اللعنة المشتهاة
ردا على مشكلتي
الصديق والأخ الأكبر, الدكتور أحمد عبد الله:
بداية, أعرب لكَ عن خجلي الشديد لما ستقرأه من لهجة غاضبة مني على إحدى الأخوات, وعلى خجلي الأشد لبعدي عن متعة حوارك واستشارتك المباشرة.
ثق يا سيدي, أنا أعتبرك صديقا مهما للغاية, من بين خمسة أفراد لا غير بحياتي, وثلاثة منهم من أرتفع لمرتبة "صديق درجة أولى", وأنت أحدهم ولي الفخر بهذا. ورغم قراري بأن لا أكتب أكثر, أجد أنني بحاجة لأن أوصل الصورة بتمامها لحضرتك. لكم أحترم كلامك سيدي, ولكم تبدو دقيقا بتحديد المشكلة التي كان عُنوانها "اللعنة المشتهاة: المحب أعمى، ولو كان فيلسوفا".
ولقد استخلصت حضرتكَ بأن الفتاة (العُصفورة) ليست قوية كفاية لأن تكون شريكة لحياة إنسان يعيش ظروف خاصة, مليئة بالضغوطات و الضرورة المتركزة للتصرف بسرعة. ما هو جديرٌ بالذكر حقا, أنها لم تُكن التجربة الأولى لي, فقد ساقني سوء حظي- بالسادسة عشرة من عمري- لأن أقع فريسة لإعجاب جارة لنا بالثامنة عشرة من عمرها, وانتهت قصة الحب الهزلّية على نحو سريع, دون أن تترك في نفسي أدنى أثر. وهي كذلك, كانت قد أعجبت بأحدهم ذات زمن ولكنها شاجرته ونسيته تماما, بعد أن تعرّفت عليّ. ما أريد قوله, أننا لم نكن نعيش تجربة أولى, و قد صارحنا بعضنا و تفهم كلا منا الآخر, ورغم أنها تغير لدرجة الحقد حينما أذكر شيئا عن امرأة أخرى (بكتاباتي البسيطة) لكنها تثق بأنها أصدق شيء أحمله بهذا الوجود.
عليّ أن أعلمك سيدي, أن بضع أحداثٍ قد جرَيت بعد تاريخ إبراق استشارتي الأولى, أولها أنني أعدتُ الاتصال بالأم, لرغبتي بإرجاع مال ابنتها, وهذا عصي على التنفيذ ما لم أحصل على رقم حسابها وعنوان المصرف الذي تتعامل معه, وهذه معلومات ليست بحوزتي. وكالمعتاد, صرخت الأم واختتمت ثورتها بمحصلة, مفادها أنني عراقي "نصّاب" وأن عليّ أن أعيد المال. هذا كلّ ما تفوهت به, بتلك اللهجة التي تذكرني بلهجة شيوخ التكفير, و أغلقت الهاتف. وعجبا كيف أعيد المال وأنا لا أمتلك الوسيلة؟ كيف يفكر هؤلاء البشر؟...... ومن حُسن الحظ, أنني استطعت الاتصال بوالدها, وهو رجل ذو منصب علمي وفكري رفيع بالعالم العربي, وله ميول فلسفية وكتابات, رغم أنه طليق من الأم وحياتها.
الحقيقة أنه رجل رائع بكلّ المعايير, وله حس رائع بالتعامل وكياسة تناسب الجو الذي أعيشه بأروقة الجامعة, حيث السير بهدوء داخل البناء المصمم على الطريقة الإغريقية: إلقاء تحية خفيفة من الرأس على بروفيسور بعيد, أو مصافحة حارة مع أحد الأساتذة المحبوبين وربما ممازحة مهذبة حتى! باختصار, كان جزءً من عالمي الخاص الذي يروقني, لكنه كان رجلا صارما أيضا, ولم يعقب بكلمة على اعترافات حبي الخطيرة لابنته. كان يصمت عندما يتعلق الأمر بها, ولا يجيب إلا بعد فترة قد تطول. بيوم غير محدد من أيام كانون الثاني الجليديّة, كتبتُ له رسالة تقدير لأفكاره ودعوة لأن نكون أصدقاء, وكعادته فقد تأخر الرد أياما طوالا, لكنه أجاب بالإنعام شريطة أن ننسى أي شيء آخر، عندها, أحسست بأن مخرزا دقيقا يخترق أضلاعي, يفتّق اللحم بعناد مستهتر, ويبقى هُناك. وبصوت الإنسان الذي يحمل مخرزا بين أضلاعه, أجبته بالإنعام ثم أكملت رسالته, واكتشفت أسئلة كثيرة.
