الأمومة علم أم فطرة مغامرة د.وائل
هذه مشاركة من أ.نيفين عبد الله
الأمهات: تربية؛ تنمية؛ تزكية.. دعم
السلام عليكم ورحمة الله؛
الأخت الكريمة صاحبة رسالة: الأمومة علم أم فطرة! وكأنك تثيرين حلمي الكامن في إنشاء معهد خاص لتربية الأمهات.. وكم يلح علي هذا الحلم وغيره مما يصب في نفس الهدف.. بل أنك تضغطين على الجرح الذي يتجدد كلما رأيت أما تدمر بجهالة ثمرة فؤادها على غير وعي منها؛ أو كلما رأيت شبابا مقبلين على الزواج ويتحدثون في كل شيء من مهر وشبكة وسيارة وبيت للسكنى وحتى تفاصيل الشبت والبقدونس.. إلا أن مساحة الأولاد وتربيتهم والتخطيط للاستعداد للتربية.. يكاد يكون ممحيا محيا تاما من خرائط حديث الشباب بل و أسرهم أيضا.. وإن تحدثوا أحيانا على سبيل الدلال والغزل عن اختيار اسم البنت أو الولد؛ و"نفسي يكون شبهك"، وترد العروس الحالمة: "لا و الله نفسي يكون شبهك أنت".. ويدور الحديث في هذه الأحلام الوردية الغبية التي يصحون منها على صراخ طفل لا يعرفون تماما كيف يتصرفون معه.. فكل أجهزة البيت لها كتالوج إلا هذا الشيء الغريب الذي اسمه "طفل"!!!
يمكننا إضافة بعض التوابل لهذه التوليفة الملتهبة أصلا من قيم ومعتقدات خاطئة لدى كل من الطرفين: فالأب الصغير قادم من بيئته وهو متشرب تماما وحافظ عن ظهر قلب أن التربية مسئولية الأم؛ وأن عمله أهم شيء في الدنيا فيترك الدنيا وما فيها لينعم ببعض الهدوء في غرفة أخرى بعيدا عن صراخ هذا الملل ونحيب تلك المملة "أمه".. وهو مع الوقت يشعر أنه لا مكان له في هذه الحياة التي صارت مكونة من عنصرين هو غريب عليهما.. ويبدأ بعض الخلافات بطبيعة الحال..
لأنه في حقيقة الأمر لا يفهم شيئا مطلقا عن حقيقة أنه أب.. وكثير من هؤلاء يستمرون على هذا الوضع حتى نهاية الحياة التي يشكون فيها من الوحدة والملل والجفوة بينهم وبين أسرهم.. ولا يدرك بالطبع أن تلك الجفوة إنما بدأها هو حينما ترك الوليد وأمه في غرفة واستقل بالهدوء والراحة في غرفة أخرى.. والأم بطبيعة الحال لصغر سنها وقلة خبرتها وبهتان شخصيتها– لا تعرف كيف تتعامل مع الابن أو أبوه!!.. والأمثلة المؤلمة كثيرة لا يتسع المقام لذكرها..
وكل ما أقصده أن هذا الجهل بطبيعة الأبوة والأمومة إنما يولد مشكلات أخرى عديدة لا يمكن للكثيرين فهم سببها الحقيقي الذي يمثل تركيبة متشابكة لا يمكن فصل أيا منها عن الآخر.. وما أود التأكيد عليه أن التأهيل يحتاجه كل من الطرفين: الأب و الأم..
فالأخطاء المتوارثة في المفاهيم لا يمكن إصلاحها إلا في عقول وأدمغة الطرفين معا؛ وإلا صرنا كمن يمكن الرجل ضد المرأة أو المرأة ضد الرجل.. فالمعرفة المفردة معرفة عرجاء يمكن أن تحدث من المشكلات أكثر مما تصلح..
