يوميات الزيت والزعتر قنبلة خليجية ناسفة مشاركة1
السلام عليكم..
تحية طيبة لكم وللأخت السائلة. تعليقي على موضوع الأخت صاحبة استشاراة: اختلاط وملابس فاضحة: يوميات الزيت والزعتر أناشدها أن تثبت في الجامعة رغم كل المحرمات، فصدقيني أختي إن إصلاح هذه الجامعات الفاسدة يقع على عاتقنا، فإن انسحب الشباب المتدين من الساحة فهذا يعني أننا تركناها للفساد والمفسدين وألصقنا بأنفسنا لقب الجهل والتخلف.
أختي، لا تعلمين كم من فتاة كنت أنت مشجعة لها للاستمرار بالدراسة أو بالحجاب حتى لو لم تكن تعرفك شخصيا، فهي تجد دافعا ومعينا لها، فهي ليست وحيدة أو غريبة. لا تعلمين كم من فتاة ستكونين سببا في هدايتها.
نصيحتي لك أن تستمري وتكوني علاقات حتى مع الأخوات اللواتي يلبسن الفاضح من الثياب، كوني صدوقة ودودة معهن، لا تظهري سخطك واشمئزازك منهن. دافعي عن زيك وسلوكك بمرح وقناعة لا تتشددي معهن. صدقيني كثيرات هن من ينتظرن النصيحة برفق وحنان وينقصهن العلم والمعرفة بأمور الدين. تقبلي تعليقاتهن بمرح وثقة بالنفس.
مازحيهن وجامليهن، تبادلي الهدايا البسيطة: وردا أو حتى كروت صداقة... وبعد توطيد العلاقة أعيريهن كتابا أو مقالا دينيا... تعمدي تصفحه أمامهن لإثارة اهتمامهن. ليس كل الخليعات في لبسهن سيئات، وحتى السيئات يمكن التأثير فيهن خاصة إذا وجدن السعادة والنجاح يوافقك.
لا تجعلي تدينك ينعكس سلبا على الآخرين حتى على أسرتك وجيرانك، فعند انسحابك من الدراسة الكل سوف يخشى من التدين على أبنائه، حاولي أن تحبي دراستك حتى الجامعة على الرغم من كل العيوب، فلا بد أن تجدي شيئا تحبينه كالصداقة أو المكتبة أو الطبيعة.
لقد مررت بنفس شعورك في أول سنة، ولكن بعد عدة سنوات أحن للجامعة، أحن إلى ذكريات جميلة لن تعود، عشت حياة الجامعة، لم أتخلّ عن مبدأ آمنت به بعد تخرجي في الجامعة، كثير من بنات العائلة ارتدين الحجاب الذي كان لهن ولأهلهن رمزا للعقد النفسانية والانغلاق على الذات والفشل.
سمعت ذلك كثيرا وبشكل مباشر، ولم يؤثر ذلك على مجاملتي لهن ومشاركتهن الفرح والحزن، وما كان كلامهن يزيدني إلا ثقة وحبا لديني ولبسي، وتعاطفا صادقا معهن، أدعو لهن بالهداية ليذقن المتعة التي أعيشها.
استغلي وجودك في الجامعة، فهذه فرصة لا تتكرر. إن أردت الإصلاح فأنت أقدر على ذلك وأنت تنتمين إلى الجامعة، وإن غادرتها فستفقدين فرصة ثمينة لا تعوض.
أتمنى لك النجاح والتوفيق.
15/2/2024
رد المستشار
الأخت الكريمة، جزاك الله خيرا على مشاركتك.. وهكذا الظن ببنات الأردن اللائي سيسمع بهن كل العرب إن وثقن في أنفسهن أكثر، وخرجن إلى النشاط العام بقوة، وبروح الحماس الذي يجمع عندهن بين الأخلاق المتينة والوعي المستنير.
صدقت يا أختي في كل ما تقولينه عن الجامعات العربية وبناتها وعن الفرصة الذهبية التي تضيع بعد التخرج، ولا يدركها إلا من غادر هذه الدائرة المهمة للقاء بين الشباب وتبادل الأفكار والتغيير إلى الأفضل.
