المادة المسببة للوسواس القهري
السلام عليكم، شكرا لك أيها الطبيب على هذا الموقع المتميز فقد وجدت بفضل الله الكثير من التفاصيل عن الوسواس القهري والتي ساعدتني على فهم مرضي بشكل أفضل ولكن عندي تساؤل..
إذا كان السبب في الوسواس القهري هو خلل في مادة معينة المسئولة عن نقل الرسائل في الدماغ وإذا كانت هناك بعض العقاقير التي تزيد من هذه المادة، إذن لماذا لا يختفي المرض بمجرد تعاطيها ولماذا بعض المرضى يحتاجون إلى العلاج السلوكي والدواء لوحده لا يكفي!!!
أنا أعلم أن الموضوع ليس بهذه البساطة ولكن أبحث عن هذا التفسير فلقد قرأت في موقعكم عن الكثير من الأفراد الذين يأخذون هذه الأدوية ولا يتحسنون إلا بعد أشهر وأيضا مع العلاج السلوكي، فلماذا لا تختفي هذه الرسائل إذا عولج السبب؟
أيضا عندي سؤال آخر لو سمحت... لقد قرأت في بعض المواقع الأخرى عن طريقة الدكتور جيفري شوارتز في علاج الوسواس القهري الذاتي وهي طريقة بسيطة جدا وأنا أطبقها الآن ولقد كان التحسن بشكل ملاحظ بفضل الله أولا وأخيرا ولكنني في البداية فقط ..فلا أريد أن أستعجل النتائج..
سؤالي هل إذا استخدمت هذه الطريقة دون تعاطي أي من العقاقير التي تزيد من المادة في الدماغ سيكون بمقدور دماغي على معالجة الخلل بنفسه؟؟ أي هل إذا امتنعت عن الاستجابة للوساوس دماغي سيعيد إفراز هذه المادة بشكل طبيعي أو ماذا يحصل بالضبط؟
وأسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتك يوم لا ينفع مال ولا بنون
والسلام عليكم
24/1/2005
رد المستشار
الابنة العزيزة أهلا وسهلا بك على مجانين، وشكرا على استشارتك، التي تفتح بابا جديدا للكلام في موضوع طالما وددت الكلام فيه على مجانين، فتساؤلك الوارد بعد عبارتيك: (إذا كان السبب في الوسواس القهري هو خلل في مادة معينة المسئولة عن نقل الرسائل في الدماغ، وإذا كانت هناك بعض العقاقير التي تزيد من هذه المادة)، هو تساؤل يردُ في عقول الأطباء النفسيين كثيرا، ولكنَّ الردود عليه أيضًا كثيرة وكلها تفسيرات وليس إثبات علمي قاطعا بأيٍّ منها بعد.
وإذا أردت بعضًا من التفسيرات، فمثلا أحد التفسيرات هيَ أننا نتعامل مع سطح الخلل الظاهر لنا هو اختلال الناقل العصبي السيروتونين ولكن مجرد إصلاحنا لهذا الخلل الظاهر بالعقاقير ليس يكفي لوقف إلحاح الأفكار التسلطية وربما يحتاج الأمرُ تغيرات تحدثُ مثلا في مستشعرات (أو مستقبلات) السيروتونين والتي توجد على جدار الخلية العصبية، ولا أريدُ الخوضَ في تفاصيل قد لا تهم القارئَ العربي غير المتخصص الآن لكنَّ المؤكدَ أن العديدَ من مستقبلات السيروتونين سيكتشفُ في الأعوام القليلة القادمة إضافةً إلى اكتشاف طرقٍ جديدةٍ لعملها وكيفية إحداثها للتأثير داخل الخلية خاصةً وأن كل ما حدثَ من تقدم حتى الآن في علم الأدوية النفسية لم يتعدَّ حدودَ المشابك العصبية وجدران الخلايا العصبية بينما عالمٌ من الممكنات والاحتمالات البيولوجية يوجدُ داخل الخلية العصبية ما يزالُ العلمُ على أبوابه، وإذا أردت تفاصيل أكثر تابعي الرابط التالي أسباب الأمراض النفسية واصبري على قراءة ما يقودك إليه من صفحات مجانين.
