الوعود مع الله..!؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكلتي هذه المرة مشكلة دينية (للأسف يعني) أنا عايزه أقولك في البداية إني والحمد لله لحد فترة قريبة كده كنت متدينة جدا وأحافظ على حقوق ربنا والحمد لله، ولكن منذ فترة أحسست بأنني أبعد عن الله شوية بشوية فبدأت أتقاعس عن أداء الصلاة في أوقاتها وبعدين مبقتش أصلي من أساسه وبدأت أقلل ورد القران اللي كنت بقراه كل يوم وبعدين بدأت لا أقرأ خالص ده غير الأخطاء اليومية بقى من غيبة ونميمة وهكذا.... وعلى فكرة الحكاية دي حصلت معايا كثير قبل كده بس الحمد لله ما كنتش بتطول لأني كنت بأتوب بسرعة لربنا وأستغفره وأعده بأني لن أعود لذلك أبدا.
ولكن المشكلة أني وللأسف مش بحافظ على وعدي مع ربنا فغصبن عني برجع تاني وأتوب تاني وأرجع تاني وأتوب تاني وهكذا، بس أنا زهقت من كتر المخالفة في وعودي مع ربنا وحاسة أني زودتها قوي كل ما ربنا يأخذ بيدي أرجع أنا وأقع تاني بس والله أنا حاولت أقاوم الحكاية ده كتير لكن بستمر فترة وبعد كده بأواجه نفس النهاية المشكلة إني نفسي أتوب وأرجع لربنا تاني وأثبت على كده ودايما والله بأدعي ربنا إنه يثبتني على دينه لكن...
عارف لما تكون غلطت في حق حد بتحبه كذا مرة وبعد كل مرة بترجع تتأسف له وهو بيقبل اعتذارك في كل مرة وبيسامحك وبينسى إساءتك وبعدين ترجع أنت وتغلط في حقه تاني ويبقى نفسك تعتذر له بس مكسوف منه ومش قادر تبص في عينه وبتحس إنك صغير قوي قدامه وما تبقاش عارف تعمل إيه.. لا أنت قادر تستمر في إساءتك إليه أكتر من كده وفي نفس الوقت مش قادر تقوله سامحني من كتر خجلك منه هذا على مستوى البشر فما بالك بمستوى الله.
إحساس فظيع ينتابني وهو إحساسي بإني بستهزئ بالله وبخلف وعدي معاه كل مرة وحاسة إن ربنا سايبني دلوقتي أعمل اللي أنا عايزاه علشان يبتليني بمصيبة فاجعة بحق كل الأخطاء اللي أنا ارتكبتها في حقه.
وخصوصا إن أنا السنة دي في ثانوية عامة وما أدراك ما الثانوية العامة ثم ما أدراك ما الثانوية العامة. أنا مش عارفة أعمل إيه أفيدني أرجوك بحل سرييييييييييييع.
28/11/2004
رد المستشار
بالنظر إلى ظروفك فإنني أرى أنه لا توجد في حياتك –على قدر ما حكيت لنا– أية أشياء تدعو لكل هذا الشعور بانعدام الثقة في النفس أو أن الله ليس راضيا عنك!!!
ومن تدابير القدر أن أرد علي رسالتين متشابهتين في وقت واحد متزامن رغم اختلاف التاريخ والمصدر، وقد انتهيت لتوي من الرد على رسالة لن تظهر بناءا على طلب صاحبتها، وحالتها تشبه حالتك كثيرا. والحقيقة أن رسالتك تفتح موضوعا تعرضنا له في إسلام أون لاين، وفي صفحة مشاكل وحلول أيضا، ولكننا لم نشبعه، وهو يستحق المزيد من التعميق.
