الانحراف والاستقامة والله والحل.!؟
بسم الله الرحمن الرحيم:
(رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي، وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي، وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي، يَفْقَهُوا قَوْلِي)، قررت أخيرا أن أخرج عن صمتي الطويل نعم يا أحبائي كي أكون أخذت بأقصى الأسباب وأمام الله لم أترك طريقا إلا طرقته أملا بالشفاء والعافية.
إخوتي وضعت نفسي مرارا مكان المشرفين على الموقع وشعرت كم يتحملون ونحن نسرد قصص آلامنا وكم هي متشابهة لكن النفس البشرية تحيا بالأمل ولذا لكم أيها الأعزاء كل التقدير والاحترام.
ولدت منذ 20 عاما في الرياض الابن الأول في العائلة بعد انتظار دام سنتين دون أولاد، عائلتي صغيرة فنحن أربع أفراد أنا وأمي والدي وأختي التي تصغرني بعامين، كنت مدللا في صغري والدي في العمل وأنا مع أمي خالتي وجدتي وأختي هؤلاء هم الأشخاص الذين وعيت على وجودهم
كل وسائل الترفيه لصبي العائلة الصغير كانت عندي وفي الحقيقة حينما أذكر طفولتي لا أذكر إلا النساء ومتاعهن وما يخصهن، ودون قصد من أحد نشأت ربما كفتاة وخصوصا أنني أبيض البشرة لدرجة كبيرة وناعم جدا كما يصفني كل من يراني حتى الآن
وأنا أبلغ 20 سنة من العمر حياتي الدراسية بدأت ناجحة واستمرت كذلك حتى الآن والحمد لله (أدرس حاليا هندسة الكومبيوتر) ولكن المشكلة تتابعت في مسيرتي الدراسية، فغالب وقتي في المدرسة أمضيته وحيدا لا لعب لا تسلية دراسة وبس مع عناية فائقة بالمظهر والهندام جعلت من المدرسين في صفي يجلسونني في أماكن البنات ومعهن خوفا علي من الأذى لضعف جسدي الشديد ونحولي،
ومن هناك (الابتدائية) وحتى البكالوريا وأنا أتعرض لشتم واستهزاء الشبان بي لأنني وكما يصفني البعض كالنساء في كل شيء وفي الواقع حتى صوتي بقي ناعما كمظهري، فأنا لا أعرف على الهاتف أني شاب بل الغالبية العظمى من الناس يحدثونني كفتاة دون قصد منهم حتى أبادر كعادتي وفورا بالتعريف عن نفسي أني شاب وتنهال علي إرشاداتهم (عيب كيف صوتك هيك أنت السبب) وأنا لم أفعل شيئا لأكون بهذه الصفات.......
كل هذا كان يضيف إلى نفسيتي العقد كما سماها علم النفس ولكن بالرغم من ذلك لم أنطوي على نفسي وقررت المواجهة حتى النهاية أي أن سخرية الشبان في الصف الدراسي لم تمنعني من الكلام حتى كنت أتقصد القراءة بصوت عالي في اللغة الإنكليزية تعبيرا مني عن شخصيتي،
ولكن في داخلي كنت محطما فأنا صورة لمقاوم محطم الأحشاء نعم الجميع كانوا قساة ولم يساعدني أحد حتى والدي الذي كنت سخرية له في بعض المواقف حينما أكون وحسب وصفه الدائم البنت الثانية في المنزل أنا سليم جسد يا فلحيتي تنموا باستمرار كما شاربي وأعضائي سليمة فلا أشكو من عيب في الذكورة ولكن الصدمة الكبرى أتتني حينما عرفت أنني مشوه نفسيا لحد الشذوذ الجنسي.
نعم هذا أنا في نهاية المطاف وعند وصولي سن البلوغ وجدت نفسي أرغب بالشبان ولا تستهويني الفتيات ولا واحد بالمائة وبدأت مواجهة الشذوذ منذ خمس سنوات كألد أعدائي الذي لن أرضخ له ولو صرخ العالم بعدم وجود العلاج فلن أقبل أنا بذلك....
