وسواس الطهارة
السلام عليكم، إني في حالة يرثى لها، لم أعد قارة على التحمل ولم أعد أريد العيش. فقدت لذة كل شيء، الصلاة والأذكار والقرب من الله. أعاني من مشكلات عدة ولا أعلم من أين أبدأ. أعاني من وساوس شديدة في الطهارة وانتقال النجاسات، السبب الرئيسي يعود لمشاكل لدي في البول حيث أصبت بتعدد اتجاه مجرى البول ويصيبني رذاذ واضح من البول على الفخذين بالإضافة إلى سيلان البول إلى الخلف وأحياناً يصل الأمر إلى سيلان البول إلى فخذي ومن ثم إلى المقعد الإفرنجي، فقولوا لي بربكم كيف أستنجي في هذه الحالة!
بالإضافة إلى أني اصاب برذاذ الماء أثناء الاستنجاء نتيجة لأني أغسل مواضع النجاسات وأحاول إيصال الماء إلى تلك الأماكن وبالتالي أشك في كون هذا الرذاذ نجس أيضاً، أغسل نصفي السفلي بعد كل عملية استنجاء، لم أعد أطيق نفسي وأصبت بوسواس الماء المرتد من النجاسة عندما أغتسل بسبب وجود البول على الفخذين فأضطر بعد أن أغسل نصفي السفلي إلى أن أغسل جميع الأشياء الموجودة في البانيو من الحنفيات وصنبور المياه والستارة وكل شيء.
وهذا الأمر يزداد سوءً أثناء الدورة الشهرية وأخاف كثيراً قبل أن تأتيني وأخاف أن يسيل البول إلى أرجلي والمقعد الإفرنجي أثناء الدورة لأن هذا الأمر قد حصل معي وأخذ مني الأمر ساعات في الحمام وأنا أغسل وأنظف لأني لا أستطيع أن أغسل نفسي بسهولة كما في الأيام العادية، وأثناء الدورة تأخذ مني عملية الاستنجاء ساعة ونصف وهذا لأني أعتمد طريقتي المعتادة لكي أصب الماء على جميع الأماكن لكن ألمي يكون متعباً أكثر لأني أضطر لغسل يدي بعد الاستنجاء من الأمام ثم أضطر إلى الاستنجاء من الخلف وغسل يدي وذراعي مرة أخرى وأخيراً أغسل الحنفيات بسبب الماء المرتد عندما غسلت يدي،
وأتوتر كثيراً في الأيام الأخيرة من الدورة، فأحياناً أمسح بعد الاستنجاء فأجد شيئاً أبيض لكني لا أستطيع أن أميز إن كانت القصة البيضاء أم لا بسبب الماء، فعادتي كانت 7 أيام ثم أصبحت دائماً أجد صفرة أو ينزل أبيض مع صفرة وبعدها تمتد الصفرة إلى 9 أيام فلم أعد أعلم شيئاً.
بالإضافة إلى الوسواس أثناء الغسل من الحيض أو من الإفرازات كالمذي لأني أضطر لأن أستعمل يدي لأزيل الأشياء العالقة بين الشفرتين وما شابه فيصيبني وسواس بأن كل شيء حولي أصبح نجساً بسبب ارتداد هذه النجاسة أثناء عملية الغسل وأعاني كثيراً أثناء الدورة من طهارة ملابسي فأكون في شك دائم أني لم أزيل البول أو أن هناك أماكن لم أقدر أن أوصل إليها الماء وبالتالي أكيد ملابسي نجسة وأصاب بالوسواس عندما أجلس على شيء وأنا بتلك الملابس أو عندما ألمس ملابسي وألمس شيئاً آخر فأشك في نجاسة كل شيء.
