وسواس قهري تعمقي: وسواس الاستنجاء والتطهر!
وسوسة دينية
السلام عليكم ورحمة الله... منذ شهر تقريباً نشرت مشكلتي في الوسوسة والنجاسة تحت اسم "وسوساس قهري تعمقي: الاستنجاء والتطهر"، وأشكر الدكتورة "رفيف الصباغ" على الإجابة المُفصَّلة.
قد استفدت أنه واجبٌ عليَّ في حالتي ويحق لي أن أطبق مذهب أو قول عند المالكية مضمونه إزالة النجاسة، وبحثت بالموضوع فوجدت قولاً في كتاب "نيل الأوطار" للإمام الشوكاني يقول فيه "تصح الصلاة بالنجاسة مع الإثم"... سؤالي هو: هل حقاً ورغم ذهاب أكثر جمهور العلم والأئمة والفتاوى التي تقول أن إزالة النجاسة شرط لصحة الصلاة حسب أدلة وأحاديث كثيرة قوية ومُسنَدة يحقُّ لي كموسوس أن آخذ بقول غير مشهور في موضوع مصيري مثل الصلاة والطهارة والنجاسة؟
سؤالي الآخر: يا دكتورة دائماً ما تنصحينا بوجوب تطبيق سُنِّيَّة إزالة النجاسة حتى نتحرر من معاناتنا ووسوستنا، ولكن تعودين وتشرحين لنا أحكام الانتقال من رطبٍ لجافٍ ومن جافٍ لجافٍ ومن جافٍ لرطبٍ، فاستقر في قرارة نفسي شعور أنك غير مُصَدِّقة بنصيحتك بسنية الإزالة لأنك تشرحين طرق الانتقال، فلو كانت الإزالة سنة فلا أعتقد أني سألتفت لموضوعها سواء كانت رطبة أو جافة أو انتقلت أو لم تنتقل.
سؤالي الأخير الذي أرهقني بكثرة: قرأت أن الغسالة الأتوماتيك تُزيل النجاسة بالمرة الثانية بعد نضح الماء المختلط بالصابون في المرة الأولى، وليس لدي أدنى شك في ذلك خصوصاً في موضوع نجاسة البول فهي سائلة وتزول بصب المياه فقط، ولكن أتمنى أن تأخذيني حسب طريقة تفكيري كموسوس وألا تقولي أني أتخيل ذلك فقط... لو كانت النجاسة غائط فهل تزول بالغسيل في غسالة الأتوماتيك؟ علماً أنه وحسب المساحيق المتوفرة بالسوق فهي تتغلل بين الأقمشة وعبرها لإزالة البقع، لكن (وأرجو الإجابة على هذه النقطة) مثلاً لو كان الغائط موجوداً على الوجه الداخلي للكنزة أو البنطال (يعني أن الوجه الخارج الذي يتعرَّض للماء والصابون مباشرة هو الوجه الذي ليس فيه غائط)، فهل يجب قلب الملابس وغسلها على الوجهين؟ أم لا يهم ذلك وبمجرد أنها غُسِلَت فالماء يتغلل بين القماش ويزيل كل شيء سواء وجه خارجي أم داخلي؟
ملاحظة: لا أستطيع فرك النجاسة بيدي قبل وضعها بالغسالة لأن ذلك بمثابة انتحار لي كموسوس.
تعقيبا على سؤالي الآخير فالسبب الذي جعلني أسأله هو أنني ذهبت لخياطٍ ليقوم بتقصير البنطال، وعندما طواه أو فرده مرتين من تحت وخيطه فأصبح هناك وجه مطوي ومخيط، وبالتالي لن يتعرض للماء مباشرة، وبعقلي الباطني أنه ربما كان هناك غائط على يد الخياط، وإن كنت تفكرين كيف أصبحت يد الخياط نجسة فهي قصة طويلة من معاناتي يطول شرحها مثل أني أبحث بمحيط المحل وغيرها من القصص ولكن أتمنى أن تجاريني في تفكيري واعتقادي بنجاسة يد الخياط فقط في هذه النقطة.
