وهم المرض
بداية أشكركم جزيل الشكر على جهودكم المميزة المبذولة لحل المشكلات..
أنا فتاة أبلغ من العمر 23 سنة ومنذ عدة سنوات وأنا أعاني معاناة نفسية داخلية شديدة ولم أستطع يوماً البوح بها أمام أي شخص، لأنه لو سمع أحد الأفكار التي تجول في خاطري لاتهمني بالجنون إلى أن تعرفت على موقعكم الرائع الذي شجعني أن أرسل إليكم بمشكلتي علي أجد تفسيراً وحلاً لمشكلتي..
مشكلتي تكمن في أنني أتوهم دائماً أنني مريضة بمرض خطير وسأموت قريباً، وكلما شعرت ببعض الأوجاع تبدأ الأفكار السيئة تدور في رأسي فمثلاً أتوهم أنني أعاني من السرطان فلم يبقَ جزء واحد من جسمي لم أتوهم أن فيه سرطان،، ولا يرتاح بالي وتزول الأفكار السوداء إلا إذا ذهبت إلى الطبيب وأثبتت نتيجة الفحوصات عكس ما يدور في رأسي
وإذا لم أذهب إلى الطبيب تبقى هذه الأفكار في رأسي، فأنا إلى هذه اللحظة أشك أنني أعاني من سرطان في الرأس وذلك لأنني أعاني من ألم في الرأس.
أضف إلى ذلك أنني كنت قد سمعت قصة عن إحدى قريباتنا أنها كانت تعاني من ألم في الرأس وتبين أنها تعاني من سرطان في الرأس وقد توفت رحمها الله قبل أسبوعين ومنذ ذلك الوقت وأنا أعاني...
بصراحة عندي خوف من كل ما هو جديد ومن كل ما يفرح فأشعر أنني إذا فرحت سيحدث لي مكروه..
ساعدوني مشان الله والله إني أتعذب ولا أستطيع التخلص من هذه الأفكار أو حتى السيطرة عليها...
أتمنى أن تأخذوا مشكلتي بعين الاعتبار وتردوا عليها بأقرب فرصة،، والله إني تعبت...
31/12/2004
رد المستشار
الأخت العزيزة أهلا بك على موقع مجانين، وشكرا على ثنائك الطيب على موقعنا، تقولين أنك منذ عدة سنوات تعانين، ومن اتهامك بالجنون تخافين، وأنت لذلك لأحد لا تبوحين، وأنا بهذه المنظومة المعذبة أعرف كثيرا من الموسوسين، فليس الأمرُ مجرد وهم إذن وإن كان هذا هو الاسم الذي اخترته عنوانا لإفادتك حين أسميتها وهم المرض.
الحمد لله أنت لست مكتئبةً -بصورة مرضية ظاهرة- ولا أنت للطبيب مجتنبةً، وأنا بذلك أستطيع استبعاد شكلين من أشكال وأصناف وسواس المرض ، فأنت على العكس دائمة الاستجابة لفكرتك التسلطية (أنك مريضة بكذا أو بكذا)، بالفعل القهري المتمثل في عرض نفسك على الطبيب -بشكواك التي لا ندري هل تكونُ ملونة باللون الجسدي كالوجع أو غيره في المكان الذي تخافين من وجود المرض فيه؟ أم لا؟
وأحسب أنها غالبا تأخذُ شكلا جسديا يدفع الطبيب إلى طلب الفحص أو التقصي بالأشعة أو التحليل- المهم أن أفعالك القهرية تحتاج إلى طبيب نجيب يساعدك في إكمالها، وأحيانا كثيرةً يعطيك دون قصدٍ منه تربة خصبة لفكرة تسلطية جديدة، وهكذا تدورين مشاعر وسلوكا في دورة الوسواس القهري المتمركز حول المرض.