تصورا ما يمكن أن يحدث نتيجة "تضبيط" مفاهيم طرف و إهمال الطرف الآخر؛ فبعد المعرفة يمكن للأم أن تبدأ في التفكير في كيفية "تغيير" الأب.. وما لا تعرفه أنه لا يوجد على ظهر الأرض من يملك أن يغير إلا نفسه. ولكنها تصر وعلى إثر هذا الإصرار تبدأ فجوة بينها وبين زوجها.. فالمرأة التي تعرف وتتعلم وتطبق.. بمرور الوقت ترى الأب مفسدا لمجهوداتها فتؤثر إبعاده أو عزله عن ساحة التربية - ولا نناقش الآن صواب هذا من خطئه؛ ولما نناقش أثره-..
أضف لهذه السلسة على المدى مع استمرار المعاناة من التربية المنفردة (للأم) أنها بالطبع في نهاية الطريق ترى لنفسها أحقية أن ينسب لها وحدها نجاح وتميز وتفرد الأولاد؛ وهي تراه عدلا!!!
إذن ما يلزمنا مدرسة للآباء والأمهات معا ليتعلموا كيف يكونوا معا.. وهو ما ينسحب أثره على مساحات حياتهم الأخرى.. وأرجو أن تطالعي بعض معالجات سابقة في باب معا نربي أبنائنا: راعي البستان كيف يعود؟؛ راعي البستان حقيقة أزلية؛ الطريق إلى إنقاذ مشاعر الأبوة الكامنة؛ هدف في مرمى راعي البستان.. ضد التربية العشوائية هدف أو لا هدف.
وكنت قد حدثت دكتور وائل من قبل بعمل مساحة للتربية على مجانين.. والحق أنه رحب جدا بهذا العرض.. ولكني وجدت فيه تكرارا لما تقوم به زاوية معا نربى أبناءنا في موقع إسلام أون لاين..
وما أتمنى تحقيقه فعلا هو تربية الأمهات؛ وليس تربية الأبناء.. ولعل رسالتك تكون تجديدا لهذه الفكرة مرة أخرى.. في الصورة التي أتمناها والتي أتمنى أن يشاركنا فيها الزوار ويمكننا حينها أن نتشارك في البناء بحق.. ولعل أول ما يمكننا عمله طرح خبرات الشباب الذين أدركوا أثر التربية عليهم.. وما أثر فيهم إيجابا وسلبا في تربية والديهم خاصة والمجتمع عامة - لهم.. فتعقب الأثر في حياة الآخرين له عظيم النفع في استئصال كثير من مشكلات غيرهم قبل ظهورها في حياة. هذه هي العبرة التي تعد وسلية هامة من وسائل التربية.
وأعرج لحديثك عن فطرة الأمومة: الحق الأمومة كانت من الممكن أن تكتفي بالفطرة في عصور سابقة؛ الحياة أهدأ وأبسط؛ والأهم الفطرة كانت سوية فعلا.. إنما الآن ما أراه من عنف الأمهات لا يممكنني أبدا أن أثق بالفطرة وحدها.. فهذا العنف البادي على الأمهات والعصبية المفرطة والقسوة البالغة في بعض الحالات تجعلنا نفكر فعليا في أن هؤلاء الأمهات يحتجن دعما حقيقيا؛ يحتجن دعما نفسيا لفهم ما يحدث لهم في عالمهم الجديد؛ لفهم ما تمر به من حالات نفسية معينة في أوقات معينة؛ تحتاج لتنمية شخصية؛ تحتاج دعما من أخريات لهن نفس حالتهن.. تحتاج لتنشيط أو ربما إيجاد ما يمكن أن نسميه "علم نفس الأمهات".. الأم فعلا تحتاج لدعم كبير جدا.. ليس فقط تحتاج لمن يدلها على كيفية تربية أطفالها فهذا جزء يسير من الموضوع. لأن في حقيقة الأمر غالبا ما تكون مشكلة الطفل في أمه أو أبيه أو الاثنين معا..
