وساوس قهرية كفرية: العلاج المتكامل! م1
حصار فكري ووساوس قهرية وأشياء أخرى
السلام عليكم... أنا مريض بالوسواس القهري الكفري منذ عام تقريبا، وذهبت لثلاثة أو أربعة أطباء نفسيين، وتناولت أدوية كثيرة، ولكن لم أستمر على الأدوية أكثر من أربع شهور وتوقفت.
منذ شهر يوليو الماضي اتخذت قراراً بوقف كل الأدوية لعدم اقتناعى بها، وتوكلت على الله وقلت سأستعيد حياتي بأي ثمن مهما كانت الوساوس، وسأتجاهلها مهما قالت لي حتى لو كان السباب أشد وأشنع من كل فترة، وانتظمت على الصلاة رغم صعوبتها، وقرأت القران أو كنت أسمعه، وبدأت أزاول عملي وأرعى ابني، بل وخطبت أيضاً، مع تجاهل تام لكل الوساوس رغم ألمها الشديد في رأسي.
باختصار ما أشعر به كالآتي:
أشعر بآلام برأسي كبيرة (ليست صداع) تجعلني أفتح عيوني بصعوبة، مع ضعف التركيز، وأشعر بضغط رهيب على جانبي ومؤخرة رأسي، حتى أنني أجريت فحوصات رنين مغناطيسي على المخ يمكن للمرة الرابعة، والنتيجة الحمد لله سلبية.
احترت مع هذه الآلام فهي عندما تذهب أتحسن كثيراً، وعندما تعود أتألم أكثر، وحالتي الوسواسية تسوء، وأنا أُصَبِّر نفسي وأقول أن كل شيء سيأخذ وقته وينتهي، هذا مع تضرعي لربي أن يساعدني.
ثانياً: أنا فعلاً محتار لماذا هذه الأفكار تأخذ هذه الأهمية داخل العقل رغم سخافتها؟!.. أعتقد أن هناك خلل في العقل مرتبط بالتفكير، إذن هو مرض عضوي فلماذا الأدوية لا تصلحه؟! أم أن الأدوية النفسية عبارة وهم ومجرد تخدير مؤقت للعقل؟
ثالثاً: أعتقد أن الوسواس يمتحور بين سب الذات الإلهية والموت، لأني أحياناً أشعر برغبة كبيرة في أن أسب، وأحياناً يحدث لي فجأة خوف شديد من الموت وقليى يخفق بشدة وأتعرق رغم أنني أتجاهل وأقول لنفسي "فوض أمرك لمن خلقك، وليفعل بك ما يشاء".
أنا أحاول أن أقاوم الوسواس، ولكن أحياناً يرتفع الخوف كثيراً لإجباري على التفكير.
رابعاً: شبهات الجنس حدثتكم سابقاً عنها، لماذا خُلِقَ الجنس وهو فعل فاضح؟!... أجبت نفسي مراراً وتكراراً أنه من خير النعم علينا، وأنه ميثاق الأبوة والأمومة والعائلة، وأتجاهل أكثر ما أفكر فيه.
سؤالي هنا: هل تنصحوني مع تجاهلي أو محاولة استمرار التقبَّل والتجاهل أن أعود للأدوية؟ أم أستمر بدونها؟
لأني أحياناً تكون قدرتي ضعيفة، وأوقات أضعف كثيراً أمام الوسواس، لكني أعود أقوى بعدها... بماذا تنصحونني؟
17/10/2020
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته يا "محمد"، ومعذرة على التأخر بسبب مشكلة في إرسال الاستشارات إليّ
كان ينبغي -هداك الله- أن تطلب النصيحة قبل أن توقف الأدوية وليس بعد. أنت لم تجرب الاستمرار على الدواء المدة الكافية ولم تستقر على دواء أصلًا ولا على طبيب.....، هذا التبديل المستمر مع قصر فترة تناول الدواء، لا يعطي نتائج علاجية كافية. المدة التي تستمر فيها على الدواء النفسي لها أهمية بالغة، ولا يكفي ثلاثة أو أربعة أشهر لتحكم هل كانت الأدوية مفيدة أم لا؟
أرأيت هذه الآلام والأعراض التي تشتكي منها في رأسك؟ إنما تتناول الدواء كي تستطيع المقاومة وتجاهل الوسواس دون أن يسبب لك القلق هذه الأعراض المتعبة.
