هل هذا وسواس؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يوم صار لي هذا الشيء بدأت وقتها أقرأ القرآن كل أسبوع، وبعدها بفترة قصيرة تذكرت شيئاً صار لي، فقد كنت أعرف بنت قبل سنتين تقريبًا وقالت "تخيلوا الإسلام كذبة؟!"، في وقتها رددت عليها "أن كيف تقولين كذا!"... المهم تذكرت هذي الجملة وبدأت أفكر فيها وأقول "لا لا، لازم أتجاهل" وكنت أتعوذ من الشيطان، لا أدري هل كنت مدركة أنه هو وسواس ولا إيش.
بعدها كنت أشوف أهلي يدعون وفأقول بداخلي "يدعون مين؟ أصلي وتُصَلِّينَ لمين؟"... بعدها كنت أقرأ القرآن ويجيني كلام ما أعرف وش هو لكنه سب، وكنت أبكي ولا أُكمِل قراءة، كنت ما أعرف أن هذا وسواس، وبعدها رحت أبحث في اليوتيوب وأكتب "وسواس كذا وكذا" إلى أن وجدت اسمه، ففرحت وراح عني، ولكن بنفس هذا اليوم جاء وسواس سب وقذف الناس، وللأسف كنت أكره نفسي بشدة "كيف أقذف أهل؟!"، وبعدين عرفت أن حديث النفس لا نُؤَاخَذُ عليه، ولكن استمر السب فترةً طويلة، وجاءت وساوس عديدة في الصلاة والوضوء.
أبي أسألكم عن وسواس السب، فأنا متأكدة 100٪ أنني أكون متعمدة أحيانًا، ولكن مرات إذا جاءني أُغمض عيني وأصير أشد نفسي، ومرات أشد شعري أبيه يسكت!، وصرت أتهرب من القرآن عشان ما أدخل سب في الآيات وأشعر بعدم إكراه، وبعدها أشك وأقول "هل هذا وسواس؟" وأنا أبي أسألكم: هل هذا وسواس؟ علمًا بأن وسواس الشك دايم يجيني تساؤلات أولها "هل الإسلام هو الصح؟"، ومن ثم تشكيك بوجود الله، وبعدها "من خلق الله؟"، وكنت أبكي وأدعي أنَّ هذا التساؤل ما يجيني، وأبحث بجوجل واليوتيوب وللأسف ألقى ملحدين فتزيد الشكوك، وبعدها تساؤل "ليش إحنا موجودين؟"، وكان يجي تشكيك بالجنة والنار وبالقرآن إنه ممكن يكون مُحَرَّف، وأشوف آيات وأحس بشعور شتات وضياع.
طبعًا الحين خفت إنه ممكن يشوفون موسوسين كلامي ويشكون، باختصار أود أن أسأل:
1- هل لو شعرت بعدم إكراه أو إن كان مُتَعَمَّداً لا أكفر؟
2- أنا يأتيني وسواس مثلاً لو كنت أتكلم مع شخص وقال "أنتي تقصدين كذا وكذا" وأعانده وأقول الكلام اللي أبي أقوله، بس بعدين أندم وأقول "بكذا أنتي تكلمتي وكفرتي" فهل كفرت؟
3- بسأل عن وسواس ثاني وهو أني أحس بقطرات بول تطلع وأنا أتوضأ أو أصلي، وأحس إنه خلاص تكَّة وراح يطلع البول رغم أني أكون توِّي تبوَّلت!... لكن أسأل أمي وأختي فيقولون "تجاهلي" فأتجاهل، فهل صلواتي صحيحة؟
4- أنا سألت شخصاً وقال لي أن الخوف من الكفر هو كره، وفعلاً بدأت أتجاهل السب، لكن يذكرني بالسب المتعمد، وإلى الآن مستمر السب المتعمد، فماذا أفعل؟
5- دائمًا أشك إن اللي فيني مو وسواس، فهل هذا وسواس؟
6- إذا جيت أسوي شيء زين لنفسي (أكل، نوم، ضحك مع شخص.. إلخ) مرات أقول "بكذا رضيتي" ومرات أقول "إنتي ما تستاهلين" وأنقد على نفسي، فهل أتجاهل هذا الكلام؟
7- إحنا بيتنا صغير، وعندنا ثلاثة أطفال واحد منهم ينزِّل ملابسه ويركض بالبيت على أساس أنه بكذا يلعب، ولكن مرات يتبول بالبيت وليس بالحمام، وعندي أخ يروح للحمام لحاله، وأشك بنجاسته وأكره أن يمسكني، وعندي أخت فيها سلس بول ودائماً أتجنب الأماكن اللي تجلس فيها وأحس أن البيت كله نجس، وأحس أني نجسة، حتى مرات أحس أني تنجست بسببي أنا سواء بأن أكون مسكت ملابسي الداخلية أو إذا كنت أقضي حاجتي بالحمام.. إلخ، فماذا أفعل؟
شكرًا لكم...