الأم التي تشكو مثلا من عصبية الطفل العلاج المعروف هو أن تكف هي عن العصبية.. خير إن شاء الله
هي لم تعرف في الحقيقة كيف تتحكم في مشاعرها.. لم يعلمنا أحد في هذه الحياة كيف نتعامل مع مشاعرنا وكيف نفهمها أصلا لنتعامل معها.. لا أتهم هذه الأم (العصبية المسكينة) فكثيرات والله منهن يبكين لأنهن عاجزات عن تخفيف عصبيتهن هذه..
ما ذكرته مجرد مثل لكثير من الحالات التي تظهر فيها بوضوح غياب الدعم الكافي للأم.. ليس لتربية أولادها وإنما لتعيش كإنسان طبيعي سوى على كاهله عدد من المسئوليات التي لم يعد لها... ولن أقول هذه مسئولية الأسر والحكومة وغيره... وإنما دعونا نفكر تفكيرا عمليا في إيجاد جهات ولو في تنظيم بسيط تعد لأن تؤدي هذا الدور الداعم للأمهات..
دعم الأمهات فرض...
إن طالعتي المواقع الأجنبية ستجدين ما يزيد حسراتك آلاف المرات.. فبين دعم الأمهات لتنمية الأمهات لتنمية الأسرة والآباء.. لتمكين الأسرة..... عددي وستجدين كم من الجهات الاجتماعية التي تقوم بهذه الأدوار.. فهل لنا أن أحلم بل أن يستمر حلمي بأن نضع نواة لهذا الأمر على الواقع!!!!.
ما الذي يتصوره الشباب عن حياة الوالدين؛ ما الذي يعتقدون أنهم سيحتاجون إليه؟؟
كم أتمنى أن يرد منهم إجابة هذا السؤال؟
ما الذي تحتاجونه لتكونوا والدين قادرين على حمل الأمانة؟؟
هل تعرف الأم أنها ستقف في مواقف لابد أن تأخذ فيها قرارات عديدة مما يلزم معه أن تكون قد حسمت أمرها تجاه العديد من القيم والأفكار والمبادئ.
هل تعرف أنها سيكون عليها أن تحدد أهدافا لحياتها؛ وتضع الخطط وتحدد الأولوليات في تربية أطفالها.
هل تعرف كيف تنظم وقتها و تديره إدارة جيدة بين مهماتها المتعددة التي غالبا ما تقوم بها أمهات هذه الأيام.. هل تعرف أنها ستحتاج كأي إنسان على وجه البسيطة أن تنمي ما فاتها من قدرات غالبا لم تكتمل بعد؛ فيكون عليها أن تنمي نفسها قدراتها العقلية؛ النفسية والوجدانية؛ وهل تعرف أنها في حاجة لأن تعالج نفسها من العديد من المشكلات حتى لا تورث أطفالها نفس الداء بل الأدواء ويمكنني أن أحدثك عن عدد لا نهائي من الحالات التي تشكو في ابنها ما هو فيها أصلا؛ خذي على سبيل المثال : الخوف المرضي؛ الشك؛ التوت؛ الاكتئاب؛ الرهاب الاجتماعي؛ ضعف تقدير الذات.......
وإن طالعت أوراقي ستجدين منم بينها عدد من الملفات منهم مثلا: تنمية الأمهات ويتضمن أفكارا عن التنمية الشخصية للأمهات: إدارة الانفعالات؛ بناء تقدير الذات للأمهات؛ إدارة الوقت؛ تحديد الأهداف؛ العمل في فرق العمل؛ التحفيز... وغيره من الموضوعات التي أعتقد جدا في أهميتها الشديدة للأمهات تماما كما هو الحال للآباء.
الملف الثاني هو ملف تزكية الأمهات:
وللحق أقول أن التربية الأخلاقية للأطفال لا يمكن أن تحدث إلا بعد تزكية أنفسنا أولا فكيف يمكن أن تقوم بتربية الأطفال أو "دعوة الأطفال" كما أحب أن أسميها ولم نحصل على نصيب كاف من تزكية أنفسنا وتأديبها ووضعها على الصراط المستقيم..