وبمتابعة السؤال فمنذ يومين فككت هذه العقدة التي أحدثها الخياط منذ سنة تقريباً بيدي بهدف إطالة البنطال قليلاً، وتذكرت خلال ذلك يد الخياط وأن هذا الوجه لم يتعرض للماء مباشرةً فبالتالي الطاولة والإبرة والخيط والجوال والخزانة والبنطال أصبح نجساً، فهل الغسالة تطهر الغائط من الملابس حتى ولو كان الوجه الذي يحوي الغائط لا يتعرض للماء مباشرة.
وأعتذر عن الإطالة،
وأسألكم الدعاء لي بالشفاء مما ابتُلِيتُ به.
11/11/2020
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا "محمد"، وأهلًا بك وسهلًا على موقعك مجانين مرة أخرى
قلت لك في إجابتي السابقة أنك وصلت إلى مرحلة التشكيك بصحة الإجابات الشرعية، ونبهتك ألا تعترض على ما أجبتك. لن أرضى لنفسي أن أحرف في الأحكام وأدخل النار لأجل موسوس!!
المالكية لديهم قولان مشهوران (والمشهور مصطلح فقهي عندهم يعني أن القول قوي يصح العمل به)، هذا القولان المشهوران، أولهما: طهارة المصلي عن النجاسة سنة منفصلة عن الصلاة عند تذكر وجود النجاسة، والعلم بها، والقدرة على إزالتها، وليست شرطًا لصحة الصلاة. وثانيهما: طهارة المصلي عن النجاسة واجب منفصل عن الصلاة عند التذكر والعلم والقدرة، وليست شرطًا لصحة الصلاة، وتجب إعادة الصلاة في الوقت إن تذكر وعلم وقدر.... ولذلك تفصيلات أخرى لا تفيدنا هنا. ومن علماء المالكية اليوم من يرجح الوجوب، لكن الجميع يقولون إن على الموسوس الأخذ بأنها سنة لأن عليه أن يعالج وسواسه.
أما نيل الأوطار للإمام الشوكاني الذي رجعت إليه، فهو كتاب يتضمن شرح أحاديث الأحكام الفقهية، ويهمه بيان كيفية استنباط الحكم من الحديث، وكيف يدل الحديث عليه؛ ولا يهمه أن ينقل القول المشهور أو المفتى به في المذاهب. وأول المسلمات التي علمونا إياها أن لا نأخذ حكمًا فقهيًا منقولًا عن مذهب من المذاهب من كتاب لشرح الحديث، ولا من كتاب مذهب آخر، فقد يذكر الحنفية في كتبهم أن قول الشافعية كذا، ولكننا لا نأخذ بما نقلوه حتى نرجع إلى الكتب المعتمدة في مذهب الشافعية ونعلم هل هو مرجح في المذهب أم هو قول ضعيف لا يعمل به. حتى إن ابن حجر العسقلاني صاحب كتاب فتح الباري في شرح صحيح البخاري، من علماء الشافعية، ولكننا لا نأخذ مذهب الشافعية من كتابه هذا لأنه كتاب في شرح الحديث
فأرجو أن تعلم أن العلم الشرعي ليس "شوربا" وليس كل كتاب تجده يصلح لأن تأخذ منه الأحكام، ولكل اختصاص أهله، وإذا كنت سأدخل النار كي أجيب الموسوسين، فأنا عن إجابتهم في غنًى.... كثيرًا ما أحتاج إلى يومين أو ثلاثة لأجيب على الاستشارة لأني أدقق الأحكام من الكتب، أو أسأل العلماء.... فإن شئت فطبق وإن شئت فابقَ على ما أنت عليه، لست أنا من يعاني....