ويا ليت تردون وما تتركون سؤال.
9/11/2020
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته، وأهلًا وسهلًا بك يا "رغد" مرة أخرى
رسالتك هذه لا تختلف عن سابقتها كثيرًا إلا في بعض الإضافات، الإضافة الأولى تتعلق بربط الكفر بأشياء لا علاقة له به!! وهو في أسئلتك الأخيرة برقم 2 و 6
المكفرات أمور حددها الشرع، ولها قيود كثيرة، وإذا كان هناك احتمال قليل وتأويل يمنع من الحكم على الشخص بالكفر، فلا يجوز اتهامه به. فمن أين أتيت بالأسباب المكفرة الخاصة بك؟!!! إذا تكلمت بكذا..... إذا ضحكت.... إذا كان كذا فأنا رضيت بالكفر إذن كافرة!!! ما هو دليلك على هذا الربط؟
طبعًا لا يوجد دليل سوى الوسوسة، والموسوس لا يؤاخذ، ولا يكفر بهذه الأفكار التي ترد إلى ذهنه. أنت ترين الوسواس مؤلمًا والموت أرحم منه، لكن لو عرضنا هذه الأفكار على المقاييس المنطقية المقبولة لكان مضحكًا سخيفًا إلى أبعد الحدود!! لماذا تجعلين مثل هذه السخافات تتحكم بك وتفسد عليك حياتك؟ أنت قوية، لا يليق بك أن تستسلمي وأنت في مقتبل العمر.... اطردي كل هذا من حياتك، وقولي: أنا لن أصدق الوسواس ولن أستسلم له، إنه سخيف، ولست سخيفة مثله حتى أصدقه.
الإضافة الثانية في الطهارات في الأسئلة رقم 3 و 7 وهذا وسواس لم تذكريه في رسالتك السابقة...
بالنسبة للسؤال الثالث: نعم يا بنيتي وضوؤك صحيح حتى لو أحسست أن البول خرج منك، وما عليك إلا أن تتجاهلي لأنه شعور كاذب غير حقيقي، وهو معتاد عند الموسوسين بخروج البول، فلست أول من يشتكي من ذلك، ولست أول من تكون أحاسيسه كاذبة، والحكم في حق الجميع أن يتابعوا صلاتهم. ولو أن إنسانًا غير موسوس كان ينزل منه تلك القطرات بالفعل لقلنا له إنك دائم الحدث، وصلاتك صحيحة حتى لو بللت ثيابك وقدميك...، فما بالك بموسوس شعوره كاذب؟ ولو فرضنا أن شعورك حقيقي، فأنت في حكم دائم الحدث الذي ذكرته لك، وصلاتك صحيحة.
السؤال السابع ملخص أليم لوسواس النجاسة، وبالتأكيد هناك تفاصيل أخرى تجعل حياتك وحياة من حولك متعبة إلى أقصى حد.
أولًا يا عزيزتي لا أحد يعيش بهذه الطريقة وهذه الأفكار إلا موسوس النجاسة والطهارة، أما الوضع الطبيعي الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن بعدهم، ألا يفكر المسلم في هذه الأشياء طوال اليوم، وفي كل مكان. إن رأى المسلم نجاسة محققة طهَّرها، واختفت وانتهت في مكانها، وإن لم يرَ شيئًا ولم يتأكد من وجودها 100%، فكل الأمكنة طاهرة، وكل الناس طاهرون.
وعندما وجد العلماء أن النبي صلى الله عليه وسلم وصحبَه رضوان الله عليهم كانوا يتصرفون بهذا الشكل وضعوا قاعدة: (لا تنجيس بالشك) أي يجب أن تكوني متحققة من النجاسة 100% وليس مجرد "أشعر أن البيت نجس". وقاعدة: (الأصل في الأشياء الطهارة) يعني الأصل أن بيتك وأخوتك طاهرون، ولا يتنجس إلا ما ترين النجاسة عليه بيقين. وهناك قاعدة مريحة جدًا: (إذا ضاق الأمر اتسع) و (المشقة تجلب التيسير) فلو فرضنا أنك تعيشين في بيت تملؤه النجاسات فعلًا، فهذه النجاسات يعفى عنها جميعها، ولا تؤثر على صلاتك ودينك كي لا تقعي في الحرج العظيم. وهناك أيضًا مذهب المالكية، فيه قولان صحيحان يعمل بهما، أحدهما: أن الطهارة من النجاسة سنة منفصلة عن الصلاة، فلو صلى الإنسان وعليه نجاسة فصلاته صحيحة.