فلن أقول فقط للقدوة؛ وإنما لأن الأم والأب يتعرضون في كثير من المواقف لحتمية اتخاذ قرار أخلاقي، أو قرار يرتكز على عقيدة سليمة؛ أو يتعرضون لسؤال لابد أن يكونوا على علم بإجاباته.. وهكذا..
ولذا أراها لازمة أن تسير في طريقك نحو العقيدة السليمة والأخلاق المتينة والقيم الواضحة وأكررها الواضحة.. حتى يمكن أن تربي أطفال لديهم أيضا قيم واضحة ومبادئ واضحة وأهداف واضحة..
الوالدين لابد أن يسيروا أولا نحو هذا الوضوح والذي يفتقدانه في بداية حياتهما الزوجية.. كل منا فإنه بعض التنمية أو التزكية أو التربية.. فلم لا نستكمل نواقصنا.. نرحم أولادنا من هذه النواقص..
الملف الثالث في هذا المضمار هو ملف مهارات الأمهات:
وأعتبره الأدوات اللازمة لكل أم كالمعرفة بمهارات التفكير؛ طرق حل المشكلات؛ التفكير الإبداعي : حكي الحكايات؛ مهارات الحوار مع الأطفال..... وغيره من المهارات التي أراها ميسرة جدا لسير الحياة مع الأطفال؛ والحق أقول أنها أفادتني أيما إفادة في الكثير من مساحات حياتي وليس فقط مساحة التعامل مع أطفال .
والملف الأخير هو تربية الأطفال:
فبعد تهيئة أنفسنا وإعدادها يجيء دور المعرفة عن الطرف الثاني في عملية التربية (الطفل نفسه).. فلو أننا أصلحنا أنفسنا سيكون لدينا أبناء أصحاء أو قل أقرب للصحة..
دعينا نتحدث عن التوازي في التربية.. تربية الطفل والأم معا.. هذا حق.. فقد فاتنا الكثير والكثير..
فما بدأ يدركه البعض أن الشهادات الجامعية المقيتة التي نحملها جميعها لا تؤهلنا للنجاح الشخصي ولا العملي على حد سواء.. بات واضحات لدى الغالبية التي تشعر بخلل أن لابد من حل.. وإن جهلوه وهذا أول الطريق.. دعينا نواصل معا.. الصعوبة الكبيرة في أن تقنعي البعض أنهم محتاجون تنمية؛ وتربية وتزكية؛ إذا ما نجحت في إقناعهم قطعت نصف الطريق؛ لأنهم سيكونون مؤهلون بعد ذلك للاستقبال منك والأهم التنفيذ..
المشكلة حبيبتي التي أراها بأم رأسي أن التربية ليست من الأولويات لدى الكثيرين؛ ولا يلجئون للمساعدة أبدا إلا بعد أن تقع مصيبة عظيمة ؛ أو بلاء مبين يصعب عليهم حمله.. دائما ما أكررها و لازلت أؤمن بها أننا نتحرك دوما لدفع الألم أكثر بكثير مما نتحرك للشعور بالمتعة.. وهذا جلي جلي جلي.. فدائما ما نعمل بمنطق "العلاج" ولا أدري كيف ننقل الناس هذه النقلة: "التحرك إزاء الوقاية" بدلا من الانتظار للمرض وللعلاج..
لدى فكرة مشروع أقوم بها الآن وأتمنى أن يثمر الثمرة التي أتمناها: هذا المشروع سأسميه:"الجذور والثمار"..
هو ببساطة تجميع المشكلات للشباب والزوجات والأزواج و.. والتي في أساسها مصائب تربوية؛ وربما توافه أيضا.. لأضع أمام عين الأم ما يمكن أن تحدثه كلماتها؛ أساليبها التربوية؛ معتقداتها.... من أثر في مستقبل أطفالها.. ما أعتقده أن كثير من الناس لا يدرك الأثر فعلا ؛ أو يدركه كمعلومة فقط و لكن لا يتيقن منه عادة إلا إذا رأى هذا الأثر في أولاده أو أحد المقربين رؤيا العين..
