هل كان حبا ؟ م
قطع النية
أنا مريضة وسواس قهري فكري وسلوكي أعاني مؤخرا من وسواس قطع النية ومن الوساوس الكفرية خاصة مع دخول الشهر الفضيل انقلبت حياتي رأس على عقب وأنا أعيش الجحيم حرفيا مؤخرا صرت أشعر أني شخص مجنون فعلا مع بداية رمضان بدأ وسواس قطع النية لأني من قبل لم أكن أعرف أنها تبطل الصيام وبمجرد أن علمت بالأمر حتى بدأت معاناتي فأصبح شيء في داخلي يقول دائما وقت الصيام أني فاطرة أو أفطرت أو أريد أن أفطر وأنا أصحح ورائه أني لا أريد ذلك وأنا صائمة وسأكمل صومي حتى لو كنت على فراش الموت.
حتى وصل بي الأمر عند مساعدتي أمي في الطبخ ورؤية أي شيء من الطعام أو اللحم تأتيني رغبة ملحة في أكل ذلك الطعام أو شرب الماء أو حتى أرغب في أن أفطر من أجل شرب الماء أو تناول طعام لكني أرد ورائها بصوت مسموع أني لا أريد أن أفطر لكن ذلك يحدث غصبا عني وأكون أرتجف من الخوف حتى صرت أتحاشى الطبخ وأنا لا أعلم فعلا هل ذلك مجرد وساوس أم أنا فعلا أردت أن أفطر حتى إذا حاولت التذكر فإني دائما ألوم نفسي أنا فعلت ذلك متعمدة وأنا لا أستطيع التأكد من ذلك وأشك في كل شيء حرفيا وأصبحت أدقق في كل كلمة تخرج من فمي خوفا من أني أقطع نية صومي.
وكذلك بعدها علمت أن الكفر أو الشرك يبطل الصيام وأي عمل صالح فبدأت مرحلة جديدة صرت أتخيل أمور في ذات الله وأقول كلام في داخلي فيه كفر يأتي كخاطرة ومرات كصوت صرت إن نظرت إلى أي شيء يبدأ بربط ذلك شيء بقول فيه كفر حتى أني أصبحت مقتنعة إني أنا من أقول ذلك وهذا الذي زاد الطينة بلة دخلت في اكتئاب وخوف أن أكون طردت من رحمة الله وصرت أنطق شهادتين كل دقيقة حتى أني نسيت معه وسواس قطع النية وصرت حزينة للغاية وأبكي طوال الوقت وأنا وأحاول جاهدة تذكر هل أنا من قالت ذلك أنا لم أنطق بلساني بأي قول هذا كله داخل نفسي.
صرت لا أستطيع التفريق بين الوساوس وبيني وهذا زاد من عذابي كثيرا فأنا أعرف أن الموسوس لا يحاسب على أي شيء لكن في حالتي لا أستطيع أن أجزم من يقول ذلك الشيء أريد أن أعرف ما حكم صيامي عند المالكية؟ وهل في حالة الأولى والثانية تلزمني الكفارة والقضاء؟؟ وأريد كذلك أن تساعدوني في إيجاد كتب المالكية التي فيها أحكام تخص الموسوس.
أريد منكم كذلك أن تساعدوني في فهم كل شيء قلته
فأنا أصبحت غبية لدرجة لا تصدق عندما يتعلق الأمر بالوسواس
17/4/2022
رد المستشار
حللت أهلًا ووطئت سهلًا يا "نور" اليقين على مجانين
فعلًا هناك نوع من الهبل في معالجة الأفكار الوسواسية لديك!! وقبل أن أبدأ الإجابة أنقل لك ما جاء في أحد كتب الشافعية واسمه "فتح المعين" للمليباري قال: (...الأولى لمن ابتلي بوسواس، الأخذ بالأخف والرخص لئلا يزداد فيخرج عن الشرع)
ولهذا ففي إجاباتنا على الموسوسين لا نعتمد مذهبًا واحدًا ولا نحصر أنفسنا في قول، وإنما نختار ما هو أوفق لحالة الموسوس، والأفضل لعلاجه دون أن نخرج عن المذاهب الأربعة المعتمدة. على أن الفقهاء في المذاهب كلها، يفتون الموسوس على أساس أنه ليس مكلفًا في موضوع وسواسه.
