أنا مكسوفة من نفسي أوي..!؟
أنا بقصد أو من غير قصد دخلت على مواقع مش كويسة خالص..
المشكلة أني أول ما بدخل على النت من غير ما أحس بفتحها وبرجع أندم أعمل إيه؟
25/3/2005
رد المستشار
أهلا بك يا صديقتي الصغيرة على موقعنا, ونشكر لك ثقتك, وأرجو من الله أن يجعلني عند حسن ظنك..
وبارك الله لك هذا الضمير اليقظ الذي قرّعك بتأنيبه حتى جعلك تذرفين دموع الندم, هذه الدموع الغالية جداً عند الله عز وجل والتي هي أول خطوة على الطريق الصحيح..
واسمحي لي أن حييك على ترجمتك لتأنيب ضميرك إلى وعي ويقظة وسعي لإصلاح النفس, فبارك الله لك هذا الوعي وهذه الخطوات على طريق إرضائه.. وإن شاء الله ستُكلل بالنجاح والتوفيق.
مشكلتك هي مشكلة الدخول "بقصد أو بغير قصد" على المواقع ال "مش كويسة"..
ذكرتني كلمتك "بدون قصد, ومن غير ما أحس" بما كنت عليه قبل أن أتعامل مع هذا الاختراع.. الانترنت, لقد كنت -كسائر "الأميين" بهذا الاختراع واستخداماته - أرفض دخول عالم النت بسبب ما كنت أسمعه عن المواقع السيئة الموجودة على الشبكة.. إذ كنت أحسب أنني وبمجرد الدخول إلى هذه الشبكة ستظهر أمامي هذه المناظر السيئة, ولكنني كنت جاهلة إلى حد كبير!!
فقد تبين لي أنه: إن لم أسع وراء هذه المواقع فهي لن تسعى ورائي..
وها أنذا الآن أتعامل مع النت منذ أكثر من 4 سنوات, لم أشاهد ولا لمرّة واحدة شيئاً من هذه المواقع..
أحببت أن أبدأ هذه البداية قبل أن أبدأ كلامي لأنني أريد أن نتفق على شيء في غاية الأهمية هو: ليس هناك شيء اسمه "بقصد أو بدون قصد".. كل شيء في حياتنا نحن البشر يتم بقصد, فنحن كائنات عاقلة أعطانا الله عز وجل الحرية والاختيار لنختار ما نريده على أن نكون متحملين لمسؤولية ما نختاره في المستقبل, وبالتالي فكل ما نفعله نفعله ونحن "قاصدين وحاسّين".. قد نخطئ.. نعم.. قد نضعف أمام شهواتنا.. نعم.. أما أن نفعل أشياء ولا نكون مسئولين عنها لأنها تمّت "بدون قصد" فهذا يا عزيزتي مالا محل له من الإعراب في حياتنا..
والاعتراف بأخطائنا وتحمّلنا لمسؤولية ما نفعله في حياتنا يحتاج منّا شجاعة عظيمة.. ويحتاج كذلك وعياً لما يمكن أن نقع فيه من خدع الشيطان أو خدع النفس ليجعلونا نتملّص من المسؤولية ونلقي بها على أي شيء آخر, حتى ولو وصلنا في تملّصنا من هذه المسؤولية إلى درجة أن ننفي عن أنفسنا الحرية في الاختيار, هذا الذي هو جوهر ولبّ شخصياتنا كبشر خلقهم الله عز وجل أحرارا ومسئولين..
إذاً أريدك قويّة شجاعة واعية لتستطيعي مواجهة هذا الخطأ الذي وقعت فيه بدافع الفضول ربما .. ولكنك ولشدّة حيائك من نفسك, وخجلك من أن تكوني نزلت لهذا المستوى لا تستطيعين الاعتراف بأنك فعلت ذلك, فحاولت تخليص نفسك من مسؤولية هذا الفعل أو على الأقل تخفيفها بأن قلت "دخلت هذه المواقع بقصد أو من غير قصد.. ومن غير ما أحسّ.."
هل اتفقنا على هذه النقطة؟؟
ما بدأت هذه البداية إلا لأنبهك إلى أمر في غاية الأهمية, نقع فيه كثيرا وهو: تبرير تصرفاتنا والتماس الأعذار لها بغية التخلص من مغبّة مسؤوليتنا عنها..
والآن هيا بنا لنرى كيف نواجه هذه المشكلة, وكيف نقوّي إرادتنا للوقوف في وجه هذه الأخطاء التي يمكن لها أن تدمّر حياتنا إذا استسلمنا لها..
