أعاني مما أُسمّيه "بلاهة اجتماعية"
السلام عليكم. أنا فتاة في ال 23 من عمري، عشت طفولة قاسية نوعاً ما فعائلتنا مفككة ولا تنتهي النزاعات فيها وقطع العلاقات، تطلّق والداي منذ أن كنت في سن الرابعة وعشت وأختي وأخواي الاثنان مع والدي في بيت جدي وجدتي وكانت هناك عمتي أيضاً، أما أمي فأصبحنا لا نراها إلا بين الحين والآخر والآن للآسف لا نكاد نراها لأنها لم تعد تتعرف علينا فأهلي من جهة أمي يعانون من الأمراض العقلية، أما أهلي من جهة أبي يعانون من أمراض السكري والضغط.
في البيت جميعهم عاملونا بقسوة رغم قولهم أن هذا لمصلحتنا لكنها كانت قسوة فظيعة بالنسبة لعمرنا فقد تم ضربنا وشتمنا لأتفه الأسباب، والدي كان حنون لكنه لم يستطع حمايتنا من جدي وجدتي وعمتي. كنت الأولى والأذكى في المدرسة وأشاد بي الجميع لكن كله مجرد تحصيل دراسي سرعان ما أنساه في الإجازات وهذه كانت المشكلة، ففي الإجازات كنت حبيسة المنزل بلا تطوير أو استكشاف لنواحي الحياة الأخرى من المواهب والرياضات أو زيارة الصديقات وغيره، فقط كنت أتعرض للإهانة من غير أسباب واضحة من أقربائي فقد كانو إذا عملنا عملاً (حتى لو لعب) يشاجروننا ويقولون تُخرِّبون المنزل.
أختي الكبرى عانت كثيراً منهم فقد كانت الأكثر بصيرة بالحياة وحقوقها في اللعب وغيره، أما أنا وإخوتي الذكور فاكتفينا بالصمت والحزن، و كانت الإساءات أكثر لنا نحن الفتيات فصرت أكره كوني فتاة وتمنيت فكرة أن أكون فتى حتى أنني لعبت مع الفتيان في ميدان المنزل وكنت أكره كل ما تقوم به الفتيات في سني حتى أنني اخفيت بلوغي فترة تقارب الأربع سنوات.
كبرت ودخلت المرحلة الثانوية واشترى لي عمي هاتفاً محمولاً فأنشئت حساباً على الفيسبوك وهنا كانت صدمتي بالحياة الأخرى التي تتمتع بيها صديقاتي من نزهات وغيره، أهملت الدراسة وعزمت أن أصير مثلهم والمفاجاة أني الآن أصبحت أسوأهم في الدراسة بعد أن كانو لا يستطيعون مجاراتي، أصبحت لا أفهم ولا أطيق كتاباً وتعرفت على الجنس الآخر وهنا بدأت تساؤلات عن ميلي لهذا الجنس لدرجة أنني كنت مقتنعة أنني من الداخل فتى (ترانسجندر) لكنني مع الكثير من الحوارات مع نفسي اخترت أن أكون فتاة (وهذا الاقتناع وصلت إليه قبل فترة قصيرة). مرت الثانوية بسلام وأحرزت مجموعاً أدخلني كلية العلوم رغم أنني كنت أحلم بدراسة الطب لكن كنت أمُرُّ بفترة عصيبة في السنة الأخيرة من الثانوية لا أعرف سببها لكن ما أتذكره أنني كنت أعاني من اكتئاب ولا أستطيع الجلوس للمذاكرة وتساقط شعري بكمية مهولة.
عندما دخلت الجامعة توفي والدي -رحمه الله- فحزنت كثيراً وانطويت على نفسي فقد كنت الأقرب لوالدي، بعد فترة جاءت ابنة عمي من الخارج للدراسة، خرجت معها كثيراً لأماكن وكافيهات أول مرة أراها رغم وجودها في نفس شارع بيتنا، هنا لاحظت عنوان المشكلة فأنا بلهاء اجتماعياً لدرجة كبيرة فعندما تُحضر ابنة عمي أصدقائها لا أكاد أعرف ما أقول أو أُعبّر وإذا تم توجيه الكلام لي إمّا أني لا أفهمه أو لا أسمعه حتى أو أجاوب إجابة غبية جداً أندم عليها لاحقاً، تركتني ابنة عمي وأصبحت تتعذر من عدم اصطحابها لي لأنها تشعر بالحرج من ابنة عمها البلهاء كما قالت لي بالحرف ذات مرة أنني أحرجها، أصبحت حبيسة المنزل مجدداً بلا أصدقاء، مع العلم أنني في السنة الاخيرة رغم أنني تأخرت سنة عن دفعتي بسبب سقوطي في ملحق امتحان ولا أعرف أحداً من الدفعة التي تلينا والتي سأكون معهم بإذن الله إذا أفتُتحت الجامعات بعد انتهاء الكورونا.
