لا أشعر بالسعادة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أساتذتي الأعزاء في موقع مجانين... بارك الله لكم وفيكم وجعل عملكم هذا ونصائحكم الغالية ومجهودكم الكبير في ميزان حسناتكم كنت قد أرسلت إليكم منذ عام أو أقل تقريبا مشكلة سابقة عن معاناة الماضي من الرجال والخوف منهم ورغبة الانتقام
والآن أكتب إليكم وليس لدى مشكلة محددة بعينها ولكن أكتب لأشكو إليكم (نفسي) بعدما مللت من لومها وتوجيهها وأحيانا جلدها، كل مشاكلي تتلخص في أني لا أستطيع التعايش مع حياتي بشكل طبيعي وسلس... بمعنى آخر أعجز عن تقبل حياتي أو التأقلم معها
لا أشعر بالسعادة ولا أجدها وربما أيضا عاجزة عن البحث عنها..صدقوني أنا لا أتفلسف ولكنى فعلا غير قادرة على إيجاد وصف أو تعبير صحيح ودقيق عن حالتي
فحياتي ليس فيها أي مأساة أو مشكلة كبيرة الحمد لله.... وليس فيها أيضا شيء مميز
فأنا ابنة كبرى لأسرة طيبة، أبي يعمل في نفس مجالكم المهني ولكن بدولة عربية وأمي أيضا موظفة كبيرة..حالتنا المادية جيدة جدا.. تقريبا لا أعانى الحرمان من شيء ولدي قدر معقول من الرفاهية.. أبي وأمي على قيد الحياة ويتمتعان بصحة جيدة الحمد لله...معظم أقاربي وأهلي يحبونني.. شكلي مقبول.. تخرجت من كلية عملية المفروض إنها ذات مكانة بتقدير مرتفع وأعمل بمكان جيد حصلت عليه دون معظم زملائي...ربما يراني الآخرون بأنه توجد لدى معظم مقومات الراحة والسعادة
لكن أنا لا أشعر بذلك.. ليس سخطا وأشهد الله على ذلك.. فأنا أحمد الله دوما على جميع نعمه التي تفيض علي..لكني أيضا لا أجد جنة الرضا ونعيمه كما يقولون..رغم اتصال قلبي بالله سبحانه وتعالى
لكنى دوما حزينة... ساهمة... خائفة وجلة.... أعاني من أرق شديد أشعر أنه سيؤدي بي إلى الجنون يوما ما..... ذهني لا يهدأ ولا يستريح من كثرة التفكير... وبشرة وجهي ملتهبة وتتهتك من كثرة البكاء
ولا أعرف علاجا ولا سببا واضحا محددا.... فلا شيء يسعدني ولا شيء يستثير حماستي ولم أقو على تحطيم أطواق قيودي لأشارك فى صناع الحياة رغم مشاركتى الظاهرية فى كل المشاريع
فلا الحب يسعدنى لأنه يبقى دائما مشوبا بتأنيب الضمير والخوف من الله ومعوقات الزواج أحيانا.. ولا الابتعاد والوحدة تريحنى
ولا تلك العادة اللعينة تفيدنى ولا الخروج مع صديقاتى يضيف إليّ جديدا ولا أستطيع التخلص من أثر أحاديثهم السخيفة أو المؤلمة أو المتكررة
بعدما تخرجت عانيت من الفراغ والملل.. وعندما التحقت بالدراسات العليا ومنَّ الله عليّ بعمل رائع أعاني الآن من الإرهاق والضجر
أخاف الزواج بشدة وأخاف أكثر من اختيار شريك حياتى وأشعر أنه ليس لدى القدرة على التصرف والاختيار الصحيح فى هذا الأمر.... وهذا أكبر هاجس يحيل حياتي إلى عذاب... رغم أني أيضا أخاف من الوحدة وأتمنى أن أشارك شخصا ما حياة هادئة سعيدة..أريد أن أفرح مثل كل الفتيات.... لكن قرار الزواج بالنسبة لي يعني لي أن ألقي نفسي فى البحر وأنا لا أعلم شيئا عن السباحة
حتى في صلتى بالله سبحانه وتعالى.. فأنا أخجل منها على الرغم من أن مظهري وتعاملاتي توحي بنسبة كبيرة من التدين.. لكني أشعر باني (أسير على سطر وأترك سطر) يوما هكذا ويوم كذلك.. لا أستطيع المداومة على شىء طويلا وكلما وقفت على قدمي وقعت من جديد
ويؤلمني كثيرا حديث (قليل دائم خير من كثير منقطع) فلا أنا أفعل القليل الدائم ولا حتى الكثير المنقطع.. فأعمالي وعبادتي دائما من فئة القليل المتقطع
وحتى صلاتي دائما يكسوها الحزن. فعندما أبدأ في الصلاة تسابقني دموعي وأصل إلى الركعة الأخيرة وقد بللت دموعي السجادة و أنهي الصلاة بصعوبة من فرط الإجهاد والبكاء. فأنا لا أشعر لا برضاي عن نفسي ولا برضا الله عني.. ولا أعرف كيف سألقى الله بتلك الحياة المبعثرة والتي تبدو كاللوحة التي تملؤها الشخابيط.
