مضطربة تكافح ذهان الأم وسيكوباثية الابن م. مستشار
السلام عليكم
أعاني من اكتئاب حاد وحزن عميق بسبب معاملة أخي لأمي المريضة وتسلطه عليها، أنا فتاة في بداية العشرينيات من عمري عشت حياتي كفتى لأني ولدت ثنائية الجنس وضعوني في الهوية ذكر إلى أن أبلغ سن الرشد ويتحدد جنسي الحقيقي وليومنا هذا، عشت طفولة غير طبيعية وقاسية نوعا ما فقد كنت أتعرض للتحرش والتنمر في البيت والمدرسة والشارع وحتى من الأساتذة ولم أكن أخبر أحدا كنت كتومة وانطوائية وليس لدي أصدقاء في المدرسة
وأبي كان يضرب أمي كثيرا أمامنا ولم يمر يوم بدون مشكلة بينهما إلى أن أصبت بأمراض نفسية مثل الرهاب الاجتماعي، والخوف والهلع عند الخروج من المنزل والذهاب إلى المدرسة وقد حاولت الانتحار عدة مرات بتناول أدوية ولم أنجح وهذا الوضع أودى بي إلى ترك دراستي في سن 15 سنة أي منذ 7 سنوات فقد أصبحت لا أخرج من المنزل إلا للضرورة القصوى
وانخرطت في عالم الإنترنت والألعاب وتعرفت على أشخاص في العالم الافتراضي أصبحت أقضي كل وقتي معهم لدرجة أني نسيت الحياة الحقيقية حتى أصبت بمرض نفسي يدعى اضطراب الإنية أي أصبحت أشعر أني في حلم أو وهم ولا أفرق بين الواقع والخيال وفقدان ذاكرة مؤقت لكن قبل سنة بدأت أعي أني يجب أن أغير هذا الوضع وأتشافى وأكمل دراستي وأنا الآن أكملها عن بعد وبدأت أحاول الخروج والتعود على الحياة
لكن لدي مشكلة لأن أو بالأحرى عند والدتي مشكلة منذ 10 سنوات تقريبا بدأت أرى والدتي تكلم نفسها بشكل ملحوظ ومسموع وأحيانا بشدة وكأنها تتخاصم مع أحد طول الوقت وتتكلم عن مشاكل قديمة جدا مع نفسها ولا تدعنا ننام وأصبحت تشك في الناس، وتقول إنها تسمعهم وتراهم يقولون ويفعلون أشياء وأن الشرطة تريد أن تسجنها وأن كل الناس تكيد لها حتى إن كانت لاتعرفهم، على الرغم من وجودنا معها، وتأكدنا من عدم صحة كلامها البتة حاولنا إقناعها بعدم صحة ذلك، ولكن دون جدوى المشكلة أصبحت تواجه الناس بشكوكها فيهم بأفكار غريبة.
قبل فترة بدأت أبحث في الإنترنت عن حالتها واكتشفت أنها مصابة بالشيزوفرينيا (الفصام) والمشكلة الرئيسية هي أن لدي أخ وحيد يكبرني بعامين هذا الأخ منذ الصغر حظي باهتمام ودلع أكثر من اللازم من أمي لأنه كان يتعرض للعنف من والدي وكانت تعطيه نقود يوميا وكل ما كبر كل ما زاد المبلغ الذي تعطيه إياه لدرجة أنه أصبح يأخذ كل راتبها بالإجبار وبدون رضاها من خوفها منه هي مدرسة متقاعدة ومنذ الصغر كان معروفا بحبه للضرب والخبث، ولكنه كان جيدا نوعا ما، أي أن مشاكله كانت بسيطة.