ملحوظة: أنا لم أذكر مواقف كثيرة وقعت فيها بسبب بلاهتي وكمية الأفراد الذين خسرتهم بهذه الطريقة وأصبح يشكل هذا هاجساً خصوصاً أنني في سن الزواج ولا أقدر على ما تفعله مثيلاتي من استعراضات لما يقمن به من طبخ وغيره مما يُتَطلَّب للزواج في ثقافتنا. كما أنني هزيلة الجسد وعادية الجمال، أشك أن أحداً سيتجرأ لطلب يدي. أرجو بعض النصائح الداعمة وشكراً لكم على هذا الموقع العربي الرائع الذي اكتشفته مصادفةً.
أرجو عدم نشر بياناتي وأرجو نقداً لطيفاً لأنني حساسة نوعاً ما،
وآسفة على الإطالة.
19/5/2020
وأرسلت مرة أخرى تقول:
كيفية إكمال التسجيل ؟
لقد أرسلت مشكلتي قبل شهر تقريبا وقيل لي لقد تم استلام مشكلتك ثم وصلتني رسالة بالإيميل من د.وائل أبو هندي عن إكمال التسجيل بإدخال اسم المستخدم وكلمة السر والدخول لكنني دخلت الموقع ولم أجد شيئا فقط أجد المقدمة عن موقع مجانين كيف أجد صفحتي الخاصة داخل الموقع
وما المقصود بإكمال التسجيل ؟
حاولت عمل تسجيل جديد إلا أنه قيل لي أن إيميلي يحتوي على تسجيل بموقع مجانين بالفعل باسم فتاة المطر وهو نفسه تسجيلي فماذا علي أن أفعل؟ أرجو الرد على الإيميل
5/6/2020
رد المستشار
صديقتي.
في غالب الظن أن جزءًا كبير من مشكلتك هي الحساسية التي تواري في اللاوعي شيئا من الرغبة في التحكم في الآخرين عن طريق الإحساس بأنك ضحية، أقول في اللاوعي لأنه خارج نطاق إدراكك، هكذا هي الحساسية المفرطة.
على أي حال وجودك في المنزل الآن هو فرصة لتعلم شيء جديد ولإضافات إيجابية لثقافتك. مبدئياً: لا تفعلي الأشياء من أجل الزواج ولكن من أجل تطوير نفسك لنفسك. عدم مقدرتك على مجاراة الآخرين اجتماعيا أو ما تسمينه بالبلاهة الاجتماعية يكمن في قلة ثقافتك والممزوجة برغبتك في أن يتقبلك الآخرين ويضموك إلى جماعتهم. لماذا سوف يفعلون هذا؟ إنهم يقضون الأوقات مع بعضهم البعض لوجود أشياء مشتركة بينهم. فرصتك الآن أثناء الحجر والحظر هي أن تتعلمي الطبخ وعدة مهارات تختارينها أنت.
تعلمي أيضاً المهارات الاجتماعية، تعلمي فنون الحديث والتواصل، اقرئي لكي تُحصّلي الثقافة والفهم. الحياة لا تهتم بالمعلومات التي نحفظها لكي ننجح في اختبار ما ثم ننساها بعد ذلك. التحاقك بكلية العلوم يعني أنك ذكية ومجتهدة بالقدر الكافي الذي يؤهلك للبحث وتعلم أي شيء تريدينه.
ما الذي تريدين لحياتك؟ ولماذا؟ ما هي المهارات والمعلومات المطلوبة لهذا؟ أين توجد هذه المعلومات؟ من هم الذين يعيشون بالطريقة التي تريدينها لنفسك؟ ما الذي يجعلهم كذلك؟ كيف يمكن تقليدهم؟ أهم أناس ذوي عمق أم أنهم سطحيون؟ ما الذي يجعلك تعجبين بهم؟ ما هي الهوايات التي تريدين ممارستها؟ لماذا؟ من أنت؟ ومن تريدين أن تكوني؟
أكثر ما يجعل الإنسان ناجحاً اجتماعيا هو أن يكون قادراً على الإنصات والتعلم من الآخرين والاهتمام الصادق بهم والتفاعل معهم. هناك الكثير من المعلومات على الإنترنت ويمكنك البحث في هذا والتطور فيه.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب
ويتبع >>>>> : نهاية البلاهة الاجتماعية في الحظر فرصة م