هكذا أنا دائما.. مهمومة من أي شيء وكل شيء.... أجلد نفسي على الماضي ولا أستبشر بالمستقبل.... خائفة من كل شيء.. خائفة من الزواج ومن عدم الزواج.. خائفة من الحب ومن الحياة بلا حب.. أخاف من الناس ومن أن يتشاجر أبي وأمي و أو أن تموت جدتي أو ألا يتفوق أخي في دراسته أو يصيب أختي الصغرى مكروه
يا إلهي.. أحمل كل هذه التلال من الهموم والهواجس فوق رأسي وظهري دون مبرر أحيانا كثيرة.. أصبحت أكره الفراش.... فبمجرد دخولى للنوم يتحول إلى حقل من الألغام والأشواك....ولا أستسلم إلى النوم إلا بعد صراع طويل ومرير مع أفكاري السوداء ودموعي الحارقة رغم تلاوتي لكل أذكار النوم
هل يمكن أن تجيبوني لماذا أفعل ذلك بنفسي.. لأنني لا أجد إجابة لدي لهذا
قرأت كل الكتب التي تنهى عن الحزن وعن التشاؤم والتي تدعو إلى الإيجابية والرضا والتفاؤل وسياسة نصف الكوب المملوء.... أنجح نظريا وأفشل فشلا مخجلا فى التطبيق
أمي تقول لي أن حالتي تلك وراثية لأن أبي هكذا يميل إلى سوء الظن والتشاؤم وكثير التفكير والتخوف من المستقبل... وربما ألقت عصبيته بسبب ذلك ظلالها على شخصيتي ونفسيتي
وأنا أتألم لأني لا أستطيع أن أجلب السرور لا إلى نفسي ولا إلى من حولي...وأشعر أيضا بأني إنسانة جاحدة بفضل الله ونعمه وأستحق أن تسلب مني لأني دائما غير راضية وأخاف من غضب الله لكنى أحبه وأحب رضاه جدا
أحاول دائما تحسين مظهري والاهتمام بنفسي وبشرتي ووزني وأنفق أموالا كثيرة على ذلك..ثم لا أرضى أبدا عن النتيجة، أجدني دائما أقل من المطلوب ووجهي دائما شاحب ولا تجري فيه دماء الحيوية والإشراق
أعرف أنه لا توجد سعادة مكتملة فى الدنيا.. ولكن أين حتى هي تلك السعادة المنقوصة، هذه حالتي وأنا لا أعاني من أي مصائب فكيف سيكون حالي اذا تعرضت لمحنة أو ابتلاء أو مصيبة؟؟؟؟
أعرف أنكم كرهتموني وضاق صدركم برسالتي السوداء.. أو في أحسن الأحوال أشفقتم على حالي
وأعتذر لكم لكن أتمنى أن تمدوا لي بيد العون وأن تنتشلوني من الغرق في دوامة الهم التي أحياها تلك... أرجوكم أرجوكم ساعدوني وفرجوا كربتي أثابكم الله
أخيرا أتمنى لو أجابني الدكتور أحمد عبد الله أو دكتور وائل إذا سمح وقتهم..... أو أي مستشار يمن الله عليه بكلمات
تساعدني وتريحني
25/02/2005
رد المستشار
الأخت العزيزة أهلا سهلا بك على موقعنا مجانين بعد عام ونصف تقريبا على رسالتك الأولى التي لم تذكري لنا اسمها وأحسبها والله أعلم هي: خائفةٌ من الرجال ,ومتابعتها خائفةٌ من الرجال متابعة التي بينت لنا ما لم نكن نعلم، وأشرنا عليك وقتها بضرورة المتابعة المستمرة معنا مع طبيب نفسي يتولى علاجك المعرفي النفسي وربما العقاري أيضًا، وما نزال ننصحك نفس النصيحة وإن كانت الآن أشد إلحاحا.
