وساوس دينية شديدة جدا
الحقيقة أنني عانيت منذ بلوغي الخامسة عشرة من المشكلات الجنسية المعروفة كالاستمناء
كما أنني كنت أضع أشياء في دبري ولكن هذه العادة لم تستمر معي سوى فترة قليلة في فترةالبلوغ على عكس الاستمناء الذي طالما توقفت عنه ورجعت إليه وظل ينغص عليّ حياتي لمدة عشر سنوات.
مؤخرا بدأت تهاجمني وساوس دينية شديدة نتيجة لما عانيته فالحقيقة أني كنت ساذجا وخجولا جدا في صغري فأنا وحيد وأحس أن الشهوة الجنسية هي وحش كاسر هاجمني وأنا في عز سذاجتي وقلة خبرتي ولم يتركني سوى حطام إنسان وبدأت أتساءل عن لماذا يسمح الله بهذا.
حاولت كثيرا إقناع نفسي بأن هذا ابتلاء مكتوب على البشر وأحاول أن أتعايش مع الوضع وقد وجدت في موقعكم مشكلات جنسية كثيرة تشبه مشكلتي وأكثر وهناك سؤال يحيرني جدا وهو أني وجدت من عانى من ميول جنسية مثلية منذ الصغر وقد كنت أظن أن الشاذين جنسيا يتجهون للشذوذ أولا ثم تتكون لديهم الميول الشاذة أما أن يكون هناك أشخاص لديهم ميول مثلية أساسا ومنذ الصغر فهذا ما لا أفهمه وبصرف النظر عن كون هذه الميول ناشئة عن استعداد وراثي أو نتيجة لظروف التنشئة فإن النتيجة واحدة:
فتى صغير يجد في نفسه ميلا لنفس جنسه.لا أستطيع أن أفهم كيف يبتلي الله فتى صغيرا بمثل هذه الميول
وهو يكره رذيلة اللواط.
لقد توقفت تماما عن العادة السرية ولا أظن أني سأرجع إليها ثانية
ولكن مشكلتي الآن هي وساوس دينية من كل شكل ونوع وهذا
السؤال الذي سألته هو جزء يسير مما يعتمل في نفسي فمن فضلكم أجيبوني عليه ربما أرتاح قليلا.
الرجاء سرعة الرد عن رسالتي فأنا أتعذب
18/12/2005
رد المستشار
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن العزيز /...................
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،ـوبــــعد ،،،
• نحمد الله أن بعض العادات السيئة قد أقلعت عنها.
• بخصوص عادة الاستمناء فالأمر لا يستدعي أن ينغص عليك حياتك لمدة عشر سنوات ويمكنك الرجوع إلى تفاصيل هذا الموضوع في كتاب فقه السنة فسوف تجد ما يريح صدرك وخلاصة القول أنه لو كان الإستمناء هو البديل الوحيد للبعد عن الحرام وأنت على وشك الوقوع فيه فأنت في حلٍّ من تعذيب الضمير وتنغيص الحياة.
• أما عن قولك لماذا يسمح الله بهذا فالرد في السطر التالي في رسالتك وهو في قولك هذا ابتلاء مكتوب على البشر...
نعم هو ابتلاء.
والله لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون.
وكما أن الانحراف الجنسي ابتلاء. أيضا المغرم بالسرقة مُبتلى والمغرم بالخمر مُبتلى والمغرم بالكذب مُبتلى والمغرم بالنساء بالنظر المحرم والمواقعة المحرمة هو أيضا مُبتلى.
وأظن أنه ابتلاء أخف كثيراَ من الابتلاء بالسرطان أو الإيدز أو الفقر المدقع أو الكفر، ولكن الله ترك لنا الاختيار وأثابنا على الامتناع فكلنا فى الهوا سوا ولا داعي لتأنيب الضمير وسوء الظن بنفسك ونحن معك حتى يعافيك الله.
