إخواني الأفاضل السلام عليكم ورحمه الله وبركاته؛
أنا مش صاحب المشكلة لكن هو أخ عزيز ومشكلته هي أن أبو صديقي من الناس اللي ربنا ابتلاهم بشرب المسكرات والعياذ بالله ومع التفكك الأسري لديهم لف على صديقي احد الشباب ممن يسمون بالجنس الثالث ولعب بمخه وجعله ينخرط معها في الرذيلة.
تعرفت عليه قبل سنة وكم شهر من الآن وعندما شرح لي قصته حزنت أشد الحزن عليه وخصوصا أنه في سن صغيرة على مثل هذه الأمور يبلغ من العمر الآن 18 عاما وكان من الممتازين دراسيا وبعد مشيته الغلط انحدر مستواه وأصبح ينجح بتقدير جيد.
حاولت معه يطيع في بعض الأوقات ويرجع في أوقات أخرى وبحكم أن وضعه المادي في الحضيض وأن عائلته تتكون من 17فردا مابين ذكر وأنثى أخذ هذه الرذيلة مصدرا لجلب المال مما يشاهده من حالة مزرية ووالله في بعض الأوقات لايجدون مايأكلونه، شي مؤسف بكل صراحة بانت عليه أعراض التهاب البروستاتا وهي ألم بأسفل الظهر والم بالركبه وصداع مزمن هذا مما قرأته ولست متاكد منه.
والمصيبه أنه إذا أحب أحدآ يحبه من قلبه حتى وإن كان هذا الشخص يريد له المضرة ولاتهمه مصلحته لم يذهب إلى الأطباء ولم يأخذ سوا أدوية للظهر وبدون وصفة من طبيب،
أسألكم بالله ما الحل معه والله إنه في مقام الأخ أنقذوه أنقذكم الله من ناره وأدخلكم فسيح جناته أخوكم في الله.
5/9/2003
رد المستشار
عزيزي السائل أهلا وسهلا بك وشكرً على ثقتك في صفحتنا استشارات مجانين، كما نحييك على اهتمامك بأمر زميلك وحرصك على مصلحته الحقيقة أن صديقك هذا قد عاش حياةً بائسةً، فوالده منغمس في شرب المسكرات والأسرةُ كثيرةُ العدد (17 فردًا)، ومفككة والأحوال المادية متردية (لدرجة أنهم أحيانا لا يجدون ما يأكلون)، هذه كانت تربة خصبةً لما حدث، ففي وسط هذا البؤس والشقاء يشتاق الإنسانُ إلى لحظة سعادة ويسعى إلى البحث عن اللذة مهما كان مصدرها وهذا ما حدث،
فقد وجد صديقك من يفتح له باب لذتين: الأولى لذة الجنس (ومعها إحساسٌ كاذبٌ باللذة والاحتواء اللين يفتقدهما في أسرته)، والثانية لذة المال التي عانى كثيرًا من الحرمان منها، (مع ما يوفره المال من تحقيق لاحتياجاتٍ أخرى مطلوبة) وفي النهاية سقط صديقك في تلك الحفرة، خاصةً أنه في حاجةٍ لمن يحبه فكما ذكرتَ هو يندفع في حب أي شخص بصرف النظر عن إن كان ذلك الشخص سيفيده أم سيضره، لأنه في النهاية في حاجةٍ شديدة إلى الحب المفقود في الأسرة وداخل البيت.
ولحسن الحظ أنه بدأ يعاني في هذه الظروف من مشاكل في البروستاتا وآلام في الظهر وصداع، وهذا يعني أنه ليس سعيدًا تماما بهذه الحياة، ودليلٌ آخر على عدم رضاه أنه حكى لك ذلك، وأنه يسيرُ معك أوقاتًا في طريق الطاعة ثم يعود إلى حياته السابقة مرةً أخرى، وهذا ربما يرجح وجوده في منطقة النفس اللوامة،
وإذا كان هذا صحيحًا فهو يحتاجُ إلى المساعدة الحقيقية المخلصة من شخص حكيمٍ وقادرٍ ومحب وصبور، وهذا الشخص يمكنُ أن يكون أحد أقاربه أو أحد المعالجين النفسيين المدربين على التعامل مع مثل هذه الحالات، أو أحد الأصدقاء (بشروط معينة حتى لا يغرق معه وهو يحاول إنقاذه).
وفي حالة مساعدته يجبُ أن يعلم من يحاول إنقاذه أن هذا الشخص لديه احتياجاتٌ للحب والرعاية والاحتواء يتوجب على من يقدمها له أن يقدمها في صورة نظيفة حتى لا يأخذها من مصادرها الملوثة كما تعود، فليس من المعقول ولا من المفيد أن نمنعه اللذة التي تعود عليها ونعطيه بدلاُ منها ألمًا (متمثلاً في اللوم والتوبيخ والزجر والعقاب).
وحين تتوطد العلاقة بين المعالج أو المنقذ وبين هذا الشخص المبتلى يمكن أن يعامله بشيء من الحزم الطيب الذي يساعده على عدم السقوط في حفر الرذيلة مرةً أخرى، وهذا سيحتاج إلى صبر المعالج لأننا لا نتصور أن هذا الشخص سيقلع مرةً واحدة عن ما هو فيه، ولكننا نتوقع النفس الطويل والصبر الجميل من المعالج أو المنقذ وفي مرحلة من مراحل توطد العلاقة يصبح العقاب (العلاجي) ممكنا ومطلوبًا وذلك لإحداث ارتباطاتٍ شرطية مؤلمة مع لحظات الضعف والسقوط في الرذيلة،
أي أننا نمنحه الحب النظيف والرعاية الحنونة الأبوية التي حرم منها وفي نفس الوقت نحاسبه بحكمة ونقوي ضميره لكي يرفض التلوث بعد ذلك فالشخص المبتلى هنا يكون الأنا الأعلى (الضمير) لديه ضعيفًا حيث لم يجد فرصةً للتكون داخل الأسرة ولذلك فاستمرار علاقته بشخص آخر (المعالج) يسمح مع الوقت بتكوين هذا الضمير الغائب فكأن المعالج هنا يشحن ضمير هذا الشخص الضعيف من ضميره الشخصي، ولن تنجح هذه العملية إلا إذا أحب هذا الشخص المبتلى معالجه أو مربيه،
وبعد تكرار عمليات الشحن هذه للضمير يتكون الضمير الذاتى لهذا الشخص المبتلى بحيث يمكن ان يحميه بشكل طبيعى من السقوط فى حفر الرذيلة التى اعتاد السقوط فيها ومن يقوم بهذا العمل يحتاج إلى مواصفات خاصة تؤهلة لهذه المهمة العظيمة ويحتاج لأن يتذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (لأن يهدي الله بك رجلاً خير لك من حمر النعم) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يتذكر قول الله سبحانة وتعالى (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا).
وفي النهاية نسأل الله أن يعينك على مساعدة صديقك هذا وأن ييسر عليك وعليه وتابعنا بأخبارك.