مشتاقة ومكتئبة أعراض خليجية: مشاركة1
تعليق على أعراض خليجية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
بداية أود أن أشكركم عن هذا الموقع الذي أقل ما يقال عنه أنه رائع، وأتمنى أن ينجح في هدفه النبيل وهو نشر الوعي النفسي بين الناس، أنا فتاة مغتربة وأصلي من المغرب العربي في الحقيقة أنا ولدت في المملكة أي أن العقل يقول أن غربتي الأساسية هي في وطني الأصلي وليس هنا (ولكن من قال بأن العقل صادق دائما)؟
أنا في الحقيقة أحمل شوقا لا يوصف لوطني الأصلي(موريتانيا) رغم أني أزوره لمدة 3 أشهر كل عامين أود أن أبدأ من حيث انتهيتم حتى لا أسقط في الإعادة المملة، أنا باختصار أعاني من أعراض تكاد تكون مطابقة للأخت السائلة صاحبة مشكلة مشتاقة ومكتئبة، ووزني يزداد: أعراض خليجية (الوحدة الملل زيادة الوزن الشوق للوطن.... الخ).
ولكن لي صديقات هنا لا تتعدى علاقتنا الهاتف والمدرسة لأن العائلات هنا لا تسمح لبناتها بتبادل الزيارة مع صديقات الدراسة، ولا يربطنا أي صلة بجيراننا لأنهم منغلقين جدا رغم إنهم أجانب أيضا(هذا لفظ يطلق على غير السعوديين هنا)
وأنا أعترف أن السعوديين ألطف بكثير من غيرهم في هذا البلد بالنسبة للمراكز التي تعلم اللغات والأنشطة المختلفة فهي موجودة فعلا، ولكن لا يخفى عليكم أن من يأتي هنا يأتي بهدف جمع الرزق وفي نيته العودة للوطن (وإن كان لا يعود إلا على حمالة)
بالتالي لا يمكنه أن يصرف المال على تلك الأمور بالذات أنها مرتفعة الثمن (أنا أتكلم عن وضعي الشخصي بالطبع هناك القادرون ماليا)
ويكفيني أن أخبركم بهذه الواقعة من مساوئ الفصل القسري، أنا حين زرت الوطن هذا العام وجدت فيه صحوة دينيه رائعة ووجدت أن أغلب صديقاتي التزمن وحين سألني لماذا يصعب عليكن انتن المغتربات الالتزام رغم أنكن قادمات من هذه الأرض المباركة؟
وجدت نفسي أجيبها قائلة: أنت التزمت بقناعه لأنك واجهت الدنيا واخترت هذا الطريق بالنسبة لي الوضع مختلف أنا لم لوضع في خيار لاختار ربما لو اختلطت بالمجتمع مثلك لوجدت أن كل مغرياته لن تصمد أمام نداء الفطرة ولكني لو التزمت الآن أكاد أحلف أني سأسقط أمام أي مظهر من مظاهر الاختلاط التي لم أجربها!
أتمنى أن لا أكون أثقلت عليكم برسالتي الطويلة
وفي الختام أود أن أشكر أهل هذا البلد الطيبين فلهم قلوب من ذهب لا تزال الأصالة تلمع فيها وأتمنى أن أراهم قريبا سعداء يرتدون الحجاب ويتعففون عن الخطايا طاعة لله لا للعرف، ويعرفون الشر ولكنهم يختارون طريق الخير، عرفت الشر لا للشر لكن لأتقيه
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته
1/2/2005
رد المستشار
أشاركك محبة الخير الكامن في قلوب أهلي وأحبتي من أهل السعودية والخليج، وقد توالت عليهم خطوب وتغيرات متلاحقة ترنح تحت وطأتها من يترنح، ولكن الأصالة مثل عروق الذهب قد تكون مطمورة تحت الركام لكنها موجودة في الأصيل، وكل الناس معادن، وفي الخليج جواهر مكنونة أدعو الله أن تكشف الأيام عنها فتحتل الصدارة، وقلت أنني قد أذهلني أن أقابل كوكبة من الأخوات ذوات علم وفضل ودين ... أحسبهن كذلك ولا أزكي على الله أحدا وقد جئن من جدة ومن المدينة ومن الرياض في وفد إلى مؤتمر حضرته في الكويت مؤخرا، وقلت لإحداهن: عليكن واجب أن تبرز المرأة الملتزمة فتكون في الصدارة في أول الفرص لظهور المرأة السعودية إلى العلن، نريد الملتزمات ذوات الدين والعقل والعلم فتكون كل واحدة منهن قدوة لغيرها، ومنارة تقتدي بها الحائرات من الصغيرات الشابات فيعرفن أنه لا خصام بين الالتزام والتميز.
