السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
الدكتور وائل حفظكم الله؛
يا دكتور اعذروني كثيراً على إطالتي في سؤالي لأني أعاني من مشكلة قد يطول وصفها وقد يحتوي على أشياء لا يحسن ذكرها أسأل الله أن يأجركم على التكرم باقتطاع جزء من وقتكم لقراءتها والإجابة عليها.
أنا يا دكتور شاب عمري 21 سنة أعاني من مشكلة مرت علي في حياتي وهي أني وقعت من غير قصد وبالصدفة في العادة السرية وعمري تقريباً 12 سنة وبعد إدمانها لسنة ونصف علمت بحكمها الشرعي فجاهدت نفسي لمدة تقرب السنة والنصف حتى تركتها وبعد ذلك أصبحت إذا نمت أفاجأ بأني قد قمت أثناء النوم بنزع البنطلون من غير علمي فأصبحت أضع مشبكا بين البنطلون والفانلة فتغلبت على المشكلة لكن أصبحت أحتلم وأغتسل يوميا وذلك لعدة أشهر حتى اختفى ذلك العرض.
لكن بعد ثلاث سنوات وقعت مشكلة أشد وهي أني أقوم بالعادة السرية (من غير فسخ الثياب بل بالنوم على البطن) أثناء النوم ومن غير وعي تقريبا أو أحيانا بنصف وعي حيث أني أنام طبيعيا ثم أتفاجأ أثناء الليل بأني أصحو وأعمل هذه العادة وأنا بين النوم واليقظة، وقد حاولت بشتى الطرق أن أتغلب على هذه المشكلة فلم أستطع مما سبب لي العديد من المشاكل،
وأيضاً أصبت بوسوسة في البول حيث أني بعد التبول أشعر بنزول قطرات من البول فأمكث في الحمام وأغسل ثيابي وقد أفتاني شيخ بأن لا ألتفت لهذه الأحاسيس لكن لم أستطع لأنها قوية جدا (تقريباً حقيقية) وبالإضافة إلى ذلك أصبحت أوسوس في المني وكلما مرت بفكري خاطرة أو وقعت عيني على امرأة فسارعت بغض البصر أشعر أن منايا خرج مني بل إني عندما أمر بموقف مخجل أو محرج أو مخيف أشعر بنزول المني.
وقد استفتيت شيخاً فقال لي لا تلتفت إلا للبلل الواضح فأصبحت أتساءل يا ترى ما هو البلل الواضح وأصبحت أتوضأ لكل صلاة وأعيد صلواتي مرات عديدة ثم أصبحت أوسوس في الريح وهل خرجت مني أثناء الصلاة أو بعد الوضوء وذلك لأني بمجرد أن أتوضأ يتجمع الريح في بطني وأصبح في حرج وأحاول أن أدافع الريح كي لا يخرج أثناء الصلاة حتى أصبحت الصلوات عندي صعبة جدًا خصوصاً صلاة الجمعة حيث يلزمني أن أجلس في المسجد وأستمع إلى الخطبة.
وحيث أني أكبر أبناء أمي التي ربتني بمالها ومن كسب يدها وكانت تؤمل بي آمالا كبيرة لكن أصبحت موسوسا وأصبحت تعاني مني فإني أشعر بنوع من الإحباط بالإضافة إلى الخوف من الزواج حيث أن حالي لا ترضي أي امرأة فإني أبدل ملابسي في اليوم مرات عديدة (لكل صلاة مرة أو مرتين أو أكثر) وأغسلها مرات عديدة وعندما أخرج في نزهة خارج البيت ففي أغلب الأحيان أحتاط بوضع ملابس معي ولا أخرج في نزهة خلوية أو بحرية لأني أحتاج إلى أن أستنجي وأتوضأ لكل صلاة ولا أذهب لدورة المياه خارج البيت أبداً بل أحبس البول والغائط حتى الرجوع إلى البيت وهذا ما يجعلني أعتزل النزهات مع حبي الشديد لها.
وقد ذهبت إلى طبيب عضوي ففحصني وأجرى لي التحاليل فكانت سليمة 100% ولله الحمد والمنة وقال لي أن القطرات التي تخرج بعد البول وكذلك المني كلها أمور طبيعية وأعطاني نصيحة بهز المخرج بعد البول لعدة مرات وعملت بها لكن لم أستفد، وأنا الآن أعاني بشدة من هذه الوساوس وتعاني معي أمي المسكينة المصابة بالسكر والضغط.