دعيني أصارحك أن تصورنا عن "الله" وعن "الدين" بعيد عن حقيقة هذا- جل وعلا- وذاك باتساعه وتركيبه. فأنت تتحدثين عن نكث الوعود مع الله، ودعائك له دائما بالتثبيت، وعن التوبة ثم المعصية، ثم تقفزين إلى تصوير هام لأسباب ومناخ خجلك من الله، وتقولين: - عارف لما تكون غلطت في حق حد بتحبه....الخ
وهنا موضع الخلل لأن الله غير البشر يا ابنتي، فمثلا البشر يستاءون من الخطأ في حقهم لأنه يضرهم أو يضايقهم أو يكدر حياتهم بشكل أو بآخر أما الله سبحانه فرحمته سبقت غضبه، وهو لا تضر معصيته كما لا تزيده حسنة أو قرب العبد منه، الله يقول عن نفسه في الحديث القدسي عن خلقه: - "إن استقاموا فأنا حبيبهم، وإن عصوا فأنا طبيبهم.."
الله هو الحبيب إذا استقمنا، وهو الطبيب إذا انحرفنا، وفي قصة الصحابة الذين خلفوا –راجعيها في سورة التوبة– يشير الله ويشيد بأنهم عرفوا لا ملجأ منه إلا إليه، فهو المقصد والمنتهى، وهو الغاية القصوى. سيكون بحثا شيقا ومفيدا أن نستطلع فهمنا عن الله، ونتأمل الصورة التي في أذهاننا عنه سبحانه، والإيمان الذي في صدورنا به.
أنت تخطئين وتعودين، وأنت تعرفين الصواب من الخطأ، وأنت قد تعلمت بعض الدروس الأساسية من الحياة فأصبحت أنضج، وبالتالي فإن تدينك مع نمو عقلك وخبرتك لتصبحي درة من درر الإسلام بمشيئة الله بشرط ألا تتوقفي عن محاولات تحسين أدائك الدعوي والعبادي والروحي، وتوثيق علاقتك أكثر بالله سبحانه، وبالناس على مختلف مشاربهم، لأن حاجة الداعية عند الناس يختلط بهم ويتعلم منهم، ويرد لهم الجميل بإرشادهم في ضوء خبراته وتجاربه.
كوني دائما مع الله واستشعري قربه ولا تتعري من كل ستر دنيوي إلا بين يديه، أقبلي عليه بكل جوانحك، وقولي له: اللهم إني أمتك وبنت أمتك ناصيتي بيدك، ماضي في حكمك.. عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك أسميت به نفسك، أو علمته أحدا من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور بصري...الخ هذا الدعاء وتلك المناجاة الجميلة.
بقوة الرابطة بينك وبينه ستقوى مقاومتك لأهوائك، فإذ غلبتك فتذكري أن هذا طبيعي أو وارد بوصفك بشرا ينسى ويضل أحيانا، فقط حافظي على طريق عودتك إليه مفتوحا دائما، ولا تنقطعي عن الناس أبدا، ولا تتوقفي عن السير عجزا أو يأسا، وانفتحي على الدنيا بعلومها وفنونها وآدابها ومناشطها ليكتمل تكوينك الشخصي والدعوي، ولا تخافي من الشيطان ولا من نفسك الأمارة بالسوء طالما أنك مع الله.
يا ابنتي رحمة الله قريبة من المحسنين، وإقباله يزداد على التائبين، والتائبون هم الخطاة العائدون يفرح بهم عز وجل، ويحب أنين أحدهم في جوف الليل، وهو يهمس ويتململ:
- يا رب تغلبني شهوتي فأستعجل لذة قبل أوانها، يا رب تقصد أقدامي استقامة الصراط ثم تزل بالهوى، يا رب أريد أن أصفو لك نقيا خالصا فتكدرني نزعة الطين في خلقي، يا رب أريد أن أذكرك فلا أنساك، وأعرفك فلا أتحول عنك، وأحبك أكثر من نفسي.
ابنتي... محتاجون لمعرفة أبجديات غضب الله ورضاه، مراده وما ينهى عنه، حبه للتائبين وإقباله عليهم ما داموا يتذكرون ويعودون. شكرا على رسالتك وتابعينا بالإطلاع على قديمنا، وإعلامنا بجديدك.
تذكريني في دعائك وفي سعيك، وتابعي خطواتك المباركة، وراجعي صفحة مشاكل وحلول للشباب، وموقع مجانين ففيهما ما يفيدك، ثم تابعينا بأخبارك وأسئلتك بعد ذلك