والسبب الرئيسي هو الله نعم أنا منذ صغري أصلي وحتى الآن وأصوم وأحفظ من القرآن الكريم وأقرأه باستمرار كما أنني محبٌّ للقراءة والموسيقى فقد درست بمعهد متخصص العزف على الأورج والبيانو إضافة لبراعتي في الرسم وأريد أن أوضح أمرا أنني لم أتعرض في حياتي لتحرش أو للمس من أي شخص ولا حتى في أيام الدراسة فأنا لم أضرب أحدا في حياتي حتى الآن لا مزحا ولا بجد
و لم أتشاجر إلا مع والدي الذي تعرضت منه لعدة صفعات تأديبا كما يقول في صغري..ولم أتعرض لمشاهدة أي صور غير أخلاقية حتى بلوغي ....حتى الآن لا أحد من أصدقائي القلة وهم ثلاثة ألتقي بهم بفترات محددة يعلمون بما أعانيه من أمراض نفسية ولم أبح بشيء لأحد من الناس لا قريب ولا بعيد لأنني لم أجد ذلك الواعي الراشد الذي سيكون موضع ثقتي.
منذ خمس سنوات أبحث عن حل لما أنا فيه، درست الماكروبيوتيك أملا في حل، بحثت الساعات الطوال على الانترنت وفي الكتب في كل ما طالته يداي من وسائل في الدين في كل ما وصلت له إضافة للجوء الدائم لله الشافي ولكن ونعم أقولها بحرقة بالغة دونما جدوى......
صمت كثيرا علي أجد الصبر إضافة لكبت غرائزي حتى وصلت لمرحلة من الضعف هددت صحتي فبعدة شهور تناقص وزني من 75كيلو إلى 62 كيلو أنا الآن في حيرة بالغة وضياع لن أتخلى عن ديني أو مبادئي في رفض الشذوذ كخطأ وانحراف وأريد الحل فلا مشكلة إلا والحل موجود علمه من علمه وجهله من جهله أريد حلا لصوتي الناعم لدرجة كبيرة ولنفسيتي أريد أن أكون رجلا سويا كما يرضي الله أنا مستعد لفعل أي شيء يساعدني على التخلص من هذه الكوابيس لا أريد أن أكون امرأة في جسد رجل أريد لعب دوري الحقيقي باستقامة!
لكم حبي وكل احترامي وتقديري أرجو أن تفيدوا أخاكم وابنكم الضائع بما فتحه الله عليكم من علم ومعرفة شاكرا وبخجل تجاوبكم والله خير الجازين بالخير والحسنى، عافانا الله نصرنا الله وأهم شيء وعلى الله فليتوكل المؤمنون والحمد لله رب العالمين، ولا أبريء نفسي إن النفس لأمارة بالسوء وأنا أعترف بخطئي إن كنت مخطئا
27/11/2004
رد المستشار
كنت بالأمس أشاهد آخر الأفلام التي أتيح لي متابعتها من خلال مهرجان القاهرة الدولي في دورته الثامنة والعشرين، وقد دعوت صديقي الذي تعرفت مؤخرا، وهو قريب من سنك يا أخي الكريم، وابني الفاضل، وسألته بعد انتهاء الفيلم عن رأيه، وعن رؤيته للقضايا التي تناولها الفيلم فكان مما قاله أنه فيلم عن "الرجولة"، وتناقشنا لبعض الوقت حول المفهوم الشائع عندنا للرجولة فإذا به بائس مثل أغلب تصوراتنا عن الإنسان وعن الحياة!!!
الرجولة عندنا تتلخص في الذكورة، والذكورة عندنا تتلخص بالجنس وممارسته، والجنس في فهمنا البائس انتصاب دائم، وإيلاج مستمر حتى تصرخ المرأة: يكفي... يكفي !!! ولا عجب أن أغلب نسائنا تعيسات فلا هذا هو الجنس المشبع، ولا هذه هي الذكورة المطلوبة، ولا تلك هي الرجولة المنتظرة من الزوج، فمن يعلم أمتنا بديهيات الحياة ؟!!!
