أنا فتاة تبلغ من العمر 28 عاما غير متزوجة، أعاني ظروفا مادية صعبة مع أسرتي وأعينهم على ظروف الحياة من تعليم إخوتي ومصاريف أخرى.
مشكلتي أنني لا أجد نفسي أبدا لا أستطيع التركيز في حياتي، لا أدري ماذا أريد، كيف أخطط لحياتي العلمية والعملية من ناحية وحياتي الروحانية من ناحية أخرى، وأنا أصلي وأصوم وأحاول أن أؤدي ما عليَّ من فرائض.. ولكن لا أعلم إلى أين أسير، أريد أن أضع لحياتي هدفا ولكني لا أقدر.. أشعر بطاقة كبيرة بداخلي لكنها مكبوتة.. أحيانا أشعر بالإحباط أنني وصلت لهذا العمر ولا أعلم أين أنا وماذا أريد.. أشعر أنني تأخرت ولا أمل من شيء.
أريد أن أجد نفسي وأحقق ذاتي، ولكن كل شيء أمام عيني صعب ومستحيل، كيف يواجه الإنسان ظروف الحياة ليحقق هدفه مهما كانت هذه الظروف صعبة؟؟
من ناحية أخرى أرى أن هناك من البشر من سهل الله لهم طرق العلم والنجاح.. وأناس يكتب عليهم الصعوبات في حياتهم وعراقيل تقف أمام أحلامهم، خاصة أنني مقيمة (فلسطينية) في دولة خليجية نجد فيها التفرقة بين المقيم والمواطن في التعليم والصحة والعمل؛ فقد أعمل ليل نهار لأكسب نصف ما يكسبه من لا يعمل نصف عملي وقد لا يعمل أبدا ولا تجد بداخله من الطموح الذي يعينه على شيء؛ فالمواطن الذي يقدم له كل شيء على طبق من ذهب بل ألماس، أما المقيم وخاصة الفلسطيني الذي لا ينال من الحقوق شيئا، سواء هنا أو في أي بلد آخر يطلب منه الجهد المضاعف بل الأكثر من المضاعف لمجرد أن يحاول أن يحقق شيئا في حياته ماديا وغيره ومع ذلك لا يجد الاستقرار أبدا.
أشعر أنني أريد من يعينني على التفكير ويسمعني.. يخطط معي ويساندني.. ولكن لا أجد هذا الشخص في هذه الحياة التي ينشغل فيها كل بنفسه حتى الأخ عن أخيه والصديق عن صديقه. أريد أن أكون شخصية مستقلة بذاتي في حياتي وعملي بغض النظر عن ظروفي الحياتية، أريد أن أكون تلك الإنسانة المسلمة القوية المثقفة الطموحة التي تصل لمناصب من العلم تعينها على أمور الدين والدنيا.. المستقلة المعتدة بدينها وعلمها.
أمام هذا كله أرى أن كل شيء مستحيل.. أو يتطلب مني طاقة ومجهودًا كبيرين جدا.. أرجو أن أجد لديكم ضالتي في طريقة اكتشاف ذاتي.. وتحديد هدفي في الحياة. أحب أن أذكر أن تخصصي في مجال الكمبيوتر، ولكن انشغال الحياة وهمومها تجعلني أجد صعوبة في تطوير نفسي في هذا العلم العميق.
أعتذر إن كانت أفكاري مبعثرة.. ولكن كلي ثقة أن بعثرتي لكم سأجد فيها العون بإذن الله،
والله ولي التوفيق.
11/12/2021
رد المستشار
أختنا الكريمة "دينا" لا تتعجبي إن قلت لك هذا حال الجميع وإن كان بدرجات متفاوتة، فكلنا يبحث عن هويته وذاته ويجدد أهدافه وفق كل مرحلة من مراحل الحياة حتى المسن يبحث عن هوية جديدة.
فما تشعرين به طبيعي إلى حد ما خاصة وأنك في ظروف ومرحلة مهمة في حياتك، ربما حققت بعض أهدافك التي تشكل هويتك الذاتية ولكنك تعتبرينها عادية، فإتمامك دراستك الجامعية هذا جزء من شخصيتك وهويتك، وممارستك لعمل هذا جانب آخر لاستقلاليتك، ودعمك ومساعدتك لأسرتك هذا جانب آخر لهويتك في العطاء والشعور بالمسؤولية، ومواجهتك لظروف المجتمع وفهمك له أمر يحسب لك لا عليك.
عمر الـ 28 عاما لا يقال عنه "وصلت لهذا العمر" في هذا الزمن، فالتأخر في تحقيق بعض الأهداف المهنية أو العلمية أو الاجتماعية يرتبط بظروف الحياة المعاصرة وتعقيداتها ومتطلباتها، كذلك أنت تعايشين مرحلة اغتراب عن الوطن الصغير في وطن أكبر لكن يعتبرونك أجنبية عليه وهذا جانب قد يساهم في تأخير بعض الأهداف.
في الحقيقة أنت تتأملين جيدا فيما حولك لكنك بحاجة لتكوين فلسفة في الحياة تجعلك أكثر تقبلا لما أنت فيه مع محاولة تطويره قدر المستطاع بهدوء، وفلسفة في الحياة تجعلك أكثر رضا عن ذاتك وعن الأدوار التي تلعبينها في الحياة، كذلك يمكنك إرضاء نفسك أكثر بفعل شيء لنفسك، تخصين فيه ذاتك وتكافئين جهودك في الحياة.
حاولي تحديد أهداف صغيرة على المدى القصير قدر المستطاع على الأقل في الفترة الحالية، ربما خلال عام أو عامين بالكثير، ماذا يمكنك أن تفعلي أو تتطوري فيه؟ وحاولي تجنب المقارنات لأن لكل ظروفه التي لن تتطابق مع أحد، لكن المقارنة دائما ما تكون بين النتائج والحال الأخير الذي عليه الشخص.
لعلك تفكرين أنك بحاجة الآن لتستثمري في ذاتك ولمراحل مقبلة ربما بدراسة أو عمل تطوعي أو تعلم مهارات الأمومة والطفولة أو مراجعة حال الأصدقاء والتقارب معهم. وتقبلي النتائج الصغيرة فهي تتراكم وتكون كالجبال والنتائج التي تصلين إليها نقارنها بنفسك كيف كان حالك من قبل وليس بحال الآخرين وننظر لها في ضوء الظروف والسياق الذي تعيشين فيه.