أما بخصوص شكواك من الوساوس الدينية فأنت لم تحدد أى نوع من الوساوس.. عموما ننصحك بالآتي:
* إذا كنت تعانى من وساوس وأفعال قهرية خاصة بالطهارة أو الصلاة أو الصيام أو النية أو الشك فى طهارة الثياب أو الوسوسة فى مخارج الحروف وتكرار الأذكار والأيات والكلمات فعليك الرجوع إلى رابط وسواس الوضوء والصلاة والصيام هل هو قهري؟ ففيه الكفاية إن شاء الله.
* أما إذا كنت تعانى من وساوس خاصة بالشعور بالرياء أو النفاق أو الكفر _ ( أو سب الله أو الرسول أو الدين) _ أو تصور أشياء فظيعة ورهيبة عن الذات الإلهية:
أول شيء لابد من معرفته:
هو أنك تعانى من حالة مرضية تستجيب للعلاج ولايعنى ذلك أبدا أنك كافر أو غير مخلص أو منافق أو خارج من الملة أو قذر أو نجس أو أنك راض عن هذه الأفكار.
فكل ذلك خدعة يفعلها المرض فى المريض لكى يشعر باليأس ويعتزل الناس ويترك عمله أو دراسته.
فلو تأكد ذلك:
فسوف تكون قادرا إن شاء الله على التغلب على هذه الأفكار الوسواسية المزعجة وتتغلب على الدوافع الملحة لكى تقوم بالأفعال القهرية.
قل لنفسك
هذه الأفكار ماهى إلا أفكار وسواسية وهذه الدوافع ماهى إلا دوافع قهرية.
إن الفكرة الأساسية هنا:
أن تسمى الأشياء بمسمياتها الحقيقية (مرض الوسواس القهري) وأن تدرك وتفهم أن هذا الشعور ماهو إلا شعور كاذب لا علاقة له بالواقع.
وبالبحث ثبت أن هذه الدوافع نتجت عن عدم إتزان كيميائى بالمخ وهذا ما يجعلها خارج سيطرتك وفقط الذي تستطيع أن تسيطر عليه هو ردود أفعالك لها (التكرار) وهذا يستغرق أسابيع أو شهور.
إن الهدف هو السيطرة على ردود أفعالك وليس السيطرة على الأفكار والاندفاعات القهرية نفسها.
ثـانــيا:
الشىء المؤثر الذى تستطيع القيام به هو الشىء الذى يغير من كيمياء المخ على المدى الطويل.
تذكر وقل لنفسك إنه ليس أنا الذى فقد الوضوء.
إنه ليس أنا الذى نسى ركعة أو سجدة أو الفاتحة.
إنه ليس أنا الذى ملابسه غير طاهرة.
إنه ليس أنا الذى يسب الله
إنه ليس أنا الذى يتعامل بالرياء أو الكفر أو النفاق.
إنه مرض الوسواس القهرى
وبرفضك الانصياع لهذه الاندفاعات القهرية ستبدأ كيمياء المخ فى التغير وتقل هذه الأحاسيس.
ثالــــــثا:
عندما تأتى الأفكار:
أ- أعد تسميتها (أفكارا وسواسية) ولا تصدق أن المشكلة فى الوضوء أو الصلاة أو طهارة الملابس أو فى نطق الكلمات أو فى الخشوع أو الإخلاص أو الرياء أو السب أو..... المشكلة فى المخ.
ب- أرجع هذه الأفكار إلى كونها اضطرابا مرضيا.
ج- ارفض حقيقة أن الأفكار الوسواسية والأفعال القهرية حقائق ثابتة.
إن هدف العلاج هو أن توقف الاستجابة لأعراض المرض.
رابــعا:
ضع فى اعتبارك تناول دواء لعلاج الوسواس القهري لأنه بالدواء سوف يكون تغيير الأفكار ووقف الأفعال أسهل إن شاء الله.
مع العلم : أن أدوية الوسواس القهري ليست مخدرات ولاتؤدى إلى الإدمان أو التعود.