من الواضح أن الاكتئاب الخفيف إلى المتوسط الشدة قد طال مكوثه معك وأصبح الأمر غير مقتصر على الخوف من الرجال الذي كان من الممكن اعتباره رد فعل لتجربة أليمة قاسية ناقشناها معك في وقتها، لقد أصبحت الآن عاجزة عن الشعور بالرضا عن نفسك، غير قادرة على الاستمتاع بمتع الحياة الحلال ولا قادرة على الحلم بـ أو التفكير في غدٍ طبيعي مشرق مع زوج يرعاك ويتقي الله فيك، علاقتك بربك رغم أدائك الفروض والنوافل لا تعطيك ما ينتظر أن تعطيه لفاعلها، وتتسم أيضًا بالاضطراب والتأرجح، ولست راضية عن شكلك ولا مظهرك، ولا قادرة على إسعاد نفسك ولا من حولك، ما كل ذلك؟ إن لم يكن هو الاكتئاب الجسيم فماذا يكون؟
واقرئي مبدئيا ما تقودك إليه الروابط التالية من على استشارات مجانين التي يبدو أنك لا تتابعينها، لتعرفي عن الاكتئاب وعن عسر المزاج أيضًا:
عسر المزاج ، والاكتئاب
فقدان الطعم والمعنى جوهر الاكتئاب
الاكتئاب الجسيم لا الأعظم!
الاكتئاب وأشياء أخرى ؟!!!
متى تصنعين الحياة؟: أقوى من الاكتئاب مشاركات
متى تصنعين الحياة؟: أقوى من الاكتئاب متابعة
الاكتئاب الجسيم كيف يسلب الإيمان؟
علاج الاكتئاب المعرفي : فتح الكلام :
ممكن طبعا أن يكونَ ذلك الاكتئاب قد نتج على خلفية من عسر المزاج الطويل العمر معك، ويمكن أن يكون كلام والدتك الذي أشرت إليه بقولك: (أمي تقول لي أن حالتي تلك وراثية لأن أبي هكذا يميل إلى سوء الظن والتشاؤم وكثير التفكير والتخوف من المستقبل... وربما ألقت عصبيته بسبب ذلك ظلالها على شخصيتي ونفسيتي) هذا أيضًا قد يكونُ صحيحا، ولكن ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت إن شاء الله.
ما أنصح به يا عزيزتي هو ألا تتباطئي في بدء العلاج النفسي مع أقرب المتخصصين فيه من مكان معيشتك، واطلبي العلاج المعرفي من اكتئابك وقلقك، وأحسب أن الأرق سيتحسن مع علاج الاكتئاب والقلق، واستعدي لعددٍ مناسب من الجلسات وربما استدعى الأمر عقاقير أو لم يستدعي فالاكتئاب الجسيم، متوسط الشدة قد لا يحتاج إلى عقاقير إذا توفر المريض المناسب للعلاج المعرفي أي الذي يملك العقلية القابلة للتطور والرغبة في التغير والمال اللازم بالطبع، ومما سيسهل الأمور أن تشركي والدتك معك في عملية العلاج، وفقك الله وأهلا وسهلا بك دائما فتابعينا بأخبارك.