السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا امرأة في الثلاثين من العمر، متزوجة منذ عامين ولدي طفلة، وأعيش في بلد أوربي. أريد أن أعرض مشكلتي عليكم، وأرجو مساعدتي في إيجاد الحلول واتباع السبل السليمة لمواجهتها.
زوجي رجل يُعتمد عليه، قائم بمسؤولياته تجاه البيت، ولديه الكثير من المواصفات الرائعة، ولكن.. لبالغ أسفي فهو قليل الإيمان؛ بمعنى أنه لا يؤمن ببعض تكاليف المولى عز وجل، والسبب هو أصدقاؤه المحيطون به؛ فمن ضمنهم شخص يأتي لزيارتنا يستخف بتعاليم الإسلام ويعتبرها متخلفة نسبة لهذا العصر.
بالمناسبة أنا تحجبت منذ سنة، والحمد لله، وهذا ما أساء الكثير من أصدقائه ولاموني على التحجب، وأنا في بلد غربي، مع أن الإله هو نفسه؛ سواء في بلداننا أو في بلاد الغرب ... عموما ففي البداية كان يسيئني أن يتحدثوا عن الإسلام بهذا الشكل، وكنت أرد بكل لطف وأدافع؛ وهذا ما أثار حفيظة زوجي. فهو يريدني أن أصمت، وهذا ما بدأت أقوم به خاصة بعد المشاكل التي سببها لي أخوه الذي كان يسكن هنا.
فبالنسبة لأهل زوجي.. إنه يتوجب على الزوجة أن توافق زوجها على كل ما يقوله، وإن خالفته أو خالفت آراء أهله فهي تعتبر بنظرهم امرأة ناشزا، وتحلِّق خارج السرب .. المهم أن أهله يتدخلون في حياتنا، ولهم تأثير خطير عليه؛ فهو يردد ما يقولونه له .. وقد شاجرتني أخته بالهاتف أمامه، ولم أرد عليها ولا بكلمة، وانتظرت منه أن ينصفني، ولكنه أكد لي أنه لن يتدخل، وأنه ليس المسموح لي أن أرد على أي اعتداء من قبل أهله.
مع ذلك وبعد عدة أشهر ومع حلول رمضان اتصلت بأخته التي شاجرتني وقالوا لي بأنها ليست موجودة، ولم تتصالح معي رغم أنها هي المخطئة، وأنا التي بادرت، عموما أنا أحتسب ذلك عند ربي .. ولكني لا أخفيكم أنا متحاملة على أهله .. ليس بسبب كل ما عملوه بحقي، ولكنهم سودوا قلب زوجي عليَّ. فأصبح لا يثق بكل شيء أقوله أو أفعله بسببهم، وكرّهوه في أهلي؛ بحيث إن زوجي قاطعهم منذ بداية زواجنا.
الآن نود السفر لزيارة بلدنا، زوجي يرفض أن يزور أهلي، وعندما أسأله عن السبب يقول: لأن أهله سيستاؤن من ذلك!! بالله عليكم أهذا سبب؟ ويقولها في وجهي وبصراحة .. قلت له: إنه هو السبب في خراب العلاقة بيني وبين أهله؛ لأنه لم يتقن التوفيق بيننا؛ فهو من البدء يقول لي: إذا حدث شيء فأنت المخطئة بنظري، أنا لا ألوم سواك. إنه يتقرب لأهله على حسابي أنا. وفوق ذلك يقول لي: ستأتين معي لبيت أهلي، وإذا أسمعوك كلمة فلا تردي عليهم، ولن أرد عليهم فهم أهلي!!
وأنا .. ألست بزوجته؟ ألا يجدر به أن يحفظ كرامتي؟ وكيف أذهب لبيت أهله وهو لن يزور أهلي؟ ما موقفي أمام أهلي أنا؟ بالله عليكم أفتوني ماذا أفعل؟ هو يقول لي أنت زوجتي، ويجب أن تطيعيني بكل شيء .. هذا صحيح وأنا أطيعه تقربا للمولى عز وجل، ولكن في هذه الحالة ماذا سيكون موقفي أمام أهلي؟
والنقطة الأخرى أرجو ألا تنسوها، وهي: هل صحيح أن على الزوجة أن تكون نسخة من زوجها، تقول ما يقول،
وتفعل ما يفعل حتى لو كان ذلك حراما؟ أرجو أن تساعدوني جعله الله في ميزان حسناتكم.. مع كل الشكر والتقدير.
29/5/2022
رد المستشار
الأخت السائلة، قلوبنا معك في غربتك المزدوجة: البعد عن الدنيا، وسوء التفاهم مع الزوج!
إذا كنت وحدك في الغربة، وزوجك وأهله "أغلبية" فيلزمك الكثير من الدبلوماسية، ولا تفيدك المواجهة كثيرًا، بل تضرك غالبًا.
افترضي أنني قلت لك: زوجك مخطئ، وأهله أشرار، ولك الحق في كل شيء تطلبينه!! هل هناك أي قوة على وجه الأرض تلزم أيا من الأطراف التي حولك بأن يعطوك ما تستحقينه من الاحترام والتقدير، أو الحب والحنان؟!
حقوق الزوج وواجباته، وكذلك حقوق الزوجة وواجباتها هي أبواب معروفة في أي كتاب للفقه، ولكنها لا تتحقق في الواقع إلا عبر أوضاع إذا بناها الناس استمتعوا بوجودها، وإذا أهملوها اكتووا بنار غيابها.
ورسالتك مليئة بالفجوات المعلوماتية؛ فأنت مثلا لم تشرحي لنا دوافع كراهية أهل زوجك، وكيدهم لك، ولم تشرحي ظروفكما في السكن والعمل، ولم تشرحي ظروف وملابسات زواجك من هذا الرجل الذي هو أبو ابنتك الآن.
ونصائحي العامة لك أن تفكري بهدوء في كسب زوجك ليس إلى جانبك في مواجهة أهله، ولكن في جانبك دون أن يخسرهم، وهذا من أدوارك أنت كما هو من واجباته أيضًا.
ويفيدك الاستقلال بحياتكم قدر الإمكان، وتقليل الاحتكاك بمصادر النزاع من أفراد وأحوال وأفكار، ولا أحسب أن الدخول في مجادلات أو مناظرات حول الإسلام أو غيره مع أصدقاء زوجك هو السلوك الأنسب لإقامة حياة زوجية مستقرة.
راجعي نفسك وتصرفاتك، وستجدين أن هناك الكثير منها ينبغي تغييره تمامًا ليناسبك في أوضاعك الجديدة؛ كونك ما تزالين زوجة وأمًّا جديدة، ويفيدك تغيير زوجك بالتدريج.
وأرجو أن تكتبي لنا بالتفصيل حول نقاط محددة في نواحي علاقتك بزوجك إن كانت إجابتي هذه لا تفي بالغرض الذي كنت تأملين من مراسلتنا، وتابعينا بأخبارك .