العلاج المعرفي :
- واجه فكرة سب الله أو الرسل أو الدين بدون العراك معها لأنك لست أنت الذى يسب بل مرض الوسواس القهري.
- اعلم أن الله يحاسبنا عما نفعل فقط وليس ما نفكر فيه.
(انظر إلى لطف الله وإحسانه تعالى بأنه لا يعذب إلا بما يملك الشخص دفعه ومريض الوسواس القهري لا يملك دفع تلك الأفكار لأنه مجبور عليها مقهور بها وأنه لا يكلف الله أحدا فوق طاقته، وذلك عندما قال: «لله ما في السماوات وما فى الأرض وإن تبدوا ما فى أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شىء قدير» [ البقرة: 284 ] .
هنا يخبر الله تعالى أن له ملك السماوات والأرض وما فيهن وما بينهن وأنه مطلع على ما فيهن. لا تخفى عليه الظواهر ولا السرائر ولا الضمائر، وإن دقت وخفيت وإن حاسب وسأل ولكن لا يعذب إلا بما يملك الشخص دفعه.
روى الإمام أحمد عن أبي هريرة أنه لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتد ذلك على أصحاب الرسول _صلى الله عليه وسلم _وجثوا على الركب وقالوا يا رسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة والصيام والجهاد والصدقة. وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها. فأمرهم النبي عليه السلام أن يقولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير . فلما أقر بها القوم ونطقت بها ألسنتهم نسخ الله الآية الأولى وأنزل قوله تعالى: «لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت» [البقرة:286].
وفى الصحيحين: »إذا هم عبدي بسيئة فلا تكتبوها عليه، فإن عملها فاكتبوها سيئة، وإذا هم بحسنة فلم يفعلها فاكتبوها حسنة، فإن فعلها فاكتبوها عشرا «.
وروى مسلم عن عبد الله قال: سئل رسول الله _ (صلى الله وعليه وسلم) _ عن الوسوسة فقال: ذلك صريح الإيمان (أي أن كراهية الوسوسة هي دليل على الإيمان بالله تعالى) وأن الله لا يعذب إلا بما يملك الشخص دفعه .
روى ابن ماجة عن ابن عباس قال، قال رسول الله صلى الله وعليه وسلم: « إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه». والاستكراه هنا في الحديث يمكن أن يكون من البشر أو من غيرهم كالوسواس لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
روى الإمام أحمد بسنده إلى ابن عباس رضي الله عنهما قال: «جاء رجل إلى النبي _ (صلى الله وعليه وسلم) _ فقال: يا رسول الله إني لأحدث نفسي بالشيء، لإن أخر من السماء أحب إليّ من أن أتكلم به قال: الله أكبر الله أكبر الحمد لله الذى رد كيده إلى الوسوسة » ورواه أيضا أبو داود والنسائى والحديث صحيح.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله _(صلى الله وعليه وسلم) :« إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها مالم يتكلموا أو يعملوا به».(رواه مسلم)
وفي صحيح مسلم بشرح النووي باب بيان الوسوسة. في الإيمان وما يقوله من وجدها فيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:« جاء ناس من أصحاب النبي _(صلى الله وعليه وسلم)_ فسألوه : إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به. قال وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال ذاك صريح الإيمان ». وفي الرواية الأخرى « سئل النبي _( صلى الله عليه وسلم)_ عن الوسوسة قال : تلك محض الإيمان ». وفى الحديث الآخر:« لايزال الناس يتساءلون حتى يقال هذا الله خلق الخلق، فمن خلق الله ؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليقل آمنت بالله » .
وفي الرواية الأخرى : « فليقل آمنت بالله ورسله» . وفى الرواية الأخرى: « فليستعذ بالله ولينته » .
فقوله _(صلى الله وعليه وسلم)_ : ذاك صريح الإيمان، ومحض الإيمان معناه استعظامهم الكلام به هو صريح الإيمان . فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه ومن النطق به إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالا محققا وانتفت عنه الريبة والشكوك. وقيل معناه أن الشيطان إنما يوسوس لمن يئس من إغوائه، فينكد عليه بالوسوسة.
