أنا وأختي في الحرام: صفحتنا وآثارها -استدراك- مشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعزائي القائمين على موقع مجانين
تحية طيبة وبعد
أود شكركم علي هذا الموقع الرائع الذي أفادني بالكثير وجزاكم الله خير وجعل عملكم هذا في ميزان حسناتكم
ولكني لي تعقيب علي هذه المشكلة إذ أخشي ما أسميه الآثار السلبية لهذا الموقع فأنا مثلا اخشي على أخي الصغير من إعلامه بهذا الموقع لمعرفتي بعدم اتزانه وأنه من الممكن أن تنعكس عليه سلبيات الآخرين أكثر من اكتسابه لخبرة مفتقدها ويريد أن يتعلمها
ولا أعلم ما هو الحل فهناك من أريد أن أدلهم علي هذا الموقع الرائع والذي أفادني كثيرا وكثيرا ولكن لشكي في كيفية استيعابهم لنوعية المواد المختلفة المعروضة في هذا الموقع فإني أخشى عليهم الوقوع في المعاصي ولا أعلم أن كنت خاطيء في هذا أم لا.
فهل هناك من يستطيع مساعدتي في حل هذه المشكلة التي طالما فكرت فيها ولم أجد لها حل..؟
أخوكم في الإسلام س
22/2/2005
رد المستشار
مازالت لدينا أسطورة أتعجب من وجودها حتى في عقول من نالوا أعلى درجات المعرفة أو لنقل العلم!!!
هذه الصورة يمكنني أن أسميها "أسطورة الصفحة البيضاء" وهي تتصور أن عقول الناس صغارا وكبارا هي صفحات بيضاء لا علم فيها ولا معرفة، ونفوسهم بريئة نقية "صفحة بيضاء" أيضا، وأن كلماتنا وحكاياتنا هي التي ستكتب وحدها على هذه الصفحة فتعكس عليها سلبيات الآخرين، فيضطرب المراهق، وتنحرف المرأة الشريفة لأنها سترى الانحراف شائعا من خلال المشكلات التي تقرأها عندنا!!!
وهذه الأسطورة يمكن أن تكون حقيقة في حالة واحدة – نادرة غالبا – وهي أن تكون صفحتنا هي المصدر الوحيد، وأكرر الوحيد، الذي يعرف من خلاله أصحاب العقول والنفوس البيضاء – كصفحة خالية – العالم وما يجري فيه!!!
فلو تصورنا أن هناك امرأة ما كل علاقتها بالعالم، ومصادرها عن معرفته هي الدخول إلى صفحاتنا، وكل البيئة التي تتحرك فيها فعليا هي بيئة طاهرة نقية أو معقمة من الأخبار السيئة، والتجارب المنحرفة.
أو إذا تصورنا مثلا أن أخاك المراهق لم يسمع حوله أو يشاهد صورة أو تصله معلومة عن أي مرض اجتماعي أو انحراف أخلاقي أو معرفة سلبية أو تضر أكثر مما تنفع.
لو تصورنا وجود هذه القبيلة أو الفصيلة من البشر يمكن أن تصبح الأسطورة حقيقة، وأنا أحسب أن المسألة كلها مجرد شبهة تستند إلى منطق بدائي في التفكير وتصور العالم.
ولكن هذا مجرد رأي ويسعدني أن يكتب لنا أو تكتب لنا كائنات بشرية تنتمي إلى هذه الفصيلة/الأسطورة لتضيف خبرة إلى خبراتي وخبراتكم عن الإنسان وفطرته، وعن العالم الذي نعيش فيه.
قد تحدث لأحدنا صدمة بعد أن يقرأ حالة من الانحراف تصيبه بالغثيان أو الدهشة لأنه عرف فعلا يجهله من عجائب أفعال الإنسان، وقد يظل هذا المصدوم مضطربا لفترة، ولكنه سرعان ما يدرك أن هذه الخبرة ليست هي كل الناس والحياة، وأن الاستثناء لا ينفي القاعدة بل يؤكدها، وأن التعميم تسطيح وبدائية مثل الجهل بوجود الحقائق والانحرافات.
ومن بواكيرها درسنا في علم النفس أن تكوين المفاهيم يمر بثلاث مراحل:
التعميم والتخصيص ثم تكوين المفهوم، بمعنى أن قول أحدنا بعد أن يقرأ مشكلة أو خبرة انحراف: كل الناس تزني أو تنحرف، أو نحن نعيش في ماخور كبير، هذا التعميم لا يظل على حاله هذا، ولكن تلحقه عملية أخرى للتخصيص تفرق بين الخطأ والمخطيء، وبين الصواب والمصيب، وتنعدل بالتالي موازين هذا القارئ على أساس المعرفة الجديدة.
