جلد ذات شذوذ جنسي اضطراب في الهوية الجنسية مازوخية دياثة رهاب اجتماعي وسواس
مرحبا بكم أنا فتي في الثامنة عشر من عمري وشديد الوسامة مظهريا، مصري المنشأ (وتحديدا من القاهرة)، منتمي لمستوي اجتماعي متوسط مائل للفقر، مسيحي الديانة، ووزني (بناءا على طلبكم) يقرب للستين كيلوغرام وطول قد يكون مائة وخمس وستين تقديرا، ترددت بالبدأ بشعوري أم بقصتي فاخترت القصة على أي حال، وهي أنني ترعرعت في أسرة مكونة من والدين وشقيقة تكبرني بخمسة أعوام.
لم يحظَ والديّ بعلاقة طيبة فقد كانا كثيرا النزاع والعداء وكانا يودان الانفصال لولا مسؤولية أولادهما، وقد كان والدي بعيدا كل البعد عني وأكاد أجزم أن حديثنا مع بعضنا طوال الأعوام لا يتخطى عدة جمل قصيرة تجمع في صفحتين، فهو بعيد بعدا غريبا مع أنه كان على علاقة أقوى بشقيقتي، وأما والدتي فكانت تفرط في تدليلي وإردائي ملابس الفتيات وتلقيبي بمصطلحات نسائية وخوف مبالغ فيه دفعها لمنعي تماما من اللعب مع أبناء عمومتي ومن الخروج من المنزل وحدي حتى سن قريب، كان المكان الوحيد الذي أذهب إليه (بصحبتها) هو المدرسة بجانب منزل جدتي وفسح الأعياد العائلية، وبخلاف هذا فأنا لم أعرف شكل الشوارع إلا من التلفاز، وبالطبع لم تكن -ولا زالت- لا تسمح لي بجلب أغراض المنزل أو معاونة والدي بالواجبات المنزلية كحمل الأشياء الثقيلة مثلا.
ورغم خوفها الشديد إلا أنها لم تهتم بي يوما أو بإقامة علاقة معي، فقد كانت -نظير شؤمها من العمل ومن خلافها مع زوجها- شاردة العقل باردة المشاعر نحوي مشغولة بهمومها وغير مهتمة لحالي ولا تتجاوب معي كلما تحدثت معها وكانت تتجاهلني بشدة وتصرخ في وجهي رغم شدة حبها لي، وأما شقيقتي فقامت بدور العنف الأبرز عليَّ إذ كانت تصفعني وتحدثني بلهجة دونية وألفاظ انتقاصية مخبّرة إياي كوني فتي بلا أي قيمة وأخذت من أمي الصفات الأنثوية المهينة وظلت تناديني بها، ولم تكن شجاراتنا الشنيعة طوال السنوات (والتي أقسم أني كنت بريئا في أغلبها) مجال إثارة مشاعر والدينا وتدخلهم لمنع عنفها نحوي.
قد أخجلوني بشكل عام، فقد كانوا يسخرون مني كوني كنت فتى كثير التساؤلات وشديد الفضول إن كان بالأمور العائلية أو العامة، خاصة أنهم كانوا بسطاءا للغاية ولا يدركون أغلب الإجابات، أما التساؤلات العائلية فكانوا يتهمونني بالتطفل، وقد ظهرت عليَّ مواهب الرسم والكتابة -قصصا خيالية وأغاني- وموهبة الغناء، الذي كنت أعرضها لزملائي في الفصل في أوقات الفراغ والتي كانت تُستقبل بانبهار شديد، في حين قوبلت بانتقاد والدي وشقيقتي، وأما أمي فلم تعطني الاهتمام الكافي، مما زاد من كراهيتي لهم أكثر.
