غير محدد، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
لدي ولد أعتقد أن لديه مشكلة نفسية وهو أنه دائما وحيد وليس لديه أي نوع من الصداقات وكلما حاول أحد الأشخاص التقرب منه فإنه ينفر ويهرب ولا يطيق أحداً بحجة أن هذا الصديق يضحك عليه ويسخر منه، وهو دائم العراك معنا في البيت أنا وأمه وأخواته أما خارج المنزل فإنه هادئ ولديه الكثير من التصرفات الغريبة وكوني لست خبيراً بالطب النفسي فسأذكر على شكل نقاط ما ألاحظه عليه: -
حركة مفرطة- قلة الانتباه- عصبية زائدة- غيرة وحقد- يتكلم مع نفسه أحيانا ً(هذه المشكلة تمت معالجتها بتعاطي Risperidal )- شعور بالذنب مضخم- يرسم خيالات وأوهام وقد عرضته على دكتور أعصاب ولكن دون جدوى، وقد تناول الأدوية التالية:- Chlomipramine - Dexamphetamine
والجدير ذكره هو أنه أصيب بالتهاب لوزتين حاد وهو في سن الثانية من عمره وقد سمعت أن هذا يؤثر على الحالة النفسية للإنسان.
أرجو دراسة حالة ولدي وأنا على استعداد للرد على جميع الاستفسارات شاكراً لكم حسن تعاونكم.
11/09/2003
رد المستشار
الأخ السائل العزيز أهلا وسهلاً بك وشكرً على ثقتك في صفحتنا استشارات مجانين،
الحقيقة أن المعلومات التي ذكرتها لنا ناقصة لأننا كنا نريد أن نعرف كيف أثر اضطراب ولدك هذا على تحصيله الدراسي؟ وكنا أيضًا في حاجةٍ إلى معرفة معدل ذكائه، فما تصفه أنت لنا يعطي العديد من الاحتمالات من بين الاضطرابات السلوكية التي تبدأ عادةً في فترة الطفولة والمراهقة: بدءًا من اضطرابات فرط الحركة Hyper kinetic Disorders كاضطراب النشاط والانتباه Disturbance of Activity and Attention (أو اضطراب الانتباه مفرط الحركة Attention Deficit Hyperactivity Disorder )
وهو ما أشرت إليه في النقاط الثلاثة الأولى من الأعراض التي ذكرتها لنا، ومرورًا باضطرابات التصرف Conduct Disorders كاضطراب التصرف المقتصر على إطار العائلة واضطراب التصرف غير المتوافق اجتماعيا Unsocialized Conduct Disorder ووصولاً إلى الاضطرابات الذهانية أو التفككية في الطفولة، وأما النقطة الرابعة (غيرة وحقد) والنقطة السادسة شعورٌ متضخمٌ بالذنب فيجعلاننا نفكرُ في الوسوسة والاكتئاب، وأما أنه يكلم نفسه ويتوهم أشياء فهذا ما جعلنا نشك في الاضطرابات الذهانية،
من المهم يا أخي الفاضل للطبيب النفسي الذي يتولى مهمة تقييم الطفل أو المراهق أن يعرف معدل ذكائه لا بتقييم أهله ولا حتى بتقييم الطبيب النفسي شخصيا وإنما بإجراء مقاييس الذكاء المعدة خصيصًا لهذا الأمر، ثم أن ما تطلبه منا من دراسة حالة ولدك يكاد يكونُ مستحيلاً من خلال الإنترنت، وأنت تقول أنك لست خبيراً بالطب النفسي، ولذلك تصف لنا الحالة في نقاط حسب ملاحظاتك، وأنا في الواقع لست أدري ماذا أقول لك فأنا حتى لو أن من يصف لي هذه الحالة هو أحد تلاميذي فلن أستطيع إعطاءه ردا كافيا دون مناظرة الحالة بنفسي.