فمثلًا: قطع نية الصوم مختلف فيها هل تبطل الصيام أم لابد معها من فعل مبطل كالأكل أو الاستقاءة وغير ذلك؛ فعند الشافعية لا يبطل الصيام بمجرد نية الرفض أو القطع، ولابد من فعل مفطر. وينبغي للموسوس أن يأخذ بهذا القول لأنه يساعده على تجاهل الوسواس دون أن يخرج عن الشرع. ولكن كما قلت لك: إن الموسوس غير مكلف في موضوع وسواسه، أي إنه لا يفطر في المذاهب كلها حتى لو قطع نية صومه!! لماذا؟ ببساطة لأنه موسوس!!
وكذلك كل ما يخطر في بالك من أفكار كفرية أو سب وغيره، لا تكلفين إزالته، ولا تؤاخذين عليه، فقط لا تنتبهي له حتى لا تنزعجي وتحزني.
وأما اعتقادك أنك تتعمدين هذه الأفكار الوسواسية فهو عرض مشترك بين الموسوسين كلهم، قديمًا وحديثًا، وقد ذكر الفقهاء هذا العرض أيضًا! جاء في كتاب على مذهب المالكية اسمه "التاج والإكليل": (...الوسوسة ليست من نفس الإنسان، وإنما هي صادرة من فعل الشيطان، ولا إثم على الإنسان فيها لأنها ليست من كسبه وصنعه، ويتوهم الإنسان أنها من نفسه). فما رأيك؟ كل الموسوسين يتوهمون أن الوسوسة من صنعهم وعن تعمد منهم، ولكنها ليست كذلك، إنها بالمختصر مجرد وسواس.
وهذا هو موضع الهبل في تعاملك مع وسواسك! أنت تعلمين أن وسواس قطع الصيام تسلط عليك بعد معرفة حكم قطع النية عند المالكية، وقبل هذا لم يكن يخطر في بالك أبدًا أن تقطعي صيامك أو تفسديه إذن أنت لست ممن يقطعون صيامهم، أو يرفضون نيتهم، ولكنك أصبت بوسواس، فكيف تخافين منه؟! كذلك الأفكار الكفرية، لم تكوني تعرفينها قبل معرفة حكم بطلان الصوم بالكفر، إذن أنت لست من يحضر هذه الأفكار، أو يؤمن بها، وإنما هي مجرد وسواس ارتبط بالحكم التي تعرفتِ عليه.
والمفروض في هذه الحال ألا تخافي من هذه الوساوس ولا تأبهي بها، لأنها لم تقع حقيقة وليست فعلًا اختياريًا تقومين به بكامل إرادتك... وحيث انتفى الاختيار والإرادة انتفى التكليف وانتفى الحكم.
الحكم المتعلق بك الآن فقط: لزوم التجاهل لهذه الوساوس، وعدم العمل بها، أي لا تحكمين على صيامك بالبطلان، ولا تعيدينه...
وأخيرًا بالنسبة لأحكام الموسوسين: ارجعي من فضلك إلى مقالات منهج الفقهاء في التعامل مع الوسواس القهري. وأكثري القراءة في استشارات الوسواس الديني، ففيها كنز من أحكام الموسوسين تم جمعه من بطون كتب الفقه المختلفة، وليس فقط من كتب المالكية –كما اتفقنا- رغم أن المالكية قد أبدعوا في تصنيف أحكام الموسوسين وتفصيلها على نحو واضح صريح لا تجدينه في كتب باقي المذاهب.
أعانك الله وعافاك وشرح صدرك، وتقبل صيامك، وكل عام وأنت بخير