بدأت من سن صغير جدا بالتشبه بالفتيات، حيث كنت ألعب بدمى شقيقتي وأضع مكياج والدتي وأتخيل نفسي بدور الأميرة خلال الأفلام الكرتونية التي كنت أتابعها (والتي كانت منفذي الوحيد لرؤية العالم بعد تضييق أمي عليَّ)، وبالطبع أغلب تلك الأفلام -هوليودية المنشأ- تعكس الثقافة الغربية، مما أثر على أسلوب تفكيري كثيرا، ومن مساؤي هذا الأمر هو عدم وعيي بعادات وتقاليد مجتمعنا آنذاك، فقد كانت شقيقتي مثلا ترتدي ملابس فاضحة وجريئة لم أكن أعلم أنها تضر من عرضنا كأسرة سوى من سن قريب جدا ! ولم يكن والديَّ يشددان عليها بشيء وهو ما سأتطرق له بالتفصيل..
وفي المقابل، قد ظهر عليَّ بغض شديد نحو الصبية وعدم الرغبة في مخالطتهم بسبب شغبهم وأخلاقهم الفاسدة فكنت أرغب أن أصير فتاة بل اعتقدت أن الخالق سيحولني لفتاة عندما أكبر، كنت أخبر والديَّ أني أكره الأولاد كثيرا بالفصل (كانت صداقاتي تقتصر على فتاتين اثنتين) ولا أرغب أن أكون ولدا، ولكنهما لم يصدرا أي ردة فعل.
بدا الأمر كارثيا بالنسبة لي عند بدأت المرحلة الإعدادية، حيث فصلوا الفتية عن الفتيات في الجلوس بالفصل، فكانت أول مرة أجبر على مخالطة الفتيان، فكنت شديد الانطوائية عديم المخالطة مع أحد ودوما أجلس وحدي بالفصل، ولكن سرعان ما تعرفت على أحد الزملاء سيئي السمعة وفاسدي اللسان وقويت العلاقة بيننا، ولطالما ظننت بسببه أن فساد الأخلاق أمر رائع فبدأت أقبح من طريقتي في الكلام وأسيئ من سلوكي، الأمر الذي عاد على زملائي ومعلميَّ بالمدرسة بالانتقاد الشديد لي بعدما كنت أعرف بالفتى "الأطيب في المدرسة كلها"، وهو ما زادني بهجة إذ شعرت بلفت الانتباه والأنظار لي.
وفي نفس العام وأثناء حصة التربية الرياضية، كنت وحيدا كالعادة لكوني كارها للعب الكرة وللانضمام للصبية عموما، فبدأت بالتمشي حتى وصلت للفناء المدرسي المجاور والذي كان أيضا محجوزا لأحد فصول الصف الثالث الإعدادي في حصة التربية الرياضية، ووجدت هناك أحد الشبان الذي لم يشارك فصله باللعب مثلي وشرعت بالحديث معه بتقبحي المعتاد، وسرعان ما تحول الحديث إلى إصراره على رؤية حجم أعضائنا الذكرية ومقارنتها، فوافقت وذهبنا مباشرة للمبولة نتظاهر بالتبول بينما كنا في الحقيقة نقوم بالاستمناء.
وفي الأسبوع التالي له بنفس الحصة، ذهبنا لدورة المياه من جديد لكني تلك المرة تفاجئت بطلبه أن ندخل إحدى غرف المرحاض لأخذ راحتنا، وعندما دخلنا بدأ يستدرجني ليقيم علاقة لواط معي، وأنا لم أكن أفهم شيئا عن ما يحدث رغم أنني شعرت بإهانة شديدة (جعلني آخذ دور السالب) فبالرغم من كل ما كنت به من فساد أخلاقي لفظيا وظاهريا إلا أنني في عمقي كنت بريئا بالكلية ولا أفهم، وكنت فقط أتعمد أن أكون وقحا حتى أكون "رائعا"، وأجذب الانتباه ليس إلا.
