حياتي كلها مصائب: هل في الغيب؟
حياتي والمصائب
السلام عليكم؛
أشكر الدكتور أحمد عبد الله جزيل الشكر عن الرد السريع والرائع، الواقع أنني لم أذكر في رسالتي السابقة أي شيء عن علاقتي بالله سبحانه وتعالى،ولكن هذا لن يعني أنني مفرطة في عبادة الله رغم أنني لست ملتزمة بشرع ربنا كما يجب أن يكون, بس بخاف أغلط أو أعمل شيء يغضب ربنا بعد وفاة تلك العمة في بيتي, فقد أحسست بمعنى الموت وبمعنى الرجوع لله سبحانه وتعالى، تحجبت بعدها على طول وبدأت اصلي وأقرأ قرآن لمدة سنة، بس منذ الصيف الماضي تكاسلت في العبادة ورغما أنني محجبة ولكن... لسه بصلي ولكن مش مثل الأول، ولم أفتح القرآن منذ رمضان السنة الماضية.
كنت بدعي الله مع كل وقت صلاة وكنت مرات بصلي الفجر وبدعي الله من كل قلبي أن يرزقني الولد، كنت بحافظ على أوقات استجابة الدعاء.. بعد فشل علاج الإخصاب الاصطناعي في أوربا حسيت مع نفسي أن الله لن يريد أن أصبح أم أبدا رغم أنني لو أصبحت أم مش راح ينقص ولا يزيد في الكون شيء، أحمد الله كثيرا وأشكره عن النعم الكثيرة التي رزقني بها مثل (الجمال)ولكن الصراحة التي أنا حاسة بها دلوقت إنني مش راضية أبدا لو لا خوفي من الله لكنت حليت مشكلتي بشكل سريع جدا وهو ممكن أروح أزني وأحمل أو أعمل عمليه أطفال أنابيب بنطفة أو حيوانات منوية ليس بتاع زوجي، بس لن أقدر (خايفة من عذاب الضمير وخايفة من يوم الحساب) رغم أن فكرة الإخصاب بحيوانات منوية مجهولة تدور في بالي أكثر من مرة.
إنني لن أقدر أن أخرج للشغل, زوجي مش راح يقبل وراح أقول أنني مش محتاجة أي شيء.
الدراسة.. أنني أفكر أن أدرس شي, بس شو.. و فين؟ كنت فكرت أدرس شيء عبر الإنترنت, بس مش عارفة راح أستفيد أو أنه غير كلام وكسب.
أنا نسيت أقول أن زوجي مش بس عقيم كمان مريض بكثير من الأمراض، وأنا الصراحة حاسة كأنني عايشه مع عجوز مش مع شاب، ولكنني مرعوبة من فكرة الطلاق، لأن كما قلت مش راح أستحمل لقب المطلقة أبدا ولكن كمان مش راح أستحمل أبدا أعيش طول عمري من غير أولاد، ومش راح أقدر أعيش مع أهلي أبدا وأرجع للحياة المملة والفقيرة والله مش عارفه شو أعمل!
قد أصبحت لن أطيق أشوف حد حامل أو له ولد ولن أطيق أشوف وحده أقل مني جمال ومتزوجة زواجة أحسن مني، أو زوجها سليم مش مريض وعقيم مثل زوجي، أرجو منكم الرد وأرجو منكم أن تقفوا معي في هذه المحن فو الله العظيم أنا حاسة بالوحدة والغربة لأن ما في حد يقدر يفهم مشاعري، وجزاكم الله كل خير عن هذا العمل الرائع تحياتي الخالصة لجميع فريق العمل.
25/12/2004
رد المستشار
الأخت والابنة السائلة؛
لو أنك تتابعين عملنا منذ بدايته أي منذ ما يربو على الخمسة أعوام على صفحة مشاكل وحلول للشباب على شبكة إسلام أون لاين ثم موقع مجانين، لو أنك قارئة قديمة لهذه الأبواب لعلمت أننا نصف العلاقة الجيدة مع الله سبحانه بما يزيد كثيرا، ويختلف قطعا عن مجرد ارتداء الحجاب، أو أداء الصلوات.
قرأت رسالتك الأولى، مرة ومرات وقرأت رسالتك هذه وأنت مثل الكثير منا تحملين "بانوراما متنوعة" من المفاهيم الخاطئة والمشوهة عن القدر، وعن الله سبحانه، وعن الدين، وعن الإنسان ودوره ومكانه في هذه الحياة.
خذي عندك مثلا، وأنا أحاول أن أتأمل معك، ولا أهدف إلى أن أجرحك، دهشتك من أن علاقتك بزوجك عقب الزواج مباشرة كانت مضطربة جنسيا وعاطفيا –مع إننا تزوجنا بعد قصة حب جميلة– فما هي العلاقة بين الحب الجميل، والنجاح في إدارة حياة زوجية تحتاج إلى مهاراتٍ وفنون وخبرات من الواضح أنك لم تتدربي عليها مثل أغلبنا؟!!!
ثم ما معنى تجميع المصائب التي مرت بك منذ زواجك بوصفها مشاكل كثيرة، ومتاعب ليس لها أي مفهوم... أعتقد لو أن أي واحد منا انتقى أي خمسة أو ثلاث سنوات من عمره وأحصي ما قابله فيها من أحداث فلن تخلو يقينا مما تعتبرينه غير عادي أو غير مفهوم!!
