عدم النوم؛
أنا شاب أتمتع بصحة جيدة والحمد الله ولا أشكو من أي أمراض مزمنة ولا يوجد سبب مقنع لدي في الوقت الحاضر يمكن أن يبرر لي قله النوم حيث أنني قد لا أنام في اليوم سوى 4-5 ساعات وتكون متقطعة أيضا، إلا أنني عندما أصحو لا أشعر بالنعاس بعدما أستيقظ جيدا.
سابقا كنت أجد عذرا لنفسي من قله النوم وهو أنني على وشك التخرج من الجامعة وكان هناك هَمُّ الاختبارات، ولكن الآن وقد تخرجت منذ ما يقارب الخمسة أشهر إلا أنني لا زلت أشكو من هذه المشكلة.
نصحني بعض الأصدقاء بتناول بعض الحبوب المنومة التي تساعد على النعاس ولكني لم أقتنع بها وخفت من الإدمان عليها إلا أنني أريد حلا نهائيا لكي أنام بسهولة.
فهل تنصحونني بفكره معينة من الممكن أن أقوم بها لكي أتخلص من التفكير في النوم حيث أصبح شغلي الشاغل هو البحث عن النوم ومتى وكيف؟؟
فكرت في زيارة طبيب نفسي إلا أني خجلت فعلا من التحدث إليه مباشرة،
فهل هناك حل أم أحاول أن أقنع نفسي بأن هذا الوضع طبيعي والشكوى لله.
07/09/2003
رد المستشار
الأخ السائل العزيز أهلا وسهلا بك على صفحتنا استشارات مجانين ونشكرك على ثقتك،
ونود بدايةً أن نبين لك بعض المعلومات الطبية عن النوم، فالشكوى من قلة النوم هي واحدةٌ من أكثر الشكاوى ورودًا على مسامع الطبيب النفسي ولعلك تجد كثيرًا من المعلومات عن النوم في المقال التالي على موقعنا: النوم والأحلام في الطب النفسي الحديث، وهي معلومات لابد أن تلم بها قبل أن تقرأ ردنا التالي عليك لكي تفهم المقصود ببعض المصطلحات الطبية وأما ما نود إضافته لك أنت شخصيا هنا ولغيرك من متصفحي صفحتنا .
فهو بعض المعلومات عن نوعين طبيعيين من البشر هما طويل النوم Long Sleeper وقصير النوم Short Sleeper،
فأما طويل النوم:فهو الشخص الذي يحتاج إلى أكثر من تسع ساعات من النوم يوميا لكي يستطيع ممارسة نشاطه اليومي بكفاءة.
وأما قصير النوم: فهو الشخص الذي يحتاج إلى أقل من ست ساعات من النوم يوميا لكي يستطيع ممارسة نشاطه اليومي بكفاءة.
ومعنى ذلك هو أن الفيصل في تحديد ما إذا كانت هناك مشكلةٌ من عدمه هو أن يكون الشخص غير قادرٍ على أداء أنشطته اليومية بصورةٍ طبيعية وهذا غير موجود في حالتك كما يفهم من إفادتك.
وقد بينت فحوص المختبر (المعمل) عدم وجود فروق بين هذين النوعين من البشر من ناحية محتويات ومستويات الهرمونات والمواد الحيوية الأخرى في الدم، فكلا النوعين طبيعيين من هذه الناحية، لكن بعض الفروق ظهرت في مختبر النوم Sleep Laboratory، وهو الذي تتم فيه مجموعةٌ من القياسات يعنينا منها هنا تخطيط النشاط الكهربي للمخ ولنشاط العضلات أثناء النوم،
حيث اتضح أن الفرق بين طويل النوم وقصير النوم يكمن في كمية نوم حركة العين السريعة Rapid Eye Movement Sleep ، وليس في النوم العميق أو نوم الموجة البسيطةSlow Wave Sleep إذا صحت الترجمة،
ومعنى ذلك أن نوع النوم الذي ينقص في حالتك هو نوم حركة العين السريعة، وقد يكونُ ذلك لأنك (ما شاء الله) لا تحتاجُ إلى كثيرٍ من هذا النوع من النوم، وهذا أمرٌ طيب كما سترى كما ظهرت بعض الفروق بين هذين النوعين من البشر في المختبر النفسي.
