المؤثرات وتفسيرها: برمجة العقل، وتشكيل المشاعر م. مستشار5
أنا عايزة حل!
أنا عندي 16 سنة وكنت متفوقة في الدراسة من صغري وتفكيري سابق سني في بعض الحاجات وعندي أحلام كبيرة جدا نفسي أحققها زي أني أسافر وأشتغل وأجتهد وكان دايما جوايا يقين أني أقدر أعمل ده كله وأوصله... أنا أمي اتطلقت من أبويا وأنا عندي سنة هو سابنا وأنا مش عارفة شكله حتى وبعدها اتجوزت من واحد تاني وأنا خمس سنين والحقيقة هو عيشنا في مستوي عالي وعمري ما طلبت حاجة إلا وكانت عندي ومش أساء لي في أي حاجة كبيرة ممكن تتقال بس أنا عمري ما حبيته وأنا صغيره بس أما كبرت شوية بالعكس شوفته إنسان عظيم جدا وبقيت بأخذه قدوتي في حاجات كتير
بس برضو فضل عندي كره لفكرة أنه موجود بسبب إن أبويا ذات نفسه مش عايزني ولا عمره فكر يسأل عليا فإزاي شخص غريب بيحبني زي بنته وفضل جوايا الشعور بالضعف وأنه واحد غريب بيصرف عليا لدرجة إن ده خلاني نفسي أمشي من البيت بأي شكل وفي آخر تالتة إعدادي سمعت عن مدرسة داخلية بتاخد الطلاب المتفوقين وفعلا قدمت عليها وعديت امتحاناتها وكنت كمان من أول 100 على مستوى الجمهورية بس مشكلتها إنه لازم أبات في المدرسة في حتة زي السكن الجامعي وبالرغم من أني عارفة إنه شخصيتي منغلقة لحد كبير وبفضل الخصوصية وكمان أنا كنت بخاف من الناس جدا من وأنا صغيرة (وبكره الموضوع ده في نفسي أوي) بس قولت هكمل في المدرسة عشان تبقى بداية أني أعتمد على نفسي وفعلا رحت بس بعد شهر واحد مقدرتش أكمل فيها لأني حسيت فجأة أني لوحدي مع أنه اتعرفت على ناس كتير جدا هناك في وقت قصير وكانوا دايما جمبي بس مقدرتش أني أفضل بعيد عن البيت مع أنه هو نفس البيت اللي طول عمري كنت بتمنى أني أسيبه عشان طول ما أنا فيه بحس بالضعف أنه حد مش من أهلي بيصرف عليا.
ومن أول ما رجعت من المدرسة دي وأنا كل حاجة اتغيرت معايا شعوري بالضعف اللي بكرهه جدا زاد أكتر لأني مقدرتش أكمل واعتمد على نفسي وبعد ما كنت بدأت أكون علاقات اجتماعية بقيت بتجنب الناس تماما وانعزلت على نفسي أكتر ودراستي اللي مش بقيت بفتح الكتاب غير ليلة الامتحان غير أني كنت برسم وبحب الأفلام بعدها كرهت الرسم والأفلام وعلاقتي بربنا ونظرتي للدين اللي اتحولت 180 درجة وأنا في إعدادي كنت بصلي الفجر في وقته حتى لو في الشتاء دلوقتي أنا اصلا مش بصلي وبعمل أي حاجة عكس الدين وخلاص زي أني بقيت بشوف أفلام إباحية من وقت للتاني أو بقعد أسمع موسيقى مع كرهي ليها في الأساس بس عشان حرام وخلاص فبسمعها
الكلام ده كله كان من سنة وشهرين وبعد ما سبت المدرسة دي والحالة الغريبة اللي بقيت فيها غير إن نومي وصل ل 12 ساعة ووزني قل لقيت من النت إن دي علامات اكتئاب المهم أني فضلت كده حوالي شهرين أو تلاتة لدرجة إنه كنت ممكن أقعد أيام بفكر أني أنتحر لحد ما مرة قعدت على سور شباك الأوضة بس خفت على آخر لحظة وبعدها بفترة ابتدت أجازة آخر السنة وقولت أنا لازم أطلع من الحالة وأعمل أي حاجة وفعلا بدأت أحسن الانجليزي بتاعي وشاركت في مسابقة عالمية والغريب أني اتأهلت لحد آخر مرحلة وكنت من 500 على مستوي العالم من ضمن آلاف قدموا ونزلت كمان اتطوعت في جمعية خيرية عشان أتعامل مع الناس بس هو شهر واحد بس ورجعت لحالة الاكتئاب تاني لما شوفت ولد كان معايا في إعدادي وعرفت أنه دخل نفس المدرسة الداخلي ومبسوط فيها ساعتها سبت المكان اللي كنت فيه وطلعت أمشي في الشارع لوحدي وأنا بفكر أرمي نفسي قدام أي عربية ولا لأ
