وساوس الصيام : التطور الطبيعي يا محمد ! م11
وسواس الطهارة دفعني ربما للكفر ويدفعني للانتحار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، .... أناشدكم قراءة تلك الاستشارة الطويلة المعتادة كلها .. فهي مزيج من الشكوى المرضية والاسئلة الفقهية لـد.رفيف وتلك لا أغني عن تلك، فأنا أريد جواب د رفيف عن استفساراتي الفقهية التي أعتذر عن كثرتها فلربما لا أراسلكم مرة أخرى لسبب ستعرفونه لاحقا من رسالتي
منذ سنين وأنا أراسلكم.. منذ سنين وأنا أحاول العلاج، منذ سنين وأنا أتعاطي الأدوية، منذ سنين وأنا أحاول تجاهل الوساوس، حاولت العلاج بشتى الطرق.. حاولت العلاج السلوكي المعرفي، وتتحطم كافة محاولاتي أمام أشياء جديدة يومياً مع كل ما عانيته من وساوس في السنين الماضية.. عادت وساوس الطهارة لي الآن حتى دفعتني لما لم يحدث لي مسبقاً.. الفقرة التالية موجهة ل د رفيف لتنقذني بالرأي الفقهي
1- أنا أعاني من نزيف بلثتي.. نزيف لا يجعلني هانئاً أكثر من ساعة حتى يعود، وتبدأ معه سلسلة من المعضلات .. تبتدأ بمحاولة المضمضة والتخلص منه والتي تستمر لربع أو نصف ساعة يتخللها كافة أنواع المعضلات الأكبر من أني وأنا أمضمض تطاير الماء من فمي أو من الحوض الذي أمج فيه فتصاب ملابسي أو جسدي فأقوم بغسلها فأعود للمضمضة فيرتد الماء من الحوض الذي لم أطهره بعد ليصيب شيء آخر.. أو حتى وأنا أتمضمض لربما سال بعض الماء بالدم فأصاب وجنتي أو خلافه .. في عملية تستغرق النصف ساعة وربما أغير فيها ملابسي 3 مرات
2- أترك المضمضة وأذهب للاغتسال لما أصابني خلال عملية المضمضة، فينزل الماء من منطقة تنجست بالدم ليصيب منطقة أخرى نجسة أيضاً ثم يسيل على أرض البانيو.. فأمضي ساعات لتطهير أرض البانيو حتى يصيبني الملل في مرة فأتركه على حاله لأجد أن زوجتي استخدمته بعدي وخرجت بقدميها طافت بها في الشقة بأكملها فتصبح لدي مناطق في بيتي لا أستطيع أن أخطو عليها
3- عدت لفتوى قديمة للشيخ عليش المالكي فيها أن من كثر عليه الدم فلا يطالب بمجه ويمكنه أن يبتلعه ولا شيء عليه، فتفرعت من تلك الفتوى معضلات أكبر وأكبر منها
4- في رمضان السابق كنت آخذ بتلك الفتوى فأبتلع الدم ولا أمجه ولكني في نفس الوقت كان ريقي المختلط بالدم يخرج لظاهر شفتي فكنت أبتلعه عملاً بفتوى للحنفية والآن أنا انتبهت لأمر أني قمت بالتلفيق بين فتوتين.. كنت أبتلع الدم عملا بفتوى الشيخ عليش وأبتلع الريق-المخلوط بالدم - عملا بقول الحنفية فصيامي لا أدري هل بطل أم لا وماذا أفعل ورمضان القادم قد اقترب ولن أستطيع القضاء لأن الأمر كما هو.. حتى أصبح اقتراب الشهر المبارك يمثل إنذارا لي باقتراب عاصفة قد تقتلني
5- حتى لو أمضمض فمي وأبتلعته عملاً بالفتوى السالفة فما حكم ما تلامسه شفتاي وريقي من أدوات الطعام وخلافه ونتشاركه في الوجبة الواحدة فأنا أنقل النجاسة لمن حولي.. حتى أصبحت أمتنع عن الطعام والشراب حتى لا تلامس شفتاي وريقي شيئاً
6- أذهب لعيادتي وعملياتي فيصيبني دم من هذا وذاك ومن أرضية أو من آلة فأتوقف عن العمل وأمضي الوقت في الغسل
7- قرأت فتوى للشيخ ابن عثيمين بطهارة الدم فأوشكت على العمل بها فوجدت من يقول أنه قزل مرجوح فتراجعت عن العمل به
8- حاولت أن أتبع قول في مذهب الإمام أحمد بطهارة الأشياء بالجفاف فوجدتني ألفق بين المذاهب جميعا في مسألة واحدة.. هنا أخذت بقول المالكية في عدم انتقال النجاسة إذا زال عينها وفي نفس الوقت أخذت بقول الحنفية في أن اليد المبتلة لو لاقت نجسا لا تنتقل إليها النجاسة لو لم تعصر فتنزل منها نجاسة.. حياتي أصبحت عبارة عن تلفيقات