أنت إذن واحدة من الخائفين على صحتهم، والذين يتأثرون بكل ما يشير أو يذكرُ أو يلمح بالمرض الجسدي سواء في المحيط الأسري أو الاجتماعي أو في وسائل الإعلام المختلفة، وإن كان قولك (بصراحة عندي خوف من كل ما هو جديد ومن كل ما يفرح فأشعر أنني إذا فرحت سيحدث لي مكروه..) يحتاج إلى توضيح أكثر،
وبشكل عام أقول لك: يقابل الطبيب بوجه عام من الخائفين على صحتهم الجسدية أنواعا شتى منها:
- نوعٌ يكفي معه أن يطمئنه الطبيب بعد الفحص الإكلينيكي العادي وينتهي بذلك قلقه وتوجسه، وهذا إنسان طبيعي غالبا لجأ إلى الطبيب تحت تأثير القلق أو الخوف العابر أو الرغبة العابرة في الاطمئنان على الصحة.
- نوعٌ لا يكفي معه ذلك فهو لا يطمئنُّ إلا إذا طلب منه الطبيب إجراء فحص آلي (كرسم القلب أو الأشعة بأصنافها) أو أحد التقصيات المعملية، وظهرت النتيجة التي تثبت سلامته، وهذا على الأرجح شخص موسوس ضمن الحدود البشرية الطبيعية للوسوسة، أو لعله واقعا تحت تأثير كرب ما في حياته.
- نوعٌ يكفيه لا مجرد الطمأنة الإنسانية ولا حتى الآلية أو المعملية، اللهم إلا قليلا، ولفترة عابرة، ثم يجد نفسه إما شاكا في صحة النتائج السلبية، أو مصرا على تكرار الفحص أو التقصي على نفس العضو أو على غيره، وهؤلاء يعانون من النوع الوسواسي من وسواس المرض أو اضطراب المراق أو توهم العلل البدنية Hypochondraiasis, وأحسب أنك لهذا النوع تنتمين.
- نوعٌ لا يصدقُ أصلا خلوه من المرض المعين في العضو المعين برغم كل النتائج والتقارير السلبية، فهو يعتقدُ أنه مصابٌ بكذا حتى وإن عجز الأطباء عن اكتشافه، وهذا النوع هو النوع الذهاني Delusional Disorder, Somatic
وهناك بالطبع مرضى يتأرجحون بين أكثر من نوع واحد خلال فترة ما أو فترات من حياتهم، والمهم بالنسبة لك هو كيف تتصرفين؟ فأنت تعانين منذُ سنوات عديدة ولم تخبري أحدا من أفراد الأسرة، وأخشى أنك أيضًا لم تخبري طبيبك أو أطباءك الذين تلجئين إليهم لتطمئني، وأظن من هنا يجبُ أن يبدأ التحرك في طريق الخلاص من هذه المعاناة،
فأول ما يجب عليك فعله هو تحديد من تبوحين له بحقيقة الفكرة التسلطية وما تقودك إليه، وتأكدي أن أحدا لن يحسب بك الجنون لأن معاناتك من نوع الوسوسة، وهي صنفٌ من السلوك يعرفه الناس في المجتمع العربي بالوسوسة،
ولعل طبيبك يعينك في اختيار من تذهبين إليه من المعالجين النفسيين في مكان إقامتك، واقرئي مقالنا : هل الوسواسُ القهري نوعٌ من الجنون ؟
ما تحتاجين إليه يا عزيزتي هو العلاج السلوكي المعرفي وربما العقاري أيضًا حسبما يتراءى للطبيب النفسي المعالج، والذي يجب أن تسأليه عن مدى معرفته بأساليب العلاج السلوكي والمعرفي لأنك تحتاجين لها إضافة إلى العقار إذا اختار لك عقارًا،
وجلسات العلاج هذه ليست أن تحكي للمعالج ذكريات الطفولة والمراهقة وعلاقتك بالأسرة وما إلى ذلك، فهي تختلف عن العلاج التحليلي، ويمكنك أن تأخذي فكرةً عن العلاج السلوكي المعرفي من خلال الروابط التالية على مجانين:
برنامج علاج ذاتي لمرضى الوسواس القهري القسم الرابع
علاج الأفكار الوسواسية
وأهلا وسهلا بك دائما على موقعنا مجانين فتابعينا بأخبارك
ويتبع >>>>>>>>> وسواس المرض: التطير وخوف الموت م