أريد حلا للرغبة الجنسية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جميعا؛
هذه الرسالة تتكون من جزأين جزء قديم وآخر حديث.. اضطررت إلى إرفاق الرسالة القديمة لأنه ليس لدي رقم استشارة.
الجزء القديم: قادني القدر وحده إلى موقعكم بينما كنت أبحر في محركات البحث العالمية بحثا عن ما يسمى "اضطراب الهوية الجنسية"، وقد أغرتني للخروج عن الصمت الذي بات يزعجني وأن أوجه إليكم الأسئلة التي تكاد تفجر رأسي!
يا سيدي أنا ابلغ من العمر 32 عاما ومشكلتي أنني لا أستطيع أن أحدد جنسي حتى الآن. طبعا أنا لا أستطيع أن أشخص حالتي فلست بطبيب إلا أني أستطيع أن أصفها بدقة شديدة على كل حال.
لقد ولدت أنثى، وتربيت أنثى، ومظهري أنثى ولكن لم أشعر يوما واحدا في حياتي بأني أنثى!
لا أعرف متى نشأ عندي ذلك الشعور -شعوري بأني رجل- فهو إحساس أصيل يخالجني منذ بدأت أدرك ما حولي، فالرجولة كانت النافذة التي راقبت العالم من خلالها والإطار الذي كان يحيط بكل فكر أو قول أو عمل أقوم به، وهي التوقيع الذي كان يذيل سلوكي وشخصيتي وانفعالاتي، فأنا رجل شئت هذا أم أبيتُ.. لنقل رجلا حبيسا في جسد امرأة.
في كثير من الأحيان أقرأ الحيرة في عيون الآخرين وفي أحايين أقرأ الشفقة وأكثر ما يحبطني نظرات الريبة والشك، أما نظرات التقزز والنفور والاتهام بالشذوذ فهي تقتلني قتلا.. تلك النظرات هي التي دفعتي في السنوات الأخيرة إلى العزلة عن الفتيات فأنا لست فتاة شاذة!
فانا أحب الفتيات طبعا ولكن كرجل وكلما تعرفت على فتاة تعجبني لا أستطيع أن أستمر في صداقتي بها فمن ناحية لا يوجد جسر اتصال بيني وبين أي فتاة لأن كل اهتماماتي ذكورية، ومن ناحية تراني أغار عليها غيرة شديدة تمزقني إربا إذا علمت أن شابا غازلها وأتحطم نفسيا عندما تحدثني عن فتى أحلامها، ومن ناحية أخرى تراني أتحرق إثارة وامتلئ رغبة وأنا بجانبها فلا أستطيع إليها سبيلا ولا هي تفهم سبب احتراقي!؟ ولا أنا أملك كتمان شوقي ولا القلب يجرؤ بوحا إليها!! كل فتاة أعرفها تواجهني معها نفس المشكلة، وحتى الفتيات اللاتي لا أعرفهن! نعم الفتيات كلهن.. وما أدراك ما الفتيات؟ جمالهن جحيم مستعر.
كل فتاة يثيرني فيها كل شيء حتى صوتها وشعرها ومشيتها ورائحتها، خصوصا إذا كانت جميلة!! حتى لقد أصبحت أشفق على نفسي منهن، والنفس أمارة بالسوء، ولقد بلغت حالة من السوء في المرحلة الجامعية أصبحت معها أخجل من نظراتي التي دائما في غير موضعها الصحيح والتي لا يمكنني تفسيرها لأحد وما من شك أن كلا سوف يفسرها على هواه، كما أصبحت أخجل من حالة الارتباك والفوضى التي أشعر بها أمام كل امرأة جميلة! فمحاولة أن أبدو "طبيعية" أمامهن شيء وأن أكون "طبيعيا" فعلا شيء آخر.. وتقبلهن لي على أنني "أتصرف" كالصبيان شيء وأن "أشعر" كالصبيان شيء آخر.