9- أحاول البعد عن الأفكار الكفرية والافتراضات الغريبة فأجدني كلما سمعت شيء ديني كخطبة الجمعة أو حتى كلاما عاديا يأتي في ذهني أسئلة عقائدية وافتراضات غريبة أجد نفسي لا أستطيع إجابتها إجابة سالمة - سالمة وليست سليمة - إجابة سالمة لا أقع في الكفر لو فكرت فيها أو اعتقدت أنها هي الإجابة
طالت الأسئلة.. نعم.. حتى وصلت لما حدث في الأيام الأخيرة تلك زادت رغبتي في العلاج فزاد معها حزني لفشلي فيه، حزن وضيق وغضب، جعلني أكره نفسي، حتى أصبحت أفكر في الانتحار، حتى أصبحت في يوم ما أثناء مضمضتي المعتادة أجدني قد ضحكت فتناثر الماء المخلوط بالدم على جدران الحمام والحوض وملابسي فأصابني ضيق وغضب شديد جعلني أقوم بالصياح وضرب الأشياء حتى هاجمتني الفكرة الأرعب في حياتي التي لم تحدث أبداً.. فكرة ها أنت بغضبك وسخطك وحنقك قد كفرت والله أخاف من كتابة ما سأكتبه لخوفي أن يكون اعتراف آخر بما حدث أو يكون الواقع غير ما أتصوره .. جاءتني فكرة أني ها أنا بغضبي وحنقي وسخطي قد كفرت، فلم أرتجع.. تقبلتها! حسنا أخاف أن أكون قد تقبلت الكفر.. أخاف أن أكون ارتضيته حنقاً وضيقاً لما أنا فيه من ابتلاء ومهربا والعياذ بالله من أي تكاليف
يا د رفيف.. أناشدك.. هل كفرت؟؟ هل كفرت يا د رفيف؟؟ هل أدعي التأثر والحزن على ما صدر مني حتى أنفي عن نفسي فكرة الكفر
هل أصطنع الدموع لتكون حجة لي أني رافض لما قد حدث.. أم أنني كفرت؟ هل كفرت يا د رفيف؟؟؟
فلما استقرت الفكرة بعقلي.. كرهت نفسي، وأنا الآن يفصلني عن قتل نفسي شعرة، أتدرون ما يقتلني كل يوم قبل حتى أن أقتل أنا نفسي أنه ربما ربما تصلني إجابتكم بها كل الحلول عن مشاكلي.. فإذا بها تصلني وأنا غارق في أمور أخرى ومشاكل أخرى.. أو أخاف أن تصل لبريد شخص ربما قد أذى نفسه بأي شكل كان لأنه لم يعد يصبر أو يحتمل
أطلت حديثي كالعادة .. وامتزجت فيه الفضفضة بالأسئلة الفقهية
أعتذر لكم
20/2/2023
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته يا "محمد" وأهلًا وسهلًا بك على موقعك
أسأل الله تعالى أن يخفف عنك معاناتك هذه، ويصبرك، ويثيبك عليها قناطير من الحسنات.
1-إذا كان نزيف لثتك يأتيك كل ساعة، فهذا كثير، ويدخل ضمن المعفوات عند المذاهب كلها، فلا داعي للمضمضة ولا لتطهير فمك، وإذا نزل من لعابك الملوث بالدم شيء على ثيابك، أو تمضمضت فتناثر شيء من فمك، فكل هذا لا يجب تطهيره وهو مما يعفى عنه للمشقة...، يريد الله بك اليسر وتأبي إلا أن تشق على نفسك.! هداك الله.
2-إذا نزل الماء على منطقة تنجست في الجسم، فإنه يطهر تلك المنطقة ويفارقها طاهرًا، ويطهر ما بعدها.... ويسيل على أرض البانيو ماء طاهرًا لا نجاسة فيه!
3-ابتلاع الريق المدمى لمن كثر عليه، وشق بصقه، ليست فتوى الشيخ عليش وحده، وإنما سائر الفقهاء، وإنما تجد الخلافات في التفاصيل لأجل غير الموسوسين... أما الموسوسون فلا خلاف في التيسير عليهم.
4-هناك نقطة مهمة ينبغي على الموسوس معرفتها: أنه إنما كان تتبع الرخص لغير حاجة ممنوعًا، وكان متتبع الرخص فاسقًا، لأنه يتبع ما يتوافق مع هواه، ونيته ليست الخضوع لله مهما كانت أوامره، وإنما نيته أن يتبع ما يحبه وفي نفس الوقت يسكت ضميره ويسكت من حوله بأنه يتبع أحكامًا شرعية.