بقيت نقطةٌ أخيرة سألت عنها وهي التهاب اللوزتين الحاد في سن السنتين، فمن يا عزيزي من الأطفال في هذا العالم لا يصاب بالتهاب حاد في اللوزتين؟ إن هذا الالتهاب هو أحد أكثر أمراض الأطفال الانتقالية شيوعا وتكرارا، وعادةً ما لا يترك أثرًا مستديما لا على الحالة النفسية ولا حتى الجسدية، لكنه في بعض الأطفال يتسببُ في حدوث الحمى الروماتزمية Rheumatic Fever نتيجة استعداد معين في الجسد، وفي بعض هؤلاء أيضًا تحدثُ أعراض اضطراب الوسواس القهري عندما تتأثر النوى القاعدية Basal Ganglia في الدماغ، إذ تحدث بعض التغيرات في أنسجة المخ العصبية في كثيرٍ من الأطفال المصابين بالأعراض القهرية مثلما يلاحظُ بعد حالات رَقَص سيدنهام (أو الرقاص) Sydenham’s Chorea والذي يلي الحمى الروماتزمية أيضًا أي أن له علاقةً باضطراب المناعة الذاتية الناتج عن التهاب الحلق "بالبكتريا العقدية" أي التهاب اللوزتين العادي المعروف والمنتشر جدا في كل الأطفال،
وكذلك تلاحظُ الأعراض القهرية في الأطفال بعد إصابات النوى القاعدية في الدماغ وكذلك بعد التهاب المخ الفيروسي وهو ما يشيرُ إلى حدوث أعراض الوسواس القهري كنتيجة لتلف مناطق معينة من المخ هيَ في معظم الأحوال في النوى القاعدية خاصةً النواة المُذَنَّبَةُ Caudate Nucleus وكذلك الحزام والفص الأمامي للمخ، والمسمى المقترحُ لهذا النوع من الاضطراب النفسي العصبي الناتج عن خللٍ ما يصيبُ النوى القاعدية هو البانداس PANDAS وهي اختصارٌ لعبارة:Pediatric Autoimmune Neuropsychiatric Disorder Associated with Streptococcal Infection
ولكننا لا نستطيع رغم ذلك أن نقول مثلما قلت في إفادتك: (أن هذا يؤثر على الحالة النفسية للإنسان) فلتشخيص هذا النوع من الاضطرابات النفسية العصبية في الأطفال عدةُ شروطٍ أو صفاتٍ هيَ:
1- وجود اضطراب الوسواس القهري أو اضطراب العَرَّات (اللوازم الحركية).
2- أن تبدأ الأعراضُ قبل سن البلوغ.
3- أن يكونَ المسارُ المرضي للأعراض أو لزيادة شدتها مسارًا نوابيًّـا Episodic بمعنى أن المسار يتميز بفترات اتقادٍ وانطفاءٍ"أو هدأةٍ وتفاقمٍ" للأعراض.
4- وجود ارتباط بعدوى الحلق بمجموعة "أ" من البكتريا العقدية.
5- وجود ارتباط بالأمراض العصبية.
0ونحن في النهاية ننصحك بعرض ولدك على أحد المختصين في الطب النفسي ودون تأجيل لأن هذا ضروري في مثل هذه الحالات المختلطة، كما أن استجابته لعقار الريسبيردون تعني احتمال وجود بعد ذهاني للحالة، وكذلك فإن وصف عقار الكلوميبرامين كما فعل طبيب الأعصاب يعني أنه أحس بوجود إما اكتئاب وإما اضطراب وسواس قهري، وأما عقار الديكسترأمفيتامين فهو أحد العقاقير المشهورة في علاج اضطراب النشاط والانتباه Disturbance of Activity and Attention
ولكنك تقول أن العقارين الأخيرين لم يعطياه فائدة! وهو ما يعني أن احتمال الاضطرابات التفككية هو الأقرب خاصةً وأنه تحسن على عقار الريسبيردون واختفى كلامه لنفسه والذي ربما كان ناتجا عن هلاوس سمعية Auditory Hallucinations، إذن لا داعي للتأجيل خاصةً وأن البلد العربي الذي تعيش فيه يوجد فيه أساتذة كبارٌ في الطب النفسي نعرفهم من خلال لقاءاتنا العلمية، فلا تتثاقل من فضلك.
كما نهمس في أذنك بأن حالة ولدك قد تستدعي مشوارًا علاجيا طويلاً فعليك بالصبر والمتابعة ونتمنى الخير لك ولولدك دائما فتابعنا بأخبارك.