وسواس ماهيتاب من التحرش حتى الكفرية
كيف أعرف أن هذا وسواس
السلام عليكم، أود أن أشكرك للغاية دكتور وائل على ما أحلتني عليه من روابط فهي أفهمتني طبيعة الوساوس وكيف لها أن تتغير وتتحايل على المريض حتى يقع في فخاخها مرة أخرى.
ولكن ... أولاً أنا أحارب الوساوس بكل ما أوتيت من قوة
ثانيا لا أملك المال اللازم لعلاجي في هذه الفترة للأسف ولكن عندما أرسلت لطبيب نفسي على موقع ما أول استشارة أعطاني خطوات حتى أعالج نفسي بنفسي ... كنت تحسنت قليلا ولكن مثلما قلت لحضرتك يا دكتور فتارة أهزمه وتارة أقع في فخاخه وذلك لأن الطبيب طلب مني أن أكتب أفكاري في ورقة وأعمل عليها عدة تمارين كتعرض ومنع الاستجابة وتمرين التوقف وربط الألم الجسدي بالفكرة الوسواسية... ولكني لم أكتب أفكاري في الورقة ... كان هذا صعبا للغاية.
أولا كيف لي أن أكتب أفكارا كفرية في ورقة وأرددها في ذهني وأعمل عليها تمارين مثل هذه... كنت أخاف من عمل هذه الخطوة.
ثانيا ما منعني أيضا من كتابة أفكاري ... أن أفكاري أساسا متغيرة ... اليوم فكرة وغدا فكرة أخرى وأمس كانت فكرة مختلفة تماما!!!
فكنت أكتفي بعمل هذه التمارين عندما تأتيني الوساوس فقط وعندما أبلغت الطبيب في الاستشارة الثانية اتهمني بأنني السبب في هذه الوساوس... وأنني طالما عرضت علي الوسائل العلاجية ولم أطبقها بصورة صحيحة فإنني مسؤولة عن هذه الوساوس ... وإلى الآن أشعر بألم بسبب هذا الكلام، أحيانا أجلد ذاتي ولكن ليس هذا صلب الموضوع.
الآن، من الممكن أن أرسل إليكم هنا على الموقع من وقت لآخر واعذرني يا دكتور إن كان هذا سيسبب لك بعضاً من الإزعاج ولكن ليس لدي حل آخر. هناك شيء حدث معي ولا أعلم هل هذا وساوس أم لا؟
كنت أسرد لأختي قصة مسلسلات عن الخيال العلمي والتنبؤات العلمية فخفت أن ما سردته لها يخرجني من الملة فأرسلت لموقع ما حدث وقال لي الشيخ وأما إن اعتقد الإنسان تلك الخرافات والتنبُّؤات وصدّقها فإنه يُخشى عليه من الكفر، لأنه لم يُؤمن بأن الغيب من اختصاص الله تعالى، قال الله: (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ). وقد ذكر أنه لا يجوز لأحدٍ أن يعتقد أن أحداً يعلم الغيب، ومن اعتقد ذلك فقد كفر، وأما حكاية القصة لأختك فلا تكفرين بمجرّد ذلك، مادمت لا تعتقدين صدق ما فيها.
ثم دخلت على فتوى أحالني عليها فضيلة الشيخ وقرأت أن لا يجوز لأحد أن يدَّعي علم الغيب، ومن ادَّعاه فقد كفر، ولا يجوز لأحدٍ أن يعتقد أن أحداً يعلم الغيب، ومن اعتقد ذلك فقد كفر... وقد أخبر الله تعالى أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب، وأخبر أن الجن لا يعلمون الغيب. ثم قلت لنفسي هل كنت أعتقد أن الجن يعلمون الغيب؟ فأحسست أنني كنت أعتقد ذلك... ثم تذكرت أن والدتي تحلم أحلاما تشعرها باقتراب أجلها فأقول لها (ربنا مبيديش علمه لحد) كنت أقصد علم الغيب أيضا تذكرت آية (قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله) فقلت إذاً أنا لم أكن أعتقد أن الجن يعلمون الغيب!!
ثم تذكرت في إحدى المرات من شدة خوفي من الله ومن شدة خوفي من دخول النار بسبب ما كنت أظنه من تكرار الردة مني، قلت بداخلي ماذا إن كان هناك طريقة أعرف بها هل سأدخل الجنة أم النار؟ ثم أتى لي هاجس إذا استعنت بالجن سأعلم هل سأدخل الجنة أم النار؟ ثم استعذت بالله سريعا وقلت ما هذا، سيكون هذا كفر أعوذ بالله... إذن أنا كنت مقتنعة أن الجن يعلمون الغيب ... وكانت استعاذتي لأنني فقط وجدت بداخلي شيئا يقول لي أن أستعين بالجن أعوذ بالله.