ما يثير التساؤل حقا هو أنني ناشدته بأن يجمعني مع ابنته ببريطانيا -بحضوره- لكي نتناقش نحن الثلاثة, ورغم أنه لم يجيب على هذا, إلا أنه طلب مني أن أعرّفه بمن أعتبرهم أصدقاءً لي كي يتسنى له لقائي ببريطانيا بالصيف. عندما أنهيت قراءة رسالته, أغلقت الحاسوب بالمكتبة العامة, سرت كنائم نحو مكتب الاستعلامات, أخذت بطاقتي ولم أنتبه لابتسامة الموظفة الشديدة المجاملة.
كنتُ مشغولا بتحليل جملته بحرفيتها: "وربما سنلتقي ببريطانيا". فأولا, أنا طلبت هذا بحال وجود ابنته معنا وبرسالة سابقة لم يجبني عليها, وثانيا أن هُناك "ربما", فهل يعني أن هذه الـ "ربما" غير قابلة للتحقيق على ضوء اختبارات قادمة؟ والسؤال الأهم يقفز, أن لماذا قال "سنلتقي" بدلا من قوله "سألاقيك"؟ هل يعني أن هُناك شخص آخر بهذا اللقاء؟ لكن, فكرّت, هو كتب العبارة باللغة الإنجليزية, واللغة الإنجليزية تعتبر النفرين جمعا, فهل يمكن أن نفسر كلمته على هذا النحو؟ أحاول أن أطمأن على تحليلي هذا, لكنني أعاود التفكير عن سبب منعه لكتابة "أنت وأنا" باللغة الإنجليزية بدلا من صيغة الجمع؟ هذه الأمور الدقيقة, التافهة لأول وهلة, هي أهم مميزات الجنس البشري كما أعتقد, إذ أنها تفضل أن توزع الحقيقة على أطراف حروف متناثرة وكلمات لا تبدو ذات معنى للوهلة الأولى, وقد تكون عبارات حادة, كلمات مشوشة, صرخات, أو استعمال محدد للقواعد اللغوية. ربما, لهذا, فكرّت بأنه يريد النيل مني باستدراجي لدولة غريبة عليّ, ليقتص مني بعدها على تهمة الحُب.
لكنني محيت هذا الخاطر بحركة من يدي, فالرجل شديد الكياسة ويبدو إنسانا محترما, ومحال أن يقترف بحقي كل هذا الأذى. لا بل توجهت نحوي بالملامة والحقد, على طبيعتي المتوجسة من الناس ومشاعر الخطر التي أفترضها ببعض المواقف. وللآن, لم يجب الرجل على رسالتي التوضيحية, ولا على رسالتي بأن نشترك بكتابة جزء آخر لأحد كتبه المهمة, أو أن يبعث تقييما بما بعثتُ إليه من روايتي. كتبتُ له بأنني سأكون مشغولا بالأيام التالية, فلقد عُينت بسفارة بلدي, وسأستلم العمل بعد أسابيع قريبة, وهذا يعني أنني سأضطر للسفر للعاصمة والبقاء والدراسة هناك, لكن ما هو مشجع حقا هو أنني قد أستطيع أن ألتقيه بظروف رسميّة بحال استلامي لعملي بالسفارة (بالمجال الثقافي) وقد تكون هذه بوادر صداقة أكثر عمقا.
صحيح أنني لم أذكر أي شيء عن أبنته, وفق طلبه, إلا أن هذا لا يعني أنني لا أفكر بها. أنني تحولت لكوكب يعيش فصولا سريعة يوميا, متقوقع مترنحا بمداره النوم أصبح عالما آخر للمعاناة, فمن كوابيس الجراد والكلاب المسعورة, إلى كوابيس أشد هولاً لرجل يلمسها أمام ناظري, يُدعى زوجا. تتأملني هي من بين غلالة الأسى, وتغالب دمعة كريستالية من دموعها -دموعها اللاهبة لكل حُبيبات قلبي- بينما ينهمك ذلك الوحش بافتراسها دون اكتراث لكرهها له. وهُنا يروق لي أن أعترف لك, أن هذه الظاهرة هي إحدى أسباب كرهي للطبيعة البشرية غالبا, لأنها طبيعة أسيرة لقذارات تعرفها تماما, لكنما القذارة الأكبر هي أنها (الطبيعة) تغض الطَرف عنها.
