رغبة جنسية جامحة..!؟
أنا شاب في السادسة والعشرين أشعر دائما برغبة جنسية عارمة جداً..! أمارس العادة السرية يوميا ولا أكتفي من ثلاث ولا أربع مرات يوميا وبشكل متواصل..!
مخططاتي في الحياة دائما يكون سببها الجنس في اختياري للوظيفة أرغب بوجود النساء في الباص لا أصعد إلا في الذي فيه نساء..!؟ في الشارع لا أمشي إلا في الشارع الذي فيه نساء..!
علما أنني لم أمارس الجنس مع إحداهن في حياتي وذلك لأنه أخشى من المجتمع والشرطة فقط..!
وكمان لا أحب أن أمارس مع أي بنت لا على التعيين..!
وأيضا تهمني سمعتي كثيرا..
فكيف أتخلص من هذه المشكلة التي باتت تتحكم في مسيرة حياتي من أبسط ركن فيها إلى أكبر الأمور؟
وشكراً لكم لاستماعكم لمشكلتي ومساعدتي في حلها..
28/3/2005
رد المستشار
سررت كثيراً برؤيتي لاستشارة من شاب يقول عن نفسه أنه "علماني" تأتي إلى هذا الموقع المتخصص في الطب النفسي الإسلامي, لأن هذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على أنه: لا غنى لنا جميعا عن اللجوء إلى ربنا مهما تعددت الأيديولوجيات والمذاهب الفكرية..
ما تعاني منه يا أخ معن من إدمان للتفكير في الجنس ليلا ونهارا ومن ممارسة غير منضبطة للعادة السرية, كل هذا ليس هو لب مشكلتك, بل هو لا يعدو أن يكون عرضا ومظهرا من مظاهرها, ولو عالجناه وتخلصت منه لوجدت المشكلة مظهرا آخر وثوبا آخر ترتديه لتطل برأسها من جديد..المشكلة -كما أراها- هي:"خربطة" الأولويات, وغياب الهدف والرؤية الواضحة في الحياة.. وهذا ما نستطيع أن نسميه: الضياع.
قد تكون رسمت لنفسك هدفا في الحياة, أي أن هذه الفكرة بحد ذاتها قد لا تكون جديدة كليا عليك, ولكن من المؤكد أنه هناك الكثير والكثير الذي ينقصها: كالتخطيط لتنفيذها, والالتزام بهذه الخطة, والمثابرة على أدائها, أي الخطوات الفعلية الجادة في طريق تحقيقها, لأنك حين تكون مشغولا بتحقيق هدفك في الحياة لن تجد كل هذه السعة من الوقت ولا من التفكير لتصرفهما في "الجنس"
وكما قلت لك, مشكلتك بحد ذاتها ليست هي المشكلة, بل ما يكمن وراءها, فهناك آخرون عانوا من نفس مشكلتك ولكنها لم تظهر بنفس الشكل الذي ظهرت فيه لديك, بل ظهرت بأشكال أخرى منها: إدمان الأكل (Food Addiction ), أو إدمان التسوق, أو إدمان المشاكل: افتعالها وتتبعها.. ... الخ، أي أنه: تعددت المظاهر, ولكن السبب واحد: الضياع.
ولهذا فسأجعل صياغتي لحل مشكلتك على محورين:
إضاءات فكرية + خطوات عملية.
الإضاءات الفكرية:
وهدفي من هذه الإضاءات أن أفتح عينيك لترى أمورا ربما لم تخطر يوما ببالك, ولو أنك كنت تعتقد بالله عز وجل وبتأثير صلتك به على مجمل حياتك, لكان الأمر أهون كثيرا عليّ وعليك وأقرب كثيرا للنجاح, ولكن وبما أنك قد وضعت الله سبحانه وتعالى جانبا وقررت أن تستمر في حياتك بدونه, فسأحاول أن أمدك ببعض الأفكار التي تعينك على تخليصك من مشكلتك, والتي أسأل الله أن يجعلها طريقاً لك للهداية إلى الحياة الأكثر سعادة وراحة..