ولكنني أذكرك بما كان محورا لمؤتمر كبير حضرته في عمان بالأردن منذ أكثر من عقدين الآن، وكان موضوعه "الحجاب منهاج حياة"، فقد أصبحت أنزعج كثيرا من الدوران حول فكرة الحجاب/الزى، وكأن غاية المراد من التزام الفتاة أن تضع منديلا على رأسها وثوبا فضفاضا حول جسدها وبداخل هذا الزي القليل من المعرفة بالعالم والاهتمام بالعلم والوطن. ذلك أن المعنى الشائع للالتزام بين الفتيات ما زال هو الزي وبعض القراءات البسيطة أو الكثيرة في مواضيع دينية متفرقة دون عمق دراسة أو تخصص، ثم لا يوجد بعيدا عن هذا أي فارق بين المحجبة وغيرها ممن تتحدثين عنهن من الزميلات والقريبات. إذا كانت بعض العقول ما زالت تعتبر الحجاب/الزي رمزا للعقد النفسانية والانغلاق على الذات فهل ينبغي أن نعتبره نحن فتحا مبينا ونصرا عزيزا مؤزرا؟
واللائي يعرفن أن الحجاب والالتزام ليس زيا ساترا فقط، ولا خلقا حميدا فقط... ما هي جهودهن في غير هذا الميدان؟
وما فائدة العفة والحديث عن الخلق القويم دون أن يتضافر ذلك مع وعي وسعي لعمارة الدنيا وإقامة الدين بمعناه الشامل.
وإذا كانت المرأة لها مستويات تحقق وأدوار ممارسة ووجود على صعيد كونها امرأة-أنثى، وامرأة-إنسانا، وامرأة-أمًّا، فما هي برامج كل أخت ملتزمة لتصبح مميزة في كل جانب من هذه الجوانب فكرا وممارسة؟
هذه أسئلة دارت في رأسي بعد أن قرأت مشاركتك الجيدة. ثم إنني تعجبت من شيء آخر، فقد رأت الأخت صاحبة الرسالة الأصلية أن الجامعة قد فقدت وظيفتها العلمية وانحطت بيئتها الاجتماعية فإذا بك تستدركين وترشدين مشكورة إلى أن جانب البيئة الاجتماعية في الجامعة على ما يبدو فيه هو فرصة لا تتكرر للدعوة إلى الالتزام الأخلاقي والديني؛ ولكن لنتفق أن هذا يمكن أن يجري في أماكن كثيرة بأشكال مختلفة.. أما الأمر الذي تستقل به الجامعة فهو الجانب العلمي المنهار حاليا، ولا أرى مفرا من أن ينهض الملتزمون بالأخلاق الدينية والطقوس العبادية والروح الأخوية المترابطة بالجامعة من هذا الجانب، فمن سينقذ شرف الجامعة كمحراب للمعرفة؟
ومن سينقذ حاضر ومستقبل البحث العلمي والأكاديمي كونه بداية أي نهضة في الأمم التي تسعى إلى التقدم.
ليست الجامعة إذن بالنسبة للملتزم مجرد محيط جيد للدعوة إلى فضائل الأخلاق والسلوك، إنما الأهم أنها أداة من أدوات السعي لإنقاذ أمتنا من التخلف، وهذا الدور يقع على عاتق أبنائها طلابا وأساتذة، وهو ما حاولت تنبيه أختنا السائلة إليه، ولن يدعونا أحد إلى القيام بهذا الدور إنما ينبغي أن ننتدب نحن أنفسنا إليه إن كنا حقا نزعم أننا ملتزمون ونريد لكلمة الله أن تكون العليا.
إن إعادة الاحترام للعلم بوصفه منهجا للرقي وللجامعة بوصفها محضنا له هي مهامُّ تأتي أو ينبغي أن تكون في صدر أولويات الملتزمين والملتزمات.