انطلاقا من هذه الخلفية ننظر إلى كل صاحب بشرة ناعمة بيضاء، أو صوت خفيض رقيق أو قوام نحيف رقيق على أنه خنثى أو أنثى لأن "الرجل" في ذهننا هو "العتل“ الغليظ في قوامه وكلامه ومشاعره،
والحصاد هو ما نعيش ونرى من قطعان "الفحول“ حيث لا فارق بين أحدهم وبين الثور أو الدابة، وأجسام البغال، وأحلام العصافير كما كان يقول الشاعر العربي القديم، وفي الثقافة الغربية خلل كبير، ولدينا نحن أيضا في هذه المساحة خلل كبير واضطراب وتشويش عظيم، وفي عيني تغرغر الدموع حين أتذكر حبيبي ومولاي وسيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف كان الرجل، وسيد الرجال، وهو من يبكي أمام الناس حتى تخضل لحيته، وراحته ألين من الحرير، وهو أشد حياءً من العذراء في خدرها، ولم يكن جهوري الصوت ولا خفيضه، ولكن كان صوته بين بين، وهو الحبيب القريب، الرءوف الرحيم بأهل بيته وكل أمته بل والعالمين أجمعين.
لم يكن رسولنا صلى الله عليه وسلم غليظا خشنا بل يصفه الله: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ...) ثم خلف الله من بعد ذلك خلفا بعضهم يمشي ويتصرف كما البهيمة، ويرفع صوته بالصياح والصخب مثل الحمار، ويقسو في تعامله وكلامه، وهو يصلي ويصوم ويزعم أنه مسلم، بل وملتزم بالدين!!! ويظن أنه هكذا يكون "رجلا" يفخر بنفسه، ويتيه ويفرح برجولته !!!
وكم أردت أن نستنكر هذا ونتصدى له بوصفه فهما منحرفا ومسلكا منكرا للتغيير، وكم أردت أن أسأل أخواتي من الفتيات والنساء اللاتي يجهرن بالافتقاد إلى معانيها في أزواجهم أو ذويهم فأكاد أتوقف لأناقشهن "يعني إيه رجولة “؟!! في رأيهن لأني لست متأكدا أن هناك وضوحا بشأنها، أو اتفاقا على معالمها، وهذا جزء من المشكلة.
وكم أردت أن أشرح وأكرر أن الرجولة إنما تتعلق أساسا بالصفات المكتسبة من أخلاق وسجايا وطباع وأساليب تعامل والتزامات أدبية ومادية، بينما الذكورة تتعلق بالموروث بيولوجيا، أكثر مما تتعلق بما يمكن أن يترتب عليه ثقافيا وسلوكيا.
وكم يمكنك أن تقابل من يستدل على رجولته بحجم ما بين فخذيه لا بفاعلية ونشاط مخه الذي في رأسه فوق كتفيه!!! فهل صدقت أنت هذا وصرت تردد ما يصفك به الجهال ؟!!! وحتى ذكورتك البيولوجية فإنها تتعلق بالتركيب التشريحي والتوازن الهرموني، وليس في رسالتك ما يدل على أي خلل في هذا أو ذاك !!!
وقد تكون لديك مشكلة في التنشئة تتمثل في غياب "التقمص" الذي يتناوله علماء النفس ويعنون به هنا انعدام الرمز الذكوري الذي يمكن أو ينبغي أن يتوحد معه الطفل، وغالبا ما يكون والده أو بأثر وجوده في عالم الرجال بوصفه منهم، وقد تكرس هذا عبر عزلتك، وعبر معاملة المدرسين والزملاء لك بوصفك "هشا“ وقابلا للكسر، ومن الأفضل بالتالي أن يبتعدوا بك أكثر عن عالم الرجال العنيف القاسي بحكم تعريفنا وممارستنا السائدة للرجولة.
وكعادتنا مع كل من هو "مختلف" نبادر إلى التهكم والاستنكار بدلا من التفهم فضلا عن المشاركة والتشجيع على تغيير ما ينبغي تغييره، والحصاد أن الموجة كانت عالية بحيث أغرقتك في طريق تصديق ما يقولون!!!
