الوساوس
السلام عليكم أود أن أشكركم على هذا الموقع أدعو الله أن يجعله في ميزان حسناتكم
إلى الدكتور محمد شريف سالم/ أود أن أعرض مشكلتي عليكم حيث أنني أعاني من وساوس كبيرة جدا في العقيدة ولا أعلم متى كانت بدايتها أولا كانت في الوضوء وأيضا مستمرة حتى الآن فأنا أتوضأ للصلاة الواحدة ما يزيد عن ثلاث مرات، وأعيد الصلاة ما يزيد عن ثلاث أو أربع مرات ويمكن أن يدخل وقت الصلاة الأخرى وأنا أعيد فما قبلها ولذلك حرمت متعة الصلاة في المسجد أو الجلوس فيه في فترات الصلاة لأنني أخشى أن يعرف أصدقائي هذا بالرغم من أن بعضهم عرف أنني كثيرة الوضوء وإعادة الصلاة مما سبب لي إحراج بعد أن أراهم يحاولون أن يخفوا ابتساماتهم مما أنا فيه لدرجة أنني حرمت من صلاة التراويح رمضان الماضي بسبب هذا، وغير ذلك من مخافتي الرياء أمامهم في الصلاة ولكن كل هذا يهون.
أما وساوس العقيدة فهي شكل مختلف حيث تأتيني وساوس في الله عز وجل ثم الصلاة والقرآن والمصيبة الكبرى أنني أصبحت عند سماعي آيات قرآنية أو تفسير حديث أو أي شيء في الدين إما أن أضحك من داخلي أو أضحك علنا فهل هذا يعتبر من المرض أم مني؟
وسألت عنه في الفتاوى وكان الرد بأن هذا من الكفر ودخلت في دوامة الغسل ونطق الشهادتين وأيضا كل كلمة أنطق بها أحس أنها خطأ في الدين وأني خرجت من الملة وكل ذلك بعد أن كنت ملتزمة وأتبع ما أستطيع من أوامر الله ورسوله وأبتعد عن النواهي وأساعد إخوتي في الله وأنشر ما أعرفه من الدين وأصحح لهم ما يرتكبون من أخطاء في الدين وأرشدهم وذلك من كثرة حضوري مجالس العلم التي ابتعدت عنها بسبب ما ذكرته سلفا
والآن أنا أحفظ القرآن وأساعد الأخوات وأصلي وأقول الأذكار ولكن أشعر أنني ليس كما سبق في بداية التزامي فكنت أقوم بهذا بحماس وجد غير الآن فأنا أشعر أن الفتور لحق بي ولا أدري ماذا أفعل
أعرف أنك سوف تقول اذهبي إلى أقرب طبيب نفسي لكن هذا لم يحدث لأن أهلي ببساطة لم يقتنعوا فقد أصيبت قبل ذلك بنوبات هلع ولم أزر الطبيب إلا مرة واحدة عرف مني فيها ما أعاني منه جملة وشخص الحالة واتفق على بداية العلاج لكنني لم أذهب لأن أهلي كانوا يعتبرون هذا(دلع بنات) ولكني لا أكرهم بالعكس أنا أحبهم جدا وما أن يجدوا أنني أشعر بشيء عضوي يذهبون بي إلى الطبيب فورا ولكن في هذه النقطة أي الطبيب النفسي فلا أرى منهم قبول وكأنهم يوافقون على طلبي وهم مجبورين وأشعر أن الهدوء الذي هم فيه هدوء يسبق العاصفة فامتنعت عن الذهاب بعد المرة الأولى لدرجة أنني كنت أكاد لا آكل طعاما في اليوم وإذا فعلت فيكون القليل وفقدت الكثير من وزني
ولكن ذهب هذا بعد معاناة أربع أو خمس شهور وكانت هذه شهور قريبة من الامتحانات الجامعية ولأنني بسبب حالتي لم أذاكر جيدا رسبت لأول مرة في حياتي الدراسية وكانت هذه صدمة أخرى .