أستفيق مرتاعا, بعيون ناشفة عن ماهيّة الدمع, فلا أعتقد أن الدموع صارت تعرف طريقا لها إثر الآلام المتحجرة في مقلتيّ. أتقلب على الفراش, مرة, مرتين, ثلاثة, حتى أضيق ذرعا بغطائي فأقذفه لأي اتجاه, وأبصق بغضب على أرضيّة الغرفة دونما شعور. بأحيان أخرى, كانت والدتي تطل لتتأكد أنني على ما يرام, لكنها تلفيني بلا قميص ومتكئاً على مخدتي وعيناي تغوصان بكتاب. تتساءل إن كُنت قد نمت؟ لا أستطيع النوم.
أجيبها دون إزاحة عينيّ عن السطور, وهناك كان عقلي الباطن يتابع كوارث الرواية التي بين يدي (واحدة من تلك الروايات العظيمة) ويرصد مرارة الحلم من جهة أخرى, وبوحي لعين يربط أحداث الرواية الكارثية مع كارثتي, فأنقلب سخطا على العالم وعلى نفسي, وأتجه لحاسوبي لأخطّ سطورا من وحشية مفرطة برواية كتبتها لتنفيس غضبي. عن قاتل سريالي يقتل النساء, لكنه يفعل ذلك لأسباب وجيهة للغاية, حتى أخلط عند القارئ ما يجب أن يعتبره صحيحا وخاطئ.
أقصف كل مرتكزاته الفكرية بزخم عاطفي وفلسفي, وعندما أتأكد أنه يقف محتارا بوسط الرواية الكريهة التي وضعته بها, أقوم أنا بتثبيت ما أريد أن يثبت فيه. أعترف لكَ, أنني لستُ من هذا النوع الشقي من الكُتاب, وأنني أحترم عقل قارئي كثيرا, لكنها- وكما أسلفتُ لكَ- هي رواية أكتبها كلما شعرت أنني على وشك التفجر سخطا أسودا على الكون. أحاول كتابة نص معذّب لوالدها, لكنني أحجم بآخر لحظة, محترما وعدي له بأن لا أبوح له بكلمة عن شيء اتفقنا أن لا نبوح بأمره حاليا. لكنما الاكتئاب, الكوابيس, الحُزن, الغضب, الحقد, المرارة, والاستهتار بأمتنا, كُلّها تستوطنني بعناد. تحرقني وتدوسني بسواطيرها الجهنميّة, لتصهرني وتعجن مني إنسانا آخر.
ماذا يعني أن تكون بلا امرأة؟ يسأل أحد أصدقاء القلم بأمسية ثقافية لحلقة من الرفاق, كنّا جميعا نتقاسم بعض النقاشات البيزنطية عن تأثير التراجيديا البابلية بأدب الثيّاب, أو بمعنى "الثابت والمتحول" عند شاعر "مُتفرنج" كأدونيس. لا أعرف كيف حزر فادي أنني مشغول عن لغطهم بشأن امرأة؟ لكنه قال جملته بسخرية وهو يجمع شعره الأسود الطويل, حتى كتفيه, ويعقده لخلف رقبته. لم أجبه, رفعت يدي ونكثتها أمام وجهي, كأن هناك بعوضة لا مرئية تزعجني, والواقع أنها كانت مزحة رمزية مفادها طردي لدُخان سيجارته اللعينة. أنا أكره السجائر بالمناسبة.
بادلني الابتسامة, والتفت لصديق آخر ليحدثه, لكنه خلف راسب سؤاله بداخلي: ماذا يعني أن تكون بلا امرأة؟ كانت هي من سألني بطريقة مشابهة بذات أمسية صيفية متوترة. قالت, ماذا يعني أن لا تتمكن من العيش بدوني؟ وعلى النقيض, لم أسكت بل قلت لها بلهجة شاردة, بأنها شيء لذيذ بحياتي وأنني أشعر بالامتنان للحياة بكل مرة تكون لجانبي برقتها المبالغ بها وبطباعها المدللة الناعمة. هذا كلّ شيء يا دكتور, لأنني أؤمن أنها ستكون قوية بعيشها معي, وأكبر خطأ هو أن أسلّمها ليدٍ تعاملها بقذارة وتحولها لإنسانة تخيّب أملها قبل أملي. هي قد لا تكون قادرة على النضال, لكنها ناضلت لأربع سنوات بحبي, ومن احتمال مشاعر أمها الاحتقارية, لكنما شيء تغيّر بها إثر تخرجها إذ تحولت لقانطة وتريد زواجي بها بكل طريقة.