وأما قوله _(صلى الله وعليه وسلم)_ فمن وجد ذلك فليقل آمنت بالله، وفى الرواية الأخرى فليستعذ بالله ولينته، فمعناه الإعراض عن هذا الخاطر الباطل والالتجاء إلى الله تعالى فى إذهابه.
وظاهر الحديث أنه _(صلى الله وعليه وسلم)_ أمرهم أن يدفعوا الخواطر بالإعراض عنها من غير استدلال ولا نظر في إبطالها . فكأنه لما كان أمرا طارئا بغير أصل دفع بغير نظر في دليل إذ لا أصل له ينظر فيه.
وأما قوله صلى الله وعليه وسلم فليستعذ بالله ولينته، فمعناه إذا عرض له هذا الوسواس، فيلجأ إلى الله تعالى في دفع شره عنه، وليعرض عن الفكر في ذلك، وليبادر إلى قطعه بالإشتغال بغيره والله أعلم. (انتهى كلام النووي رحمه الله).
ملاحظــــة:
هنا ينبغي التنويه إلى أن دور الشيطان فى الوسواس يقتصر على إلقاء الفكرة إلى الموسوس له كما في قوله تعالى:«وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم»[الأنفال: 48].
فلو صادفت الفكرة إنسانا سليم الفكر فسوف يتجاهل عقله الفكرة ويطردها بعد الاستعاذة بالله والاستغفار والانتهاء.
أما إذا صادفت إنسانا مريضا فسوف تتضخم وتتكرر وتتسلط وتستحوذ على العقل (ارجع إلى كيفية تكون الفكرة الوسواسية).
العلاج السلوكي:
الخلاصــة:
عند ورود الأفكار الوسواسية المتسلطة والتي تتمثل في اندفاعات لسب الله أو الرسل أو الدين والبصق على أشياء مقدسة وغالية مثل: المصحف و... ووضع القدم عليه و.. إلخ فالعلاج هو:
أ- استعذ بالله واستغفره وانته، فإن لم تذهب الفكرة:
ب- افصل بين الفكرة وبين المشاعر المصاحبة لها من حزن وغم وهم، لأنك لست أنت الذي يسب ... بل المرض واعلم أن كل ما تعنيه هذه الأفكار أنك مريض وفي حاجة إلى العلاج فإن لم تذهب الفكرة:
ج- حاول وقف الفكرة الوسواسية المتسلطة كما سبق شرحه ولا تجعلها تسترسل في عقلك قدر استطاعتك. فإن لم تذهب الفكرة:
د- اشغل عقلك بعمل أو بفكرة أخرى كما سبق شرحه فإن لم تذهب الفكرة:
ه- اترك هذه الأفكار بدون تقييمها أو الحكم عليها أو التأثر بها كما سبق شرحه. فإن لم تذهب الفكرة:
و- تجاهل هذه الأفكار، ستجد أنها تتلاشى من الوعي والإدراك تدريجيا كأنها غير موجودة.
ز- عليك الرجوع إلى بحث علاج الأفكار الوسواسية في باب نطاق الوسواس القهري على موقع مجانين لكي تعرف بالتفصيل كيفية علاج هذه الأفكار أيا كان نوعها.
ح- إذا أردت المزيد من التفاصيل حول هذه الموضوعات عليك الرجوع إلى كتاب: الوسواس القهري دليل عملي للمريض والأسرة والأصدقاء_.
فإذا فشلت كل هذه المحاولات توكل على الله، وخذ العلاج الدوائي الذي يصفه لك أقرب طبيب نفسي من مكان إقامتك فإن لم تتحسن: اطلب من طبيبك زيادة الجرعة أو تغيير الدواء أو إضافة دواء آخر .
ولك مني كل تحية وسلام،،،
وتمنيات بالشفاء والسعادة،،،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،