رسالتك يا ابنتي تطرح تساؤلا مهما هل الالتزام الذي يكون في مجتمع محافظ أو منغلق يعتمد الفصل القسري مثلا، هل هذا الالتزام هو هش كله، صوري أو شكلاني بالضرورة؟! وأنك لو التزمت الآن فسوف تسقطين حتما أمام أول اختيار أو أول مظهر من مظاهر الاختلاط التي لم تجربيها؟!!
وهل اللائي يرتدين الحجاب، وتعففن عن الخطأ متابعة للعرف هن بالضرورة منافقات لا دين لهن ولا مروءة، ولا إيمان في قلوبهن ولا خشية لله ولا ضمير؟!! وهل اللائي لم يعرفن طريق الشر واخترن الخير فلم يجدن أمامهن سواه، هل هن مرشحات للسقوط في الشر مع أول هبة ريح؟!!
هذه تساؤلات كأن رسالتك طرحتها علينا، وأقول، وبالله التوفيق: أن التعميم باطل كله ولا يؤدي إلى أي حكم دقيق أو صائب، ومن ناحية أخرى فإن القول بأن هناك فتاة متعلمة الآن – في الخليج أو غيره – لم يصلها من الشر أو عن الشر كلام، ولم يتح أمامها للشر أو الشيطان سبيل، هذا القول أعتقد أنه يحتاج إلى مراجعة، فخليج الثمانينات عرف أفلام الجنس المتبادلة في الحقائب المدرسية، وعرف غير ذلك مما هو أفدح بدءا من معاكسات البنات للأولاد وبالعكس في "الشميسي" وغيره، فأين هذا الخليج المعقم الذي لم يعرف الشر، ولم تطرح أمام فتياته طرق الاختيار؟؟!
وخليج القرن الواحد والعشرين يعرف المولات أو المراكز التجارية والفنادق والمهرجانات السياحية، ومع "الجوال" والانترنت أصبحت السبل أيسر لمن تريد أن تنحرف، فأين تلك التي لا تعرف كل هذه الطرق وأين تلك التي تستطيع الإفلات من كل رقابة إذا أرادت؟!!
طبعا المظهر العام لا يزال محافظا، ولكن تحت العباءة والنقاب تفعل من تريد ما تريد إلا من تخشى الله وتطيعه، لأننا جميعا نعيش الآن في نظام المدن الكبرى، والأسواق الضخمة، والشوارع الواسعة، وفيها لا يعرف أحد أحدا، ومكائد الشيطان لن تنتهي، وكيد الشيطان ينتصر على من هم أضعف منه والمغريات هنا وهناك مع اختلاف في الصور والأساليب.
وما نحتاجه في الخليج وغيره هو كسر تلك الحواجز الوهمية المصطنعة بين "الأجانب" وأهل البلد، بين الرجال والنساء، بين الصحوة والمجتمع العام بحركته، والثقافة بدوائرها المعزولة عن عموم الناس.
كسر كل هذه الحواجز التي أقامتها السلطات بأنواعها لتسهيل مهمتها في السيطرة على كل دائرة معزولة عن بقية الدوائر.
كسر كل هذه الحواجز لتشكيل المجال المدني العام حيث يلتقي الناس على أصول وضوابط الشرع فينظرون في شئونهم ويناقشون أمور دينهم ودنياهم، فالخطوة الأولي أن يتحرر فعل الناس ويتلاقوا معا، وبدون هذا المجال العام سيتنامى الفساد أكثر وراء الكواليس، وسيظل الذهب مدفونا تحت الركام، وسيقود التغيير – إذا حدث – أصحاب الجرأة من العمانيين واللادينيين وأصحاب الأهواء والانتماءات غير الأصيلة، أفيقوا يرحمكم الله.