انزعجت جدا مما حدث، وفي الأسبوع المقبل قصد حدوث الأمر مجددا، رفضت في البداية ولكن مع إلحاحه الشديد اضطررت للموافقة (كنت شديد الحساسية بشكل مرضي في تلبية طلبات الآخرين)، وبدأت تتوالى الأسابيع وطوال تلك الفترة وأنا مستسلم لسيطرة قضيبه تماما -عفوا-. العجيب في الأمر أن الفتى اختفى غائبا عن المدرسة لعدة أسابيع بشكل مفاجئ لسبب أجهله.
وعموما، بدأت أنا أتجرأ وأطلب من عدة زملاء لي في الفصل بأن نتبادل رؤية ومسك أعضائنا الذكرية، وبدأت تحدث بيننا تجاوزات شديدة، وكنت لا زلت في البداية أحرج من دور السالب ومن نعتهم لي بألفاظ جارحة ولكن سرعان ما تقبلت هذا، كانوا نحو ستة صبية، ولم يكن أحد منهم يجرأ أن يقول لي "صديقي" قبل حدوث هذا، ورغم أنني كنت عديم الحرص لكنني محظوظ للغاية أنه لم يفتضح أمري بالمدرسة.
(إن كانت تلك معلومات مهمة، أنا كنت أشاهد صورا لرجال عراة منذ سن لا يزيد عن 8 سنوات (وكنت فقط مغرما بالاستعراء لأني لم أعرف العلاقة، واكتشفت العادة السرية وحدي)، وبدأت أشاهد أفلاما إباحية مثلية عن عمر يقرب للـ12)
ومع قدوم الإجازة المدرسية بعد اختبارات الصف الأول الإعدادي، بدأت بالتعرف على عشرات الرجال من الإنترنت خارج مصر وداخلها، وبالعام الذي يليه اتفقت لإقامة علاقة جنسية مع أحد الرجال الذين تعرفت عليهم، وعندما أقمتها شعرت بالندم الشديد (أثر العامل الديني فقط)، وتعهدت ألا أكرر الأمر بل ألا أحدث أحد هؤلاء من جديد.
بقيت مشاعري كما هي مع فارق أنها مكبوتة، وكنت أعشق التذلل والإهانة بشتى أنواعها، وعندما بدأ عقلي ينضج أخيرا وأدركت ما تفعل شقيقتي وعلاقتها بالشباب ولبسها الجرئ، وجهت ميولي أيضا نحوها وعن سخرية الناس لي بسببها وصرت أستمتع بمكالماتها التليفونية المتكررة مع الشباب والذي كان معظمهم من معارفي الذين يهزئون بي بالطبع في سرهم ومحظوظون أني بهذا الضعف والانكسار.
مال قلبي لمحادثة الشباب من جديد بعد فترة -مؤقتا فقط-، وظللت أحدثهم عني وعن شقيقتي ووالدتي أيضا، فكل من يجدني حينها كان كمن وجد كنزا لا مثيل له: فتى سالب وسيم للغاية وديوث على أخته العاهرة وأمه الأربعينية الشابة (بناءا على كلامه)!!
كنت قد بدأت أتعرف على أحد الشباب في إحدى الإجازات الصيفية، والذي أحبني للغاية حتى بدأ يتعلق بي، لكنني كنت أنانيا جدا في علاقتي معه وأظل أنا أتحدث عن نفسي، مع عدم مراعاة لحدود في الأسئلة عنه نتيجة قلة خبرتي بالمجتمع، تلك الأسباب جعلته ينفر مني تماما ويبتعد، وعندما أدركت بشاعة ما فعلت انفجرت من البكاء والشعور بالكراهية للذات وأنني أسوأ من ولدته النساء في كل التاريخ.
