وساوس الصوم تمنَعُنِي النوم جيِّدًا
أشعر كثيرًا أن أشياءً تخرج من حَلْقِي مثل حموضة المَعِدَة، مِمَّا يضطَرُّني إلى الذهاب باستمرار إلى الحوض من أجل البَصْقِ، وذلك يُرْهِقُني جدًّا ويجعلني لا أنام جيدًا. وكذلك أستمر في البصق مدة طويلة حتى لا يتبَقَّى شيء من الرِّيق الذي خرج إلى الفم ثم عاد إليه، ولذلك لا أستطيع الاستقرار في النوم.
17/4/2021
ثم بعد 6 أيام أرسل يقول:
وساوس في الصوم والطهارة والكفر ما عاذ الله
في كل يوم عند الفجر أبدأ أشعر بالتوتر الشديد. لماذا؟ لأني أعلم أن من لم يُبَيِّت نِيَّة الصوم الواجب من الليل فلا صيام له. نعم أنا أعلم أني سأصوم غدًا، ولكن المشكلة هي إن أصابني تردد أو نِيَّة فِطْر لحظة طلوع الفجر الصادق (الذي لا أعلم متى يطلع بسبب الخطأ في وقت صلاة الفجر الصادق المُسَجَّل في التقويم كما صوَّر كثير من المسلمين ووَثَّقُوا هذا الخطأ بالتصوير في أماكن مُظْلِمَة)، حيث تأتيني خواطر بِنِيَّة فِطْر هذا اليوم ثم قضائه لاحقًا، وذلك لكي أرتاح من عناء نِيَّة الصوم (يعني نفسي تُحَدِّثُني وتقول لي "أفطر هذا اليوم ثم اقْضِه لاحقًا واستغفر لاحقًا لكي ترتاح من عناء النِّيَّة. بما أنك كده كده ستقضي اليوم، إذًا لا تحمل عناء النِيَّة")، وهذه الأفكار تسبَّبَت بالفعل في زَوَال النية في بعض الأيام وأنوي قضاءها.
الكارثة تَكْمُن في ما يأتي بعد ذلك، حيث أنِّي بالعادة عند الصوم أحاول ألَّا أُخْرِج الصلاة عن الوقت لأني علمت أن هناك خلاف في كفر من أخرج صلاة عن وقتها، والكفر يُبْطِل الصوم ويُوجِب القضاء بعد التوبة كما هو معلوم. لكن الكارثة العظمى عندما تحدث تلك المشاكل عند الفجر، حيث تبدأ الأفكار تقول لي "أنت أصلًا ستقضي هذا اليوم، إذًا حتى لو كان فَوَات الصلاة كفرًا فلن يُؤثِّر هذا على صومك الفاسد أصلًا، فإن فاتتك الصلاة يمكنك التوبة، واليوم أصلًا سيُقضًى"، وتبدأ الأفكار تقول لي "إذا أَخَّرْت صلاة العشاء، براحتك، ثم تستطيع أن تتوب لاحقًا. وأساسًا في كفر هذا خلاف، فلا يَلزم من تركك صلاة العشاء الآن الكفر"، ولكن المشكلة أن التَّحَجُّج بالخلاف في المسألة لا يكون عند انْعِقَاد نية الصوم صحيحة، والرضا بالكفر كفر كما هو معلوم. وأُؤَخِّر الصلاة بسبب الوساوس في الطهارة.
ومشكلة أخرى هي أنِّي أحيانًا أشعر بانزناق بالغائط أو بألم في البطن، ثم أشعر بخروج ماء من الدبر.
هل حقًّا يمكن أن يخرج ماء صافٍ من الدُّبُر عند الانزناق أو ألم البطن؟ لأني قرأت أن الماء الخارج من الدبر نجس ناقض للوضوء.
23/4/2021
وبعد يوم واحد أرسل يقول:
وساوس أخرى في الكفر
اعذروني على كثرة أسئلتي، وأرجو تقَبُّل سؤالي بسِعَة صدر.