إذ بينت القياسات النفسية أن قصار النوم يتميزون بكونهم أكثر طموحًا وكفاءةً وطاقةً واجتماعية، وأقل من ناحية الإمراضية النفسية Psychopathology، وهم لذلك أقل حاجةً لنوم حركة العين السريعة، وأما طوال النوم فتميزوا بأنهم أكثر قلقًا وأكثر عرضةً للقلق والاكتئاب وأكثر ميلاً للتفكير المخالف للعادة والعرف Non Conformist Thinkers، وهم لذلك أكثر حاجةً لنوم حركة العين السريعة من أجل أن يتعامل المخ مع ما يترسب فيه من القلق ومشاعر الاكتئاب خلال اليوم.
ومعنى هذا أنني أقول لك أنك محظوظ ما دام الأمر في حدود ما جاء في إفادتك، ولكنك على ما يبدو غير راضٍ عن نومك، وتقارن بين نفسك وبين الآخرين في هذا الشأن، رغم أن الأمر لا يؤثر على صحتك، وصحيحٌ أن النوم هو إحدى نعم الله علينا، ولكن كفاءة النوم غير محددةٍ بعدد معين من الساعات، وإنما بقدرته على إعادة الحيوية والنشاط للشخص، فإن كنت أثناء النهار نشيطا ولا تعاني لا من الخمول ولا من عدم القدرة على الاستيقاظ،
فما سبب اعتبار الأمر مشكلةً؟ ولم لا نعتبره أحد الفروق الفردية، التي قد تستطيع استغلالها فيما يفيدك بدلا من اتخاذها مادةً للقلق، خاصةً وأن ذلك قد يدخلك في حلقةٍ مفرغة تسبب لك المعاناة من الأرق (أي صعوبة الدخول في النوم) والذي لا تظهر إفادتك التي بين أيدينا أنه يمثل مشكلةً كبيرةً لك حتى الآن.
وما أستطيع أن أقوله لك هنا هو حذارِ من محاولة العبث بطبيعتك تلك باستخدام المنومات لأن النوم الناتج عن العقاقير أصلا لا يكونُ نوما طبيعيا، وأما إذا أبيت إلا أن تحاول زيادة عدد ساعات نومك فإنني أنصحك بأن تجعل وجبة العشاء مكونةً من مأكولات غنيةٍ بمادة السيروتونين مثل اللبن الحليب والموز والكعك، ويمكنك أن تستفيد من حالتك تلك إذا أردت في قيام الليل وفي ذكر الله وحمده على نعمةٍ قد تفتقدها يوما وتشعر بالندم عليها،
ونحن في انتظار تفاصيل أكثر منك إن كنت في إفادتك هذي لم تقل لنا كل شيء، فتابعنا بأخبارك.
وبما أننا الآن في سبتمبر سنة 2007 وقد جاءتنا مشاركة في هذه المشكلة فكانت داعيا لإعادة تحريرها، واستنادًا إلى أن حضرة صاحب المشكلة الأستاذ أبو ناصر لم يتابع، فإننا نتمنى أن يكون في أحسن حالٍ ولا نجد حرجا في الإشارة إلى أن قولةَ: (لكي أتخلص من التفكير في النوم حيث أصبح شغلي الشاغل هو البحث عن النوم ومتى وكيف؟؟) يمكنُ أن تكونَ لب وسوسة مصاب بنوبة وسواس قهري عافاك الله أبا ناصر، وليت تطمئننا عليك؟؟؟.