(أزلت الحدث التالي الذي كتبته هنا لأنه قد يهددني بكشف هويتي) وما أن اكتشفنا الأمر حتى كانت الصاعقة على المنزل وانهار منزلنا تماما واشتد العداء بين والديَّ أكثر، وكانت شقيقتي شديدة الوقاحة والافتراء معنا جميعا بشكل عام لكن بعد هذا الكارثة تصاعدت لديها مشاعر التعدي والشر والقسوة بالأكثر وخسر والدي كل ما تبقى من احترام ضئيل كان له... لا يوجد شخص في المنزل أقوى منها، إن أبي هو أضعف من فينا وهو أيضا لا يستطيع القيام بشيء عموما كوالد فهو لا يقوم بدور الأب على أكمل وجه وضعيف التركيز جدا.... وقد ساءت الأحوال كثيرا وصارت خارج السيطرة منذ عدة أشهر.
أنا أكره أنني ذكر أنا أكره جنسي منذ أن كنت صغيرا وازداد كرهي هذا أكثر، أكره الرجال عموما وأراهم قوما من المتردين الأشقياء الأشرار القبيحين، أنا فقط أحب من يحبني منهم، لا أتقبل ولا أتحمل أنني ولدت ذكرا وأظل أبكي بشدة لتلك الحقيقة الشنيعة بشكل يومي، شخص ضعيف للغاية لا أستطيع القيام بشيء وحدي (مثلا دفع المصاريف المدرسية أو حفظ شوراع منزلنا أو التعامل مع الغرباء أو إنشاء البطاقة) ولا يستطيع التحدث دون تلعثم وضعيف جدا في الحوار وفتح المواضيع، انطوائي للغاية وغريب الأطوار، عاشق لكل أشكال التذلل والإهانة والدونية، أكره نفسي بشكل لا يمكن أن يفهمه أحد أكثر من العمى والمرض والوباء والنار مجتمعين، أكره أسرتي وأكره المجتمع.
لا أعتقد أنه يوجد شخص أسوأ مني، أسوأ من مشاعري ومن حزني وغضبي وفرحي، جميعها مقززة حمقاء سخيفة غبية ملعونة، أكره أيضا مشاعر الناس وأعتبر الجميع أغبياء وحمقى ولكن ليس بقدري ولا بمستواي، العجيب في الأمر أنني أول من يتذمر ويبكي عندما يحزن أحدهم ولكنني أيضا أشعر بشيء من التقزز في اللحظة ذاتها.
لا أريد أن أنفرد بعشيق واحد فقط بل بعدة عشقاء في آنٍ واحد (بولي)، مع وجود "عشيق أساسي" يكون لي و"لأسرتي" ! شخص موسوس للغاية لا يصدق أبدا أنه أدى أمرا ما بشكل جيد سواء مذاكرة أو رسم أو غيره ويعتبر كل ما يقوله ويفعله هو غبي وكل كلامه غبي وكان يمكن أن يقال بصورة أفضل، ويعيد تكرار الكلام مع الناس والصلوات حتى يتأكد أنه قالها بشكل صحيح.
أتعرض لنوبات اكتئاب على فترات متفاوتة، حيث أكره الحياة وأفقد الشغف في جميع الأشياء التي أجد متعة في فعلها وأدخل في نوبات نوم لساعات دون رغبة في الاستيقاظ مع الانعزال وعدم الخروج من المنزل. وليست لدي أي طموحات في المستقبل وأفزع منه ومن فكرة أنني قريبا سأدخل الجامعة وسأكون رجلا سخيفا، أكره مصيري ومجتمعي وجسدي وكل شخص وشيء يجعلني رجلا، أنا لا أطيق الكلمة من الأساس وأتجنب أن أتلفظ بها.
دائما ما أجلس في المساء وأظل أكره نفسي وأمزقها وأجلدها وأبكي وأصفع نفسي بقوة وأعض على ذراعي، كلها أشياء كانت على مدار هذين العامين، في فترة قريبة تعرفت علي عدة أصدقاء لطفاء من الجنسين، لكنني لم أشك لحظة أن جميعهم يعاملونني بحب ظاهري بينما هم جميعا في الحقيقة يكرهونني ولا يطيقون رؤيتي، وسرعان ما فقدت الرغبة في الحديث معهم تماما -بعد أن كنت بدأت أتقبلهم- بعد مرحلة الاكتئاب الأخيرة وكره الناس (بشكل أعمق) وكره الذات وفقدان الرغبة في الحياة.