فمن ناحيتي وجدت نفسي مضطرا لتمثيل دور البنت وذلك لأن الأداء الحي لشخصيتي كان يترك أثرا من عدم الارتياح عند الأكثرية، إلا أنني كنت كممثل فاشل لم يحفظ دوره يؤدي أداء ميت في مسرحية سمجة!؟!؟ ومن ناحيتهن وجدتني أجتذب إلي -دون قصد- الفتيات الشاذات اللاتي وجدن في نموذجا مثاليا يشبع رغباتهن المنحرفة! غير أني وبفضل من الله كنت أنجح في كل مرة في أن أضع النقاط فوق الحروف فلا مكان لي بينهن ولا مكان لهن عندي.. والحق أن هذا الاختبار الأصعب والأقسى بالنسبة لي فقد كنت أرفض ما أريد وأدفع بقوة ما أشتهي.
ورغم الصعوبة والمعاناة فقد كنت أستمتع بآدميتي.. كنت أفخر بالعلاقة التي تربطني بإنسانيتي! وكنت أشعر بنشوة الانتصار مع كل تحكم وكل كلمة "لا" لكل من يخالف الفطرة البشرية.. فأنا وإن كنت رجلا بمشاعري إلا أنني لن أقبل أن تضاجعني امرأة لا تشعر برجولتي!! ولا أقبل بممارسة رجولتي إلا من خلال جسد رجولي يصحح وضعي أمام نفسي وأمام المجتمع!!! فإن لم يتوفر – كما هو حالي الآن – فلن أتنازل عن رجولتي ولن أخون آدميتي.
ولطالما تسببت الفتيات والتفكير المتواصل والأسئلة التي لا أجد لها إجابات لطالما سببت لي الفشل.. فأنا بسببهن لم أكمل دراستي الجامعية وطبعا أهلي لا يعلمون السبب الحقيقي وراء سحب أوراقي من الجامعة، فأنا لم أكن أستطيع التركيز في أي شيء وذلك منذ كنت في التاسعة من العمر..
الغريب أنه رغم هذه العلاقة الحميمة التي تربطني بهن فإنه ليس لي صديقة واحدة؟ فعلاقاتي كلها سطحية والتي تعمقت نسبيا قمت بقطعها خوفا على بنات الناس أو ربما خوفا على سمعة أسرتي، والأغرب أنه رغم كل هذه العلاقات فإني لم أمارس منذ طفولتي ألعابهن! ولم أتبادل مع إحداهن الحديث عن الموضة أو الماكياج أو حتى الطهي أو أي شيء أنثوي!! والأكثر غرابة أنه حتى أثناء ممارستي لهواية الطهي يوجهن إلى انتقادا بأني أطهو كرجل؟!!!
وهكذا اعتزلتهن تدريجيا.. وأصبحت أمنع بالنظر من بعيد واستسلم للخيالات وأثر هذا علي كثيرا فالوحدة قاسية وإن كانت أفضل من الانحراف إلا أنها ليست حلا دائما. فأنا كما أنا أتعذب كل يوم.. ألبس ما لا أريد وأتكلم بما لا أحب وأعيش كما لا أرغب واضطر أن أدخل في تمثيليات سخيفة مع المجتمع الذي لا يشعر بي.. أحيانا أتمنى أن أصرخ أنا رجل.. أنا رجل!!!!!!!!!!! وأحيانا أريد أن أعمل أي شيء يخرجني من هذا السجن، أو على الأقل أجد شخصا أتكلم إليه فأنا أكاد أنفجر؟ أريد حلا يخرجني من الدوامة التي ستقودني إلى الانحراف؟
أريد أملا ولو كان ضئيلا ينير لي الدرب في ما تبقى من العمر؟
أريد إجابة على السؤال الذي يسيطر على تفكيري منذ ولدت، لماذا؟ لماذا؟ لماذ؟ أنا لست مثلكم؟
الجزء الحديث:
هذه رسالة قديمة أبعثها إليكم للمرة الثانية.. أنا لست شاذا.. ولقد كتبت لي الأخت "المستشارة إيناس مشعل" رسالة تطلب إلي فيها البحث عن إجابة لمشكلتي في عدة روابط في موقعكم ولقد أرسلت إليها الآتي ولم أتلقى الرد:
الأخت الكريمة مرحبا بك.. لقد تناولت الروابط التي أشرت إليها جميعا بالفحص ولقد وجدت أنها إجابات على مشاكل مشابهة ولكن أختي لم أجد بينها حلا لمشكلتي؟؟؟
فهل أفهم أنها مشكلة بلا حل في ظل إصرار الأطباء على أن العملية الجراحية لا جدوى منها؟؟؟هذا من ناحية.