وقد أذهلتني أختي المتخصصة بالجراحة من السعودية حين التقت من كلماتي في مؤتمر الكويت أن لدينا خللا في فهمنا لما هو خطأ وكل منظومة تعاملنا معه، وروت لي من تجربتها في محيط العمل ما يؤكد هذا.
وإن كان هناك من تربى أو تربت علي أن الإنسان لا يضم بين جوانحه شرا مستطيرا، وفجورا أو إمكانات فجور، ونوازع انحراف وشر، إذا كان هناك بيننا مثل هؤلاء – ويبدو أن هذا المرض أو التكوين الناقص موجود – وأقول إذا كان منا من الغفلة والغافلين والمغفلين أو المتغافلين من لم يفهم قوله تعالى:"ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها"
وعرف بالتالي أن نزعة الشر أصيلة في الإنسان كما الخير، أنه مؤهل بطبيعة خلقته للاختيار الحر بينهما، وعلى هذا الاختيار لا غيره، وبهذه المسئولية دون سواها، هو محاسب من جهة الله سبحانه .
وإذا كنا نريد أن نمرر واقع أن أحدنا متماسك أخلاقيا لأنه يجهل الشر والانحراف فإذا علم به سينحرف، ونقنع بهذا العمى كأساس للاستقامة، وأنا أقول أن هذا مؤقت، وهو مخالف للأصل الشرعي.
هو مؤقت لأن العمى بسبب الجهل يبني نفسية شديدة الهشاشة مؤهلة للانحراف عند أول ضغطة إغواء أو وسوسة شيطان، وهذا شائع حولنا، ومفهوم أن يقع، والأمثلة عليه كثيرة، فكم وقع في الشر أناس لأنهم لم يعرفوه ولم يتوقعوا أن يصدر عنهم، ثم لما صدر انقلبوا على أعقابهم يجلدون أنفسهم، ويكادون يقتلونها، وإذا لم نعترف ونتدرب على أن الخطأ جزء من طبيعة الحياة والإنسان "كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون"، سنعاقب أنفسنا وأولادنا حين يقع منهم الخطأ وكأنه ما كان له أن يقع أبدا، وأنهم لما أخطأوا شياطين تستحق الرجم، وحين نقع نحن في الخطأ سنرجم أنفسنا، أو نبرر هذه الأخطاء، أو نعلقها على شماعة الآخرين أو في رقبتهم، وهذه كلها منطوقة معطوبة، مختلة في التعامل مع فكرة الخطأ وتناول مسألة الشر.
ومذهبي أن يعرف الناس الشر، كما يعرفون الخير، وأن يتنوعوا في مصادر معرفتهم عن العلم والإنسان، فينظرون في القرآن بعمق ويتدبرون كما أمرنا الله أن نتدبر، وينظرون في الكون من حولهم فيعرفون من خبرات الصالح والطالح، ويتعلمون من تجارب البشر، وأن ينظروا في التاريخ فيعتبروا بمن سبقوهم، ونحن مأمورون بذلك دينًا.
أخي الكريم:
أطلقت رسالتك العنان لتأملاتي أنظر في أحوالنا كم ابتعدنا عن أصول ديننا، ورؤيته للكون وللحياة، وللإنسان ثم نحن نتعارك على قشوره ومظاهره وأشكاله ولا بأس من الاهتمام بالشكل على أن الجوهر والقلب أهم وأولى وأخشى أن جوهر الإسلام تائه عنا ونحن تائهون عنه، ولكننا نجتهد معا.. لعل وعسى.
دع أخاك يشاهد صفحتنا وغيرها، واصحبه إلى مجالس الذكر والعلم في الأزهر وغيره، وانفتح معه على العلم، فالعالم أوسع بكثير حتى مما نتصوره.. ونكتبه على موقعنا هذا، واجتهد في ربطه بالله سبحانه لأنه وحده هو الهادي للصراط المستقيم، وكم هو عزيز ضائع وسط التفاصيل والتشويش والجهل... أقصد:الصراط المستقيم... اللهم اهدنا جميعا – الصراط المستقيم.
ويتبع>>>>>>>>>>>>>>> أنا وأختي في الحرام: عتاب متألمة مشاركة2