سنواجه هذه المشكلة بأمرين:العلم والمعرفة + خطوات عملية..
العلم والمعرفة:
ونحتاج هنا أن نعرف مدى خطورة مشاهدة مثل هذه المواقع دينياً ونفسياً..
من الناحية الدينية: التعرّي معصية شديدة, وتغضب الله تبارك وتعالى جداً حتى ولو كنّا نتفرّج فقط, و للمعصية آثارٌ تصيب مقترفها, من هذه الآثار: ظلمة الوجه, نقص في الرزق, بغض في قلوب الناس, ضعف في البدن, ذلّ في القلب, يهون العاصي على الله ويسقط من عينه جلّ وعلا, ثم – وهذه خطيرة جدا – تحبس اللسان عن النطق بالشهادة حين يحتاج الإنسان إلى النطق بها: عند الموت, فتسوء خاتمته ولا يختم له على الإيمان.
أما من الناحية النفسية: لهذه المواقع آثار نفسية سيئة للغاية, فهي أولاً تسبب الإدمان على مشاهدتها, وهذا تماما ما قد بدأ يحدث معك, تقولين" المشكلة أني أول ما بدخل على النت من غير ما أحس بفتحها وبرجع أندم أعمل إيه؟" وهذا خطير حقاً, لأن فضولك بدأ يسوقك إليها, وبعد فترة ستدمنين عليها إن لم تكوني أدمنت فعلا على مشاهدتها..
وثانياً: هي تقدم لك صوراً, أي تزرع في وعيك أشياء "صورية" فقط ولا حقيقة لها في الواقع, لكن على أنها واقع, فتوقعك في فخ الصورة الذي يجعلك من ناحية تتمنين أن يكون لك مثل هذه الأجساد التي ترينها, ومن ناحية أخرى تقدّم لك فكرة خاطئة عن الممارسة الجنسية لأنها كلها صور في صور وتمثيل في تمثيل.. أي في النهاية تكونين أنت المخدوعة في كل هذا, وتكتشفين هذا بعد زمن طويل من محاولة تطبيق ما شاهدته على حياتك الواقعية بعد الزواج إن شاء الله .. وهذا يعني أنها ستؤثر تأثيراً سلبياً على حياتك المستقبلية فتحرمك المتعة الحلال.. بالمناسبة هذا من آثار المعصية, حيث أن الحرام يذهب بالحلال.
فهل تعتقدين أن متعة إرضاء الفضول الآن بمشاهدة هذه المواقع يستحق ما ستفقدينه في المستقبل – لا قدّر الله – من استقرار وهناءة في حياتك الزوجية؟!؟! أهو حقاً بيع رابح؟!؟!
من القواعد الأصيلة في ديننا أنه "لا ضرر ولا ضرار", أي الضرر كله حرام, سواء ما يلحقه الفرد بنفسه وهو "الضرر", أو ما يلحقه بالآخرين وهو "الضرار", فهل حقاً تودين إلحاق الضرر بنفسك وبزوجك وبأسرتك المستقبلية؟؟
الخطوات العملية: والآن إلى الخطوات العملية التي ستعينك في التخلص من هذه العادة التي تهدد سعادتك.
1- التوبة.. الرجوع لله ليغفر لنا الخطايا هو فقط ما يجعل قلوبنا المضطربة من هول المعصية تهدأ وتستقر, وقد بدأت فعلا بهذه التوبة إذ أن للتوبة شروطاً ثلاثة: الندم على الذنب, والحمد لله أنت نادمة كثيراً.. ثم الإقلاع عن الذنب, أي ترك الذنب فوراً, ثم العزم على عدم العودة, أي أن تنوي بكل عزيمة وصدق أنك ستجاهدين نفسك في المستقبل لتمنعيها من الرجوع إلى الذنب مرة أخرى.
وبتحقق هذه الشروط الثلاثة يُمسح الذنب من سجلّ سيئاتك وكأنه لم يكن أصلاً.. وإذا أردت المزيد من التفاصيل عن هذا الموضوع فاسمعي درس التوبة / للأستاذ عمرو خالد.
2- الدعاء لله عز وجل أن يعينك على الثبات على التوبة, وأن يمدّك بقوةّ من قوته لتواجهي بها نفسك الأمّارة بالسوء وشيطانك الذي سيضاعف كل جهوده ليغريك بكل الوسائل ليبقي على المكسب الذي حققه معك, فلا تنسي أن الشيطان لنا بالمرصاد..