أنا يا دكتور ولله الحمد متدين وقد سبق لي أن كنت إماماً لأحد المساجد، والآن كثيراً ما يقدمني رفاقي إماماً لهم أو يطلب مني إمام المسجد أو المؤذن أن أصلي بالناس فأمتنع لأني أظن أني لا يجوز لي أن أؤم الناس وكثيرا ما تعاتبني والدتي لهذا الشيء فأحاول أن أقنعها لكن تكون حزينة لهذا الشيء.
وقد كنت لفترة من الزمن تقريباً قبل سنتين لا أغض بصري عن صور النساء في الكتب أو أحياناً في التلفاز لكن تبت من هذا العمل وأصبحت أظن أن ما أنا فيه الآن من البلاء والوسوسة هو عقوبة من الله ولا حول ولا قوة إلا بالله يا دكتور هل حالتي يمكن علاجها بالطب النفسي؟ جزاكم الله كل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
24/8/2003
رد المستشار
الأخ السائل العزيز أهلا وسهلاً بك وشكرًا على ثقتك في صفحتنا استشارات مجانين، الحقيقة أننا نطمئنك منذ البداية إلى أن حالتك تلك يمكنُ بفضل الله علاجها عند أي طبيبٍ نفسي متخصص، باستخدام عقاقير الماس أو الماسا، وإجراء جلسات العلاج النفسي المعرفي السلوكي، وسوف نقسم إجابتنا على سؤالك إلى قسمين:
الأول يتعلق بالاستمناء والاحتلام، فمن الواضح أن الأمر يرتبط داخلك بشعورٍ بالذنب كبير، فأما الاستمناء فقد فصلنا الرد عليه متعرضين لحكم الشرع ولوجهة النظر الطبية والفيزيولوجية فيه في رد سابق لنا على صفحتنا استشارات مجانين، بعنوان: الاستمناء وشماعة الجهل التي ذابت
وأما الاحتلام فأمرك فيه عجيب لأنك تعتبره عرضًا مرضيا وهو بعيدٌ تمام البعد عن ذلك فأنت تقول في إفادتك (أصبحت أحتلم وأغتسل يوميا وذلك لعدة أشهر حتى اختفى ذلك العرض)، وعادةً ما تستخدم كلمة العرض للإشارة إلى علامةٍ على وجود مرضٍ ما، إلا إن كنت تقصد العارض بمعنى أنه حدث عرض لك في فترةٍ من حياتك، فالاحتلام أثناء النوم يا أخي السائل هو أحد نعم الله تعالى على الشباب الذي لا يجد مخرجًا في الصحو لطاقته الجنسية، والاحتلام أو الإرجاز أثناء النوم (لأنه بالمناسبة يحدثُ للرجال وللنساء، ولكن النساء في مجتمعاتنا نادرًا ما يعترفن بحدوثه باعتباره قلة أدب!!)، ونحن لا ندري في حالتك هل تعتبرُ الإرجاز أثناء النوم في حد ذاته مرضًا أو ذنبًا أم ماذا؟ وأنا هنا أحيلك إلى مقال لنا على موقعنا بعنوان:
من يعلم الجنس لأولادي!؟ لكي تعرف منه ما يصحح مفاهيمك عن الإرجاز أثناء النوم.
*وأما الملفت للنظر في قصتك بحق فهو ذلك الصراع المرير الذي عشت فيه سنواتٍ وما تزال من أجل منع نفسك من ممارسة الاستمناء فأنت تقول في إفادتك (فجاهدت نفسي لمدة تقرب السنة والنصف حتى تركتها وبعد ذلك أصبحت إذا نمت أفاجأ بأني قد قمت أثناء النوم بنزع البنطلون من غير علمي فأصبحت أضع مشبكا بين البنطلون والفانلة فتغلبت على المشكلة)، وبعد ذلك تقول: (لكن بعد ثلاث سنوات وقعت مشكلة أشد وهي أني أقوم بالعادة السرية "من غير فسخ الثياب بل بالنوم على البطن" أثناء النوم ومن غير وعي تقريبا أو أحيانا بنصف وعي حيث أني أنام طبيعيا ثم أتفاجأ أثناء الليل بأني أصحو وأعمل هذه العادة وأنا بين النوم واليقظة)، فكأنك تصارع رغبتك الجنسية ليل نهار في الصحو وفي اليقظة، وها أنت الآن وقد أصبح من الممكن لك أن تتزوج ها أنت حبيس الوسوسة وتسوف الزواج بحجة أن لا امرأة ستتحملك، وأنا لا أشاركك الرأي إطلاقًا هنا لأن حالتك قابلةٌ للعلاج بفضل الله عز وجل.