واضح تماما في رسالتك أن "الجنس" هو محور حياتك الآن, وأنا لن أناقشك لأصل بك إلى تأثيم هذه الرغبة التي تحس بها في نفسك, بل في "هل يصلح الجنس أن يكون محور حياتك أم لا يصلح "لأنه في النهاية رغبة من الرغبات الفطرية والطبيعية التي لا نملك لها اجتثاثا .. وبالتالي فمحاربتنا لها هي عبارة عن بذل جهد صحيح ولكن للأسف: في اتجاه خاطئ, فالأهم من أن تفعل الشيء بشكل صحيح, هو أن تفعل الشيء الصحيح..
ليس المطلوب هو أن نحارب الغريزة, بل المطلوب هو أن نوجهها ونسيرها في اتجاهها الصحيح, فالإنسان القوي هو القوي في قدرته على ضبط انفعالاته وغرائزه وعواطفه, فيتحكم هو بها ولا يسمح لها أن تتحكم فيه, ويسوقها في الطريق الصحيح لا أن يسمح لها أن تسوقه وراءها, هذا لا يعني أنك ستنجو من ضغوط الغرائز بين الحين والآخر, بل هذا يعني أنك ستصبح أكثر قدرة على التحكم بها .
هذا ما يقرره علماء النفس البشرية مهما تنوعت مساربهم: أطباء نفسيين ومعالجين وحتى هؤلاء الذين يتحدثون بمنطق البرمجة اللغوية العصبية NLP ولو أنك كنت تقرّ بأثر علاقتك بالله تعالى على حياتك لقلت لك: وهذا أيضا ما قرره الدين حين قال رسول الله صلوات الله وسلامه عليه:"ليس الشديد بالصرعة, إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"..
أنت تهمك سمعتك أمام الناس, وهذه نقطة إيجابية ستعيننا كثيراً إذا عرفنا كيف نستغلها, لماذا؟ لأن هذا هو الحياء.. فالحياء هو الخلق الذي يدفعك لفعل الأمور الحسنة التي تجلب لك المديح والثناء, وترك الأمور السيئة التي تؤدي إلى إيقاعك في دائرة الذم...
الحياء من أروع الأخلاق في شخصية الإنسان, لأنه سيستطيع بمعونته أن يضبط الكثير الكثير من تصرفاته, ولكنني أرى أن هناك ثغرة في نوعية الحياء التي لديك, وهي: أنك نسيت أن تدخل في دائرة الناس الذين تخاف على سمعتك أمامهم, نسيت أن تدخل فيهم أهم شخص وهو: أنت. الانضباط في التصرفات بسبب الخوف من المجتمع والشرطة لا يخلقان لدى الإنسان الشعور باحترامه لذاته, لأن المحترم لذاته يأبى أن يوردها تلك المواطن التي "لا تليق" بمكانتها وكرامتها سواء كان ذلك أمام الناس وعرفوا به, أو كان وحده..ولم يعرف به أحد.
ولو أنك كنت تعترف بأثر الله عز وجل على حياتك لقلت لك أن تدخل الله عز وجل أيضاً في دائرة الذين تستحي منهم, لأنه لا يفارقنا جميعا ولا للحظة واحدة, فكيف ستكون صورتنا لديه حين يرانا نفعل ما لا يليق بنا كبشر مكرّمين؟؟ بل كيف سنستطيع أن نفعل ما نفعل وهو يرانا نفعل ما نفعل!!
ولكن وبما أنك قد أبعدته عن حياتك فلا أجد إلا هذا الباب فقط, وهو: أنت, أدخل نفسك أنت ضمن الناس الذين تخاف على سمعتك أمامهم, ولتكن نظرتك أنت لنفسك, وتقديرك أنت لذاتك, وقيمتك أنت عند نفسك مبعثاً لك على الابتعاد عن فعل ما يعاب وما يمكن أن يجعلك تنظر إلى نفسك نظرة دونية حين تفعل ما لا يليق بكرامتك كإنسان..وبالمناسبة: الحياء هو من صفات النفس المؤمنة, فالحياء "شعبة من الإيمان" أي جزء من أجزاء الإيمان بالله سبحانه وتعالى.. ولا أدري كيف ستتقبل فكرة أنك مؤمن "جزئياً"!