أخوك الذي يتبول في البيت لا نحكم بنجاسة غير الموضع الذي تبول فيه، لأننا لم نرَ النجاسة في مكان آخر، والأصل في الأشياء الطهارة ولا تنجيس بالشك. والآخر الذي يتبول في الحمام لكن تشكين بنجاسته، فينطبق عليه قاعدة: لا تنجيس بالشك. إذا لم ترَي النجاسة بأم عينك فكل شيء طاهر، أخوك وثيابه والبيت؛ وانتبهي إلى أنك لست مطالبة شرعًا بالتفتيش والبحث لتتحققي من شكك، بل إذا قابلتك النجاسة صدفة تطهرينها، وإلا فلا نعلم ولا داعي لأن نعلم هل هناك نجاسة أم لا؟ وصلاتنا صحيحة، ولا يحكم الشرع بانتشار أي نجاسة، لأن الحكم أصلًا أنه لا توجد نجاسة.
أخيرًا: أرجوك لا تكسري خاطر أختك المريضة التي ابتلاها الله بسلس البول، فتهربي منها ومما تجلس عليه، هل يرضيك أن تكوني مكانها فيهرب الناس منك؟ ولعلهم سيفعلون إن بقيت على هذه الحال من الوسوسة لأنك ستوقعينهم في حرج عظيم؛ هل يرضيك هذا؟ لو فرضنا أنها جلست في مكان ما، ونجسته، وجفت النجاسة، فالنجاسة لا تنتقل حتى لو جلست عليها لأن (الجاف على الجاف طاهر بلا خلاف)، النجاسة لا تنتقل بين شيئين جافين.
ودعينا نضع احتمالات: إن كانت النجاسة رطبة فإنك سترينها وتبتعدين عنها وتقومين بتطهيرها. وإن كانت جافة هي وأنت، فلن ينتقل شيء بإجماع العلماء. وإن كانت ثيابك أو أعضاؤك رطبة ومبتلة، وجلست فوق النجاسة الجافة، فقال الحنفية وآخرون: إن النجاسة الجافة لا تنتقل إذا لامسها طاهر رطب، إلا إذا ظهر أثرها على الطاهر الرطب. وباعتبار أنك أصلًا لا ترين النجاسة ولا أثرها، فكيف سينتقل أثرها إلى الرطب؟ ونعود للأصل: الأصل في الأشياء الطهارة وأنت لم تتحققي من تنجيس أختك للأشياء 100% ولا تكلفين بالتفتيش عنها.
ارجعي الآن فعدي كم رخصة ذكرتها لك في إجابتي؟ وكم دليلًا شرعيًا ينسف تفكيرك الوسواسي وتصرفاتك الوسواسية؟ هل ترين أن العقل يقبل الوسوسة وقد أثبتُّ لك بطلانها وسخافتها بهذا الكم الكبير من الأدلة؟
كوني قوية إذن، وصممي على ألا تستجيبي لشيء من وساوسك وأن تتصرفي ككل الناس، ستشعرين في البداية بقلق بالغ يمزقك، ولكن إن تابعت بعزم وتصميم فسيذهب القلق ويأخذ الوسواس معه في رحلة لن يرجع منها.
اذهبي فصلي ركعتين لله تعالى في الروضة الشريفة، وأكثري الدعاء في سجودك أن يعينك الله تعالى على التطبيق، وأن يشفيك عاجلًا غير آجل، أنت وكل موسوس متعَب حزين، فدعاء الأخ لأخيه في ظهر الغيب مستجاب، والملائكة ستقول آمين، والله لن يرد دعاء خرج من قلب صادق، متألم، في روضة نبيه عليه أفضل الصلاة والتسليم. وأبلغيه صلى الله عليه وسلم مني السلام أيضًا.
أعانك الله وفتح عليك يا رغد وعافاك.
ويتبع >>>>>: هل هذا وسواس ؟ نعم وسواس الكفرية 100% ! م