الحوار مع النفس
باختصار شديد أنا أعاني من مشكلة الحوار مع النفس بمعنى أنه عندما تحدث معي مواقف (مثل المشادات مع الأشخاص _النصيحة للأشخاص) وبعد انتهاء الموقف أتذكره وأقول لنفسي كان من الواجب علي فعل كذا ولأن أقول كذا، وهذه المشكلة تحدث باستمرار بعد المشادات الكلامية وتؤثر علي في أثناء مذاكرتي أو وأنا جالس مع أسرتي أرجو أن تساعدوني في حل هذه المشكلة والتغلب عليها والتوقف عن التفكير في المواقف لأنني أتذكر مشاكل قد مر عليها مدة كبيرة.
3/5/2005
رد المستشار
صديقي؛
إن حل مشكلتك فى منتهى البساطة وإن كان يحتاج منك إلى تدريب ومثابرة:
إذا كنت سوف تتذكر أحداث الماضي لا محالة، وهذا ما يحدث لنا جميعاً، فالأحرى بك أن تستخدم هذه الذكريات لفائدتك فى المستقبل.
اختر حدثاً واحداً كنت بارعاً فيه وأحسست بالرضا عنه وعن تصرفاتك فيه ولاحظ حالتك وأفكارك ومشاعرك فى وقتها وفى الوقت الحالي... لاحظ خصائص هذه الذكرى، أهي صور متحركة أم ثابتة؟ أهي ملونة أم أبيض وأسود؟ ما حجمها؟ من أين تبدو أنها تأتيك (الخلف، الأمام، فوق، تحت)؟ أهناك أية أصوات وما هي خصائصها؟ ما هي الأحاسيس الداخلية والخارجية (اللمس والشم والمذاق) الموجودة؟ هل ترى هذه الذكرى من الخارج وكأنك تشاهد نفسك فى فيلم سينمائي أم تعيشها ثانية وتراها من خلال عينيك؟
ثم اختر حدثاً واحداُ من الأحداث التي تتذكرها وتنغص عليك حياتك وكرر تطبيق ما سبق عليه من حيث خصائص الذكرى البصرية والسمعية والحسية (بما فيها الشم والمذاق)... لاحظ الفروق ما بين الخبرتين.
درب نفسك على أن ترى الذكرى من الخارج وأنت منفصل عنها وكأنك تشاهد شخصا آخر يشبهك...
لاحظ التصرفات وردود الفعل التي لا ترضيك أو تعجبك، لاحظ الأفكار والأحاسيس التي أضعفتك أو جعلتك تتصرف بالطريقة التي لا ترغب فيها... لاحظ أيضاً ما تقوله لنفسك الآن عند تذكر هذا الموقف....
اسأل نفسك: ما هي الأفكار والقرارات الداخلية التي احتجتها في هذا الوقت لكي تتصرف بطريقة أفضل أو أن تتقبل الوضع بصدر رحب وتحوله إلى موقف مكسب للطرفين؟...
ما هي الأفكار والقرارات الداخلية التي تنغص عليك حياتك الآن من جراء هذا الموقف؟؟
ثم عدل فى هذا الفيلم بحيث ترى نفسك تتصرف بالطريقة التي كان من المناسب أكثر أن تتصرف بها أو بالطريقة المثلى التي تريدها، ما هي الأفكار والقرارات الداخلية التي سوف تؤكد نجاحك في مثل هذه المواقف في المستقبل بحيث يكون الموقف مكسباً للطرفين بغض النظر عن ما يفعله الآخر؟
بعد قليل من الدأب والتدريب سوف تتعلم من دروس الماضي وتعد نفسك إعداداً سليماً للمستقبل، استفد من خبرات الماضي بدلاً من أن تجعلها سياط تجلد بها نفسك وتهدمها.
كلنا لدينا حوار داخلي ومعظم الوقت يكون هذا الحوار الداخلي سلبياً وهداماُ إذا لم ننتبه لهذا ونصححه، ما أقترحه عليك هنا لا يجب أن يطبق حرفياُ بطريقة عمياء صماء تشوبها الانهزامية والغضب والضجر والملل، يجب الدخول في مثل هذه التقنيات بصدر رحب وبعقلية متفتحة ومرنة، الهدف هو استكشاف النفس وقدراتها وقوتها وليس الحل السحري السريع المؤقت أو اليأس المبكر.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب
* ويضيف الدكتور وائل أبو هندي الأخ العزيز أهلا وسهلا بك وشكرا على ثقتك، ليست لدي إضافة بعد ما تفضل به الأخ الزميل الأستاذ علاء مرسي من طريقة معرفية سلوكية رائعة للتغلب على الحوار مع الذات الذي تشتكي منه، لكنني فقط أنبه إلى أنه في حال عجزك -بعد محاولات متعددة- عن تطبيق ما نصحك به مجيبك، عليك أن تلجأ لأقرب طبيب نفسي، وأضيف أنني لا أنصحك بالأسهل وهو اللجوء للعقاقير إلا إذا ثبت فعلا أنك فهمت وأحسنت تطبيق ما نصحك به د.علاء ثم لم تنجح، وأرجو أن تتابعنا بما تتوصل إليه من نتائج، وأهلا بك دائما على مجانين.
التعليق: أنا أعاني نفس الأفكار لكن تنتابني أفكار أخرى وهي أن أجعل لكل كلمة أسمعها أبعادا وخيالات وأسترسل في ذلك فمثلا بعد قراءتي لهذا الموضوع قد أتخيل نفسي هذا المريض أو الطبيب المعالج وأتخيل أنني أتحدث مع مريضي وأسترسل بالحديث وقد يرن الهاتف وأرد عليه أو يأتيني ضيف بعد المريض وقد يطول المشهد حتى أشعر بألم في رأسي