هل يكفر من اعتقد وصف الله _تعالى_ في نفسه بكلمة لا تَلِيق به، ولكنه فعل ذلك بنية أنَّه لو كان هناك معنى ما لهذه الكلمة يَصِحُّ الإخبار به عن الله تعالى؟
لمزيد من التوضيح سأضرب مثالًا بكلمة "....". هذه ال "...." هي كلمة معناها المُتبادِر إلى الذِّهن لا يَلِيقُ بالله تعالى، فَنَوَى الشخص أنه إن كان لهذه الكلمة معنى جميل لا يعلمه أن يصف الله تعالى به، وأنه يعبد الله "...." أو يعبد "...." قاصدًا بها الكناية عن الله تعالى إن كان لها معنى يليق به سبحانه.
ولأضرب مثالًا بكلمة "بدوي" معناها الذي يعيش في البدو، ولكن قال الشخص في نفسه "إن كان من معانيها (العالم بشؤون البداوة، كما يقال فيزيائي بمعنى العالم بالفيزياء، والكيميائي بمعنى العالم بالكيمياء... إلخ) فإنه يُخْبِر عن الله تعالى في نفسه بهذا اللفظ ويعبده بهذا الوصف.
وكذلك في كلمات أخرى مُؤَنَّثَة بتاء مربوطة تأنيثًا مجازيًّا ويتسَمَّى بها الذكور. إن نوى الشخص أنه يصف الله تعالى بها إن كان لها معنى حسن يليق بالله تعالى.
وأمر آخر مُشابِه: إذا كان هناك كلمة قبيحة جدًّا، وأُكَنِّي عنها ب "...." ونَوَى الشخص أنه إن كان يجوز وصف الله _تعالى_ بهذه الكلمة أن يتعَبَّد إليه بها كما هو الحال فوق، ولكن بقصد النفي، بمعنى أن هذا الشرط الذي شَرَطَه هو لتأكيد النفي، أي كما في قوله تعالى: «قل إن كان للرحمن ولدٌ فأنا أول العابدين»، أي ينوي ويقول بقلبه "إن كان يجوز وصف الله تعالى بأنه "....." تنَزَّه سبحانه عن هذا فأنا أعبد الله "....." أو فأنا أعبد ".....". وهو مُتَيَقِّن تمامًا أن هذا الوصف قبيح، ولكنه يقصد بكلامه هذا أنه من المستحيل أن يصف الله _تعالى_ بهذا الوصف، أو أن يعبده بهذا الوصف، فهو يقصد تأكيد النفي ليس إلَّا.
ملاحظة: الحالة الأولى هي عن لفظ هو يَشُكُّ في أنَّه ربما له معنىً حسن. أمَّا الحالة الثانية فهي عن لفظ مَقْطُوع عنده أنه قبيح. فالحالة الأولى شَرْط مُعَلَّق للشك في وجود معنى حسن، أمَّا الحالة الثانية فهي شرط تَعْجِيز، أي شرط يستحيل أن يتحَقَّق جوابه لأنه هو نفسه مستحيل.
وأيضًا السؤال هنا ليس عن مُجَرَّد خواطر أو هواجس، بل عن نِيَّة مقطوع مجزوم بها ومُسْتَقِرَّة في النفس.
ما رأيكم
25/4/2021
رد المستشار
أهلًا وسهلًا بك وباستشارتك يا "براء" على موقعك مجانين
تأملت كثيرًا في مشكلة خروج شيء من حلقك، ولكن يبدو أنني أحتاج إلى توضيح أكثر، تقول: (أشعر) فهل هو شعور وتخيل فقط؟ أم أنك تشعر بالحموضة والحرقة في حلقك؟ ولماذا لا تستطيع النوم؟!! إذا كان هذا يحصل معك كثيرًا جدًا فحل مشكلتك عند طبيب الأمراض الهضمية.... وإن كنت لا تعاني من مرض، فلماذا لا تستطيع النوم؟!!! لا أدري... المهم أني لم أستطع تصور مشكلتك على افتراض أن هناك شيئا يخرج فعلًا، أما الوسوسة والتوهم فتفعل أكثر من ذلك.