الآن أنا في حالة يرثي لها... بكاء هستيري... لا أتحدث مع أحد... لا أشعر برغبة في أي شيء ... أشعر أنني كنت معتقدة أن الجن يعلمون الغيب ... هذا الشعور كل ما حاولت التذكر أشعر به يكبر بداخلي أكثر وأكثر ...
أشعر وكأنني كنت مقتنعة فعلا بهذا الاعتقاد ...
أنا لا أعلم هل كنت معتقدة هذا الاعتقاد أم لا؟
24/1/2022
رد المستشار
الابنة الفاضلة "Mahitab" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، ومتابعتك خدمة الاستشارات بالموقع.
حياك الله تقولين أن إحالاتنا في ردنا السابق أفهمتك (طبيعة الوساوس وكيف لها أن تتغير وتتحايل على المريض حتى يقع في فخاخها مرة أخرى) هذا طبعا كلام جميل ... لولا أنك بعد كلام قليل تكتبين لنا من فخاخ الوسواس التي وقعت فيها ... وتسألين (هناك شيء حدث معي ولا أعلم هل هذا وساوس أم لا ؟) ... يعني من فخاخ الوسواس تسألين هل هذا وساوس أم لا ؟! ... فهل حقا أنت فهمت جيدا؟! ... دعينا ننتقي بين سطورك الذهبية في وصف التفتيش في الدواخل في مريض وسواس قهري الكفرية.... ما يبين ما لا زلت بحاجة لفهمه....
تقولين : (ولكن ... أولاً أنا أحارب الوساوس بكل ما أوتيت من قوة) ... لكأن أول القصيدة إخفاق مع الأسف يا ابنتي! محاربة الوساوس لا تطلب من مريض الوسواس القهري... بل وأينما قرأتها في النصوص العربية اعلمي أنها موجهة للإنسان الصحيح وتقصد بها محاربة الوساوس الشيطانية لفعل المعاصي المحببة للنفس... وأما إذا وجدت من يرد بطلب محاربة الوساوس من مريض الوسواس القهري فاعلمي أن قصورا في علم الكاتب .... إلا إذا أردف طلبه بتوضيح أن المحاربة يقصد بها التجاهل .... لا الرد بالمنطق ولا إثبات العكس.... إلى آخره... سبب ذلك هو أن أي اشتباك مع الفكرة الوسواسية ليس يؤدي إلا إلا شحنها بطاقة جديدة لتزيد تلونا وإلحاحا... واقرئي إحدى تفسيرات تلك الظاهرة هنا : قمع الأفكار وعملية العقل الساخرة.
من المؤسف بكل تأكيد أن يوجد من يحاول تطبيق العلاج بالتعرض ومنع الاستجابة ت.م.ا بطريقة حرفية دون مآلفة المريض بشكل صحيح ودون مراعاة مثلا للفرق بين أن تطلب من مريض وسواس الطلاق أن يكتب في ورقة طويلة : طلق يطلق طلاقا أو طلق فلان فلانه ... وربما بعد أن يألف ذلك نطلب منها كتابة اسمه وزوجته ... وبين أن نطلب من مريض وسواس الكفرية أن يكتب كلاما كفريا ... خاصة وأن في العلاج بالت.م.ا وسائل أخرى منها التتفيه والقبول بوجود الفكرة في الوعي (دون أن يعني ذلك الموافقة عليها) ثم التجاهل والإعراض ومنعها من تغيير السلوك الذي يقوم به الشخص... صحيح أني سمعت عن أساتذة أجلاء أنهم كانوا يطلبون من الموسوس بالسب الكفري أن يسب لكنني لم أجرؤ على ذلك ولا أراه يجوز ... ولابد أن أؤكد هنا أن اضطرار المريض قهرا للسب الكفري لا شيء فيه ولا حساب عليه أما أن نطلب من المريض أن يفعل ذلك كنوع من التعرض فمرفوض برأيي.
