استشارة حول تعرض بنت لتحرش وتاثير ذلك على زواجها
الأخوة الأعزاء أصحاب الموقع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعد السلام أود أن أعرض لقصة نريد حلا لها...
فتاة جميلة تعرضت لتحرشات جنسية في صغرها -كانت قاصرة (في سن 10 أو 11 سنة) وهي عبارة عن ملامسات بسيطة ولكنها تقول أنها صدمت قليلاً وبكت وذهبت لأمها لإبلاغها فلم تصدقها وبقيت المسألة في ذاكرتها ولم تعطي للموضوع أي أهمية...
وبعدها تعرضت لتحرش آخر بسيط ومن ثم لتحرش ثالث... وكل هؤلاء المتحرشين من أقاربها.... بمن فيهم أشخاص من داخل البيت...
وكلها لم تصل إلى مستوى الاعتداء أو الاغتصاب بل مجرد ملامسات ومداعبات خفيفة...
ما حصل أنه بعد أن تزوجت وهي في سن 15 أحست بداية أنها لا تستطيع النوم معه..
بقيت أسبوع تعارض النوم مع زوجها حتى قبلت أخيراً بذلك على مضض...
بعد فترة من زواجها لم تتجاوز الأشهر تبين لها أنها لا تطيق زوجها على الإطلاق وكلما قاربها تحس انه سيغتصبها وتصبح بحالة رهاب كبيرة وترتجف...
مع العلم أنه إنسان جيد ومهذب ويحبها كثيراً... وكل هذه المشاكل حصلت وهي بعيدة عن أهلها مسافرة إلى بلد يعيد ولم تستطع الإفصاح عن مشكلتها الحقيقية لأهلها عبر الهاتف... بل كانت تكبت الموضوع لاعتبارات اجتماعية...
قال لها البعض أن فارق السن بينكما سبب ذلك باعتبار انه يكبرها بحوالي 15 سنة..
ولكن بعد مراجعات لأطباء نفسانيين لم تصل إلى نتيجة لأنها رفضت الإفصاح عن موضوع التحرش ولم تكن تعطي الأطباء المعطيات كاملة ...وبعد أن فاتحها شخص قريب بالموضوع كونه قرأ عن مشكلة شبيهة بمشكلتها فتبين أن الموضوع قد يتعلق بتحرشات منذ الصغر فاعترفت له بذلك من دون أن تستطع ربط التحرش بمشكلتها...
فمثلاً عندما تقرأ خبراً أو تشاهد صوراً لأشخاص يتعرضون لاغتصاب تصاب بكآبة نفسية كبيرة ويبقى معه الأمر لأسبوعين وأكثر...
المشكلة هي أنها منذ 10 سنوات تمنع زوجها من مقاربتها...
هي عرضت الطلاق كحل ولكن تمسكها بالأولاد (3 أولاد) يجعلها تبقى في بيتها كما أن زوجها يحبها كثيراً ولا يستطيع تطليقها فضلاً عن عدم رغبته في البوح بالقضية لأحد فلا أحد سيتفهم المشكلة خصوصاً أنه لا يعرف أنها تعرضت لتحرشات وهي صغيرة بل يظن أن فارق السن هو الذي تسبب بالمشكلة... ولذلك انتظرها لتكبر ويزداد نضوجها.. من دون أي نتيجة..
هل هناك من نصائح أو حلول للمشكلة وهل التحرش البسيط يؤدي إلى هذه النتيجة حتماً
ولكم الشكر
22/1/2005
رد المستشار
نشكر لك اهتمامك بمشكلة إنسانة غيرك، وإن كانت رسالتك لا توضح صلتك بهذه السيدة، ولكن يبدو أنك القريب الذي حاول أن يساعدها عن طريق التعرف على أسباب المشكلة،
وها أنت تفتح ملفا شديد الإيلام وتنكأ جراحا لا تلتئم لزهرة بريئة حاول البعض من منعدمي الضمير أن يحصلوا على رحيقها قبل الأوان وبدون وجه حق، فنتج عن ذلك معاناة لسنوات طويلة، فهل نكون واهمين إذا تصورنا أن هذه النتائج المأساوية يمكن أن توقظ ضمير وتحرك الإنسان بداخل المتحرش؟.
والواقع أن التأثيرات طويلة الأمد للتحرش في الصغر تختلف اختلافا متباينا من فتاة لفتاة وذلك بحسب طبيعة وشخصية المتحرش بها، ودرجة قرب المتحرش منها، ودرجة التحرش، وتفاعل الضحية مع هذه المشكلة ورد فعل المحيطين بها، فمما لا شك فيه أن التأثيرات طويلة الأمد تكون أقسى وأشد مع الاغتصاب الكامل، وتزداد الأزمة كلما كان المتحرش أكثر قربا من الضحية، حيث تشعر الفتاة أن الطعنة قد جاءتها ممن يفترض أنه مصدر الحماية والأمان لها، ويزداد حجم الأزمة الحادثة في نفسية الضحية إذا شعرت أن المتحرش به لم يعاقب العقاب الرادع وحاول من حولها حمايته، ويتضاعف الألم النفسي لو شعرت أن المحيطين بها لا يصدقونها أو يوجهون اللوم لها باعتبارها المذنب الحقيقي.
وتتراوح النتائج بعيدة الأمد للتحرش الجنسي بالإناث في الصغر بين التأثيرات على الحياة الجنسية والعاطفية للفتاة، وكذلك صحتها النفسية وثقتها بنفسها، حيث يبرز الاكتئاب والتوتر وأحيانا إدمان المواد المختلفة (كحوليات ومخدرات)، والاضطراب النفسي والعاطفي التي تعاني منه الفتاة يمكن أن يدفعها للتورط في علاقات قبيل الزواج، وتتراوح التأثيرات الجنسية بين النفور التام من الممارسة الجنسية سواء بسبب الاكتئاب أو بسبب اعتبار كل الرجال (بما فيهم الزوج) كائنات جنسية لا تبغي إلا متعتها الخاصة بغض النظر عن مشاعر الطرف الآخر في العلاقة، وهناك بعض الحالات التي قد تعاني من النهم والشره الجنسي.
ومن الواضح أن التأثيرات طويلة الأمد للتحرش في الصغر تختلف وتتباين بشدة من فتاة لأخرى، وبالتالي فما تعاني منه قريبتك يمكن أن يكون ناتجا عن التحرش السابق، ويمكن أن يكون ناتجا عن الاكتئاب الذي تعاني منه، كما يمكن أن يكون ناتجا عن خلل في العلاقة بينها وبين زوجها، لأنه من المعلوم أن هناك اختلافا كبيرا في الطبيعة الجنسية للمرأة والرجل، وقد وضحنا هذا سابقا في الكثير من مشكلاتنا ومنها "سؤال لكل الرجال: الجنس عند المرأة"، وغالب مشكلات العلاقة الجنسية تنتج من أن الرجل يتصور أن المرأة مثله تماما فيتعامل معها كما يحب هو... وبالتالي لا يتم إشباع احتياجات المرأة العاطفية والجنسية مما يؤدي لحالة من النفور الجنسي، فلابد لقريبتك وزوجها من أن يخضعا للعلاج الزواجي، ولا مفر من أن يكون كلاهما صريحا مع معالجه، على أن يتم التفاهم مع المعالج بخصوص الأسرار التي لا تود أن يطلع عليها زوجها.
أخي الكريم: مرة أخرى أشكرك على اهتمامك بأمر غيرك وأدعو الله أن يجزل لك العطاء في الدنيا والآخرة.