فكثير من الأمور التي تمثل يوميات حياتنا -التافهة- هي في حقيقتها ما له أكبر الأثر في تكويننا.. وكثير منا لديه من الذكريات السلبية ما يمكن أن يلمس أثره بوضوح في حياته الحالية.. والقليل منا من يستطيع أن يتخلص من هذه الآثار.. والأدهى والأمر أن الآباء والأمهات لا يدركون أو قل لا يصدقون أن هذه الكلمة أو هذا التصرف إزاء طفله يمكنه أن يخرب في جزء من تكوينه..
الحقيقة أن ما ذكرت من ملفات هو في حقيقته تصور لموقع خاص للأمهات ولكني لست بشجاعة الدكتور وائل لأتحمل تبعات موقع كهذا؛ خاصة و أني أيضا لا أثق في وجود فريق داعم كمثل هذا الفريق الرائع الذي يعمل في مجانين.. بارك الله للجميع..
يبقى لي تعليق عن تساؤلك إن كان المستشارون في حياتهم يفعلون ما يقولون:
أذكرك حبيبتي أننا جميعا بشر.. كلنا خطاء,. وخير الخطاءين التوابون.. فكلن منا من المؤكد أنه يطمح لأن ينفذ حرفيا ما يقول ويسعى لذلك جاهدا مجاهدا مثابرا؛ ولكن البشرية لها أحكامها فنخطئ ونتوب.. وأنا في هذا الأمر إنما أحدثك عن نفسي لأني لا أرى الآخرين عن كثب.. ولو أننا اعتقدنا تمام الاعتقاد أن الخطأ في حق أطفالنا معصية تستوجب التوبة.. والله لتبنا.. واستغفرنا حتى يرحمنا الله ويساعدنا على التخلص من عيوبنا وأخطائنا وزلاتنا التي تتسبب في أن نخطئ في حق أمانة الله لدينا "أطفالنا".
ودائما ما يتردد في رأسي هذه المقولة: "تعرف البذرة من الثمرة" وأحسب أنها مقولة الدكتور ذكي نجيب محمود. وهذا المشروع الذي أحدثك عنه بمثابة رحلة التفتيش عن البذور المعطوبة.. ليس بغرض إصلاحها فقط؛ وإنما بغرض تحذير الزراع الجدد من البذور الفاسدة.. فهلا عملنا معا..
جزاك الله خيرا ع.. لى مشاركتك الطيبة التي استفزتني لأكتب ما كنت أنوي كتابته من زمن.. في انتظار مشاركاتك القيمة
22/11/2004
رد المستشار
كنت في مؤتمر خارج البلاد وعدت منه غاضبا كالعادة!!!!
لأنه يوجعني أننا نبدد الطاقات خارج دوائر المفتقد بشدة، وفي المساحات التي تؤسس وتؤثر تعيب... تعيب على طريقة التوكيد اللفظي لأختنا أ.نفين عبد الله.
سوف يلفت الأنظار، ويترامى إلى الأسماع، وتتداول الألسنة من حين إلى حين كلام "الطريق إلي الجنة" فإذا جئنا إلى تفاصيله سنكتشف أن الحوار يدور حول أذكار وأوراد، أو طقوس في العبادة ربما، أو في الفعل ممارسات تتعلق بالأخلاق الإسلامية المعروفة مثل: الصدق والأمانة...الخ.
ورغم أن الإسلام يمكننا أن نراه بوصفه إيمانيات، ووعد وأدوار، عملية حياتية يومية فإن الحديث في الإيمانيات عندما يطغى على بقية الجوانب الأخرى فلا وعي، ولا أدوار!!!
الأب لا يرى جهله بأبسط واجبات الأبوة، والأم لا ترى قصورها... لا يرون هذا أصلا!!!!
