السلام عليكم
أنا شاب عمري 18 سنة وأدرس في الثانوية، ومشكلتي الوحيدة هي الخجل، نعم أعترف أنني شخص خجول بعدما كنت دائما أنكر الحقيقية.. لا أدري ماذا أفعل؟؟
عندما كنت في الابتدائية كنت ولدا لطيفا طيبا، لا يحب العراك، ولم أكن من النوع العنيف، وكنت أيضا صادقا في كلامي وفي حياتي مع بعض الأخطاء التي ارتكبتها.
من ثم انتقلت إلى المرحلة المتوسطة، ومن هنا بدأت المشكلة أو بالتحديد عندما بلغت الثانية عشرة من عمري، لقد لاحظ والداي أنني ليس عندي أصدقاء كثر، فقررا أن يعرفاني على بعض الأولاد حتى أصير اجتماعيا، ولكنني أحيانا كنت أرفض الذهاب، خصوصا عندما كانا يغصبانني فكنت أعاندهما، ولكن الآن فقط عرفت أنهما كانا على صواب، ولكن بعد فوات الأوان.
لقد تغيرت تماما عندما عرفت شيئا اسمه الجنس؛ فتغيرت نظرتي للحياة إلى صورة سلبية، ولكن بعد مدة استفقت من هذا الحلم بعد كابوس مرير وتقبلت الواقع.. مشكلتي الكبرى أنني لست شخصا اجتماعيا بالشكل المطلوب، دائما أحس عندما أقابل أشخاصا يكون الحوار رسميا جدا... عندي بعض الأصدقاء ولكنهم ليسوا مثل الأصدقاء الحقيقيين، عندي صديق واحد هو صديق العمر، ودائما أأتمنه على أسراري، حتى إن أهلي طلبوا مني أن أبدل بهذا الصديق أناسا كثيرين.
إنني في السنة الأخيرة، ودائما أهلي يقولون لي كيف سأعيش وحدي في الجامعة، وكيف ستتخالط مع الناس؟ والمصيبة أنني أريد الذهاب مع صديقي الوحيد، يعني أحس أن أجمل أوقات حياتي تضيع مني. مشكلتي أنني أريد أن أتغير وأزيل هذا الجلد الذي أسكن فيه، أريد أن أصبح شخصا اجتماعيا قويا جريئا مندفعا شجاعا، لا أريد أن أكون الولد الهادئ المهذب الرقيق المغلوب على أمره، أحس هناك طاقات تكمن في داخلي ولكن لا أعرف كيف أخرجها.
أنا شخص متناقض، أعرف مشكلتي، وأعرف حلها في الوقت نفسه.
باختصار تنقصني الجرأة والشجاعة والثقة بالنفس. حلمي أن أصبح طبيبا.
16/2/2022
رد المستشار
أخي العزيز، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هناك في الوقت الحالي ما يسمى بالذكاءات المتعددة، ومنها الذكاء المنطقي الحسابي، والذكاء اللغوي، والذكاء الهندسي الفراغي، والذكاء الحركي، والذكاء الفني، والذكاء الاجتماعي، والذكاء الروحي... إلخ.
وأنت -كما يبدو من رسالتك- غير قانع بذكائك الاجتماعي، وتريد مستوى أعلى منه يمكنك من فهم الناس والتفاعل معهم بشكل أكثر عمقا وأكثر تأثيرا، وأنت ثائر على هدوئك وخجلك وانطوائك وكذلك الأسرة، وتريد أن تنطلق جريئا شجاعا، بل لقد أبديت رغبتك في أن تكون مندفعا، وهذا من فرط رغبتك في الخروج من قوقعة الخجل والخوف والانسحاب الاجتماعي.
والذكاء الاجتماعي له جانب فطرى وآخر مكتسب؛ فمثلا نجد أناسا بطبيعتهم يستطيعون عمل علاقات متعددة مع غيرهم، ويؤثرون ويتأثرون، ولديهم فاعلية عالية في مجتمعاتهم، ويستطيعون التعبير عن أنفسهم دون أدنى درجة من الخجل أو الخوف، وهم لا يفعلون ذلك مضطرين، وإنما يفعلونه وهم مستمتعون به ولا يبذلون جهدا يذكر في ذلك.
أما الأشخاص ذو الذكاء الاجتماعي الأقل فهم يحتاجون لبذل الجهد لتحسين كفاءتهم الاجتماعية وتنمية علاقاتهم الإنسانية، وهذا الجهد يكون صعبا في البداية، ولكن بعد فترة تقل الحاجة إليه تدريجيا؛ حيث يكون الشخص قد أصبح أكثر دراية بمفاتيح البشر وشخصياتهم واتجاهاتهم واحتياجاتهم.
وأنت ما زالت أمامك فرصة كبيرة لتنمية قدراتك الاجتماعية خاصة أنك مقبل على الجامعة، وهناك تكون الفرص للنشاط الاجتماعي أكثر بكثير من المجتمع المدرسي، خاصة أن لديك الرغبة في ذلك. وهناك بعض التوصيات نذكرك بها:
1- اهتم بتعميق علاقتك بصديقك الحميم فإن هذه العلاقة تعتبر تجربة (بروفة) للعلاقات الإنسانية العميقة، ونجاحك فيها يؤهلك لمزيد من النجاح في علاقات أخرى.
2- لا تكتفِ بمستوى الصداقة الحميمة؛ فهناك مستويات أخرى من الصداقة نحتاجها، مثل: الصداقة الاجتماعية والزمالة والمعارف.
3- وسع دائرة معلوماتك واهتماماتك بحيث تجد دائما ما تتحدث فيه مع أي شخص تقابله.
4- وطّن نفسك على أن تعطي للناس ما يحتاجونه، وعندها ستجدهم معك دائما.
5- حاول أن تترك أثرا طيبا في أي شخص تقابله حتى ولو كانت المقابلة لدقيقة واحدة.
6- حاول أن تجد في كل إنسان تقابله صفة حسنة تحبها، وتعوّد أن تتغاضى عن أخطاء الناس وزلاتهم.
7- الإنسان مخلوق كرمه الله تعالى -رغم ما به من عيوب- فتعامل معه على هذا الأساس.
8- العلاقات الاجتماعية ليست تضييعا للوقت، وإنما هي نوع من الاستثمار الإنساني والوجداني، وهي فرصة ثمينة لتنمية مهارات الحياة.
9- شارك قدر إمكانك في الجمعيات والهيئات التي تهتم بخدمة الناس.
10- تعود أن تؤدي الصلوات الخمس في جماعة.
11- اهتم بصلة الرحم.
وبعد كل هذا أعط لنفسك الفرصة لكي تنمو ملكاتك الاجتماعية، ولا تتعجل النضج قبل أوانه.
واقرأ ايضًا:
تأكيد الذات وكسب الأصدقاء
فشل في العلاقات؟ أم في تأكيد الذات؟