كيف ستشفى إن كنت تشك في كل شيء؟ هل تريد اتباع الشرع الإسلامي، أم شرعا آخر أملاه عليك الشيطان؟
بالنسبة لذكري أحكام انتقال النجاسة إلى جانب النصح باتباع قول المالكية في سنية تطهيرها قبل الصلاة، سببه أن الموسوس -كما ترى من نفسك- لا تقنعه إجابة واحدة، ولا دليل واحد، فأمشي معه تدريجيًا، أن الحكم كذا، فإن لم يقنعك فهناك حكم يقول كذا؟، فإن لم تقتنع بذلك كله، وأقلقك البحث في انتقال النجاسة وعدمها، فأرح رأسك من هذا كله، وقل: صلاتي صحيحة عند المالكية ولن أطهر شيئًا، ولستَ أفضل حالًا من أتباع مذهب مالك الذين يعملون بهذا القول.
أما سؤالك عن تطهير الغسالة للثياب من الداخل....، هل رأيت في حياتك ثوبًا وضعته في الغسالة فخرج نظيفًا من ظاهره متسخًا من داخله؟!!! بئست هذه الغسالة إن كان تنظيفها هكذا، ونحن عن خدماتها في غنًى...
غير أني سأسألك سؤالًا: أبوك ذهب إلى المشفى ليلد، هل تستطيع أن تخمن هل أنجب بنتًا أم صبيًا؟ بعضهم حاول التخمين، وهذا مضحك...، لكن لاحظ معي، السؤال غير منطقي، وغير وارد من أصله، فكيف نجيب عليه؟!!!
إذا أردتني أن أجاري تفكيرك غير المنطقي لأنك موسوس، فهذا يعني أني سأجيبك على السؤال السابق وسأخبرك: أن أباك أنجب بنتًا، وأسألك إن اختار لها اسمًا أم لا؟ وهل هو مسرور بالبنت أم كان يريد ابنًا ذكرًا؟ وما لون الثياب التي ستشترونها للبنت؟ هل يعقل هذا يا رجل؟؟؟!!!
الغائط غير موجود إلا في تخيلاتك، فكيف تريدني أن أجيبك هل زال أم لا؟! الجواب المنطقي أن أقول لك: لا يوجد غائط، فلماذا يقلقك تطهيره إلى هذا الحد؟
ثم تجد إمساك البنطال وتطهيره من الكوارث، ودعني أقول لك: إنك لن تشفى من وسواسك المرير إلا إذا أمسكت البنطال ووضعت رجله في وعاء به ماء، ثم غسلت وجهك بهذا الماء!! أخبرني، كم أصبحت درجة حرارتك، وكم أصبح عدد نبضات قلبك بعد قراءة هذه العبارة؟
أعلم أن إجابتي قاسية، لكن لتعرف أنك في خطر عظيم، حياتك كلها في خطر، إن لم تذهب إلى الطبيب، وتتناول الدواء كي يخفف عنك بعض القلق ويسهل عليك غسل وجهك بماء نقع البنطال!!
مرضى السرطان يصبرون على مرارة الأدوية والجرعات الكيماوية، وعلى آثارها الجانبية المؤلمة، ويدفعون لأجلها الغالي والرخيص، وبعضهم يبيع بيته للحصول عليها....، ألا يستحق الوسواس منك بذل الجهد لعلاجه، والصبر على ذلك، وقد نسف حياتك وراحتك وأصبحت ميتًا بين الأحياء؟ لابد من الصبر على مرارة العلاج إنقاذًا لحياتك، وإن كنت تحتاج إلى مسكنات ألم لتحمل ذلك، فاذهب إلى الطبيب وتناول أدوية الوسواس التي أنت أعلم الناس أنها لا تسبب إدمانًا وليست من المخدرات.
أعانك الله ومنحك القوة والشجاعة لتطبيق العلاج.
ويتبع >>>>>>> : وسواس قهري تعمقي : وسواس الاستنجاء والتطهر ! م