لا أعرف لحد الآن, هل هذا مصدره شهوة لم تعد قادرة على كتمانها, أم حاجة مجنونة لقربي, أم أنها رغبة للهروب من واقعها الذي صارت تكرهه كثيرا بعد أن اشتغلت موظفة حكومية لمساعدة المتقاعدين؟ أعتقد أنني أحتاجها كما هي, لأن قوتي بحاجة لقطعة حرير كي تهذبها, ولأن نعومتها الشديدة تحتاج لقوة تحميها من هذا العالم. هل تعرف يا سيدي كم كانت تشعر بالحماية معي؟ وهل تصدق كم كانت تردد مصطلح "أمان" بحوارنا؟ نحن الرجال لا نفهم أهمية "الأمان" و"الحماية"- رغم قدرتنا الهائلة على توفيرهما للمرأة- لأنها مفردات لا تشغل تفكيرنا, ربما لأننا مبرمجين إليها لأن نفتك بأي خطر يتصدى لنا, لكن المرأة تحاول أن تؤمن ذاتها عن الأخطار, لأنها لا تنوي الفتك بشيء لعلمها أن الأخطار تخيفها وتشلّها.
وللآن, لا أفهم معنى خوفها من النوم ببيتها وأمها غاضبة, إذ كانت تردد وسط دموعها الحبيبة بأنها لا تشعر بالأمان, والوقت الوحيد الذي تشعر به بالأمان هو عندما أكون معها.
لا أدري يا صديقي (أسمح لي بهذي المناداة) فلقد أذعنت لطلبك وفكرت بها لا كفتاة هشة مدللة فحسب, بل وبلا طاقات روحيّة. رغم هذا, أقول لكِ, أنني أحبها, بل أزداد حبا لها, لأن هناك ما يميزها. رغم كل هذي الهشاشة, أشعر أن لها حضنا لي وحدي, وقدرة هائلة على أن تحتويني بحنان لا يصدق.
أنهن مخلوقات غريبة, ونحنُ الأغرب, فسبحان من خلق قوة الجسد والإرادة وضعف العاطفة بنا, وسبحان من خلق ضعف الإرادة والجسد و تسامي العاطفة بهن. أحتاجها يا سيدي, تماما كما أحتاج الوطن لأنتمي له, فأنا أنتمي لها كإنسان, وأنتمي للعراق كوطن. شئتُ هذا أم أبيته, فأنا أنتمي لها رغم كل حماقاتي وجنوني واستهتاري بالحياة, لكنما هي نوع آخر من الحياة. نوع أريده لأنه يشعرني بالدفيء, ولأنه يدفعني لأن أكزّ أسناني عليها وأدفع رغبة هائلة لأن أعانقها وأشبعها قُبَلاً.
أعتذر, لكني أؤكد لك أنها لحظة صراحة لن تتكرر, لذا سأنتهز الفرصة بكتابة مشاعري, وإظهار ضعفي وحاجتي للمرأة, رغم أنني معروف بقسوتي وكبريائي بهذا الجانب, لكن كما قلتُ لك سابقا: كلّ الرجال يكابرون, خصوصا ألئك العنيفين منهم.. عنيفي الروح أقصد.
أنت غريب, كانت تقولها لي مع ضحكة خافتة, أو بلهجة فظة, لكن كلا الطريقتين كانتا تثيران حبي أكثر, رغم أنني وإلى يومي هذا, لم أفهم معنى "غريب" بجملتها! أفكار مجنونة, لكنها ليست غريبة, تضرب سواحل أفكاري أحيانا. أفكار عن لحظة جنوني المتوقعة, وسفري لبلادها وخطفها والزواج بها. أو أفكار أخرى عن إعطائها مسدسا بين يديها وحصرها بزقاق, فإما أن تطلق النار عليّ لتعبر فوقي, أو أن تقبلني كزوج. حسنا, هذا جنون بلى, لكنه يزور كوابيس يقظتي.