ورجعت تاني لفكرة الانتحار ومن بعدها ووقفت كل حاجة كنت عملتها وكان عندي فكرة مشروع بسيطة على النت بس مكملتهاش وانعزلت على نفسي أكتر من المرة الأولي لمدة شهرين لغاية ما أمي بقت بتتخانق معايا على اللي أنا فيه وساعتها زوج أمي زعق ليا أنا كمان واتخانق معايا جامد كان أول مرة يعلي صوته عليا ساعتها حسيت بالضعف أكتر من الأول مع أنه قعد يكلمني بهدوء بعدها وقعد يقنعني إني لازم أطلع من اللي أنا فيه وبعدها حسيت أني لو فضلت كده أمي هتتعب مني جامد فقررت بين نفسي أنه هعمل اللي هما عايزينه وأنزل المدرسة لأني مكنتش بروح بعد أما سبت المدرسة الداخلية وأذاكر قدامهم وخلاص وعدى على الكلام ده حوالي خمس شهور بس أنا ماتحسنتش أنا بس مش بقيت بفكر في أي حاجة عشان مش يحصلي كده تاني ويكبروا الموضوع ونعيد كل ده ومبقتش عايزة أذاكر أساسا وحتى أنا دلوقتي مش عارفة أنا هدخل كلية إيه أو إيه أحلامي أنا المفروض السنة الجاية أختار إذا كنت هبقى علمي رياضة ولا علوم بس أنا حتى مش بقى فارق معايا كل حاجة زي بعضها
حتى بقيت بشوف اللي أقل مني في كل حاجة في مستوى اجتماعي واقتصادي وحتى فكريا بقوا أحسن مني في دراستهم وحياتهم دلوقتي وأنا في حالتي دي مش قادرة أقوم أذاكر حتى أنا بعت لكم عشان مش بقيت عارفة أعمل إيه بقيت عايشة اليوم من غير أي هدف فيه بستناه يخلص عشان أنام وأصحى أعيد اليوم تاني... أنا مش عايزة أنتحر عشان هتعذب في الآخرة ولا عايزة ألتزم بديني لأنه في حاجة بتمنعني من كده مش عارفة إيه ولا عايزة أفكر حتى في مستقبلي لأنه مش بقى عندي أي حلم عايزه أوصله ومش هعرف أروح لأمي أقولها بنتك عايزة تتكلم مع دكتور نفساني لأني مش هستحمل أشوف نظرتها ليا بعد كده
غير أني مش عايزة أخلي على جوز أمي مصاريف زيادة من ناحيتي حتى مع حالته المادية الكويسة جدا أنا بس عايزة منكم خطوات محددة أعملها عشان مش أدخل في حالة اكتئاب تاني الله أعلم هخرج منها عايشة ولا لأ ... وشكرا لو حد قرأ الرسالة.
22/2/2023
رد المستشار
أهلا بكم "نور"، تأملت كلاماتكم كثيرا وكيف تعبرين عن معاني عميقة وأحداث فيها صراعات كبيرة رغم صغر سنك، وأنت في مقتبل العمر تعايشين أزمة فكرية ذات صلة بالدين، وصراع بين الحاضر والمستقبل الغامض، رغبتك في الاستقلال وبين إحساسك بالضعف كإنسانة ولديها حاجة طبيعية للدعم والمساندة، وصراع بين أب بيولوجي غير موجود ولا نعلم ما يمنعه وبين زوج الأم الذي هو أب مربي وداعم ومساند لك، وبين قدرتك على التفوق والنجاح في بعض الأمور (تعلم اللغة) وبين شعورك بالإخفاق في بعض الأمور، وبين طموحك وأحلامك وبين عدم تحقيقها وأنت في دراسة الثانوية، وبين أملك في العيش سعيدة وبين أعراض الاكتئاب التي تنتابك، ورغبتك في الشعور بالقوة وإحساسك بالضعف، ولا ندري هل هناك صراعات أخرى داخلك تشعرين أنها متناقضة داخلك أم لا؟ حتى حيرتك بين طلب المساعدة النفسية وقلقك من إرهاق أمك وزوج أمك الكريم.
ربما تشعرين بالإحباط والغموض حول سؤال أين أبي؟ هل أبي البيولوجي أولى بي من زوج أمي (أبي المربي)؟ هل أنا لا أمثل شيئا لأبي الذي أحمل اسمه كي أراه أو أعرف عنه؟ هذه المشكلة لا أدرى معلوماتك عنها لأنها تمثل جوهر المشكلة، وكيف تجيبك والدتك عن هذه الأسئلة؟ وإذا تحدث أقرانك عن أبيهم فكيف تشعرين واسمك على اسم غير من يربيك؟ تلك أزمة حقيقية مررت بها ورغم ذلك فلديك عوامل حماية رائعة توفرت لديك في أمك وزوج أمك وتعليمك وتربيتك على قيم وحبك للتفوق ونجاحك في التنافسات التي تشاركين فيه، فعلمك بحرمة (تحريم) الانتحار يحميك من الوقوع فيه، كذلك ما توفر حولك من حياة أسرية يحميك من تلك الأزمة التي تمرين بها قريبا.