أقسم بذاتي أنني لم أكذب بحقيقة واحدة مما ذكرت وأن جميعها صحيحة وأن كان لدي موهبة في الكتابة فأنا حاولت أن تجنبها وألا أجعل القصة درامية بقدر الإمكان حتى تتمكنوا من تصديقي، وجميعها حقيقية حتى الأعمار الصغيرة جدا التي ذكرتها كانت حقيقية.
أتمنى أن أكون ذكرت التفاصيل المهمة كما هو مطلوب
آسف جدا جدا جدا على الإطالة وشكرا جدااا لكم
12/3/2020
رد المستشار
الابن السائل: برزت مع القرن الواحد والعشرين مدرسة في العلاج النفساني تستند إلى نموذج نظام العائلة الداخلية وتفترض هذه النظرية أن العالم الجواني للإنسان يتكون من أجزاء تقسمها بين أجزاء تدير وتتحكم، وأجزاء تطفئ حرائق الصراعات الداخلية، وتحاول تسكين آلامها، أجزاء منفية - مضغوطة – مجروحة. وتفترض نفس النظرية أن هناك "مايسترو" موكل بالقيادة السليمة الصحية لهذا النظام تسمية الذات Self، ويسعى العلاج إلى تجديد واستعادة قيادة الذات للنظام، وإلى ترتيب واتساق وتناغم أدوار وأفعال الأجزاء مع بعضها، والنظرية شيقة جدا، وستجد مجموعة -جروب- على الفيسبوك مهتمة بالحوار بين المهتمين والمعالجين بها، لعل لغتك الإنجليزية تسعفك في ملاحقة ما ينشر عليه.
سأتكلم بلغة ومصطلحات هذه النظرية محاولا تأمل وتفهيم نظامك الداخلي. الجزء المنفي في نظامك الداخلي هو هذا الذي يحمل تاريخ الاغتراب، والإهمال، والبرود العاطفي، والتعنيف، والانتهاك، والإذلال، والتدليل المفسد، والمشاعر الباردة أو الاعتمادية.
وعلميا فإن كل إنسان ذكرا كان أو أنثى يحمل مزيجا بيولوجيا ونفسيا من مكونات الذكورة، والأنوثة، والتربية الصحية السليمة، والبيئة السوية في الأسرة، والمجتمعات تدرك هذه الحقيقة، وتنسج برامجها على منوال تنمية وتوظيف هذا وذاك لمصلحة تكامل مبدع هو ما يتطور بوصفه تكاملا خلاقا.
التربية في أسرة فاشلة، ومجتمعات فاشلة، وثقافات مشوهة مرتبكة، وخطط وتراكيب تسلطية باردة من المتوقع ألا ينتج هذا التكامل، ولا الإبداع، ولا التطور، بل أشكال من التشوهات، وأنواع من الانحراف، والنكوص، والإعاقات في النمو النفسي، والروحي، وهذه حياتنا بدون إغراق في التعميم لكن الفشل هو الشائع حتى أنني أردد مقولة المتصوفة: لا تعجب لمن هلك كيف هلك، ولكن لمن نجا، وكيف نجا!!
لكن الاكتفاء بلوم الثقافة والتنشئة والأسرة والمجتمع والسلطة هو من قلة الحيلة، خيبة الأمل، وفساد التدبير، لأن المعرفة متوافرة، والوقت متسع، والتدريب ممكن، والفرص متاحة أفضل من ذي قبل.