من ناحية أخرى وجدت أن رسالتي تختلف مع كل ما قرأت في جزئية حيوية جدا وهي ممارسة الجنس المثلي.. فأنا لست شاذا!!
ولم أجدا رأيا أو نصحا أو مشورة تخبرني كيف أتغلب على هذا الهياج العاطفي أو تدلني حتى على وسيلة تشبعه أو أي دواء يجعلني بلا رغبة أصلا.
أخيرا.. أليس من حقي أن تعرض رسالتي على القراء علني أجد في ردودهم وتعليقاتهم ما يعزيني!!؟
شكرا لكِ،،،
أخي الكريم أنا لا أريد إجراء عمليات "رغم تحفظي على وجهة نظركم بهذا الخصوص".. كما أني لا أريد أن أعيش مع أدوية الاكتئاب والمهدئات وأشكال وألوان تجعلني أتلفت يمينا ويسارا أو أمزق ملابسي أو أتحدث مع نفسي!
أعلم أن الضغوط كثيرة ولكن الضغط الأكبر هو مسألة الهياج العاطفي تجاه الفتيات وأنا أريد أن أتخلص منه.. علما أني في وضع اجتماعي يجعلني لا أستطيع أن أزور العيادات النفسية.. ولكم جميعا في موقع مجانين الشكر كله,,
15/3/2005
رد المستشار
إذا كانت أعضاؤك كلها، وهرمونات جسدك، هي لأنثى، فالأصل عندك أنك أنثى عضويا، وتبقى مسألة المشاعر والأحاسيس التي تتأثر بالتنشئة، وبالمعرفة، وبالسياق الاجتماعي، والنمو النفسي وكل هذه متغيرات يمكن التعامل معها، والتأثير عليها، ولكن البقاء في مربع الضحية الممزقة بين نظرات الناس، والنظرة إلى الذات لا يفيدك بحال من الأحوال.
أين العار في أن يكون في مشاعرك ورغباتك الجنسية اضطراب أو عدم توافق بين جسدك وخيالاتك أو ميولك؟!!
أين العار في الانحراف المرضي؟!
هل إذا كان أحدنا مصابا بالنقرس أو ارتفاع ضغط الدم أو غيرها من الأمراض النفسية أو العضوية، هل هذا يدعو للعار؟!!
ولماذا نتعامل مع الاعتلال الجنسي، وكأنه غير كل الأمراض، وبالتالي مدعاة لوصمة وللعار أو للشعور بالمهانة؟!!
ليست ميولك النفجنسية الحالية قدرا لا فكاك منه إذن، ولكنها قابلة للتعديل والتغيير ببرامج سلوكية، وعلاجات معرفية ودوائية، هذا في حالة رغبتك بالأنوثة قلبا وقالبا وغير ذلك أوهام فكل محاولات تغيير الجنس من الأنوثة للذكورة فاشلة عضويا بالتأكيد، وهي على المستوى النفسي علاج للانحراف بمسايرته!!!
لا يوجد داعٍ للإحباط أو لكل هذا التوتر والبكائيات، فالله لا يحاسبك على شهواتك هذه ما لم تخرج إلى حيز العمل، كما قلنا بوضوح من قبل. ويبقى السؤال الأهم حول رغبتك في الأنوثة من عدمها!!
ويبقى التحدي في إرادتك في إرادتك والعزيمة على مواصلة العلاج حتى تعتدل الأمور، وليست الأنوثة عارا تهرب منه صاحبته، ولاهي بمرتبة أدنى، بل فيها تفضيل الأمومة: أسمى مكانة على الإطلاق!!
وطالما لديك انتباه للبعد والعمق الإنساني فإن هذا المشترك بين الناس هو أساس جيد وقوي لإقامة علاقات اجتماعية من الجنسين في المجال العام –إذا سمحت ظروفك الحياتية والعملية– ولا مبرر للوحدة والفراغ في حياتك، وحتى يقضي الله في أمرك، وتتكون لديك الرغبة والقدرة على العلاج فإننا نرحب برسائلك، ولعلنا نستطيع استقبالك في القاهرة قريبا إذا كانت ظروفك في بلدك لا تسمح لك بزيارة العيادات النفسية، والله الموفق.