على كل حال، أرح رأسك من التفكير ونم كما شئت، فخروج شيء من إلى الحلق وعوده بنفسه ليس مفطرًا، وهو أيضًا -عند الحنفية- ليس بنجس لأنه أقل من ملء الفم. وهذا يعني أنه مهما خرج شيء إلى حلقك وعاد فلا تفطر ولا يتنجس فمك في مذهب الحنفية. فاصرف تفكيرك عما يخرج ويدخل لأنه غير مضر.
تسألنا أيضًا عن إمكانية خروج ماء صافٍ من الدبر.... عند الانزناق الشديد ربما يخرج شيء، لكنه ليس ماء صافيًا أبدًا، إنه سائل لا يخفي نفسه أنه غائط!! ولعل الماء الصافي الذي تراه إنما هو تعرّق لا أكثر....
ثم يا "براء" أنت تنوي الصوم وتعرف أنك ستصوم يومًا من رمضان، وما ذكرته كله عبارة عن حديث نفس ولا يعتبر نية. حتى لو قلت في نفسك: أفطر اليوم وأقضي....، هذه ليست نية، هذا حديث نفس ووسوسة، وهو من نوع التفكير في الأحكام، وماذا يحصل لو صار كذا، وما حكم أن أفعل كذا....
يخطر في بالك وسواس، فتصدقه، وتطلق الأحكام عليه وعلى نفسك، وتتخيل أنك طبقت تلك الأحكام، فينتج عن تطبيقها أفكار أخرى، يتبعها أحكام، وهكذا في سلسلة لا تنتهي من الوساوس والأحكام المبنية عليها، وإذا كانت الوساوس وهمًا وأفكارًا باطلة لا حقيقة لها، فالأحكام التي تترتب عليها باطلة، لأنه ما بني على باطل فهو باطل،......
باختصار: كل ما ذكرته، وما تفكر فيه، لا يضرك ولا يقطع نيتك، ولا تحتاج إلى قضاء....
أما أسئلتك في العقيدة فواضح +جدًا أن بدايتها وسواس، ثم تحولت إلى تساؤلات حقيقية، سأجيبك عنها على أنها تساؤل عادي، فإن بقيت تلاحقك بعد ذلك فاعلم أنها وساوس 100%
قولك: (هل يكفر من اعتقد وصف الله تعالى في نفسه بكلمة لا تليق به ولكنه فعل ذلك بنية أن لو كان هناك معنى ما لهذه الكلمة يصح الإخبار به عن الله تعالى؟)
اعلم قبل كل شيء أن أسماء الله توقيفية، يعني تتوقف معرفتها على الوحي، ولا يمكننا أن نخترع من عندنا أسماء وصفات. حتى لو قلنا إن هناك من أجاز الوصف بما يليق به تعالى، فأنت في الأصل شاكّ هل هو لائق أم لا؟ فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك.
توقف عند الأسماء والصفات الواردة عن طريق الوحي واترك ما عداها.
قولك: (وأمر مشابه إذا كان هناك كلمة قبيحة جدا وأكني عنها بـ (؟؟؟؟؟؟) فنوى الشخص أنه إن كان يجوز وصف الله تعالى بهذه الكلمة أنه يتعبد إليه بها كما هو الحال فوق ولكن بقصد النفي). إذا كان الكلام بقصد النفي فلا بأس بذلك.....
لكن يا براء، إن في حياتنا أشياء كثيرة أهم من هذه التفاصيل الوسواسية، ها قد أجبتك، فارمها خلف ظهرك، واهتم بدراستك وبتطوير نفسك....
أخيرًا أرجو أن تذهب إلى طبيب نفساني فيبدو أنك تعاني من عدد من الوساوس الدينية، وفي عمر صغيرة.....
وفقك الله وعافاك
ويتبع>>>>>: من شدة وسواس الصيام أنا لا أنام !! م