سواء بسبب الانشغال بأمور أخرى مثل الوظيفة أو مطالب الحياة أو الانتصار لمدرسة التربية بالفطرة...الخ
وطالما يحاسب كل إنسان منا نفسه على قيامه بالأدوار المنتظرة منه، أو عدم القيام بهذه الأدوار، فلا يعتبر المعلم الفاشل عاصيا لله، أو مذنبا في حقه وفي حق المجتمع، وكذلك الطبيب غير كفء، وكذلك صاحب الصنعة أو الحرفة، طالما لم نفهم أن الإحساس هو أن يراقب كل منا نفسه في أداء ما هو واجب عليه تجاه أهله والناس قبل أن يكون ترديد أوراد أو أداء طقوس.
طالما الأم تنتزع من وقتها المشغول سويعات لتتفقه في دينها، أو تتلو كتاب ربها، ولا تنتزع مثلها أو أقل منها لتتفقه في أمومتها وأداء دورها وواجبها، فتكون فيه صادقة كما هي ماهرة في واجبها الوظيفي – إذا كانت كذلك – أو كما هي بارعة في الطبخ وأشغال الإبرة، إن كانت هناك من تحافظ على مثل هذه الفنون!!!
إذن أولا:- لابد من صرخة توقظ الغافلين الذين يظنون أنهم إلي الجنة سائرين بينما هم يفسدون في الأرض بعد إصلاحها، وفي الأمومة تحديدا فإن الأرض هنا هي هذه الأجيال الغضة التي أصلح الله فطرتها وأسلمها للوالدين فهما يفسدان بالجهل والعصبية، وقلة الرعاية، والاندفاع إلي ردود الأفعال، أو ما يسمي بالتربية بالفطرة!!!
ولقد حفظ تراثنا حتى عهد قريب أن التأديب والتربية مهام جليلة وصعبة إذا انشغل عنها الوالدان يمكنهما توكيل غيرهما، وعرف تاريخنا وظيفة معلم الغلمان، أو مؤدب الصبيان، وأحسب أنه كان للفتيات مثل ذلك، وفي هذا التقليد كانت تصنف الكتب، وتنصرف الرواتب، ثم انقرضت هذه المهنة بعد أن تصدت الدولة الحديثة لأداء هذه المهمة عبر المدارس والجامعات
فقط وصارت هذه وتلك إلي ما تعرفون: لا تعليم ولا تربية!!!
واستعادة ما ضاع يحتاج إلى تنبيه ثم إلى تفريغ أوقات ثم إلى برامج وبرامج مسموعة ومقروءة ومرئية سهلة الاستيعاب، ومفهومة في لغتها وأهدافها.
لو أننا أردنا أن نجيد شيئا لأجدناه، لو أردنا أن نتسلح بالوعي، ونقوم بالأدوار فيكون الطبيب طبيبا بحق وتكون الأم أما بصدق، ويكون المختص بشيء بارعاً في أدائه، لو أننا صادقون في اعتبار "التربية" هي معركتنا الأهم، وحصن دفاعنا الأول والأخير، ولو بذلنا في هذا الصدد الجهد الملائم والمفتقد لأن الأمر يحتاج إلى جهد واسع لإنجاز التربية على ما يحب الله سبحانه، وعلى ما يحتاجه العصر.
لو أننا جادون في استعادة هذا الدور من أجهزة الدولة التي تخلت عنه تقريبا من المدرسة المنشغلة عنه غالبا، ومن الإعلام الذي يفسد أكثر مما يصلح ومن غير ذلك وذاك، إذا كنا جادين في هذا السبيل فأصارحك القول يا أختي نفين ويا كل من يريد طرق هذا الباب، وإنجاز هذه المهمة المباركة، أصارحكم أننا أمام مسيرة أطول بكثير، وأصعب بكثير، ولكنها أقرب إلى الله بكثير مما يحسب الكثيرون أنه طريقهم إلى الجنة، وإلى الفردوس الأعلى!
دعواتي وتمنياتي، ونحن معا، والله معنا.
ويتبع>>>>>: الأمومة علم وفن: مشاركة1