أخي..
السلام عليكم ورحمة الله، لقد كنت بانتظار فتح صفحة إرسال المشاكل منذ فترة طويلة... أعلم أنني قد أضجرتكم بمشاكلي ولكن هذه المرة ليست مشكلتي.... إنه أخي... لا أدري ماذا أقول عنه لأصفه أو أصف حالته لأنني لا أعرف ما بداخله وهو لا يتكلم كثيرا...ولكنه لديه مشكلة... سأتكلم عنه هو أولا...
هو الولد الأصغر لأبي وأمي... وهو الفتى الوحيد أيضا.... كان متفوقا دراسيا عندما كنا في البلد العربي الذي كنا نعيش به منذ 5 سنوات تقريبا حيث أنه حاز على جوائز ومراكز على مستوى تلك البلد.... وعندما عدنا كان عمره 10 أو 11 سنة تقريبا, درس المرحلة الإعدادية هنا.... ومستواه الدراسي قل كثيرا حتى أصبح لا يذاكر إلا بصعوبة شديدة وضغط كبير منا عليه... وحين دخل المرحلة الأخيرة من الإعدادية.... احتاج مجهود كبير جدا من العائلة جميعها لإقناعه بضرورة مذاكرته حتى يستطيع الالتحاق بالثانوية العامة ولا شيء أقل منها... وبعد جهد شديد بدأ المذاكرة في التيرم الثاني وحصل على مجموع عالي جدا بالمقارنة بالتيرم الأول...والتحق بالثانوية العامة... وفي الصف الأول الثانوي لم يذاكر ونجح بصعوبة وأصبح لديه حالة لا مبالاة رهيبة جدا... فهو لا يبالي بأي شيء، وهذا ينعكس على أسلوبه في التعامل معنا أيضا فهو كثيرا ما يغضب أبي وأمي وينرفزهم جامد جدا... ولا يعتذر ولا يبالي أن كانوا غاضبين أم لا... وفي أحيان كثيرة يصرخ بهم بصوت عال..
في بعض الأحيان تجرحه بعض الكلمات إذا نهره أحد... لا أدري ولكنها في بعض الأحيان تكون كلمات بسيطة جدا ومع هذا تجرحه بالمقارنة بكلماتنا القوية التي عادة ما تؤثر في أي شخص.. أعتقد أن هذا بسبب خوفهم ودلعهم له... ولا مبالاته نتيجة لهذا أيضا...فكثيرا ما حدثت أمي أنها يجب أن تعامله بشدة أكثر وتوقفه عند حده إذا تطاول عليهم بالكلام وإنها سوف تذوق الأمرين حينما يكبرون يصبحون في أمس الحاجة له ويقوم بإهمالهم ومعاملتهم معاملة سيئة.... حدثتها كثيرا جدا جدا... وفي كل مرة لا أجد منها إلا الصمت والحزن.... وأبي رجل مريض يعاني من الفشل الكلوي.... وقد تمكن منه المرض بصورة كبيرة حتى أنه أصابه ضمور في العضلات بسبب الغسيل الكلوي... ومع هذا كله عندما يستفزه أخي بالمزاح الثقيل وأبي يصرخ في وجهه لا يأبه أخي وكأن لا يوجد شيء يحدث... رغم تألم أبي الشديد... مما صار عليه ولده...
حاولت التحدث مع أخي بلطف ومازلت...أحاول جعله يشعر أن هناك من يحبه وأن هناك من يريد مصلحته...يصله فعلا هذا الشعور ولكن لا يؤثر به.... فهو قليل الكلام وعندما أتحدث معه عن نفسه فكأنني أسحب الكلام سحب...
أما ما أريد التحدث عنه هو أن أخي الآن في الصف الثالث...من الثانوية العامة ولا يذاكر إلا إذا كان هناك امتحان أو واجب في الدرس... إن عقله ممتاز ويأتي بدرجات عالية إذا ذاكر ولكنه لا يأبه ومنذ سنة ونصف تقريبا...أصابه خلل وسرعة كبيرة في ضربات القلب... وهذا شيء عادي لأن أبي وأنا وأختي نعاني منه... ولكن أخي حالته كانت شديدة حيث أن لو أحدا وضع يده على صدره يشعر كأن ضربات قلبه تدفع -اليد الموضوعة- بقوة وسرعة كبيرة وقد عرضناه على أطباء متخصصين وجميعهم قالوا أنه يعاني من قلق بسبب الدراسة وهذا نتج عنه ارتفاع في ضغط الدم مع العلم أن أخي حينها لم يتعدى 15عاما بعد.