أما الآن فقد أصبح وحشا يهدد حياتنا، حجمه يفوق حجمنا بكثير، ووزنه كبير منذ سنوات قريبة تغير كثيرا وأصبح أكثر تسلطا هو فاشل دراسيا ولم يكمل دراسته ولا يعمل ويشتكي من هذا كل الوقت ... واكتشفنا قبل سنة أنه يتعاطى المخدرات ولكنه أقلع عنها لأنه كاد أن يموت بسببها ويتعالج منها حاليا وقد اعتدى على موظف في البلدية بعد يوم من اكتشافنا لتعاطيه بسلاح أبيض ودخل السجن لستة أشهر لأن الرجل رفع الشكوى، ظننا أنه بعد السجن سيتغير ويتعلم درسا ولكن أخلاقه زادت سوءا لدرجة أنه أصبح يضرب أمي ويشتمها بأبشع الألفاظ وعندما يسمعه أبي ويأتي لكي يتكلم معه فيقوم بشتم أبي ويصرخ عليه لدرجة أنه يمد يده عليه وأبي هجرنا من خوفه منه لأن البيت باسم أمي لا يستطيع طرده منه
عندما اكتشفت مرض أمي على الإنترنت دخلت على موقع يتحدث عن الفصام وعن حالة مشابهة لحالة أمي وأريتها لأخي وقلت له أنه يجب عليه أن يراعي مرضها رأيت منه تغييرا في اليوم الأول ولكنه بعد يوم واحد رجع لعادته وأصبح يعاملها كأنها خادمة ويوقظها من النوم بالغصب لكي تطبخ له وتغسل ملابسه وكل ما تكلمت مع نفسها يصرخ عليها ويشتمها وينعتها بالمجنونة ودائما يسرق مالها ويأخذ كل مرتبها وعندما ترفض أن تعطيه المال يحقد عليها ويشتمها وأحيانا يضربها، في مرة من المرات لم أستطع تحمل هذا وصرخت بوجهه وقلت له أنها مريضة فقام بضربي وشتمي وقال لايهمني إن كانت مريضة إذا مريضة خذي عالجيها
وأنا أفكر لأن آخذ أمي إلى طبيب نفساني عندما ينزل مرتبها هذه الأيام ولكن أخي للآن يعاملها بسوء وأنا لا أتحمل أن أرى هذا الظلم وهي لا ترفض له طلب بسبب مرضها وتنفذ كل طلباته ولا يفهم أن هذه الأوهام التي تتكلم عنها ليست بإرادتها بل بسبب المرض ماذا أفعل وكيف أتصرف معه بدأت أحس إنه لايفهم مرضها فهو يتعامل معها كأنها شخص عاقل وتعرف ماذا تقول ويلومها على كلامها مع نفسها وعن أفكارها الاضطهادية ويقول أنها بلا رحمة وأنه تعب منها!!
لم أعد أتحمل أن أراه يهينها كل يوم وهي بحاجة للعلاج
وهذا يؤثر علي كثيرا ويجعلني أعيش في ضيق وقلق
1/3/2022
رد المستشار
الأستاذ الدكتور وائل أبوهندي.. المحترم..
بخصوص حالة "رشيدة"... لو رتبنا ما جاء في الرسالة حسب ما أوردته في رسالتها، سنرى أن هذه الأسرة تعاني من الاضطرابات التالية:
البنت: ثنائية الجنس، التحرش في الطفولة، الرهاب الاجتماعي، الخوف، الهلع، الاكتئاب، محاولة انتحار، خلل إنية.
الأم: فصام
الأخ: إدمان، اضطراب الشخصية (سيكوباثي)
لو نظرنا لهذه الحالات كل على حدة، لوجدنا أنها تشكل طيفا كبيرا من الاضطرابات النفسية.. يكفي أن يكون هناك فرد من الأسرة مصابا بالفصام أو إدمان أو اعتلال الشخصية (سيكوباثي)، مما يجعل حياة الأسرة في حالة من التوتر والقلق وفي حالة استنفار دائم. فكيف يكون الحال عندما يصاب أكثر من فرد في الأسرة.. حالة "رشيدة" تلخص لنا مدى المعاناة التي وصلت لها هي وأسرتها.. هي مكتئبة وثنائية الجنس ولم يتحدد جنسها حتى اللحظة كما ورد في رسالتها، أب قاسي ومتخلي عن مسؤوليته، وأم تعاني الفصام، وأخ مدمن ومعتل الشخصية.. إضافة إلى الظرف المادي الذي له دور في هذه المعاناة.
ما أخشاه على "رشيدة" - التي تعاني هي أصلا من ثنائية الجنس ولم يتحدد جنسها حسب قولها، والتي تحاول أن تتولى علاج أمها- من أخيها، أن يفترسها ويحطمها وأن يستحوذ على مدخراتها أو ما تتسلمه الأم من إعاشة شهرية للأم.. وستظل المشكلة دون حل.
هناك الكثير من هذه الأسر التي تعاني وتتستر على مرضاها، بسبب الوصمة أو الخزي. رغم أن المرض هو جزء لا يتجزء عن أمراض الباطنة.. ما طرحه الأستاذ الدكتور أبوهندي في تقديم المساعدة هو المدخل للعلاج من خلال التواصل مع الطبيب وشرح المشكلة من كافة الجوانب.
لكن تظل المشكلة لهذه الأسرة وغيرها من الأسر اللاتي يعاني أفرادها من مرض نفسي، ما لم تكن هناك آلية لدعم هذه الأسر، لتخفيف الأعباء المادية التي تكلف الكثير في العلاج، مع التأهيل النفسي ... لن يتم هذا إلا من خلال المؤسسات الصحية أو جهة خيرية تقوم بتقديم هذا العون لهذه الأسر. وهنا ينبغي التفكير من جهات الاختصاص كل من مكانه في إيجاد حلول جذرية لمثل هذه الأسر التي يعاني أفرادها من مرض نفسي.