أعود لعالمك الداخلي لأقول أن المكون الذكوري فيك قد تلقي قمعا، وتضليلا، وانعدام احترام، وغياب تدريب لأسباب وخلفيات ودوافع تفضلت بوصفها، بينما المكون الأنثوي قد تلقى احتفاءا، وتدريبا، وممارسات عززت من قوته حتى صار الأغلب، ويكاد أن يكون الأوحد، وبالتالي مفهوم جدا أن تكره الرجال، والرجولة، ولا ترى فيها أو فيهم إلا القبائح، والعيوب، والنقائص – هكذا بتعميم فادح لا منطق فيه، ولا علم، ولا نضج، ولا حكمة.... ومن أين ستأتي هذه المسوغات إلا بمعرفة، وتدريب!!
عندما يأتيني زائر في عيادتي يبحث عن علاج أو تعافي أقول له: أمامك سكة سفر، هي رحلة الحياة التي تبدأ بوقفة تأمل مثل تلك التي بدأتها أنت برسالتك هذه، والخطوة التالية أن تمسك بزمام أمرك، ومسؤوليتك عن نفسك، وحياتك.
بالتدريج أرجو أن تؤمن بأن صورتك التي تكونت عبر الانتهاكات، ومحاولات إرضاء الآخرين، وعبر التحقير والتصغير، والإهانات.... كلها صور زائفة، وأن حقيقتك هي – مثل حقيقتنا جميعا – تلك البراءة، والشغف، والفضول، والتساؤلات، والإبداع، والتكامل بين ذكورة، وأنوثة.
والصور الزائفة ترتبط طبقا للنظرية سالفة الذكر بأجزاء تطغى بداخلنا، وتخطف القيادة من ذواتنا المبدعة الناضجة الشجاعة المتسقة الشغوفة. والسلوكيات المذمومة هي طرق لتلبية احتياجات أصلية وإنسانية مثل الاهتمام، والحميمية والشغف والقبول، ولكن هذه الاحتياجات لم تصادف في حالتك أية خطط لطرق مقبولة أو ناضجة، ورحلتك في الحياة الواعية تشمل استكشاف أجزائك، واحتياجاتك، ومشاعرك، وتركيب صور جديدة لنفسك تكون أقرب إلى حقيقتك الأصلية المتوارية تحت ركام تشوهات العلاقات المسيئة، والتصورات، والممارسات غير الصحية.
تعرفت أنا خلال السنوات والأشهر القليلة الماضية على برامج مشورة نفسية تابعة للكنائس، وإذا كان إخواننا من البروتستانت قد لحقوا، وبرامجهم الآن تنتشر باتساع البلد، فهل تعلم شيئا عن هذه البرامج؟!بالطبع أنا لم أسمع ممن استفادوا من خدمات هذه البرامج عن مدى فاعليتها، ولكن يعجبني ما أراه من جهود مبذولة فيها، وبخاصة أنها تربط بين الدين، وبين تحليل العلة، وبرامج التعافي.
أشير أيضا إلى سلسلة كتب قام على ترجمتها الأخ والزميل الشاب د. شهاب الدين الهواري، ومؤلف الكتب ينطلق من روح لا تفصل بين العلم، والخلفية الدينية – المسيحية "في حالته" لكن الكتب موجهة للجميع في تحليل المثلية، وبرامج التعافي منها، لمن يريد، وجهود الأخ والزميل د. أ وسم وصفي، وكتابه عن المثلية، والشفاء منها، أقدم وأشهر.
وقد حاولت في إجابتي عليك أن أنظر من عيون نظرية "نظام العائلة الداخلية"، وقد تتعدد زوايا النظر للمسألة الواحدة.
أمامك يا عزيزي إذن "بوفيه مفتوح" من المعرفة، والخبرات، والخطط، والبرامج، ولعلك تختار أنت نقطة البدء التي تناسبك، وأشكرك على لغتك العربية السليمة – إلا قليلا – وعلى حسن أسلوبك الذي أرى أنه جانب من الجوانب التي تحتاج منك إلى تنمية واستثمار، وتابعنا بأخبارك، ودمت بخير.