أحببت أن ألخص تلك الصراعات لأن جزء منها طبيعي أن يحدث وجزء آخر مقبول في مرحلة المراهقة التي تتميز بطموحات كثيرة وقدرات محدودة، لكن بعض تلك الصراعات يمكن تفهمها وحلها برؤيتها معا دون تناقض:
إنفاق زوج أمي علينا ليس ضعفا ولا هو شخص غريب عليك:
كون أبوك المربي (زوج أمك) ينفق عليك، ويقدم لك الدعم والمساندة، هذا قد حدث وليس لديك اختيار فيه منذ نعومة أظافرك، فهل من هذا مهرب أو إنكار؟ هل هذا يلزمك نحوه بشيء؟ لا شيء سوى الامتنان والتقدير، هل هذا كان فوق طاقته وهو يمن بذلك أو كان مجبرا عليه؟ كيف تنظرين لتلك العلاقة بينك وبينه؟ إنها علاقة إنسانية بامتياز، هل لديك عاطفة نحو الآخرين؟ هل لو كنت مكانه ستفعلين شيئا مما فعل؟ هل هذا دليل على ضعفك؟ كلنا ضعفاء وفي حاجة لبعضنا، ربما لمسة حانية منك عندما يكبر ويتقدم هو في العمر تكون أعظم عنده من كل ما أنفقه؟ افتراضك أن تحمله جانب من مسئوليتك يعني عبء عليه وضعف وعجز منك يحتاج هذا الافتراض إلى مراجعة، فربما هذا رزقك في الدنيا أن يكون لك أب مرب وداعم لك في الحياة. ذكرت "بحس بالضعف انه حد مش من اهلي بيصرف عليا" ربما تأخذين رأي بعض من يعرفونك فيما إذا كان يعد زوج أمك ليس من أهلك ولا عائلتك؟ أم هو من عائلتك؟ مواجهته لك لضرورة القيام بمهامك الدراسية أليس شعورا بالمسئولية نحوك؟ تلبية طلباتك هل كان حبا منه لطفلة وفتاة كابنته أم عبئا عليه؟
الاكتئاب يواجه بالحركة والنشاط رغم عدم الرغبة والشعور بعدم القدرة، فالحركة والمشاركة علاج فعال:
شعورك بأعراض الاكتئاب أمر طبيعي لما مررت به وعلاج ذلك ألا تجلسين كثيرا وحدك ولا تدخلين غرفتك إلا للنوم والاسترخاء في وقت قصير، تقومين بتخصيص وقت للمذاكرة وحتى لو مزاجك ليس جيدا أو سيقلل فهمك للدروس فاجلسي الوقت المناسب بغض النظر عن النتائج، احضري المدرسة والدروس مهما كانت الأعذار، لأن هذا ينشطك ويضعف أعراض الاكتئاب كما يقلل وقت التفكير الاكتئابي غير المفيد.
طلب المساعدة عن اللزوم قوة وليس وصمة:
إذا كنت تعرضت لأي مشكلة صحية في بطنك وذهبت للطبيب لتلقي العلاج فالمشكلة النفسية هي كذلك مشكلة طبيعية لأي إنسان ومؤقتة وطلب المساعدة ليس عيبا ولا عجزا ولا يعني أنك تؤذين أحدا، المهم أن تكوني حريصة على الخروج من هذه الأزمة في التفكير.. ما حدث لك أمر يحدث لكثير كمن الأبناء في الزواج والطلاق لكن ربما لديك وامل حماية وظروف جيدة ستجعلك تتحسنين مع الوقت.
أما حيرتك بين ما عودت عليه من عبادة وتوقفك الآن، فهذا ربما راجع لأنك محبطة ولا تتفهمين بعض الصراعات التي تجتاحك وتشغلك، فهذا الأمر مؤقت ولا داع للشعور بالذنب كثيرا تجاه شعورك بالتقصير فما غرس فيك وأنت طفلة لن ينطفئ وسيظل في روحانياتك، فالإيمان قد يزيد وينقص وقد يتأثر ببعض الضغوط التي يمر بها الإنسان وأنت في حالة انضغاط.
بالتوفيق
ويتبع>>>: المؤثرات وتفسيرها: برمجة العقل، وتشكيل المشاعر م. مستشار7