أصبحت أكره الدخول إلى الحمام وأحبس البول أحياناً وأضع فوط يومية بشكل دائم حتى أثناء النوم لأني أخشى أن أستيقظ فأجد إفرازات على ملابسي لأني أشك كثيراً في نزول المذي ولأن المذي نجس يشق عليّ كثيراً تطهير الملابس إذا أصابها شيء وأضطر إلى غسل المغسلة والحنفية بشكل كامل بعد الانتهاء، لكن أصبحت أضع تلك الفوط بشكل أساسي بسبب البول أيضاً فعندما أستيقظ من النوم أجد حاجة مُلحّة إلى الذهاب إلى الحمام وأكون لا أقدر على أن أمنع نفسي فأبدأ بحصر نفسي ومدافعة البول وأثناء ذلك أشعر أن بعض البول ينزل مني ومع إني أضع فوطة أشعر أحياناً أن هذا البول عندما ينزل يسيل إلى الوراء بعد هذه الفوطة ولا أعلم كيف لأني فعلاً مرة وجدت بلل في تلك المنطقة على ملابسي الداخلية، ويحصل لي ذلك أيضاً أثناء النهار لأني أكره دخول الحمام فأبقى أؤجل موضوع دخولي لكن مرة شعرت بنزول شيء أثناء الحصر والمدافعة ووضعت يدي على بيجامتي وأحسست ببلل ولم أعلم إن كان بولاً أم أني تخيلت الأمر فلم أبالي به ومسكت الكثير الكثير من الأشياء بعد ذلك ونمت في فراشي، فأخاف أن يكون ذلك كان بولاً وأن أكون استهترت والآن تنجس كل شيء.
أخاف جدا أن أدخل الحمام وأن يسيل البول إلى رجلي وإلى المقعد الإفرنجي لأني لا أعلم كيف يحصل ذلك فأنا أغلق رجلي وركبي أثناء البول لأمنع الرذاذ، وذهبت إلى طبيبين وأجريت فحوصات ولم يجدوا شيئاً، لا التهابات ولا شيء يسد مجرى البول، آخر شيء قاله لي الطبيب أن غشاء البكارة قد يكون السبب وقال انتظري حتى تتزوجي وأنا في الأصل أرفض الزواج بسبب هذه المواضيع كلها فكيف لي أن أربي أطفالاً في وسط مشاكلي هذه؟! ومن سيتحملني؟!
فقدت القدرة على فعل كل شيء، أمي وأبي يخاصمانني دوماً بسبب ما أفعل ولا يفهمون أني لا أقدر على فعل شيء. أشعر أن الله يكرهني ويعاقبني، أشعر أنه لا يريدني، فأنا مصابة أيضاً بانفلات الريح وتصيبني الغازات من أي شيء قد آكله فخسرت أيضاً الخشوع في الصلاة.
وفوق هذا كله أصبت بوسواس مخارج الحروف في الصلاة فأصبحت صلاة الفجر التي هي ركعتين فقط تأخذ مني نصف ساعة وأحياناً ساعة، قرأت كثيراً ويقولون حركي لسانك وشفتيك لكني لا أستطيع، أشعر أني أختنق وأشعر بثقل في لساني عندما أفعل ذلك، وحتى عندما أقرأ بصوت عالي أشعر بألم في صدري وتخرج مني الحروف والكلمات بصعوبة وأعيد الآيات والركعات.
يقولون أن الصلاة هي لقاء خاص بين العبد وبين الله، أشعر أن الله لا يريد لقائي، لم أكن هكذا، لم أقطع صلاتي أبداً وكنت قد بدأت بحفظ القرآن وقراءة الأذكار بعد كل صلاة ثم سافرت وعائلتي إلى ألمانيا وبدأت مشاكلي لأني لم أكن معتادة على المرحاض الإفرنجي، فبدأت مشاكلي مع الطهارة والصلاة، والآن أصبحت أقطع في صلاتي لأنه توجد أيام لا أحتمل فيها. إني على هذه الحالة منذ أكثر من سنتين، لم أعد أحتمل وأريد الموت، أفكر كثيراً بالانتحار لكني أخاف الله.
لا شيء أحب إلى قلبي من أن أصلي وأصوم وأحفظ القرآن والله يعلم هذا ويعلم كم أتألم لأني أرى كل الناس يعيشون بطريقة طبيعية ويعبدون الله كما يجب وأنا لا أستطيع. رأسي لم يعد يحتمل، لم أعد أريد هذه الدنيا، تعبت.
أعتذر وبشدة على الإطالة،
أرجوكم ساعدوني وأجيبوني.
19/4/2020
رد المستشار
أهلًا وسهلًا بك يا "نادين" على موقعك، وأعتذر للتأخير، فلم أستطع الإجابة على أية استشارة في رمضان، فسامحيني
أتفهم معاناتك تمامًا، ولست الوحيدة التي يسيل البول عندها على الفخذين أو ينتشر رذاذه، فعلًا هناك عدد من النساء يعانين من ذلك.
وأتفهم أيضًا أن المرحاض الأجنبي مشكلة في هذه الحالة؛ خاصة أن إلصاق الركبتين لم ينفع معك.
لاحظي أن البول يستحيل أن يدخل بين جسمك والمقعد، فالرذاذ أو ما يسيل من بول سيبقى في المكان المكشوف من فخذيك ومن المقعد، ومن السهل رش المكان المكشوف بالرشاش، مجرد رشة بسيطة تزيل البول، وأما الماء المنفصل بعد الرش فهو طاهر، لأن الرذاذ الموجود يستحيل أن يغير صفات الماء الذي جرى على جسمك. هذا في الأيام العادية، أما في وقت الحيض فالمشكلة تكمن في استمرار نزول الدم أثناء الاستنجاء، وبالتالي يدخل الوسواس من باب أن الماء يحمل النجاسة وينشرها بدل أن يزيلها.
الحل الأمثل هنا أن تضعي -بعد الاستنجاء- محارم ورقية بين الشفرين، فيتوقف تدفق الدم، ثم ترشي النجاسة على فخذيك كما في الأيام العادية، ثم جففي المنطقة بمنديل أيضًا، وقومي، ولن يتقاطر أية نقطة على الأرض أو على ثيابك، ولن تتجاوز النجاسة مكان خروج الدم. وتذكري دائمًا أن النجاسة الجافة لا تنتقل، يعني حتى لو أصاب ثوبك نقطة ماء متنجسة بالدم، ثم جفت هذه النقطة، فإنه لن ينتقل شيء إلى الكراسي، أو إلى يدك إن أمسكت الثوب، أو غير ذلك....
وأما غسالة النجاسة، أو الماء المرتد، فليست نجسة دائمًا: وفي الحالة التي تسألين عنها: وجود رذاذ البول، أو أثر سيلانه على الفخذ...، في هذه الحالة إذا قمت برش النجاسة، فإن الماء الذي ينفصل عن مكانها يكون طاهرًا، فلا تخافي.
بالنسبة لانتهاء الحيض، وما ترينه من صفرة مختلطة مع بياض، وبقاء حيضك تسعة أيام....، فمن الطبيعي تغير العادة بين الحين والآخر، ولا يعني البياض شيئًا طالما ترين معه أو بعده صفرة فيها أثر الدم، كأن تكون داكنة لا ترين مثلها أيام طهرك، أو يكون صفارها ضاربًا إلى الاحمرار. أما الصفرة الفاتحة الصافية التي ترين مثلها عادة أيام الطهر فهذه معدودة مع الطهر لا تضر إن صاحبت البياض أو خرجت بعده.
ثم ذكرت أنك تعانين من انفلات الريح، هل هو القولون العصبي؟ أم علة أخرى عضوية تجعل الريح عندك لا يتوقف عن الخروج، ولا تجدين وقتًا كافيًا للوضوء وأداء الصلاة دون خروج ريح؟ أعني لا يمر عليك عشرة دقائق، أو ربع ساعة دون أن يخرج منك شيء لا إراديًا؟ إن كان الأمر كذلك فأنت دائمة حدث. إذا دخل وقت الصلاة تتوضئين وتبادرين فورًا إلى الصلاة، وصلاتك صحيحة حتى لو خرج الريح أثناء الوضوء أو الصلاة. أما القولون العصبي الذي يسبب الانتفاخ الكثير الشديد، ويزيد عند التوتر والقلق، فهذا ينبغي علاجه مع علاج الوسواس والاكتئاب الذي لديك، ولا مفر يا عزيزتي من الذهاب إلى الطبيب مع هذه الخلطة من الأمراض المتعبة.
بالنسبة لمخارج الحروف والقراءة في الصلاة، لا تحاولي أن تتكلفي ما لا تستطيعينه، فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، اقرئي بنفس الطريقة التي تتكلمين بها الكلام العادي، وهي مقبولة منك بإذن الله. حتى لو لم تسمعي نفسك الحرف، فالقراءة صحيحة ومقبولة عند المالكية، المهم تحريك اللسان والشفتين....، لا تحاولي التدقيق والانتباه إلى الأحرف ومخارجها وصفاتها، واصرفي تفكيرك إلى تدبر المعاني، اقرئي تفسير الآيات من تفسير مبسط كتفسير الجلالين، ثم قفي في الصلاة وتذكري المعاني أثناء تلاوتك للآية.
أؤكد عليك وبشدة ضرورة ذهابك إلى الطبيب، وأرجو أن يتيسر لك طبيب مسلم ليتفهم وساوسك الدينية هذه. وإن لم يتيسر فالعلاج الدوائي للوسواس واحد بغض النظر عن محتواه، وكذلك الاكتئاب.
كان الله معك بتوفيقه ومعونته، وكل عام وأنت بخير