أنا حائر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أشكركم على هذا الموقع الرائع بكل المقاييس. أنا شاب ملتزم يعيش في أسرة ملتزمة ووالدي أيضاً ملتزم ولكنه يعاني من مشكلة عدم استطاعته إظهار مشاعر الحب والعطف والحنان بأي شكل من الأشكال بسبب أنه نشأ محروماً من مثل هذه المشاعر، والسبب الآخر أنه يرى أن هذه المشاعر نوع من الميوعة والدلال الزائد فنشأت أنا في حياة بلا عطف أو مشاعر من والدي، لكن والدتي إنسانة عطوفة ورحيمة فعوّض هذا بعض الشيء.
سأتكلم عن مشكلتي الأساسية ثم أتكلم عن العادة السرية ثم ارتباط المشاعر بالشهوة وأخيراً سأتكلم عن الخيال.
أولاً: المشكلة الأساسية، بدأت مشكلتي في الصف الثاني ثانوي حيث أتى أستاذ ملتزم (ملتحي) وكبير في السن وكان عطوفاً ويشرح لنا بإخلاص وكان يبتسم لي دوماً لكن مع نهاية الفصل أحسست بشعور الفقد وبألم غريب في داخلي (أود أن أبقى معه أبد الدهر)، استمر هذا الألم لأسبوع إلى أسبوعين بعد نهاية الدراسة ثم تلاشى تدرجياً بسبب إدماني لقراءة الروايات وغوصي في عالمها هرباً من الواقع، تكرر نفس الأمر في السنة التي تليها مع أستاذ آخر وبنفس الطريقة. بعدها دخلت الجامعة (تخصص شرعي) ولم أعاني أي مشاكل في المستوى الأول من الجامعة، لكن في المستوى الثاني بدأت المشكلة الحقيقة،
درّسنا أستاذ من أصدقاء والدي القدامى واهتم بي بشكل كبير جداً جداً حيث كان متواضعاً بشكل كبير جداً مع الطلاب ومعي أنا بشكل خاص حيث كان بعض الأحيان يراني مع زملائي أمشي فيناديني ويشبك يده بيدي ونمشي في ممرات الجامعة (وكأنني صديقه) ويقوم بإعطائي نصائح عامة أو ملاحظات لاحظها هو عليّ بأسلوب لطيف، حاولت أن أكون مجتهداً في المادة التي يدرسها هو وكنت الطالب الوحيد الذي حقق الدرجة الكاملة من بين كل طلاب القاعة (لأنني ذاكرت جيداً واستحققت تلك الدرجة فعلاً)، بدأت المشكلة عند قرب انتهاء الفصل وتحديداً المحاضرة الأخيرة، أحسست بألم فقد شديد في داخلي (أكبر من كل الآلام السابقة)، وعندما أخبرني أصدقائي أن هذا الأستاذ غالباً لن يدرس في المستويات القادمة أحسست بفقد الشهية وأدخلت نفسي متعمداً في نوبة حزن وذهبت إلى البيت وصرت أرفض الاكل والشرب (لأنني أريد من عائلتي أن يسألوني عن مشكلتي وأحكي لهم)، لكن عندما سألوني لم أستطع مصارحتهم بما في داخلي، اتصلت بأصدقائي وأخبرتهم فكانوا ما بين مستهزئ ومهدئ، قررت أن أتحين الفرص لرؤيته بأي ثمن فقمت بتصميم مُلخّصات للمادة وراسلته عن طريق الإنترنت لأعرف رأيه (الهدف أساساً كان فقط مراسلته)، بعدها دخلت في دوامات حزن بسبب أنني لم أستطع رؤيته، بعدها بشهر جاءت فكرة لموضوع ما في رأسي فقررت أن أقوم باستغلال هذا الموضوع لمقابلته وفعلاً قابلته، اذكر أن ذلك اللقاء كان من أجمل لحظات حياتي على الإطلاق بالرغم من أن مدته لا تزيد عن الخمس دقائق،