3- إيّاك والفراغ, فهو البيئة المُثلى التي ترتع فيها كل جراثيم الانحرافات, وليس هناك أفضل من هذه البيئة تعين الشيطان على تحقيق أهدافه, عندما يمتلئ يومك بالنافع المفيد, وعندما يضيق وقتك بأعبائك ومسؤولياتك, عندها لن تجدي الوقت لتستجيبي لنوازغ الشيطان ووسوسته.
4- أفضل فريسة للشيطان هي الفريسة الضعيفة, إذاً كوني قوية.. كيف؟ اعملي على تنمية مهاراتك, وتنمية ذاتك بأن تلتحقي بدورات تحق هذا الهدف, وبقراءة كتب وسماع أشرطة ومشاهدة برامج تصب في هذا المجال..
ما رأيك أن تبدئي بمشاهدة برنامج "كيف تخطط لحياتك" وهو عبارة عن دورة تدريبية على الهواء, على قناة Smartsway , يذاع يوم الخميس في العاشرة مساء بتوقيت السعودية, ويعاد في نفس التوقيت يوم الأحد..
5- نأتي الآن إلى المرحلة الخطيرة والحاسمة وهي: حين تجلسين أمام شاشة الكمبيوتر لتبحري في فضاء النت, هنا تحتاجين إلى الكثير من ضبط النفس لئلا تأخذك نفسك مرة أخرى إلى المواقع المحظورة .. ولدي اقتراح يعينك: لمّا تقعدي عالنت, اكتبي على دفتر صغير الأمور الهامة التي ستفعلينها والتي جلست أصلاً من أجلها, وبعد أن تنهيها اقطعي الاتصال فورا ولا تبقي أون لاين, تماما كالبرنامج الذي نضعه لما سنفعله في يومنا, أو كقائمة الاحتياجات التي نكتبها قبل الذهاب للتسوّق.. وهذا لنحفظ وقتنا ونقودنا, فإننا إن لم نكتب ما سنفعله في يومنا فقد ننسى أموراً مهمة فعلا, أو قد ننشغل بالأقل أهمية عن الأكثر أهمية.. وكذلك إن لم نكتب احتياجاتنا من السوق فسوف نبدد نقودنا فيما لا نحتاجه ليس إلا لأننا اشتهينا أن نقتنيه..
الأمر ليس سهلاً, ولكنه ليس مستحيلاً, كثيرون وكثيرات سبقوك على هذا الدرب.. ونجحوا, وها قد جاء دورك لتثبتي أنك قادرة على صناعة حياتك وصياغة مستقبلك, وأولى خطوات هذه الصناعة وتلك الصياغة: القدرة على التحكم في النفس وضبطها..
ولتثبتي لله عز وجل أنه غالٍ عندك, وأنك لن ترضي لنفسك أن تقدّمي أهواء نفسك ووساوس شيطانك على أوامره جلّ وعلا.
وسأخبرك سراً من أسرار الحياة: لذّة النجاح تأتي من فرحة التغلّب على التحدي الذي أمامنا, وكلّما كان التحدّي أكبر كانت الفرحة والسعادة حين النجاح في تجاوزه أكبر, وساعتها ستكون الثقة بالنفس في أوجها والفرحة عارمة بنعمة الله عز وجل وتوفيقه, كل ما نحتاجه هو بعضاً من الإرادة, وشيئاً من الثبات.. ثم الكثير من الدعاء.
هل استطعت أن أرسم على وجهك بسمة أمل بغد أفضل وثقة بنفسك أكبر؟ وهل مسحت هذه الابتسامة دموعَ الندم التي أحرقت حرارتها وجنتيك؟
أتمنى ذلك.. ودمت في رعاية الله..
وتابعيني بنتائج معركتك مع نفسك الأمارة بالسوء وشيطانك.. لمن ستكون الغلبة يا تُرى؟
سأترك الجواب لك..
ويضيف الدكتور وائل أبو هندي الابنة العزيزة أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، لم تترك مستشارتنا النجيبة أ.لمى عبد الله في إجابتها عليك مجالا للإضافة، لكن ما أود إضافته هو فقط رابط لمشكلة ابنة عزيزة علينا ظهرت على استشارات مجانين بعنوان: فيما وراء العيون: مشكلات قد تكون، ومتابعتها، وكذلك متابعتها الثانية التي أجابتها فيها الدكتورة حنان طقش وستظهر اليوم مع مشكلتك هذه تحت عنوان: الدنيا ملخبطة خالص : عندك حق!،
وأهلا وسهلا بك دائما على مجانين فتابعينا بالتطورات الطيبة.