ومبدئيا تحتاج إلى تغيير فهمك للرجولة، وإلى تدريب نفسك على النهوض بأعبائها من تحمل لمسئولياتك وتماسكك النفسي أمام الصعاب، والمحافظة على صدقك واستقامتك، وعدم التأثر بالنقد السطحي، وإضافة خبرات وتجارب وأفعال تزيد من ثقتك بنفسك، وربما تغمس نفسك بعض الشيء– في ممارسة رياضة قوة، أو مطالعة روايات بطولة، أو الانتظام في أنشطة إغاثة أو تطوع، مع الإصرار على المواجهة الاجتماعية والانفتاح، وعدم الانزواء.
تحتاج إلى تمرد ورفض في مواجهة الصورة النمطية التي رسمها الناس لك وقبلتها أنت على نفسك وبنفسك، وأن تكون كما تحب أن ترى نفسك وليس كما دأب الآخرون على رؤيتك.
وإذا ما كنت تجد في نفسك ميولا مثلية فإنك إضافة إلى ما سبق قد تحتاج إلى علاج متخصص، وفي كل الأحوال سيفيدك هنا ما سبق لنا قوله حول هذه القضية، وما تفضل به الأخوة من ملاحظاتٍ ومشروعاتِ مقترحات، ومشاركات فلا تحرمنَّ نفسك من الإفادة، وعد إلى إجاباتنا السابقة على مشاكل وحلول، وهنا على مجانين .
لا بأس عليك يا بني، وأنا واثق من قدرتك على تجاوز هذه الأحوال التي تضايقك، وتابعنا بأخبارك.
ويضيف الدكتور وائل أبو هندي ، الابن العزيز أهلا وسهلا بك على مجانين وأشكرك على إفادتك هذه التي استفزت بعض الكامن في وعي ابن عبد الله بارك الله فيه، من الخير للمسلمين بل لكل الطيبين من خلق الله على اختلاف دياناتهم، أشكرك بصدق وأدعو الله لك بظهر الغيب.... وأسأل كل زوار مجانين أن يفعلوا،
فما ذكره لك الدكتور أحمد عبد الله يا بني جديرٌ بأن يوصفَ بأنه فتحٌ معرفي جديد يحتاج إليه كل أطباء وعلماء النفس في علاج كثير من حالاتِ خلل الميول الجنسية، وحالات خلل الهوية الجنسية، هو يبدأ معك من تحطيم المفاهيم التي لم تناقش بل اعتبرت تلقائية على مستوى المجتمع البشري، والتي يمثلها هنا مفهوم ارتباط الرجولة بالذكورة والفحولة، مع أنها لا يشترطُ أن تكونَ كذلك،
ثم ينزل إلى الخاص بك من العام الذي هزه أمامك بعنف وصدق في نفس الوقت، ليستنفر فيك قوتك التي لا تراها رغم أنها بادية لكل ذي لبٍّ حصيف يقرأ إفادتك، فإن كان لنا أن نستشعر الرجولة في سطورٍ فإن سطورك ها هي رجولة مع النفس ومع المجتمع، يبني عليها ابن عبد الله حين ينصحك بـ(المحافظة على صدقك واستقامتك، وعدم التأثر بالنقد السطحي، وإضافة خبرات وتجارب وأفعال تزيد من ثقتك بنفسك، .......... مع الإصرار على المواجهة الاجتماعية والانفتاح، وعدم الانزواء................ وأن تكون كما تحب أن ترى نفسك وليس كما دأب الآخرون على رؤيتك)، وليس لديَّ ما يضافُ وإنما أردت الاحتفاء بك، لأنك جدير بالاحتفاء على مجانين، بارك الله فيك ويسَّر لك اتباع نصيحة مجيبك، ولا تنسى متابعتنا بالتطورات الطيبة.ويتبع>>>>>>>>>>>>>>>>>>الفهم الشائع للرجولة: الشذوذ المؤلم م. مستشار