ميول مازوخية : سئمت من نفسي
تحياتي .. مشكلتي بدأت عندما اكتشفت ميول مازوخية لدي تسيطر علي أفكاري ليل نهار منذ أكثر من 15 سنة. لقد أخذت هذه الأفكار أكثر من حجمها في حياتي منذ أن بلغت سن 14 فتحولت إلى هاجس أخشى أنينكشف أمام الناس فأسقط من أعينهم كما سقطت من عين نفسي. لقد تحولت إلى شخص هش ضعيف مشتت الذهن لا يقوى على التركيز لأكثر من 10 ثوان.
أعيش في مخيلتي مع كل فتاة أقابلها وأشعر أنها أعلى مني شأناً. هكذا بدأ الأمر .. بأن أتخيل فتاة ما (الأستاذة في المدرسة مثلاً) وهي تضربني وتؤنبني وتهينني، ومن ثم تطور إلى أن بدأت بأن أشعر بأن كل الناس بلا استثناء متفوقون علي في جميع المجالات، وأنني شخص فاشل ليس له قيمة ولا يستحق الحياة ..
أصبحت شخصاً شديد الحساسية، تثير غضبي صغائر الأمور وأشعر بالإهانة لأي كلمة تُقال قد تحمل معنى سيء وأفكر بها عشرات المرات فأخشى أن يكون قد ازدراني أحدهم بكلامه وأنا لم أنتبه، فإن حصل واكتشفت (عندما أختلي بنفسي) أن أحدهم قد ازدراني بالفعل ولم أستطع حينها أن أرد عليه الرد المناسب أموت غيظاً وأشتم نفسي وأبدأ بضرب ولكم نفسي حتى أُنهك تماما. لقد كرهت نفسي كما لم أكره أحداً من قبل وأكره حتى أن أنظر في المرآة فلا أجدني مبتسماً حتي أعود لأحزن على حالي. لم أعد أقوى على الضحك ولا على الكلام بشكل مُتّسق دون أن أنسى عما كنت أتحدث وأشعر بالغيرة .. بل بالحقد والكراهية لأي شخص ضاحك يسير في الطريق أو مجموعة من الشبّان الذين يقضون أوقاتاً ممتعة وكلما رأيت ناساً سعداء أكثر كلما زاد حزني وزادت غيرتي لأنني غير قادر على أن أكون مثلهم.
عن طفولتي :
كنت دائماً الطالب الذكي الأول على صفه ولكن مع سن 13 انتقلت إلى مدرسة اعدادية في منطقة شعبية فأصبحت الطالب المحبوب من الأساتذة المكروه من الطلاب لأنني جئت من مدرسة أخرى وأصبحت الأول، وكنت نوعاً ما ضعيف البنية فما أكثر المرّات التي ضُربت فيها وكنت موضع السخرية وتعرضت لشتائم كثيرة لم أجرؤ حتى على لفظها أما في المنزل فكان أبي دائماً ما يسخر منّي حين أمرض وحين أبكي ويقول لي أن وجهك مثل (الفسوة) فلم يكن لدي من يدافع عني بل وكنت أخاً أكبر فكان علي الدفاع عن أخي الذي يصغرني بـ4 سنوات لكني لم أفعل وعوضاً عن ذلك كنت أسخر منه وأضربه وأحاول دائماً أن أحطم معنوياته، بل وتعرض مرة للضرب أمامي من شخص كبير بالغ وأنا كنت حينها في 15 ولم أجرؤ على الدفاع عن أخي... نعم أنا شخص جبان، ليت تلك الذكريات تُمحى حتى أنسى من أنا وأبدأ حياة جديدة تماما.
والآن أشعر أنني لا أرغب بأن أوجد في هذه الحياة بعد الان ودائماً ما أتمنى لو أنني أختفي فأنا أخجل حتى أن أموت فلا يكترث الناس لأمري ..
أود فقط أن أختفي.
25/2/2020
رد المستشار
صديقي
يبدو أنه بشكل ما قد حملتك نفسك ذنوباً أو عاراً زيادة عن الطبيعي واللازم منذ الطفولة المبكرة، بالطبع أنت لا تتذكر كيف ومتى حدث ذلك ولكنك اكتشفت آثاره وهي المازوخية التي تتحدث عنها، ارتبطت عندك المتعة أو السماح لنفسك بالمتعة مع الألم الذي يأتي في صورة تشبه العقاب أو التعذيب.
شعورك بأن الجميع متفوقون عليك هو في الحقيقة شعورك أنت بالدُّونية. كلنا نقف في مكان ما بين من هم أقل منا ومن هم أكثر منّا في أي مجال، التحدي والمنافسة المُجدية الحقيقية يجب أن تكون لتحسين النفس والرقي بها. إحساسك بالعجز وبالدونية الذي خلقته أنت في نفسك هو ما يجعلك تحقد على الناجحين والسعداء.... ليس هناك ما يمنعك من أن تكون ناجحاً وسعيداً غير أفكارك وأحاسيسك التي تعتبرها ثابتة وحقيقية ولا حيلة لك فيها، وكأنك بنيت صنماً ثم عبدته ولا تقدر على تحطيمه لأنك أقنعت نفسك بقدسيته مع أنك أنت خالقه في بادئ الأمر.
إذا أردت حقيقةً أن تكون أفضل مما أنت عليه الآن فلا بد أن تبدأ فوراً في تحسين وتطوير نفسك بدلاً من الغيرة والحقد والحسد، الغيرة والحقد والحسد يجعلونك تستمر في الإحساس بالدونية والازدراء.... تنافس مع من هم أفضل منك لكي تكون أفضل مما كنت عليه بالأمس. ليس من المهم أن تكون أفضل منهم بقدر أهمية أن تحسن من نفسك بصورة مستمرة. الوصول إلى الهدف شيء مهم ولكن ما هو أهم هو كيف نتشكل ونتعلم ونتطور ونصقل مهاراتنا في طريقنا نحو الهدف.
ما حدث في الطفولة ليس بهذه الأهمية الآن لأنك لم تعد طفلاً ولقد تغيرت كل ذرة في جسمك عدة مرات منذ ذلك الوقت.. يجب أن تخرج من قوقعة آلام الماضي وتعيش الحاضر لكي تبني مستقبلاً مُرضياً لك.
أنصحك بمراجعة معالج نفسي لتصحيح مفاهيمك عن نفسك وعن الحياة
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب
ويتبع >>>>>>: ميول مازوخية : سئمت من نفسي م