السلام عليكم
خطبت فتاة من أهلها وتمت زيارة الأهل، وفجأة أخبرني والدها عند زيارتي له بأنه يجب عليّ ترك ابنته؛ لأنه لا يراني مناسبًا لها، أردت أن أعرف سبب رفضه بعد أن كان موافقًا على الخطبة بداية، وترتب عليها تبادُل الهدايا وزيارة العائلتين لبعضهم البعض، ومباركة معظم أفراد المجتمع هذه الخطبة ولكن دون جدوى!!.
أنا ما زلت أرغب في الزواج منها، وهي كذلك، ولقد حاولت في بداية الأمر أن أرسل له بعض الأصدقاء حتى يتفهموا طبيعة رفضه، ولكنه كان يرفض أن يذكر السبب، وعندما قابلته ذكر لي بأنني شاب ممتاز، وأهلي أناس طيبون، ولكنه لا يريد تزويج ابنته حاليًّا، وعليّ أن لا أثير الموضوع؛ وذلك حتى تهدأ نفسه، ويطيب خاطره.
أفيدونا أثابكم الله،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
12/10/2023
رد المستشار
هناك مَثَل عامي مصري يقول: "كل شيء بالخناق إلا الزواج بالاتفاق" .. وفي حالتك لم تذكر لنا شيئًا عن ارتباط عاطفي شديد من ناحيتك جعلك لا تريد أن تتخلى عن الفتاة.. لأنه في حالة وجوده ربما كان مبرراً لإصرارك ومحاولاتك، ولكنه لن يكون مبرراً لأب رفض لأسباب تخصّه، ولا يريد الإفصاح عنها، فالمسألة -كما يبدو من رسالتك- خطوبة بالطريقة التقليدية ولن تعدم فتاة أخرى فيها كل ما تريده من صفات طيبة، ويكون والدها راضياً بك وعلى استعداد لتزويج ابنته.
إننا لا نستطيع أن نجزم بسبب رفض هذا الأب لك؛ لأنك وأنت قريب منه، وتعيش معه في نفس البلد لم تستطع الوصول لذلك!!، ولكن ربما من الجملة الصغيرة التي ذكرتها في رده عليك قد نتوقع من بعض الحالات المشابهة أن يكون هذا الأب من الآباء الذين يحبون بناتهم حباً شديداً يصل إلى درجة المرض، ولا يستطيع أن يتصور أن تتزوج وتتركه، ويعتبرها ملكاً خاصاً لا يحق لأحد أن يطلبه أو يرتبط به، ويظل يعطل في زواج ابنته ويُطَفّش من يتقدم لها!!، وهذه حالة صعبة في التعامل معها.
ونؤكد لك في النهاية أن الزواج جزء من رزقك المقدر لك، وعليك باتخاذ الأسباب في حسن الاختيار والاجتهاد في ذلك، ولكن كن على يقين أن زوجتك التي قدرها الله لك لن تتزوج غيرك.
وتقول لك المستشارة سمر عبده مهما كان سبب رفض والد خطيبتك المفاجئ لك فيجب أن تتعامل مع الواقع وترضى به؛ فمثلاً إن كنت ترى أن والد خطيبتك راجح العقل حكيمًا، فربما كان تصرفه هذا حسبما يراه هو لا ما تراه أنت من الأسباب التي تجعلك شخصًا غير مناسب لابنته. وقد يكون والدها لا يتسم بهذه الصفات فلا حيلة لك في قراره.
واعلم أن كونك تجد ميلاً عاطفيًّا تجاه هذه الفتاة لا يعني أنك لن تجده مع فتاة أخرى، لا بل ستجده، واعلم كذلك أن نهاية هذه الخطبة ليس نهاية العالم ولا معناها أنك إنسان فاشل، فلا تستسلم لحزن أو يأس بسبب تجربه لم تكن أنت سبب فشلها.
واستفد من التجربة؛ فالتجارب المريرة التي يمر بها الإنسان تصقل شخصيته، وتجعله أكثر حكمة وقدرة على مواجهة الحياة لذا أنصحك: ألا تعيد محاولاتك مع والدها لفترة، وألا تتعلق بأمل وهمي، وإنما انتظرْ بعض الوقت، ثم تقدم له فإن وافق فخير، وإن رفضك فأدر ظهرك لهذه التجربة، ولا تحاول مقابلة الفتاة أو إقامة علاقة معها، وستجد إن شاء الله –وقتها- من تشعر نحوها بنفس الميل العاطفي وتناسبك ويرضى أهلها عنك. وفقك الله
وأنا أقول لك: نحن لا نقبل بالزواج المستقل عن الأهل إلا في حالة التعسف الواضح، والظلم البين المستمر بالرفض دون أسباب وجيهة أو واضحة، والتقدير في هذا تقع مسؤوليته على العقلاء المحيطين بالمسألة من أقارب وخلافه، كما تقع مسؤوليته النهائية على الشاب والفتاة؛ لأنهما حين يقرران الاستقلال والخروج عن موافقة الأهل يدفعان ثمن ذلك، وقد يندم أحدهما أو كلاهما حين لا ينفع الندم.
التوازن مطلوب بين الحرص الشديد على موافقة الأسرتين ومباركتهما للزيجة بما يكفل نجاحها واستقرار الأسرة الناشئة فيما بعد، وبين مراعاة اعتبارات المشاعر العاطفية التي هي من أقوى الطاقات في الإنسان بما قد يفيده ويبني حياته، أو يدمره حين يعمي عينيه، ويصم أذنيه عن إدراك الحقائق فتضيع في غمرة الحب الجارف.