أما الموسوس فهو على النقيض تمامًا، فهو أولًا: يتبع الرخص لضرورة ملحة. وثانيًا: اتباع الرخص بالنسبة له مخالفة شاقة للنفس وهواها لأجل طاعة الله بترك التشدد والتنطع. الموسوس لا يحب الترخص على عكس متبع هواه.. إذن الموسوس مطيع لله تعالى في اتباع الرخص كي لا يخرج عن نهجه سبحانه في التيسير على عباده.
ثم: تتبع الرخص يلزم عنه التلفيق لا محالة..، فلا يمكن للموسوس أن يطيع ربه باتباع الرخص إلا إذا قام بالتلفيق. على أنه قد رجح عدد من العلماء جواز التلفيق في العبادة الواحدة لجميع الناس، أعني ليس فقط للموسوسين.. ولا تقل لي: ولكنك تتمنى وجود رخصة تخلصك من معاناتك، وهذا يعني أنك تحب الرخص! لأنك إنما تتمنى وجود رخصة للتخلص من العذاب الذي سببته لنفسك بمخالفتك تيسير الشرع، ولست تتمنى الرخصة للتملص من اتباع الشرع!
5-فمك إذا تنجس لا ينجس أدوات الطعام ولا الطعام، ولا الأواني، ولا ينجس من حولك، وقد بين الشيخ علي الشبراملسي في حاشيته على كتاب نهاية المحتاج للرملي –في الفقه الشافعي-، عند كلامه عن قلس المعدة والقيء ومن ابتلي بذلك، أنه (لو شرب من إناء فيه ماء قليل أو أكل من طعام ومس الملعقة مثلا بفمه ووضعها في الطعام، فإن الظاهر أنه لا ينجس ما في الإناء من الماء ولا من الطعام لمشقة الاحتراز عنه، ولا يلزم من النجاسة التنجيس ولو انصب من ذلك الطعام على غيره شيء لا ينجسه لأنا لم نحكم بنجاسة الطعام بل هو باق على طهارته).. وانتبه إلى العبارة الذهبية (ولا يلزم من النجاسة التنجيس).. فوجود النجاسة لا يعني بالضرورة أن ما لاقته قد تنجس، وأن ما حولها قد تنجس، هناك حالات محددة يحصل فيه التنجيس، وما سواها لا تنتقل إليه النجاسة.
6-ألا تعلم أن اضطرارك لمخالطة الدم يجعل الدم معفوًا عنه بالنسبة لك؟ وقد نص الفقهاء أن الدم الذي يصيب ثياب القصاب معفو عنه لاضطراره. والمشقة تجلب التيسير دائمًا
7-لا تحزن من كون الفتوى مرجوحة، لأن الفتاوى الراجحة فيها من التيسير الكثير الكثير
8-لا أعلم أن هناك من قال بطهارة جميع الأشياء بالجفاف في مذهب أحمد ولا غيره.
كذلك مذهب المالكية عدم انتقال النجاسة إذا زالت عينها بالمسح، أو بالغسل بماء مخلوط بغيره، ففي تلك الحالة لا يطهر المكان، ويبقى حكمه أنه نجس، ولكن حكم نجاسته لا ينتقل إلى غيره في كل أحوال الملاقاة والملامسة. أما إذا زالت عين النجاسة بالجفاف فقط فالحكم مختلف.
أما الحنفية فكأنك خلطت بين حكمين عندهم! الأول: عدم انتقال النجاسة إلى الشيء الرطب، إذا لاقى نجاسة جافة ولم يظهر أثر النجاسة على الرطب. والثاني: ما قالوه بأنه إذا لُفَّ ثوب رطب نجس لا ينعصر إذا عُصِر، بثوب طاهر جاف، لا تنتقل النجاسة إلى الثوب الطاهر.. هذه مجرد تصحيح للأحكام، فالفقه دقيق جدًا وليس (شوربة) ولا يعني تصحيحي أنه لا رخصة لك. فالرخص المتعلقة بك أكثر من أن تحصى، وعلي التصحيح من باب الأمانة
9-لا داعي لأن تجد إجابة لكل ما يخطر في بالك، المهم أنك تؤمن بخطوط العقيدة العريضة. ثم أخبرني واصدقني القول: هل وجدت كافرًا يخشى النجاسات؟!!!! قليل من التفكير يا "محمد"!!
أنت لم تكفر يا محمد ولن تكفر وليس للموسوس قابلية للكفر، فاترك الأفكار تسرح وتمرح، لا تنتبه لها، ولا تجادلها، ولا تفكر في أجوبة
أعانك الله وعافاك، لا تيأس من رحمة الله
وكل عام وأنت بخير
ويتبع >>>>>>: وساوس الصيام : التطور الطبيعي يا محمد ! م13