إذن فمعنى ذلك هو أن التغير الذي يعزى إليه التحسن ليس فقط في ما بين الخلايا العصبية وهي منطقة نشاط الناقلات العصبية كالسيروتونين، ولا يشترط كذلك أن يكونَ التحسن –الذي قد لا يبدأ باستخدام عقار الم.ا.س.ا قبل اثنتي عشر أسبوعا أي ثلاثة أشهر- واقفا عند حدود جدار الخلية فقد يتعلق الأمر بما هو داخل الخلية العصبية ونحن يا ابنتي في فهم عمل الخلية -رغم كل التقدم الساحق في علوم الخلية الحية- ما نزال نحاول أن نتفهمَ أسرار الخلق، وبكثير ما نزال جاهلين، وهذا فيما يتعلق بالخلية الطبيعية فما بالك بخلية نسلط عليها عقاريا أحد أهم الناقلات العصبية، لا أحد يستطيع فهم التغيرات بالكامل بعد.
أضيف إلى ذلك أن قولنا بأن تناول عقاقير الم.ا.س أو الم.ا.س.ا أو العقاقير التي تزيد من تركيز السيروتونين بين الخلايا العصبية في المخ يؤدي إلى تحسن أعراض مرضى الوسواس القهري، هذا القول لا يعني أن السيروتونين هو المادة المسببة للوسوسة، ولا حتى نستطيع القول بأنَّ نقص السيروتونين هو المسبب للوسواس القهري، كل ما هنالك أننا نلاحظُ أن زيادة السيروتونين في ما بين الخلايا العصبية في مناطق النوى القاعدية في المخ تؤدي إلى قلة الاستعداد للوسوسة وأن نقصه يؤدي إلى زيادة الاستعداد أو القابلية للوسوسة، لكن أحدا لا يجيب بطريقة علمية بمعناها المادي على سؤال ما هو مصدر الفكرة التسلطية (الوسواسية) الأولى؟، وتكون إجابته بمثابة العلم اليقين، وكفاك ما تقدم من كلام واقرئي الباقي على مجانين.
أما السؤال في حالة علاج الوسواس القهري عن كفاية العلاج السلوكيِّ أيا كان نوعه دون حاجة للعلاج العقَّاري، فلا أحد يستطيع أن يجيب إلا إجابة عامة قد تنطبق عليك وقد لا تنطبق، وهي أن العلاج السلوكي من الممكن أن ينجح وحده في بعض المرضى دون حاجة للعقار، ولكن الأمر قد يختلف بالنسبة لك -خاصة وأنت تقدمين لنا تشخيصا ذاتيا للوسواس القهري-، وحتى إن صح تشخيصك فإن تحديد نوع العلاج اللازم ستعتمد على متغيرات كثيرة تتعلق بك بوجه عام وبشكل أفكارك التسلطية وأفعالك القهرية بوجه خاص، فقد تكونين بحاجة إلى علاج معرفي فقهي في حالة المريضة المسلمة، وقد تحتاجين علاجا سلوكيا ومعرفيا على الطريقة الغربية لأن أعراضك لا علاقة لها بالدين، وهي حالة قد تساعدك فيها طريقة الدكتور جيفري تلك، وغيرها مما هو شائع، ولكنني أرشح لك ما قدمه أخي الدكتور محمد شريف سالم لأصدقاء مجانين الموسوسين ضمن باب موقعنا نطاق الوسواس القهري:
عزيزي مريض الوسواس: عالج نفسك بنفسك4
علاج وسواس الوضوء والصلاة معرفيا وسلوكيا
لكنني لا أستطيع تخمين ما إن كانت حالتك تحتاج إلى دعم بالعلاج العقاري بالم.ا.س.ا أو لا، وأنصحك بأن تستشيري أقرب طبيب نفساني من مكان معيشتك، وأن تقرئي ما هيَ الم.ا.س.ا ؟، وكل ما تجدين من روابط داخل نطاق الوسواس القهري، فأنا ألمس فيك رغبة في المعرفة شجعتني، وأحسب قراءة ذلك ستفيدك إن شاء الله، وراجعينا بعدها.
ويتبع .>>>>>>>>>>> المادة المسببة للوسواس: سلامتك من الصدمة