ما هو جديرٌ بالأمل حقا, أن والدها "قد" يلتقي بي ببريطانيا, و"قد" يجلبها معه لأراها. لهذا, أحرص على قيافة أروع بذلة كلاسيكية لي, وأحرص على الحفاظ على لون بشرتي صافيا, وأحرص على التمارين الرياضيّة, كما أنني صرت أتمكن من رؤية صورة الغرفة تنعكس بحذائي لشدة تلميعه (أمزح معك). وفي نفس المشكلة جاءتنا المشاركتان التاليتان:
فمن العراق شاركنا الأخ: زيد خالد عبدا لله
اللعنة المشتهاة: المحب الأعمى، ولو كان فيلسوفاً (مشاركة)
لن أقول أني أعرف ما تشعر به. بل سأقول أن الزواج هو صفقة تجارية وليس فقط حب أعمى. فمثلا لو كنت سريع الغضب فليس من الحكمة الزواج بفتاة سريعة الغضب حيث سرعان ما يبوء زواج كهذا بالفشل. أو لو كنت تعاني من صعوبات بالالتزام بالصلاة أو ما شابه فزواجك بامرأة متدينة لهو عين الصواب.
أنا لا أعني أن تتزوج بفتاة لا تحبها ولكن كل النساء ورود زكية فاختر التي تناسبك.
ملاحظة: فصاحتك وروعة أسلوب كلامك هي فقط التي دفعتني لقراءة رسالتك. فتحية لك مني زكية بحروف مليئة بالصدق عربية.
ومن فلسطين شاركنا الأخ خليل النجار بطلب بريد الإليكتروني لصاحب هذه المشكلة:
أنا أيضا أعتز بصداقتنا كثيراً، وأتطلع إلى لقاءنا بمشيئة الله.
لا عبرة بالعلاقات التي نسقطها من ذاكرتنا، وليست كل أنثى نهتم فترة بها تكون حباً يا أبو حميد.
رد المستشار
قلت من قبل أنني زرت الكويت بعد انقطاع طويل عن متابعة ما يحدث في خليجنا، وأصدقك القول أنني أعتقد الآن أكثر أن والدة عصفورتك تستحق الرثاء أكثر من الحنق الذي تحمله سطورك، والتشرد والجمود كما قلت لك أنا سابقاً هي محاولات لا واعية تأتى في مغالبة الهشاشة الداخلية والتشويش أنت تعيش في عالم آخر، "كون" مختلف، وتنظر منه إلى عصفورتك وأمها وأبيها، ولا أدري هل ستفهمني حين أقول أنهما لن يفهما من كلامك إلا القليل إذا فهماّ!!!
يبدو أنك تتصورّ أن منصب أبيها ومواهبه ستجعله يفهم أبجديتك؟!! ويبدو أنك تتصوَّر أن مغامرة عصفورتك بالخروج على النص حيث كانت معك هو تغيير حدث لها أو فيها!!!
يا أبو حميد عصفورتك تحدثت باللغة الغربية حين كانت هناك وسط قوم يفهمونها، واليوم عادت تتحدث لغة "هنا" أو لغة أهلها. ولا بأس من أن تعيش التباسات الكلمات والمعاني، ومشاعر الفقد والإصرار، لكنني أخشى على عقلك الذي أستخسره في هكذا تبديد،.... واعذرني إذا كنت أريد لك ومنك ما قد لا تريده أنت!!!
وأراك تتقلب بين المنازل كالقمر، وعلاقة القمر بالمزاج معروفة ومشتهرة، وأنت حين تحب وتفتقد تفعل هذا بكل ما هو أنت من معرفة وثقافة وثراء عقلي ووجداني.
ولا أجد في نفسي رغبة ولا قدرة أن أقول لك بإلحاح أكثر مما فعلته سابقاً أن تحافظ على نفسك، ولا أريد أن أكذب فأقول لك أن الألم شرٌ كله، فهو مدرسة عليا لمن يوفقه الله ويريده بشراً سوياً متوهجاً ومبدعاً لفترة أطول. لكنني أستطيع باطمئنان أن أدعو الله أن يوفقك لما فيه خيرك، وأن أنتظر بشغف رسالتك، القادمة أو تواصلك القريب.
ويتبع:>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>اللعنة المشتهاة المحب أعمى مشاركة1