ثم لم أفهم لماذا تتسرعين بنفاذ الصبر بعد فشل محاولات التخصيب الصناعي، ومعروف أن طبيعة هذه المحاولات تستغرق وقتا وجهدا، وقد لا تنجح في نهاية المطاف، ولكن الوقت ما زال مبكرا جدا علي اليأس.
وواضح من رسالتك أن السبب في عدم الإنجاب مشترك بينك وبين زوجك فلماذا كل هذا السخط؟!!
طبعا من المفهوم أن تحلم كل زوجة بالأمومة ولكن ألا ترين معي أن الوقت ما زال أمامك -بمشيئة الله– قبل أن تصل مشاعرك إلي مرحلة "لن أطيق أشوف حد حامل أو له ولد"!!!
رأسك يا ابنتي محشو بأوهام وأفكار مؤذية، ونفسك مشحونة بمشاعر كثيرة سلبية لن تضر إلا سلامك وسلامتك أنت، ولذلك فهي تحتاج إلى ترتيب وإعادة تنظيم وبرمجة مثلما يفعلون بالكمبيوتر الذي تختلط فيه المعلومات والبرامج فيتوقف عن العمل، فراجعي صفحاتنا السابقة.
اسمعي لنفسك مثلا وأنت تقولين: "بعد فشل علاج الإخصاب الصناعي حسيت مع نفسي أن الله لن يريد أن أصبح أم أبدأ"!!! فأي منطق هذا بربك،؟!
لا هو منطق علمي سليم، ولا منطق عقائدي صحيح، ولا أي منطق متماسك، لكنه مجرد تخمين ساخط متأفف من شأنه تسميم نفسك، وإشاعة مناخ سالب بينك وبين زوجك ثم تقولين أنكما تتعاركان كثيرا، وأنك مصابة بصداع شديد ومستمر!! وأن علاقتك بالله ليست علي ما يرام، وهذه نتائج طبيعية!!
ألا ترين أن الكآبة والقلق والتوتر والسخط على حياتك هي مقدمات طبيعية لحالتك الجسمانية والنفسية والإيمانية التي تشتكين منها؟!!
وانظري معي أيضا يا فاضلة لتفكيرك المعوج الذي يجلب لك التعاسة، فأنت مرعوبة من فكرة الطلاق، وأيضا لا تستطيعين الحياة!!! دون إنجاب، وتفكرين بأن الحل بأن يموت زوجك، أو تخصيب بحيوانات منوية من غيره، وكل هذا فقط بعد ثلاث سنوات من الزواج!!
بمعنى أنك لا تطيقين حالك الذي تعيشينه، ولا تريدين ولا تتصورين الخلاص منه بالطلاق، ولا تصبرين لعله يتحسن مستقبلا، ولا تنشطين في الإلحاح على الله أن يساعدك فتتكاسلين في عبادتك وعلاقتك به سبحانه، وأنت من قبل ومن بعد "ساخطة" طوال الوقت تقريبا، وطبيعي أن يتزامن هذا مع شعور ثقيل بالوحدة والغربة، مع الأوجاع النفسية والجسمانية.
الرغبة في الأمومة شيء مفهوم وجميل، لكن أن يتحول تأخرها إلى نوع من الجحيم النفسي الذي يشبه إلحاح أية فكرة تسلطية، وسواسية، هذا معناه تدمير منهجي وتدريجي لنفسك ومشاعرك أرى أنك تقومين به بنفسك دون حاجة للجن أو قرينة، وتابعينا.
* ويضيف الدكتور وائل أبو هندي، الابنة العزيزة أهلا وسهلا بك على مجانين، ليس لي كلام بعد كلام الحبيب المستشار الدكتور أحمد عبد الله، وهو كما عرفته أحن على مستشيريه من نفوسهم، لكنني يا ابنتي سأفسر لك سرَّ ما يبدو وكأنه قسوة عليك منه، فقد طلب مني عندما علم بأنك أرسلت متابعة أن أطبع نص مشكلتك ورده عليها، ويعني هذا أنه هداه الله ينوي أن يحلق في إجابة بعينها لأنها أثارت في عقله شيئا جديدا، سينفعنا به كعادته، المهم أنني طبعتها له متسائلا هل أصبحت تنسى تفاصيل المشكلات فقال لا لكنني ألمس في متابعتها هذه ما يستدعي تأمل الأمر منذ بدايته، لأنني أشعر اضطرابا حقيقيا في طريقة تفكيرها، أي أن الأمر يتعدى حدود المشاعر يا ابنتي، ومعنى ذلك أنك ما قال تحتاجين "فرمتة" أو إعادة تهيئة، تحتاجين لتغيير طريقة التفكير نفسها، وأكبر نقاط الضعف في قصتك هي ضعف علاقتك بالله أولاً ثم بزوجك ثانيا.
فقد رأيت كثيرات صابرات على تأخر الإنجاب، ورأيت معاناتهن غالبا ناتجة عن تدخل الأهل خاصة من طرف الزوج، ورأيت كيف كانت استجابتهن تعلقا واقترابا من الله ومن الزوج، لكنني أحسب وسوستك (بمعنى اهتمامك المفرط، وانشغالك المُلح) بفكرة أنه لا حياة بلا إنجاب زائدةً عن الحد، إذن تحركي تجاه معالج معرفي سلوكي مسلم يحاول معك ومعنا مساعدتك على تعامل أفضل مع مشكلاتك، وتابعينا دائما.
ويتبع>>>>>>>>>>>>>>>>>> مصائب حياتي السخط، ووسواس الأمومة م2