وفي نفس الوقت وجدنا أنه بدأ عادة غريبة جدا وهو أنه يقوم بخدش أي حبة -ولو كانت صغيرة جدا- موجودة في ذراعه تحت الكتف بقليل.... ونهرناه كثيرا ولكنه لا يكف... وما هي إلا أشهر قليلة... ربما شهران أو ثلاث حتى كبرت تلك الحبوب وأصبحت لونها داكن وانتشرت في جميع ذراعه في المسافة مابين الكتف والكوع...
وأصبح مدمنا لتلك العادة لا يستطيع الجلوس أكثر من دقائق معدودة دون القيام بفقع تلك الحبوب... وقد تقيحت بمنظر مقزز جدا.... وأصبح منظره لا يطاق حتى لو أنه إذا نظر إليه أحدا حسب لديه مرضا جلديا معدي.. وقد لجأنا لطرق عديدة لمنعه أولها الإقناع والترهيب ونعلمه أنه بذلك سيصبح منظره شديد البشاعة...ولا يبالي أو يقتنع...حتى وصلنا إلى الضرب... ولكن لا يهمه أيضا.. ونظرا لأنه ضخم نوعا ما فهو أطول منا جميعا بكثير وبدين إلى حد ما... فلا أستطيع أنا مثلا ضربه لأنني إذا فعلت لن يصمت... ويستطيع أن يضربني... لأنه كما قلت لا يحترم أحدا منا ولا يهتم لأحد.... والوحيدة التي يحترمها جدا لأنها تستطيع إحراجه بقوة كلامها هي عمتي... ولكن نظرا لأنها تقطن في محافظة أخرى فهي لا تستطيع متابعته... وإذا نهرته عن فعل ذلك يمتنع في وجودها فقط وعند غيابها لا يسمع لأحد كلمة....
وقد انتقل الآن إلى وجهه ورجليه ولا يتركهما دون فعل تلك العادة أبدا.....لا يترك أي حبوب أو دمامل صغيرة إلا وفتحها وأخرج ما بها بطريقة مقرفة، وعند جفافها يقوم بتقشيرها... مرارا ومرارا ولا يمل أبدا ولا يقرف...حتى أنني أظن أن تحت جلده قد أصبح هناك سائل أصفر لا دماء.... حيث أنه إذا خدش جلد زراعه بأظافره-حتى وإن لم تكن هناك أي حبوب- خرجت مادة بيضاء أو سائل يشبه الماء.... وقد قمنا بعرضه على طبيب مختص ولم يعرف تشخيص تلك الحبوب وأرجعها إلى أنها حب شباب....وأعطاه كريمات وأدوية لإيقاف ظهورها ومنعه من أن يعبث بها ولكن دون جدوى ما الحل؟؟؟....
أرشدوني حيث أنني قررت عدم تركه يفعل ما يفعله بنفسه لأنه أصبح ذا مظهر مقزز فعلا.... وإن تطلب الأمر لعرضه على طبيب نفسي... سأقوم بإقناع أمي.... ولكن أرشدونا ماذا به؟؟؟وما الحل؟؟؟ ربما قد نسيت بعض التفاصيل ولكن هذا ما هو حاضر في ذهني حاليا
وأشكر لكم مجهودكم الرائع وجزاكم الله خير الجزاء والثواب وأأسف على الإطالة والإزعاج
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
25/03/2005
رد المستشار
الأخت الفاضلة..... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخوك هو الولد الوحيد في الأسرة وهو الأصغر في الترتيب، وهذه هي بداية المشكلة حيث جعله جنسه (الذكوري) وترتيبه (الأخير) موضع اهتمام وتدليل زائدين من المحيطين به وخاصة الوالدين، وقد جعله هذا يريد اهتمام الجميع به، ويريد أن يأخذ دائما دون أن يعطي شيئا أو يبذل جهده، فظروف نشأته تؤهله لأن يشعر بأنه مركز الكون وأن الناس جميعا قد خلقوا لخدمته وإسعاده، وهذه المشكلات دائما تظهر مع بدايات سن المراهقة، حيث يفشل المراهق في إدارة ذاته وإدارة حياته (على الرغم من نجاحه الدراسي في مرحلة الطفولة) ويكون نضجه العاطفي ضعيفا ومتأخرا، وجهازه النفسي غير متوازن.
