هل الإصرار على الاختيار باعتباره صحيحا عقوق؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أستاذتي الأفاضل في موقع مجانين الرائع، أنا فتاة تخرجت من إحدى الكليات العملية.. ومن أسرة طيبة.. أبي يعمل في مجال مهني مرموق في إحدى الدول العربية وأمي موظفة كبيرة في إحدى الهيئات وأنا كبرى إخوتي.
أحببت زميلا لي في الجامعة لفترة طويلة ولكني لم أصرح له ولا لأي أحد وكان شابا متدينا وعلى خلق وليست له أي علاقات مع فتيات في الجامعة وبعد أيام أخبرني بأنه فاتح والده في الأمر ويمكن أن نعمل خطوبة (تلبيس دبل كما يقولون في مصر) في الأجازة…
وفرحت الحقيقة وقتها كانت والدتي لتوها عائدة من السفر فلم أتحدث معها بالأمر وبدأت بالتلميح لأبي ثم أخبرتهما بطلب زميلي… فثار أبي ثورة عنيفة وضربني لأول مرة واتهمني بأني على علاقة بهذا الشاب وأخرج معه، وقال أنها ستكون فضيحة لو علم أحد أنه تقدم لي طالب بالجامعة وكاد أبي يحرمني من الذهاب إلى الجامعة لولا أن هدأ بعد أيام..
والتمست لأبي العذر وقدرت خوفه علي ونقلت للشاب رفض طلبه وبعد ذلك كنت أحيانا أتعامل معه بجفاء وأحيانا كأنه زميل عادي ومر الوقت وأنا أتعذب بحبه لكني أراعى حدود ربي في التعامل معه ومع قرب التخرج فاتحني ثانية في الموضوع وكان أبي وقتها مسافرا وكنت أنقل لأمي كل كلامه معي فكانت ترى أن الموضوع صعب لكنها وعدتني أن تفاتح أبي وتحاول إقناعه بمقابلة الشاب عندما تسافر إليه في بداية الأجازة الصيفية…
وعاد أبي وأمي من السفر بعد تخرجنا وظهور النتيجة ونجاحنا بتفوق كبير الحمد لله… وكان هذا الشاب وقتها يعمل عملا مؤقتا لأنه ينتظر موقفه من التجنيد، وفتح أبي هو الموضوع هنا في مصر.. وثار كما ثار في المرة الأولى وقال أنه لا يرى فرقا بين الآن والعام الماضي وأن شهادة التخرج تلك (نبلها ونشرب ميتها) ولا تعني له شيء وحاولت أمي أن تقنعه فقط بمقابلة الشاب والسماع منه وليس الموافقة عليه، فكاد أبي وأمي أن ينفصلا وتطورت الأمور كثيرا حتى ذهبنا إلى بيت جدتي وتدخلت جدتي وخالتي وزوجها الذي تربى مع والدتي في المنزل وهو بمقام خالي وجدتي لأبي وعماتي لإصلاح الموقف وحاول الجميع فقط إقناع أبي بمقابلة الشاب أو التحدث إلى والده فلم ينجح أحد في إقناعه..
كل هذا وأنا لم أصرح أني أحبه بل أدافع عنه أمامهم لأني مقتنعة به ولأنه شاب جيد ومتدين ومن عائلة طيبة، الآن أبي مسافر ولا أعلم متى سيعود ولكن حد أقصى عام.. والموقف زاد تعقيدا بأن هذا الشاب دخل الجيش وسيذهب بعد شهر لأداء الواجب العسكري فلا مجال لعمل ثابت الآن..
والده سيساعده في تكاليف الزواج لكن ليس كلها ولديه شقة لكنها في محافظة أخرى وأبي يرفض ذلك مع أنه لا يمانع أن أتزوج خارج محافظتنا عندما يتقدم لي عرسان آخرون.
إن أبي طيب القلب ويحبنا لكن غضبه شديد ولا يتفاهم… كما أنه يريد لي مواصفات خاصة وعريس هو يختاره.. هو يقول أنه لن يرغمني على الزواج من أحد لكنه لن يزوجني إلا من يوافق عليه، لقد استخرت الله كثيرا.. وأعلم أنه ربما لا يقدر لي الزواج من هذا الشخص.. لكني أشعر بأن المحاولات لم تنته بعد.
الوضع الآن أني متمسكة به وأنوي انتظاره حتى يخرج من الجيش ويعمل ثم يأتي لخطبتي.. ولكني لا أقابله ولا أحادثه إلا كل فترة لأطمئن عليه ومع ذلك أنا أتعذب فأنا أعلم أن هذا لا يجوز وأخشى أن أكون أغضب ربي.
أنا طوال عمري ابنة مطيعة وأستسلم دائما لرغباتهم ولا أعارضهم في شيء ولكن هذا زواجي وحياتي وأنا أحب هذا الشاب وأتقبل عيوبه وهو يحبني بشدة ولا أرى فيه عيبا خطيرا سوى عائق الوقت، فهل في موقفي هذا شيء خاطئ تجاه ربي أو تجاه أبي وأمي.. وهل انتظاري له خطأ؟؟
إن الأمر صعب وأنتم تعلمون ضغوط الأهل وتعليقات الناس ولكني مازلت صغيرة فسني الآن 21 سنة ولا يضيرني الانتظار لعامين أو ثلاثة حتى أتزوج منه.. أنا أشجع الزواج المبكر ولكن ماذا أفعل؟؟
هو يكبرني بعام ونصف وأبي يرى أن هذا فارق صغير.. لكننا متفاهمان… بالله عليكم انصحوني وأخبروني هل إثم إذا رفضت الزواج من أحد آخر وأخرت زواجي ليكون منه… وهل هذا ليس برا بوالدي لأني أخرت فرحتهم بي مثلا أو صممت على اختياري، أنا لا أختلف معهم وأعاملهم بكل حب واحترام فقط أنا صامتة أنتظر تغير الأحوال، أم ترون أن علي أن أواجه من جديد وأوسط أشخاصا وأطلب من أبي أن يعلن خطبتنا عندما يعود؟؟
لا أعرف أنا مشتتة بين حبي له ورضا ربي ورضا والدي.. فأرشدوني إلى الحل الصحيح وكيفية إقناع أبي
وجزاكم الله كل خير.