أود أن ترشدوني ماذا أفعل فأنا أشعر أنني غير كل من حولي وأنني أقل شخص عبادة يعتبر أفضل مني وكفي أنه يحمل شهادة التوحيد التي تحميه من الخلود في النار والعياذ بالله فما أنا فأين أنا منها الآن أنا أخاف من موقفي يوم الموقف العظيم وأحيانا أشعر أنني أريد الموت لا أعلم هل أنا نفس طيبة أم خبيثة وأحيانا أخاف من العذاب وأحيانا أبكي من خوفي من الله من الذي أنا فيه ولكن في الفترة الأخيرة حدث لي لا مبالاة وأذكر أيضا أنني أعيش في اكتئاب حيث أنني أفرح يوم وأحزن عشرة وأيضا فرحي أشعر أنه دون معني والحمد لله علي كل شيء
أنا لا يهمني إلا عقيدتي وديني وأن ترجع لي ثقتي في الصلاة أردت فقط أن أخرج ما بنفسي لأحد ما حتى لا أجن من كثرة التفكير والبكاء أشكر لكم سعة صدروكم وأعتذر على طول الرسالة وجزاكم الله كل خير
29/04/2005
رد المستشار
الابنة العزيزة... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
1- أحب أن أوضح لك أن:
- وساوس العقيدة
- الخوف من الرياء
- الشعور بالضحك من أحكام الدين.
- الإحساس بأن كل كلمة هى خطأ في الدين.
- وغير ذلك من الأفكار المؤلمة.
كل ماتعنيه هذه الأفكار هو أنك مريضة وبحاجة للعلاج ولا تعني أبدا وجود الرياء أو غضب الله أو الخروج من الملة.
وحل المشكلة عند الطبيب وليس عند الشيوخ يحفظهم الله، والفتوى التي تقول أن أفكارك هي من الكفر والخروج من الملة فتوى خطأ. لأن ما تعانين منه يحدث رغما عنك ويقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الحكيم "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها".
+ تأكدي أنك مازلت مؤمنة حتى مع وجود هذه الأفكار.
+ اتركي دوامة الغسل ونطق الشهادتين
+ وعليك فقط الاستعاذة بالله وعدم الرد على هذه الأفكار.
+ واجهي هذه الأفكار بدون العراك معها لأنها ليست أفكارك بل أفكار المرض.
+ اعلمي أن الله يحاسبنا عما نفعل فقط وليس مانفكر فيه.
+ انظري إلى لطف الله واحسانه تعالى بأنه لايعذب إلا بما يملك الشخص دفعه ومريض الوسواس القهرى لا يملك دفع تلك الأفكار لأنه مجبور عليها مقهور بها وأنه لا يكلف الله أحدا فوق طاقته، ولذلك قال "لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير" (البقرة:284)
هنا يخبر الله تعالى أن له ملك السماوات والأرض وما فيهن وما بينهن وأنه مطلع على ما فيهن. لاتخفى عليه الظواهر ولا السرائر ولا الضمائر، وإن دقت وخفيت وإن حاسب وسأل ولكن لايعذب إلا بما يملك الشخص دفعه.
روى الإمام أحمد عن أبي هريرة أنه لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتد ذلك على أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وجثوا على الركب وقالوا يارسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة والصيام والجهاد والصدقة
وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها، فأمرهم النبي عليه السلام أن يقولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير، فلما أقر بها القوم ونطقت بها ألسنتهم نسخ الله الآية الأولى وأنزل قوله تعالى "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ماكسبت وعليها ما اكتسبت"، (البقرة:286)
وفي الصحيحين: "إذا هم عبدي بسيئة فلا تكتبوها عليه، فإن عملها فاكتبوها سيئة، وإذا هم بحسنة فلم يفعلها فاكتبوها حسنة، فإن فعلها فاكتبوها عشرا".
وروى مسلم عن عبد الله قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوسوسة قال: تلك صريح الإيمان. (أي كراهية الوسوسة هي دليل على الإيمان بالله تعالى) وأن الله لا يعذب إلا بما يملك الشخص دفعه.
روى ابن ماجة عن ابن عباس قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه". والاستكراه هنا في الحديث يمكن أن يكون من البشر أو من غيرهم كالوسواس لأن العبرة بعموم اللفظ لابخصوص السبب.
روى الإمام أحمد بسنده إلى ابن عباس رضى الله عنهما قال: "جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني لأحدث نفسي بالشيء، لأن آخر من السماء أحب إلى من أن أتكلم به، قال: الله أكبر الله أكبر الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة " ورواه أيضا أبو داوود والنسائي والحديث صحيح.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم يتكلموا أو يعلموا به" (رواه مسلم).
وفي صحيح مسلم بشرح النووى باب بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها فيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه : إنا نجد فى أنفسنا مايتعاظم أحدنا أن يتكلم به ، قال وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال ذاك صريح الإيمان".