بعدها قمت لمدة شهر بالقراءة في كتب هذا الموضوع وعملت ملخص من ٧٠ صفحة عن هذا الموضوع (موضوع تربوي) وأعطيته هذا الملف وبعدها بـ ٣ أيام أرسل لي وطلب مقابلتي وفعلاً كانت هذه أول زيارة لمنزله وكانت من أجمل لحظات حياتي، وفعلاً كان الأستاذ مُطّلعاً على كثير من الأساليب التربوية وكان الحوار قوياً بيني وبينه، بعدها بشهر تقريباً أرسل لي وقال أنه يعطي دروس مجانية في تخصصه مع مجموعة من الطلاب في منزله (هذا الأمر موجود أيضاً لدى عدة أساتذة ممن يقومون بتدريس العلوم الإسلامية)،
وكنت فرحاً جداً لكن دخلت في حالة مؤلمة من الانتظار فقد كنت وقتها أعد الأيام وأتحرّق شوقاً إلى لقائه، وحتى عندما كنت أجلس عنده كنت أحرص على الآتي:
١. أن أكون قريباً منه.
٢. أنظر إليه كثيراً.
٣. أعد الدقائق المتبقية على نهاية لقائنا بألم.
وبعد أن ينتهي اللقاء أجلس منتظراً اللقاء الأسبوعي القادم بحرقة، إلى أن جاءت فترة قرر الأستاذ أن تكون فترة إجازة وكانت هذه أسوأ فترات حياتي حيث أنني كنت أمر من عند منزله يومياً بالرغم من معرفتي أنه مسافر لأنني أقول لنفسي ربما قرر العودة وعاد وهكذا، وهنا بدأت أنتبه للمشكلة وعادت إليّ نوبات الحزن والألم والاكتئاب، قررت الذهاب إلى طبيب نفسي وذهبت إليه فعلاً وأعطاني دواء ديروكسات ١٢ جرام وبعدها بشهر ٢٥ جرام وبعدها طلبت تغيير الدواء فغيره إلى ديرباليكس، وتركت الأدوية وبعدها طلبت مقابلة طبيب سلوكي وتحاورت معه عدة مرات ولم نصل إلى نتيجة إلى الآن.
في إحدى المرات مع الأستاذ عندما انتهت ودّعني لأنه سيأخذ إجازة لمدة 4 أشهر وعندما وصلنا للباب أحاطني بيده على عنقي ووضع يده على كتفي الأخرى (بطريقة تشبه الاحتضان أو تشبه الأصدقاء عندما يمشون بجانب بعضهم)، أحسست بشعور هدوء كبير وقتها وبعد أن خرجت من عنده أحسست بسكينة وهدوء لم أحس في حياتي بمثلها أبداً وكأن بحري المُتلاطم توقف فجأة وسكن، وقررت أنه في المرة القادمة التي أقابله فيها سأحتضنه ولكنني قابلته ولم أستطع أن اقوم باحتضانه لأنني ترددت جداً في فعل هذا الفعل. مشاعري تجاهه مثل مشاعر طفل صغير يرغب من أبيه أن يقوم باحتضانه والتربيت على رأسه،
أحس أنه من حقي أن يحتضنني هو لأنني لم يحتضنني والدي منذ صغري، وأحس أنه بمثل والدي، يمكنني أن ألخص حالتي بجملة: أنا بالغ بعاطفة طفل. هل مشاعري تجاهه مشاعر شذوذ؟ هل يمكنني سد هذه الفجوة في داخلي؟ وكيف؟
ثانياً: موضوع العادة السرية:
بدأت العادة من سن الـ 12 سنة، وللأسف كنت دائماً أتخيل والدي في ممارسة العادة، وأشاهد الإباحية بشكل نادر جداً وأحس بوخز تأنيب ضمير شديد جداً قبل وبعد مشاهدة الإباحية أو ممارسة العادة، لم يقتصر على هذا بل زاد الموضوع إلى درجة نظري إلى مؤخرات الرجال في الشوارع بشكل كبير، توقفت عن هذا منذ 3 سنوات (بعد مقابلتي لهذا الدكتور وتأثري به)، أيضاً كان يحصل مني تجسس على والدي بعض الأحيان في غرفة النوم ولكن توقفت عن هذا، أحس أن مشاعري الجنسية اشتبكت مع مشاعري العاطفية، ولكن أنا لا أحس بأدنى انجذاب جنسي إلى هذا الدكتور بأي شكل من الأشكال.
هل رغبتي باحتضان هذا الدكتور لي تمثل رغبة جنسية شاذة أم رغبة عاطفية طفولية؟ حالياً الدكتور في إجازة وأنا أتواصل معه كل شهر تقريباً، توقفت عن حالة الترقب والدخول في حزن لأنني تعلمت من المرات السابقة أنه لن يهتم بك سوى نفسك لكن أصبح هناك هاجس خفي في التفكير في المواقف الماضية معه والمواقف المستقبلية.
رابعاً: بالنسبة للخيال أنا إنسان حالم أحب الخيال وقارئ نهم للراويات الخيالية وخاصةً البوليسية منها، ودائماً أتخيل كل شيء يحصل لي وخاصة أتخيل أن هناك حوار بيني وبين شخص ما (غالباً هذا الدكتور) عن أي موضوع وأتخيل رده ثم ردي وهكذا (هذا الشيء أفادني جداً في حديثي مع هذا الدكتور وغيره) حيث أصبح الناس يقولون أنني إنسان ذو تفكير عميق وأن كلماتي مؤثرة فيهم لأنها مرتبة جداً، لكن هذا الخيال أصبحت أستخدمه في كل مكان لدرجة أنني صرت أتكلم مع نفسي بصوت عالي وربما أبتسم دائماً لأنني عشت موقفاً جميلاً في خيالي، ودائماً يقول من حولي "لماذا تضحك مع نفسك؟!"
أيضاً أستخدم هذا الخيال لتخيل حدوث موقف أن هذا الدكتور يصبح بخطر كبير وبعدها يأتي البطل المغوار (مُحدّثكم) وينقذ الدكتور من الخطر.
أعتذر جداً على الإطالة في هذه الاستشارة المبعثرة.
لكم مني خالص التحية.
9/5/2020
رد المستشار
شكراً على مراسلتك الموقع.
لم أجد في استشارتك ما يشير إلى اصابتك باضطراب نفسي، وإنما إشارات إلى تأزُّم تعلقك بالآخرين. التعلق العاطفي بالآخرين يتم بنائه في مراحل الطفولة ولا شك بأن تعلقك بوالدك لم يكن آمناً. في نفس الوقت حين تبدأ عملية النضوج العاطفي في مرحلة المراهقة ينتبه الإنسان إلى تأزم تعلقه بالآخرين ويراجع ما حدث له في الطفولة ويربطه بسلوكه في الحاضر. أنت بلا شك مدرك بأن تعلقك الطفولي بمن هو أكبر منك تعلق غير صحيح وبدأت تشعر بالتنافر منه ولذلك كتبت إلى الموقع. لا تزال أيضاً تعيش في عالم خيال طفولي إلى اليوم، هذا أيضاً يعكس عدم النضوج العاطفي.
رغم كل ذلك فإن عملية النضوج بدأت الآن وعليك أن تراجع مشاعرك وتصرفاتك وتفعل ما يفعله الآخرون في عمرك. توسع شبكتك الاجتماعية وتطور نفسك فكرياً في شتى مجالات الحياة وتحافظ على إيقاع يومي منتظم. وأضيف لا تراجع طبيباً نفسانياً.
وفقك الله.