وبما أنه تعود أن يأخذ كل شيء بسهولة، فإنه حين يكبر ويصطدم بواقع الحياة يشعر بالاضطراب والقلق، وهذا ما حدث وكانت مظاهره سرعة ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم، وتدهوره الدراسي، وأخيرا عملية خدش الحبوب في جسده، وتلك الأخيرة تعتبر من ناحية تعبيرا عن قلقه الداخلي ومن ناحية أخرى رغبة في إيذاء الذات تخفيفا لإحساسه بالذنب أو جذبا لاهتمام الآخرين من خلال وجود تقرحات في جسمه، وهذا النوع من الشخصيات لا يشبع أبدا من الاهتمام، ويسعى إليه بكل الوسائل حتى لو كان فيها إيذاءا لنفسه.
وأخوك يحتاج لعلاج دوائي ونفسي تحت إشراف طبيب نفسي ليساعده على التغلب على أعراض القلق وإيذاء الذات ويساعده أيضا على النضج وتحمل المسؤولية تجاه مستقبله أما على المستوى الأسري فيجب عدم إعطاء انتباه لإيذائه لنفسه، ويجب أيضا التعامل معه بحزم مرن دون قسوة، ومعاملته طبقا لقانون الثواب والعقاب بشكل منتظم وفعال لكي يتغير سلوكه مع الوقت
ويضيف الدكتور وائل أبو هندي الابنة العزيزة أهلا وسهلا بك على مجانين ونشكرك على ثقتك، ليست لدي بعد ما تفضل به مجيبك الدكتور المهدي الذي سهر ليلة أمس حتى الثانية صباحا قاطعا وقت ترويحه عن نفسه ومقتطعا من وقت نومه، ليجيب على متأخرات مجانين لديه بينما هو على ذمة مؤتمرٍ علمي حضرناه سويا، جزاه الله خيرا عنك وعن مجانين، فقط أودُّ الإشارة إلى ما عبرت عنه بقولك (وأصبح مدمنا لتلك العادة لا يستطيع الجلوس أكثر من دقائق معدودة دون القيام بفقع تلك الحبوب)، فهناك بين اضطرابات العادات والنزوات Habit & Impulse Disorders أو اضطرابات التحكم في الاندفاعة Impulse Control Disorders ما نسميه هوس كشط الجلد dermatotillomania أو كشط الجلد العصابي neurotic excoriation أو نقر الجلد القهري أو المرضي pathological or compulsive skin picking أو اضطراب قشط الجلد النفسي Psychogenic excoriation، وكلها أسماء لحالة واحدة تجعلنا نحار على نطاق الوسواس القهري بين طرفي القهرية والاندفاعية مع أخيك وإن كانت حالته غالبا أقرب للاندفاعية (أي للإدمان) منها إلى القهرية الوسواسية، أخوك أدمن سلوك إيذاء نفسه لأنه كما بين لك الدكتور المهدي أدمن اهتمامكم به وإفراطكم في الاهتمام نتيجة لما يفعله بنفسه من أذى، لكن معاناته ليست أقل من معاناة مريض بأي من اضطرابات نطاق الوسواس القهري، وليست الإمراضية النفسية لحالته ببعيدة عن صاحبة مشكلة إيذاء النفس المتكرر: وسواس أم إدمان، فلا تتواني إذن عن طلب اللجوء بأخيك بعد الله إلى العلاج النفسي.
ويتبع>>>>>>: أخي ....... الطفل المدلل القلق م