لابد لك من المقاومة الطيبة التي تقوم بها، إضافة إلى الدواء، الدواء وحده غير كافٍ، والمقاومة وحدها في حالتك متعبة جدًا، والعلاج الأمثل هو الجمع بينهما.
المرض النفسي عبارة عن خلل وظيفي، ويلاحظ فيه اختلال في الناقلات العصبية في الدماغ، وفي الوسواس يكون الخلل في مادة السيروتونين، ودور الأدوية هي إصلاح الخلل في هذه المادة، وليست لتخدير العقل، ولكنها تختلف عن الأدوية غير النفسية في طريقة تناولها وآليتها، ومدة ظهور تأثيرها، إنها ليست حبة مسكن تجد أثرها فور تناولها.
ولعله من المفيد أن تقرأ مقال: الأدوية النفسية كلها مخدرات تسبب الإدمان ××، بل أن ترجع إلى ملف شبهات وردود بالكامل فتطلع على ما فيه
وللوراثة دور ظاهر في الوسواس والأمراض النفسية عمومًا.
أنت محتار لماذا تسيطر عليك هذه الأفكار رغم سخافتها؟!! وهل تم تسمية الوسواس مرضًا إلا لأن المصاب به تسيطر عليه فكرة سخيفة لا يستطيع منها فكاكًا رغم إدراكه لسخافتها؟!! هذا هو جوهر الوسواس كمرض.
الأمر الأهم: أن مثل هذه الأمراض يقع العبد فيها لحكمة، وذلك كي يوقن أنه إنسان ضعيف لا يملك من أمره شيئًا، فهذا دماغه الذي في جمجمته، وعقله الذي يتميز به عن الحيوان، واستأهل به حرية الاختيار، قد أصبح خارجًا عن إرادته لا يستطيع أن يتحكم به، ولا أن يختار ماذا يفكر!!!!
لا شيء يشعر الإنسان بضعفه وعجزه أمام خالقه مثل المرض النفسي....، ترى الرجل شديدًا عتيدًا، قوي البنية، بارز العضلات، ومع هذا لا يستطيع التحكم بنفسه "كإنسان" يبكي كالأطفال، وتقهره فكرة وقد كان لا يقهره أقوى رجل في الحيّ!! أظن أنك إن تشبعت بهذه الحقيقة وهذه المعاني، ثم وقفت على باب ربك تقول له صادقًا: يا رب.. أنا لا شيء لولاك، وكل شيء أقوم به تفضل منك، ولولاك ما تحركت ولا فكرت، فامنن عليّ بالشفاء، وقوني على الوساوس المرضية والشيطانية، واصرفها عني... الزم باب رب العالمين، واتخذ الأسباب العلاجية من دواء ومخالفة وتجاهل للوسواس، واصبر ولا تستعجل النتائج، وأملنا بالله الكريم أن يخرجك مما أنت فيه ويعيد إليك حياتك السعيدة النشيطة.
ملاحظة أخيرة ومهمة جدًا جدًا، وأرجو ألا تكون تأخرتْ مع تأخر الإجابة، من الواجب عليك وبعد أن يحصل القبول الكامل بينك وبين خطيبتك، من الواجب عليك إخبارها بوضعك النفسي، فوسواسك يقع في صميم الحياة الزوجية، فإن تفهمتْ هذا منذ البداية ستكون عونًا كبيرًا لك على الشفاء، وإن لم تتفهم سترتاح أنت ممن سيجعلك تتراجع أكثر. عدا عن أن إخفاء مثل هذا غش محرم يحاسب عليه الإنسان. أملي أن تكون قد أخبرتها...
عافاك الله وقواك على التزام أسباب الشفاء كلها من دعاء ودواء وعلاج معرفي سلوكي.
ويتبع >>>>>>> : وساوس قهرية كفرية : العلاج المتكامل م3