17/12/2004
رد المستشار
الأخت السائلة؛
أرجو أن تكوني قد اطلعتِ على الحالات المشابهة لقصتك والتي رددنا عليها في صفحة مشاكل وحلول عبر سنوات ماضية.
أتعرفين أن حالتك متكررة ولها أسباب يتصدرها الجانب الاقتصادي حيث أن والدك يريد لك الخير والأمان –كما يتصوره– وفي رأيه فإن شابا حديث التخرج ويكبرك بعام ونصف لن يحقق لك ما يريده لك -أي والدك- من سعادة، وأنت بحكم عمرك وعاطفتك ترين أن سعادتك ستكون حيثما يرتاح قلبك، وحيثما استقر متفاهما مع هذا الشاب.
وأنا أريد أن أحكي لك عن مشكلتي أو إحدى مشكلاتي الحالية، فأنا أشعر بأنني معلق بين “برزخين" كما كتب صديقي يصف جسرا رأيناه ومررنا تحته مؤخرا، ونحن سويا في استانبول نحضر مؤتمرا للحوار، فأنا من ناحية أعرف مشاعرك الجميلة وطموحاتك، ومن ناحية أخري أدرك منطق والدك،
أعرف العشق وأحترمه، وأدرك اعتبارات الأبوة وأمارسها وأكبر يوما بعد يوم لأجد نفسي معلقا بين برزخين: العقل والقلب، الأبوة والعشق، الوجدان والمادة عندما كنت في مثل عمرك كنت أرى تحفظات الكبار سخيفة، وأراها قيودا واجبة الكسر، وداعية للتمرد، ثم كبرت لأتبين أنها ليست دائما كذلك، وأن مرآة الحب العمياء –كما يقول المصريون- كثيرا ما تخفي وتخدعنا ثم نتألم حين نرى الحقيقة عارية أمامنا.
ووصيتي لك ألا تتعجلي، وأن تستعيني بالصبر والصلاة والاستخارة والاستشارة، وطالما والدك معارض فلك أن تستشيري غيره ممن تطمئن إليهم نفسك أي إلى حكمهم وحكمتهم. مثلا لماذا لا يقابل هذا الشاب عمك أو خالك أو من تثقين في عقله وقياسه للأمور ليشترك معك في التفكير والتقدير تلافيا لاندفاعات القلب، وموازنة لها بأحكام العقل الرزين؟!!
مبارك نجاحك وشهادتك، ومبارك عليك تماسكك في غمرة الحب فلم يقع منك ما تلومين نفسك عليه أو ترخصين بسببه في نظر فتاك قبل الجميع. لو تأكدت من صدق مشاعرك تجاهه، ومن صدق رغبته فيك، واستقر في حكمك وحكم من تثقين بهم أنه مناسب لك ولا يعيبه شيء، وأن القصة التي ستكون بعد زواجكما هي مجرد رحلة الكفاح التي يخوضها كل زوجين من البدء وحتى الصعود التدريجي.
إذا اجتمعت لديك شواهد العقل، ومشاعر القلب، وامتلأت جوانحك بالرغبة في الاقتران بهذا الشاب عبر ما سيكون أمامك من وقت، ونجح هو في اختبار الصدق والثبات فلم يندفع نحوك برعونة ولم يتحول عنك بملل، فليس هناك مانع لا شرعي ولا عقلي ولا إنساني في أن تتمسكي به حتى النهاية.
ليس في هذا عقوق لوالديك، وكما أقول وأكرر أنك إذا أصررت بأدب ودأب فسوف تظفرين به "ولو بعد حين".
وأكرر أيضا أن هذه ليست هي المشكلة أبدا فتحصلين مثل كل فتاة على ما تصرين عليه، إنما الأهم هنا أن تتأكدي من صدق مشاعرك، وحسن اختيارك حتى لا تندمي فيما بعد، والمهم أيضا أن تتماسكي فلا تنزلقي فتخسري كل شيء أما عذاب الحب وآلامه "فأدعو الله" أن يمتعك بها، وأن يرزقها لمن هو محروم منها، فهي من الألم العذب، وربما كان عذاب الحب من عذوبته، بينما كل عذاب مذموم هو من التعذيب، وشتان بين العذوبة والتعذيب، وهو عذاب لا يتكرر كثيرا في الحياة، فلماذا تستعجلين إنهائه؟!!!
المواجهة حاليا لن تفيد ولن تضيف لأن أمام فتاك وقت حتى تستقر أموره، وأنت تحتاجين إلى وقت أيضا لتتأكدي كما ذكرت لك، فقط سيكون عليك بعض الانتظار، وإنجاز خطوات جمع المزيد من المعلومات، واستشارة آخرين، واختبار فتاك على محك الوقت والصمود والتماسك. فلا داعي للتشتت، ولا مكان للحيرة، فقط أنجزي ما ينبغي عمله، واسألي الله الهداية والتثبيت، وحسن الاختيار، وتابعينا بالتطورات.
ويتبع:>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> قلبي وأبي وربي شباب للعرض فقط م