تقول بأنك "لم تمارس الجنس في حياتك, ولا تحب أن تمارسه مع أي بنت لا على التعيين", أي أنك حين ستقدم على ممارسة الجنس فلا بد أن يكون مع فتاة معينة تربطك بها روابط متينة, وليست من اللواتي اتخذن أجساهن سلعة يبعنها لمن يدفع أكثر.. وهذا يدل على تأصّل الفطرة السليمة في نفسك, الفطرة التي تأبى فعل المنكر والشاذ والغريب, وبما أن نداء الفطرة لا يزال قوياً في نفسك – وأسأل الله أن يبقى كذلك – فهذه أيضاً نقطة قوة تستطيع الارتكاز عليها لتتخلص من معاناتك, ولتحمي نفسك من الانزلاق إلى ما لا ترضاه لنفسك.. ما رأيك إذاً بفكرة:"الخطبة" و"الزواج"؟ أليست فكرة جديرة بالمناقشة والأخذ بعين الاعتبار؟ ما دامت نفسك تطلب الجنس, ولكنها تأباه بالطريق غير المشروع, إذاً لم يبق أمامنا إلا الطريق المشروع..
لست أدري شيئا عن أوضاعك وظروفك المادية, ولكنني على ثقة بأنك إن بحثت جيداً عن الفتاة الجادّة فستجدها, ولن تكلفك الكثير, وإذا أردت نموذجاً واقعياً لمثل هذه الفتاة فاقرأ هذه القصة: عرس"مجنون" جداً !!، ولو أنك كنت تعتقد بأثر الله على حياتك لقلت لك بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بلغنا بأن الله عز وجل قد تعهّد بإعانة "الناكح الذي يريد العفاف"..
الخطوات العملية:
بعد كل هذه المقدمة, سأعطيك خطوات محددة
طبعاً ليس سهلا أن تملك نفسك وتتحكم بها عند ثورة الانفعالات والغرائز كالغضب والحزن والفرح والكره والحب, وما نحن بصدده الآن: الجنس, ولكن مع التدريب والاستمرار ستنجح وتصل إلى ما تريده من التخلص من محورة تفكيرك حول فكرة الجنس, ولا تنس أن الإصرار والمثابرة على ما تريد هو من مفاتيح النجاح..
أما كيف تتخلص من هذه المشكلة التي أصبحت تعرقل حياتك, فالأمر سيكون يسيرا إن شاء الله إذا اتبعت الخطوات التي نتبعها جميعا حين نريد أن نكتسب عادة ما حسنة أو أن نتخلى عن عادة ما سيئة ..
وأستطيع أن أوجزها لك في نقاط:
1- اشغل نفسك بالنافع المفيد من الأنشطة اليومية, لا تترك لنفسك ولا لحظة واحدة فارغة وبدون تخطيط مسبق لما ستفعله فيها, فالفراغ هو العدو الأول, وهو البيئة المثلى لترتع فيها كل جراثيم الانحرافات على اختلاف أنواعها..
ولو أنك كنت تقرّ بأثر الله عز وجل على حياتك لأخبرتك بأنك حين تقف للحساب يوم القيامة أمام الله عز وجل فإنه سيسألك عن وقتك الثمين لذي أعطاك إيه في الدنيا, وسيسألك عنه مرتين: الأولى سؤالاً إجمالياً أي عن عمرك كله, والثانية سؤالاً تفصيلياً, عن مرحلة الشباب تحديدا.. هذه المرحلة التي أنت فيها الآن.. وهذا طبقاً لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يُسأل عن أربع: عن عُمره فيمَ أفناه, وعن شبابه فيمَ أبلاه, وعن ماله من أين اكتسبه وفيمَ أنفقه, وماذا عمل فيمَ علم".. (أخرجه الترمذي)
2- داوم على القراءة في المجالات التي تعينك على ضبط أفكارك, وتنمية نفسك, وتوسيع آفاقك ومداركك, فالحياة أوسع بكثير وأرحب بكثير من تلك الدائرة الضيقة التي تحبس نفسك فيها, ولا تقل: لا أستطيع قبل أن تجرب ما أقترحه عليك, فلا تزال لديك قدرات كامنة ومخبوءة, أعطها الفرصة لتنطلق وتبرهن لك عن وجودها.. وأنا واثقة بأنك تستطيع, فالكثيرين قد سبقوك في طريق التغيير ونجحوا, وأنت بشر تملك ما يملكون من قدرات, ولهذا ستنجح كما نجحوا, ولكن شريطة أن تسلك طريق النجاح, وعندها فقط:ستنجح.