وهنا نصل إلى الجزء الثاني من إجابتنا عليك وهو الخاص باضطراب الوسواس القهري الذي تعاني منه وتظهر عليك أعراضهُ المقعدةُ بشقيها: الأفكار التسلطية (مثل أن نقطةً من البول قد نزلت منك أو أن ريحا قد خرج منك أو أن ثيابك قد أصابتها النجاسةإلى آخره) والأفعال القهرية مثل (تكرار الغسيل أو الوضوء أو تغيير الثياب إلى آخره)، ونحن هنا سنذكرُ لك بعض الأحاديث الشريفة الموثقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
*عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً فأشكل عليه: أخرج منه شيء أم لا؟ فلا يخرجنَّ من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً" "صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم"، رواهُ مسلمُ اي صحيحه.
*عن عبد الله بن زيد– رضى الله عنه–قال: شُكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، قال "لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً" "صدق صلى الله عليه وسلم" رواهُ البخاري ومسلم في صحيحيهما.
*عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الشيطان يأتي أحدكم وهو في الصلاة فيأخذ بشعرة من دبره فيمدها فيرى أنه قد أحدث فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً" "صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم" رواهُ الإمامُ أحمد في مسنده، وفي لفظ أبي داوود "إذا أتى الشيطان أحدكم فقال له: إنك قد أحدثت، فليقل له: كذبت إلا ما وجد ريحاً بأنفه أو سمع صوتاً بأذنه" "صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم" رواهُ أبو داوود.
*عن أبي بن كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن للوضوء شيطاناً يقال له ولهان، فاتقوا وسواس الماء" "صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم" أخرجهُ الترمذي.
وهناك أحاديث نبويةٌ شريفةٌ تخبر عن إمكانية حدوثِ الإسراف من المسلم في الوضوء لكنها لم توضح سببَ حدوثه هل هو وسواس أم تشدد وهو إلى التشدد أقرب كما يتضحُ من الأحاديث الشريفة التالية:
*عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء" "صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم" رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه بسند صحيح .
*وأما الحديثُ التالي ففيه نهيٌّ صريحٌ عن الزيادة عن غسل العضو أكثر من ثلاث أثناء الوضوء، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: جاء أعرابي إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم يسأله عن الوضوء فأراه ثلاثًا ثلاثًا وقال: هذا الوضوء فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم "صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم"، رواه أحمد والنسائي وابن ماجه، وأخرجه أيضًا أبو داود وابن خزيمة.
*كما روى الحاكم في الكنى وابن عساكر عن الزهري مرسلا "قيل: يا رسول الله وفي الوضوء إسراف؟ قالصلى الله عليه وسلم: " نعم وفي كل شيء إسراف" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومثال ذلك أيضًا أن النبي عليه الصلاة والسلام كان ينضح فرجه بالماء إذا توضأ حتى إذا وجد بللا قال "هذا أثر الماء" رواهُ أبو داود، وقد أشارَ الإمام الغزالي رحمه الله إلى الوسوسة في التطهر وما يفعلهُ الموسوسون بعد التبول من سلتٍ أو نثرٍ أو نحنحةٍ أو قفزٍ أو غيرِ ذلك مما لم يصح فيه نص، وقد شكا إلى الإمام أحمد بعضُ أصحابه أنهُ يجدُ البلل بعد الوضوء، فأمرهُ أن ينضحَ فرجهُ إذا بالَ وقالَ:ولا تجعلْ ذلكَ من هِمَّـتِكَ والهُ عنه.
كما أحيلك هنا إلى عدة إجاباتٍ سابقةٍ لنا على صفحتنا استشارات مجانين لكي تعرف كثيرًا مما يتعلق بحالتك والحالات الشبيهة بها وأيضًا لتعرف ما يفيدك عن العلاج بالعقاقير والعلاج السلوكي المعرفي:
الوسوسة الدينية وخرق السماء
ما هيَ الم.ا.س.ا؟
على حافة الجنون
كرات الزئبق والوسواس
ممتلكات الشيطان م
وسواس الغش وما يبنى عليه
الم.ا.س والم.ا.س.ا وتأخير القذف
الوسواس القهري والاكتئاب
وفي النهاية نسأل الله تعالى أن يهديك إلى طلب العلاج بسرعة للخلاص من وسواسك القهري مع ضرورة تذكيرك بأن الصبر مهم جدا وأن المواظبة على استخدام عقار الماس أو الماسا إضافةً إلى إتمام جلسات العلاج المعرفي والسلوكي والالتزام بما يتفق معك طبيبك المعالج عليه من واجبات تتمثل في تغيير بعض السلوكيات، كل ذلك إن شاء الله سيجعل حياتك أفضل آلاف المرات، وعليك بمجرد أن تبدأ حالتك في التحسن أن تسعى للزواج لأن في ذلك إن شاء الله تعالى نهاية العذاب الذي تعيش فيه، وتابعنا بأخبارك.