وفى الرواية الأخرى:"سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الوسوسة قال: تلك محض الإيمان".
وفى الحديث الآخر:" لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال هذا الله خلق الخلق، فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليقل آمنت بالله".
وفي الرواية الأخرى: "فليقل آمنت بالله ورسله"، وفي الرواية الأخرى: "فليستعذ بالله ولينته". فقوله صلى الله عليه وسلم: ذاك صريح الإيمان، ومحض الإيمان معناه استعظامهم الكلام به هو صريح الإيمان، فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه ومن النطق به إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالا محققا وانتفت عنه الريبة والشكوك، وقيل معناه أن الشيطان إنما يوسوس لمن يئس من إغوائه، فينكد عليه بالوسوسة.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم فمن وجد ذلك فليقل آمنت بالله، وفى الرواية الأخرى فليستعذ بالله ولينته، فمعناه الإعراض عن هذا الخاطر الباطل والالتجاء إلى الله تعالى في إذهابه .
وظاهر الحديث أنه صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يدفعوا الخواطر بالإعراض عنها من غير استدلال ولانظر في إبطالها، فكأنه لما كان أمرا طارئا بغير أصل دفع بغير نظر في دليل إذ لا أصل له ينظر فيه.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: فليستعذ بالله ولينته، فمعناه إذا عرض له هذا الوسواس، فيلجأ إلى الله تعالى في دفع شره عنه، وليعرض عن الفكر في ذلك، وليبادر إلى قطعه بالاشتغال بغيره والله أعلم. (انتهى كلام النووي رحمه الله تعالى)
ملاحظة :
هنا ينبغى التنويه إلى أن دور الشيطان فى الوسواس يقتصر على إلقاء الفكرة إلى الموسوس له كما في قوله تعالى:"وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم" (الأنفال : 48 )
فلو صادفت الفكرة إنسانا سليم الفكر فسوف يتجاهل عقله الفكرة ويطردها بعد الاستعاذة بالله والاستغفار والانتهاء.
أما إذا صادفت إنسانا مريضا فسوف تتضخم وتتكرر وتتسلط وتستحوذ على العقل...... وفي أحيان كثيرة يعتقد المريض أنه راض عن هذه الأفكار أو الأفعال فيظن أنه منافق أو فاسق أو كافر أو قذر أو نجس وأحيانا يقول المريض (إزاي أسمح لنفسي أقول كده.. ولا أفكر كده ولا أعمل كده) (كأنها فكرتي أنا وكأني أنا اللي بقول كده) مما يتسبب في حزن شديد وسوء ظن المريض بنفسه فيهمل عمله أو يترك دراسته أويعتزل الناس وهذه خدعة يفعلها المرض في المريض ولكن الحقيقة أن مريض الوسواس القهرى بريء من كل ذلك.
2- أما بخصوص الأفعال القهرية مثل:
=607;تكرار الوضوء
=607; تكرار الصلاة
فعليك الرجوع إلى مقالة وسواس الطهارة والصلاة ففيها الكفاية إن شاء الله
3- بخصوص شكواك من:
+ الفتور
+ لا أكاد آكل طعاما.
+ فقد الكثير من الوزن.
+ رسبت لأول مرة فى حياتى.
+ أريد الموت
+ لامبالاة
+ الحزن
+ كثرة التفكير والبكاء
فهي أعراض الاكتئاب ومعنى ذلك أن مرضك سبب لك الكثير من الضيق والحزن ووصل إلى درجة لا يجوز فيها القول أن أهلك لن يوافقوك على الذهاب للطبيب النفسي.
فهذا كلام غريب... وأنا أسألك إلى متى سوف نقول هذا الكلام... متى يفيق المجتمع المسلم ويسمع لقول النبي صلى الله عليه وسلم "احرص على ما ينفعك" وقوله صلى الله عليه وسلم "تداووا عباد الله"
عموما هناك رسالة سابقة بعنوان الوسواس القهري: رحماكم أهلي فيها رسالة لأهل مريضة... رجاء طبع هذه الرسالة واطلبي من أهلك الاطلاع عليها.
وفي النهاية يبقى أمامك خياران إما المرض والاكتئاب والرسوب..... أو الطبيب والشفاء والنجاح. إن شاء الله.
ولك منى كل التمنيات بالشفاء
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته