي أخبرتنا عن نفسك، بما أن الرهاب الاجتماعي مقترن عندك بحاجة عاطفية كبيرة، يجب أن تفهم أنّ كلاهما نوع من التأخر في النّضج، الأطفال الصغار جدا لا يصنّفون على أنّهم رهابيون لأن ذلك طبيعي، خوفهم من الغرباء واقتصارهم على دائرة صغيرة جدا من المعارف والمألوفات، لكن لما يتقدم الطفل في العمر ويُفترض به أن يكتسب مهارات اجتماعية أو "أنا اجتماعية" ويبقى مشكل التخوف والاستغراب من الآخرين وعدم توكيد ذاته وسطهم، آنذاك يبدأ التقييم الفعليّ على أساس المرحلة العُمريّة، فما كان شيئا طبيعيا في طفل صغير (التمركز الشديد حول الذات) يصير غير طبيعيّ في طفل السابعة مثلا، وما كان غير طبيعي في طفل (الإيثار) يكون طبيعيا في طفل العشر سنوات...
فالفكرة هنا أنّ التعلّق العاطفي له تطوّر معيّن وأشكال مختلفة من التجسيد، فإن بقي ذاك التعلق في مرحلة ولم يتطور للمرحلة القادمة سنكون أمام حالة مثل حالتك، فليس العيب أن تتعلق بأبيك وتحبّه، بل العيب هنا طريقة إظهارك لذلك دون احترام سياق المواقف الاجتماعية (الذي جعلت أباك يعلّق على تقبيلك يدَه) وأيضا عدم خروجك من "دور الطفل" الذي يُسمح له بالتعبير عن حبّه بكل الطّرق مع أنّك دخلت سنّ المراهقة.
ركزّ هنا معي على فكرة "النضوج العاطفي" الذي يقتضي أن تتغير أشكال التعبير وأشكال التعلق مع اختلاف المراحل العُمُريّة، وأنّ هذا التعلق الطفوليّ عندك له علاقة بما حصل معك في الجانب الجنسي، كنوع من التعويض. وبما أنّ أيّ علاقة قوية ومتعمّقة خارج الأسرة لن تكون متماسكة إلا بإضافة البُعد الشهوانيّ، فقد تنزلق بسرعة إلى تخيلات أو ممارسات جنسية (سطيحة أو كاملة) لتوطيد العلاقة بينكما. لذلك تلاحظ أنّك لما تُطالب في علاقة ثنائية مع ولد أكثر مما يتوقعه هو من علاقة "عادية" بين ولدين، فهذا يُشعره بالضيق والنفور وتبقى أنت متحسّرا لأنك لا زلت في مستوى من الجوع العاطفي لن تجد إشباعه عند رفقائك، اللهم إن كانت علاقة مثلية. ومن هنا المدخل الذي تجده أكثر ملاءمة للمحافظة على "الشحنة العاطفية" الكافية بالنسبة لك. وسبب إسقاطك هذا الشعور على الذكور من دون الإناث، نابع عن محاولة تعويضك لعلاقتك مع أبيك وأخيك التي لم تكن كما تصورتها.... هذا رأيي وتحليلي
بالنسبة للزواج، قلتُ أنه سيكون حلا، لكني لن أنصحك بالزواج كحلّ سحري وآنيّ، لا بد من التجهز له، لا بد من العمل على نفسك والذهاب عند مختص نفسي للاشتغال على جوانب شخصيتك وتقدير ذاتك وتتعلم كيف تتخلص من إدمانك للتعلق العاطفي بالناس.
أما عن الهوايات، الخروج مع الأصدقاء ليست هواية، بل قد تدل على غياب الهواية ! إلا أن يكون الخروج بسبب هواية تجمعكم. إن لم تجد وقتا للهوايات الحركية فلا بأس، يمكنك أن تقوم بهوايات من نوع آخر، لا تحتاج حركة ولا جهدا ولا خروجا من البيت وهي كثيرة.
حاول اكتشاف نفسك بعيدا عن "أنا محتاج لمن يدعمني عاطفيا "... حاول أن توسع مداركك في الحياة وتغير زاوية نظرك لها، فهذا وحده الكفيل بتغيير وضعك.
تحياتي إليك.
ويتبع>>>>>>>: مجرد فراغ عاطفي ؟ أم تعلق مثلي ؟ م1