تسرع معالجك الافتراضي الذي تشيرين إليه حين أفتى هداه الله بأنك طالما عرضت عليك الوسائل العلاجية ولم تطبقيها بصورة صحيحة فإنك مسؤولة عن هذه الوساوس... لا حول ولا قوة إلا بالله... ذكرني هذا بما حصل من بعض الزملاء في مسألة وسواس قهري الطلاق حين رأوا أن مريض وسواس الطلاق طالما عرف بأن هناك علاج للوسواس القهري فإننا نعتبر طلاقه يقع !.. وكأننا نؤدبه! مثلما جنح بعض الفقهاء حين رأوا اعتبار طلاق السكران صحيحا عقابا له! على سكره ... متجاهلين لا اختلال إرادته فقط وإنما وجود زوجة وأطفال تدمر حياتهم.
في نفس الوقت يا "Mahitab" يا ابنتي ولا أخفيك أنني خاصة في السنوات الأولى لتخصصي بعلاج الوسواس القهري أمسكت كلمات بهذا المعنى على طرف لساني ولم أقلها، مرات عديدة مع مرضاي أثناء الع.س.م لأعراضهم الدينية لكن ليس لعدم سماعهم كلامي بقدر ما هو رفضهم للأخذ بالرخصة واتباع الحكم الأيسر ... ورغم أن المتأمل في الأمر يرى المريض مسؤولا عن استمرار حالته لأنه عرف الشرع ولم يتبع ... وأن ليس بمستغرب على معالج أصحاب الوساوس الدينية أن يضجر من عدم سماعهم نصائح شرعية تنجيهم من عذابهم... وقد شعرت بشكل شخصي ربما بعض ما أحسه ابن قدامة المقدسي حين كتب رسالته الشهيرة في ذم الموسوسين... رغم ذلك كله فقد علمتني التجربة أن الصبر على مرضى وسواس الذنب التعمق القهري و.ذ.ت.ق بدلا من سرعة اتهامهم بالمسؤولية كثيرا ما بفضل الله يجدي ... ولو بعد حين ... خاصة وأن اتهاما كهذا ليس صحيحا في أغلب الأحوال وأنه بكل تأكيد ليس في صالح العملية العلاجية.
أخيرا أصل إلى قصة الخيال العلمي والتنبؤات العلمية التي حكيتها لأختك وفيها الوصف الحي لكيف أوقعك الوسواس في فخ قراءة وتفتيش الدواخل ... تبدئين من هل الخيال العلمي والتنبؤات العلمية حرام؟ هل معناها ادعاء المعرفة بالغيب؟ يعني الكفر؟؟ ... ثم طمأنك في ذلك الشيخ المشار إليه، لكنك لما قرأت الفتوى التي أحالك إليها وقعت في السؤال الفخ وهو سؤال : هل كنت تعتقدين أن الجن يعلم الغيب؟ ... وذلك عندما عرفت أن الله تعالى (أخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب، وأخبر أن الجن لا يعلمون الغيب) ... يا ترى كيف تعرفين أنك قبلا كنت تعتقدين بعلم الجان للغيب؟ طبعا هذا سؤال وسواسي بامتياز لأنه يرميك في فخ قراءة الذكريات... وبالفعل أصبحت وأمسيت تتذكرين مواقف ومواقف ... رغم أن الرأي الشرعي في مثل هذا (لو صح رغم سخفه) أن معرفة الشخص في لحظة بمعلومة لم يكن (أو ظن أنه لم يكن) يعرفها عن دينه لا تعني أنه مسؤول عن جهله السابق ... يعني تفتيشك لا يجب بل يكره للصحيح وللموسوس على أقل تقدير.
رحت تتذكرين وتتقلبين بين (إذاً أنا لم أكن أعتقد أن الجن يعلمون الغيب!!) ... إلى (إذن أنا كنت مقتنعة أن الجن يعلمون الغيب)... ثم مع التفتيش والتفتيش تشعرين أنك (كنت معتقدة أن الجن يعلمون الغيب ...) ثم بجلاء منقطع النظير تظهر عقابيل التفتيش بغرض التحقق -كلما زادت المحاولات ازداد الشك في النتيجة- حين تقولين: (هذا الشعور كل ما حاولت التذكر أشعر به يكبر بداخلي أكثر وأكثر..) ... أغاثك الله يا "Mahitab" كفي عن هذا ... وعن كل انسياق وراء الأسئلة الوسواسية وبشكل خاص أي اتهام بأي شكل لصحة عقيدتك وكمال إيمانك فأنت من أصحاب الحصانة الإيمانية لأنك كما تكرر وعرفت من أكثر من استشارة أحلناك إليها، مثلك مثل كل مرضى وسواس الكفرية مهما حصل لا تكفرين.
ومرة أخرى أهلا وسهلا بك دائما على موقع مجانين فتابعينا بالتطورات.
ويتبع>>>>: وسواس ماهيتاب من التحرش حتى الكفرية م1