حدود التعامل بالعمل
السلام عليكم ورحمة الله,
جزاكم الله على مجوداتكم، أود استشارتكم في أمر يحيرني وهو تعامل الزوج مع زميلات العمل والذي يقضي فيه أكثر من 8 ساعات يوميا، وبعض المرات آخر الأسبوع كذلك ولا يأخذ منه إجازة ولا يخالط أحدا (من العمل للبيت ومن البيت للعمل)
ولنا سنوات لم نسافر لبلدنا الأصلي ولا ترفيه على النفس بأي وسيلة ولا نزور أحدا لانشغال الجميع, خلاصة القول أن أكبر جزء من الوقت لزوجي هو العمل.
الحمد لله زوجي ملتزم وذكي وعملي ولا مشاكل لي معه ويعامل أولاده برقة، و مشكلتي الوحيدة هي تعامله مع زميلة له بالشغل من دون الآخرين لأنها من بلدنا الأصلي أولا، وفي نفس تخصصه، ومعه من أكثر من 6 سنوات
وفي بعض الأحيان تجمعهم نقاشات في مواضيع الدين حيت أنها من العلمانين وتطرح بعض الأسئلة عن الإسلام فيكون زوجي مضطرا للجواب ومن ثم الحديث يجر بعضه فتتكلم حتى عن حياتها الخاصة وأنا يزعجني هذا الأمر كثيرا خاصة بعد أن ذكر اسمها سهوا ومرتين.
وكذلك هي غير متزوجة وتقيم هنا بدون عائلتها.
أما المشكل المطروح أن زوجي يقول أنه من الواجب عليه أن يرد على أي تساءل منها يمس الدين ولا يمكن تفاديها وأنا أقول أنه ليس من مهامه وبإمكانها أن تجد الأجوبة على تساؤلاتها بالبحث إذا كانت صادقة، ما رأيكم؟
17/12/2004
رد المستشار
رغم أنني لست من الذين يرون أن أي علاقة زمالة عامة يمكن أن تنحرف بسهولة إلي المسار العاطفي، إلا أنني في الوقت ذاته أؤمن بضرورة الالتزام بالضوابط التي شرعها الله تعالي للاختلاط بين الجنسين مهما توافرت الثقة وحسن النوايا..
لذلك فإنني أريد التوقف عند هذه الضوابط، وأن يبدأ الحوار بينك وبين زوجك من عندها..
أستعرض هذه الضوابط سريعا – لك لأصدقائنا القراء.
1 – جدية الموضوع الذي يتم الحديث فيه "وقلنَ قولاً معروفا"
2 – عدم الميوعة والابتذال في طريقة الحوار" فلا تخضعن بالقول"
3 – الالتزام بالرأي الشرعي أو علي الأقل المحتشم
4 – غض البصر
5 – تجنب اللقاءات الطويلة المتكررة
6 – عدم الخلوة
هذه هي بعض الضوابط التي ذكرها الدكتور عبد الحليم أبو شقة في كتابه العظيم تحرير المرأة في عصر الرسالة".
وأنا سأتوقف عند الشرطين الأخيرين –اللذين أعتبرهما في حالتك أهم الشروط، واللذان يجب أن يكون زوجك صادقا مع الله ومع نفسه ويلتزم بهما لأن الخالق سبحانه وتعالي -وهو الأعلم بنفوس العباد لا يَشرِّعُ إلا ما يرى فيه الخير لهم، وهو سبحانه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور..
لقد علمتني تجارب الواقع ومشكلات موقع إسلام أون لاين و مجانين أن اختراقَ هذين الشرطين بالتحديد ينتج عنه ما لا يتوقعه أحد!!
كما علمتني التجارب أيضا أن ليس المقصود بالخلوة معناها الحرفي المادي ولكن لها شكلا معنويا أخطر فالحديث في الأمور الشخصية يعتبر من وجهة نظري خلوة معنوية فإذا كان بين زوجك وبين زميلته أحاديث فيها نوع من فتح القلب الذي تستأمن هذه الزميلة زوجك عليها دون الآخرين، وربما يستمع إليها في حجرة بها أشخاص.
أو زملاء ولكنهم يجلسون بعيدا فيرونهم ولا يسمعونهم – فهذه أيضا خلوة معنوية!!
يعني باختصار الشكل الوحيد المسموح به هو أن يكون الحوار علي مسافات متباعدة وبين الزملاء أو في وجودك وليس علي مسافات متقاربة أو بمفردهما، حتى ولو كان في مكان العمل أو في حجرة يراهم فيها الآخرون ولا يسمعونهم..
أخيرا أقول لك: الموضوع يجب ألا يمس ثقتك في زوجك أو شكك في نواياه، ولكن كل ما يجب أن تفهميه أولا ثم توصليه لزوجك هو أن هناك ضوابط قد شرعها الله ونحن نلتزم بها طاعة له وثقة فيه وفي شرعه الحكيم..
وعليك في كل الأحوال ألا تعطي المسألة اهتماما أكثر من اللازم للدرجة التي تقلب حياتك جحيما تستفز مشاعر زوجك وربما تدفعه -عكسيا– لأشياء لم يكن يفكر فيها وتحرك مشاعره تجاه زميلته، وفي نفس الوقت لا تتساهلي أو تتجاهلي بالدرجة التي تضيع معها الضوابط ويتم فيها التعدي على حدود الله...
ويضيف الدكتور وائل أبو هندي، الأخت العزيزة، أهلا وسهلا بك على مجانين،
وأنا جئتُ فقط لأعتذر بالنيابة عن أختي المستشارة الدكتورة فيروز عمر، فقد تأخرنا طويلا عليك، وهيَ السببُ لا أنا، فاليوم وصلتنا إجابتها بالفاكس وها نحن كتبناها، وراجعناها ورفعناها على الموقع إن شاء الله اليوم، لكي تظهر على صفحة الاستشارات غدا إن شاء الله، وكنتُ أودُّ تحية زوجك الفاضل -الذي أحسستُ وكأنه معك وأنت تكتبينَ لنا- وتحيتك على نصاعة وبراءة وطهر الأسلوب وأتمنى أن أغبط كلا منكما على الآخر، ولن أزيد وإلا حسبتها الدكتورة فيروز داخلة في الطيف المعنوي للخلوة، فقط سامحينا في التأخير، وراجعينا دائما على مجانين.