3- أنت تعمل في المحاماة, وهذا مجال جميل جدا, ويحتاج إلى المتابعة الدائمة في القراءة في القانون وفهم القضايا ووو, وهذا يعني انك تملك المجال الخصب لتنمية نفسك في مهنتك..
ولو أنك كنت تعترف بأثر الله تعالى على حياتك, لأخبرتك بأنك حين تضع لعملك هدفاً أعلى وهو إرضاء الله عز وجل, فإن كل ثانية تصرفها في العمل أو حتى في تطوير نفسك في مهنتك فإنه سيكون لك فيها أجر المجاهد في سبيل الله.. لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها.... والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها" (أخرجه البخاري)
4- الإصرار والمثابرة على ما تريد تحقيقه هو من أهم عوامل النجاح, أقول لك هذا الكلام لأنني أعلم أنك لن تنجح فيما تريده من أول محاولة, ومن منا ينجح من أول محاولة؟؟ بل ربما ستصل محاولاتك إلى أرقام كبيرة, المهم: لا تيأس وحاول من جديد, وعندها فقط ستنجح..
طيب:ما العمل حين تجد في نفسك رغبة قوية في العودة إلى ممارساتك السابقة؟
خذ من نفسك موقفا حازما وانهها عما تريده, ما رأيك بهذا التمرين: قف أمام المرآة وخاطب نفسك بأن تنظر في عينيك نظرة مليئة بالحزم والقوة, وتقول لها بصوت ثابت عال: لا,لن أفعل ذلك مجددا.. وسأكون قويا, ولن أضعف أمامك أيتها النفس مرة أخرى.. وسترين...
تستطيع أن تتبع طريقة أخرى أيضا وهي أن تربط هذه الأفكار بالألم وكلما خطرت لك آلم نفسك بطريقة أو بأخرى وهذا سيجعلك تكرهها وتتركها لأنها ارتبطت بما تنفر منه وهو:الألم.
ثم أعنها بأن تنخرط وفورا في نشاط بدني: جري, سباحة.. الخ.. أي شيء, المهم أن لا تستسلم للفراغ والوحدة في هذه الحالة, فهذا سيعينك كثيرا على النجاح في ما تريد النجاح فيه.
ولو كنت تعترف بأثر الله على حياتك لقلت لك:استمد القوة منه جلّ وعلا بأن تدعوه أن يعينك على التخلص مما أنت فيه وعلى الثبات, وأن يرزقك العزيمة القوية التي تستطيع أن تجتث بها أكثر العادات رسوخاً في النفس.. وأن تلجأ إليه كلما دهمتك هذه الأفكار وهذه الشهوات بصلاة أو دعاء أو تلاوة قرآن, فإن لهذه العبادات الأثر الكبير في جلاء الكدر عن القلب, وتقوية الروح المعنوية والعزيمة وإرادة الثبات.
5- "احم منافذك".. غض بصرك وسمعك عن كل ما لا يعنيك, في الشارع وأمام الدش وأمام شاشة الكمبيوتر وفي كل مكان, خذها قاعدة تسير عليها في حياتك: إذا لم يوجد شيء يفيدني أن أنظر إليه فليكن بصري موجهاً إلى الأرض. ولو أنك كنت تعترف بتأثير الله عز وجل على حياتك لأخبرتك بالحديث القدسي "النظرة سهم مسموم من سهام إبليس من تركها مخافتي أبدلته إيمانا يجد حلاوته في قلبه".. أو كما قال..
أرجو أن أكون قد وُفقت في إيصال الفكرة لك, وأرجو أن يلقى كلامي لديك القبول ويكون نقطة تحوّل مهمة تحدث تغييرا حقيقيا في حياتك,
واقرأ من على استشارات مجانين :
العادة السرية... طريقي إلى الجنون: أريد حلا
الجنس والعولمة: الحلال والحل
ولم يبق لدي إلا كلمة أخيرة أقولها لك: أنت الوحيد من بين مليارات الأرض من البشر الذي تملك تغيير حياتك للأحسن, ولكن بشرط:
أن تفعل ذلك بشكل صحيح, وقبل ذلك أن تختار طريق التغيير الصحيح..
ولا أملك لك بعد ما حاولت أن أساعدك به إلا أن أقول: وفقك الله في مساعيك, وأنار بصرك وبصيرتك.. آمين..